شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ إن بدأت بوادر غزو العراق عسكريا ولاحت في سماء العراق غربان الغرب بأصواتها الكريهة، ونحن نحذر الدولة السورية من الوقوع في مستنقع السيطرة الأمريكية والغربية التي لم ترحم احد بعد سقوط بغداد. فلم نرى من السوريين سوى الترقب والانتظار، رغم كل الخبرة والتجربة التي يمتلكها النظام السوري عبر تاريخه المليء بالمؤامرات التي تعرض لها منذ ستينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا. فما نراه ألان هو نتاج عن ضعف الأمة  العربية من كل النواحي وعدم وجود قوة مركزية عربية قادرة على توحيد عوامل القوة العربية حولها، وتوجيهها في الاتجاه الصحيح. لقد كان واضحاً لدى جميع المراقبين للحدث السياسي بعد سقوط بغداد أن الامبريالية لن تتوقف بسقوط النظام العراقي، ولولا المقاومة العراقية التي صدمت العالم بصمودها البطولي وضرباتها الموجعة للجيوش العالمية الاستعمارية الناهبة للشعوب في العراق لكانت سورية تعرضت لما تتعرض له ألان قبل ثمانية أعوام من ألان أي بعد سنة على أكثر تقدير من غزو العراق.

 

سقوط العراق كان سقوط القائد في المعركة، سقط الفارس العربي ومات ومثل في جثته،ولم نرى من السوريين سوى الشجب والاستنكار والانتظار للساعة التي يأتي الدور بها على سوريا قلب العروبة النابض. لم يكن في يد الدولة السورية سوى السكوت والمراقبة في ظل تعاون عربان الخليج والممالك العربية وعمالتهم للامبريالية الغربية، هذا ما قيل في الأوساط السياسية العربية والمناهضة للامبريالية على وجه العموم. الدعس الامبريالي كان في ذروته بعد عام 2003 ولم يكن في قدرة احد التصدي له بشكل مباشر أو التخفيف من وطئته خصوصاً مع وجود القواعد الأمريكية على ارض الخليج العربي، ومع تواطأ الأنظمة العربية من مصر إلى الحجاز. السؤال هنا موجه إلى النظام السوري، الم يكن من الأجدر لكم التعبئة العامة والشعبية في الاتجاه الثوري الديمقراطي على المستوى الوطني؟

 

الم تكونوا في أمس الحاجة للإصلاح الحقيقي داخل أجهزة الدولة والحزب الذي تبين انه قد تضعضعت أركانه بسبب البرقراطية و الفساد المستشري في كل نواحي الحياة داخل كل الأقطار العربية ومنها سوريا؟

 

لقد رأى الجميع قوة المقاومة العراقية على ارض المعركة، لماذا أخذتم حكومة العراق العميلة والضعيفة المهتوكة من كل القوى المعادية بجل إرادتها بالأحضان والقبل؟ هل حكومة المالكي أجدر من المقاومة العراقية للتحالف معها؟

 

لقد بينت لنا الأحداث التي تتعرض لها سورية منذ عشرة أشهر، وفي ليبيا قبل ذلك ( لم يستطع ثوار الناتو في ليبيا إسقاط نظام القذافي القومي والشريف إلا بعد تدخل الناتو وضربه ليبيا ليلاً نهاراً لمدة ثمانية أشهر بشكل متواصل) إن الخط المقاوم والمدافع عن حقوق الأمة العربية هو الأقوى والأنفع للجميع على المستوى الاستراتيجي. التعبئة الشعبية على كل المستويات باتجاه الجذرية والقومية والأخلاق العربية والتعريف بالثوابت القومية والحقوق التاريخية لأمة العرب هو الحل الاستراتيجي للدولة السورية، كلمة الحق أمام الشعب العربي السوري هي الحل، العدل والإحسان والرحمة بين الدولة وشعبها هو الحل لكل السوريين، الدفاع عن ارض سورية ومدنها وريفها في وجه الخونة و المتسللين إلى البلد لتخريبها هو الرد على من يريد خراب سوريا.

 

تحالفكم مع قوى المقاومة العربية الحقيقية الجذرية وليس المتخاذلة والمتذبذبة (الإسلاميين)، الحركات العربية أولى بكم من جيرانكم الذين خضنا معها الكثير من التجارب في الخيانة ونقض العهود. سورية والعراق في نفس الاتجاه إن انتصرت سورية انتصر العراق، والذي اخرج معظم جنود الاحتلال من العراق هو عراق المقاومة الباسلة عراق العروبة وليس عراق المالكي و أذنابه، إن القومية العربية تقدمية بسعيها إلى النهضة والتحرر والوحدة، العمل لأجل الكادحين كان الهدف الاسمي للبعث العربي الاشتراكي بشقيه العراقي والسوري، الخلافات الحزبية والسياسية القطرية لم ولن تكن حاجزاً في وجه الوحدة ضد أعداء الأمة. يجب عليكم أيها السوريون والعراقيون، ترك الخلافات وراء ظهوركم و السعي قدماً إلى الأمام باتجاه التحرر والمواجهة والمقاومة الفعلية على ارض الواقع.

 

إن التناقض الرئيسي الذي يحكم صراعنا مع الواقع هو التناقض بين شرفاء الأمة العربية من عمالها وفلاحيها وشعبنا العربي الكادح وكل شريف عربي وبين الطرف الأمريكي الصهيوني وإذنابهم من عملاء الطابور الخامس من أنظمة وأحزاب، لذلك وجهوا أعينكم نحو مغتصبي هذه الأمة.

 

إن الوضع في سوريا و مصر يتشابه كثيراً ولكن مع اختلاف في السيناريو المطبق من قبل الطباخ الأمريكي ومساعديه من إسلاميين ولليبراليين و طائفيين، والقائمة تطول. المهم هنا انه عندما تواجه دولتين شقيقتين أزمة ما من نفس النوع وفي نفس الوقت فإنه منطقياً أن تلجأ إلى نفس الحل بشكل يتوافق مع إشكاليات كل دولة على حدا أو أن يتوحدا في حل مشكلتيهما. والتاريخ يثبت لنا انه في عام 1958 عندما أعلنت الوحدة بين مصر وسوريا كانت اثر تحكيم العقل والمنطق في ذلك فالوحدة كانت الحل الوحيد لمشاكل مصر وسوريا على المدى الاستراتيجي، وذلك من جميع النواحي أيضا، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وحتى عسكريا.

 

لكن الفرق بين عام 1958 وألان أي 2012 انه في زمن الخمسينيات كانت هناك الناصرية بقيادة جمال عبد الناصر وضباط البعث والرئيس شكري القوتلي رحمهم الله جميعا، هذا يقودنا إلى إن القيادة في زمن الوحدة كانت هي احد أهم الدوافع للتحرر والوحدة وبالتالي لحل المشاكل و تجنبها من أساسها، فمصر وسوريا بالإضافة إلى العراق هم سد منيع في وجه كل المؤامرات و التعديات بشتى أنواعها، والمغزى من ضربنا مثال الوحدة السورية المصرية هو تذكير سوريا وكل عربي شريف في مكان القرار، بأن البعد العربي للدول العربية هو طوق نجاتها الأول والأخير دائماً وأبداً. لا تظنوا أننا نحن شباب العرب في كل الأقطار العربية من المحيط إلى الخليج لا نفكر في وحدة العرب ونهضتنا وتحرير كل الأراضي العربية من دنس الاحتلال، ولكن الشباب العربي ليس هو من يملك مؤسسات و أجهزة الدولة التي من خلالها تنجز مشاريع التحرر الضخمة والمرجوة في المستقبل القريب إن شاء الله، انه انتم يا من تدافعون عن سوريا كدولة وشعب عربي لا يرضى المهانة أو المذلة، نعم انتم من يمسك بزمام الامور فقاوم ( ولا تصالح ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ والرجال التي ملأتها الشروخ هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ لا تصالح ).

 

 





الاحد٢١ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الشامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة