شبكة ذي قار
عـاجـل










ذلك يبدو مستحيلا، فأخذ العبد لا يدرك به ثأر الحرّ أبدا. وقد لا يختلف اثنان على أن صدام حسين رحمه الله كان حراً أبياً يعربياً نذر نفسه من أجل إعلاء شأن أمته ورسالتها الخالدة، والأكثرية من أبناء العراق والأمة وحتى الإنسانية يعتقدون جازمين أنه قدوة الأحرار وحامل لوائهم، فكل الضغوط والتهديدات والاعتداءات والمنغصات، ومعها كل المغريات، لم تنل منه كرجل حرّ، ولم تثن عزمه ولم تزحزحه عن موقفه الرافض لأي شكل من أشكال العبودية لغير الله تعالى، ولم تقربه قيد أنملة خلال ثلاثة عقود ونصف العقد من الزمن من مواقع العبيد، إنما زادته تمسكاً وإصراراً على أن يكون في طليعة الأحرار طيلة سفره في رحلة الحياة الدنيا، وذلك دليل إيمانه وصدقة في مقاييس الدنيا وأهلها، فلإنسان كلما تمسك بعبوديته لله تعالى كلما اتسعت الفجوة بينه وبين العبودية للمخلوقات والمغريات بكل أشكالها وألوانها.


فممن يؤخذ ثأر صدام؟ أمن زمر العمالة والجاسوسية، من الذين حملوا على جماجمهم وجه العراق كقناع يخفون به عوراتهم، وهم ليسوا إلا عبيد لأعدائه والمتربصين به، من الذين قدموا خلف الغزاة، والذين عقدوا لهم صفقة اليمين بعد الغزو؟ هم لا شك عراقيون، ولا ضير في ذلك، فكل بحر يحمل على كاهله الزبد، يلاطم أمواجه ليل نهار كي يلفظ شيئاً من ذلك الغثاء، لكن ذلك لا يطهر مياهه كلياً، فالزبد باقٍ مادامت البحار تحوي مياه، فالتاريخ الذي ارتعدت صحائفه من فعلة من خان وغدر فتسبب في خراب بابل، ومن فعلة ابن العلقمي والطوسي حين تسببا بغدرهما سقوط بغداد بيد الغزاة عام 1258م ما كان يدري أنه ضم من قبل يبن دفتيه أسماء وأفعال الكثير الكثير ممن خانوا وغدروا، وفاقوا ابن العلقمي وأمثاله خسة ونذالة وغدراً وخيانة، وأنه سيوثق لآلاف العلاقمة من بعده، فقد تزاحمت فيه السطور واتسخت صفحاته بالتزوير والدسائس والمكائد وخيانات الحكام وتفريطهم، وزاده رهقاً ما اختطته الاقلام الأسيرة بقيود حكامها منذ مطلع القرن العشرين وحتى يومنا هذا.


لا يطلب ثأر صدام من خونة العراق وعلاقمته، فإن ذلك لا يجوز، لأن العبد لا يؤخذ إلا بعبد، والحرّ لا يؤخذ إلا بحرّ، وهؤلاء ليس فيهم حراً واحداً كي كي يدرك بقتله دم صدام حسين رحمه الله.


ذلك أن لا أحد يستطيع أن يشكك في عبودية هؤلاء جميعاً، على اختلاف مستعبديهم، فلا فرق بين عبد للغزاة الصليبيين أو عبد لعبيدهم من حكام العرب أو عبد من عبيد المجوس، حلفائهم، وإن تستروا بآل بيت النبوة الطاهر، فالكل يعي أنهم يخفون خلفه شعوبيتهم وشركهم وكفرهم وحقدهم على العروبة والإسلام.


وهل الذين أخفوا وجوههم خلف أقنعة سود ممن أحاطوا بصدام حسين لحظة اغتياله، أو عرس شهادته، لم يكونوا يخفون تقاسيم وجوههم الكالحة خشية الثأر، لأنهم يعلمون قبل غيرهم بأنهم ليسوا إلا عبيداً للعبيد لا أكثر، ويعلمون كذلك أن ثأراً لا يدرك بجز رؤوسهم العفنة مهما كان طالب الثأر عاجزاً، والثائرين بدم صدام حسين أسود ضواري مثله، لكنهم اخفوا تلك الوجوه عن الأنظار كي لا تُرى معالم الرعب والخوف والجبن عليها، فوالله ما وقف عبد ذليل أمام حرّ سيد إلا كان خائفاً مرتعبا.


فهؤلاء العملاء الأراذل إذن، وبكل مسمياتهم وأشكالهم وألوانهم وتصنيفاتهم لايصلح أحد منهم ليكون بغية الثائرين بدم صدام حسين وكل أحرار العراق.
فمن أين يقتص الموتور إذن؟ أمن حكام الرذيلة والعمالة والخنوع المتسلطين على رقاب أبناء الأمة المنكوبة، الذين تآمروا وتآزروا على ذبح العراق وأحراره؟


ذلك أيضاً لا يفي بالغرض لأنه لا يقتص عيناً بعين، فهم كلهم عبيد أيضاً، بل ه أساتذة العبودية وزعمائها في عذا العصر الشائه، ما من أحد منهم يملك ملكاً ويجلس على كرسي حكم ويتحكم برقاب شعبه إلا بالعبودية المطلقة، التي لا عتق بعدها، لأسياده زعماء الامبريالية العالمية، الذين توارثوا استعبادهم تبعاً لحجم القوة والنفوذ، فمن كان عبداً للعرش البريطاني مستهل القرن العشرين صار فيما بعد ملكاً خالصاً لسيد العرش الأمريكي. وعلى هذا فلا يدرك الثأر برقاب الحكام الخونة لأنهم عبيد، بل وأخس العبيد، يحكمون وهم عبيد وسيذهبون ذهاب العبيد الذين.


أيؤخذ الثأر إذن من زعماء الامبريالية أو من معمي الشعوبية؟ هم جميعاً ليسوا بأهل لذلك، لأنهم وإن كانوا يملكون رقاب الحكام والعملاء العرب ومنهم العراقيين، فإنهم عبيد مثلهم، فقد أثبتت أحداث القرن الماضي ومستهل القرن الحادي والعشرين أن زعماء الصليبية والشعوبية المجوسية والشيوعية وكل الزعامات الأخرى ليست إلا قطعاناً من العبيد لليهود الصهاينة، رغم أن بعضهم يملك قروناً قوية ومخيفة.


وعلى هذا فلا يدرك ثأر صدام حسين رحمه الله إلا بذبح صهاينة اليهود وتحرير الأقصى وكل تراب فلسطين.

 

 





الاربعاء١٧ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حديد العربي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة