شبكة ذي قار
عـاجـل










في لقاء وزير الخارجية هوشيار زيباري بالمفوض السامي لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الاوربي (كاثرين آشتون) خلال توقيع اتفاق التعاون والشراكة بين العراق والاتحاد الاوربي، اكدت السيدة آشتون على ضرورة معالجة قضية اشرف وفق القانون الدولي والاعتبارات الانسانية وبالتعاون مع المفوضية العليا للاجئين وبعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي) واومأ الزيباري برأسه متفقا معها. وفي واشنطن صرح المالكي بأنه يرغب في حل سلمي لمشكلة أشرف وبمساعدة الأمم المتحدة. لكن الكلام شيئا عند المالكي والفعل شيئا آخرا وغالبا ما يكون نقيضه! فتجربة العراقيين معه خلال السنوات الخمس الأخيرة كشفت للجميع إن هذا الرجل كالعملة مزدوج، وجه منها تومان إيراني  والوجه الآخر دولار إمريكي. قبل ايام قلة وعد الأمين العام للأمم المتحدة(بان ي مون) ووزيرة الخارجية الامريكية( هيلاري كلينتون) بأنه سيتبع حلا سلميا لمخيم أشرف مطمئنا الرأي العام بحسن نواياه. لكنه سرعان ما نكث بعهده كالعادة بفعل سطوة نظام الملالي في طهران على حكومته وشخصه. فنكث العهود والكذب هما من أبرز صفاته القيادية! وهذه خيبة الخيبات!

 

في التصريحات الأخيرة التي إدلى بها المالكي لوسائل الاعلام الايرانية(القناة الأولى/ التلفزيون الايراني) ظهرت الصورة الحقيقية لرجل أجمع العراقيين على وصفه (الكذاب). فقد وصف مجاهدي خلق بوصف ينطبق بحذافيره عليه- هذا الوصف(المنافقون) دأب النظام الإيراني علي  تسمية مجاهدي خلق به- بقوله" إن المنافقين تنظيم  إرهابي تماما. وأنا أؤكد بأنه لن يبق أي منافق  منهم في العراق في غضون أربعة أشهر قادمة"! متجاهلا أو جاهلا قرار المحكمة الاوربية برفع صفة الارهاب عن منظمة مجاهدي خلق. وسبق أن أدان نائب رئيس البرلمان الأوربي( آلخو فيدال كوادراس) تهديد المالكي بغلق المخيم وأعتبره خرقا لإتفاقية جنيف الرابعة وطالبه بإحترام المواثيق الدولية. علاوة على أدانه البرلمان البريطاني حيث جاء على لسان (اللورد كاربت) بأنه " إذا نفذ المالكي تهديده بنقل سكان أشرف قسرا إلى مكان آخر سنعتبره مجرم حرب وفقا للقانون الدولي وسنلاحقه في محكمة لاهاي" ووضع اللورد كاربت النقاط على الحروف من وراء تهديد المالكي بنقل المعسكر بقوله" أن نوري المالكي ينفذ أوامر الحكومة الإيرانية، ومن المفروض أن لا يخضع لمطالبها خدمة لبناء الديمقراطية في العراق، فالإنصياع للتوجيهات الإيرانية لا يصب في مصلحة أحد".

 

سبق أيضا أن أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا أستنكرت فيه تهديد المالكي بنقل سكان أشرف وأعتبرته تجاوزا على الشرعية الدولية وإنتهاكا صارخا لمواثيق حقوق الإنسان وأتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية اللاجئين. كما أصدر البرلمان النرويجي(Norsk Parlament) بيانا أعرب فيه عن قلقه العميق من " قيام النظام الإيراني بمحاولة إزالة معسكر أشرف عن طريق الحكومة العراقية" و أستنكر الهجوم الذي قامت به القوات العراقية على معسكر اشرف في شهر تموز الماضي الذي خلف(11) قتيلا و(500) جريحا و(63) رهينة, ووصفه" بالهجوم القاتل" إذن العالم كله يدرك جيدا بأن المالكي ينفذ أجندة الولي الفقيه في طهران! فالشعب العراقي المضياف لا يتعامل مع ضيوفه بتلك الطرق الهمجية التي لاتتناسب مع عاداته وتقاليده وموقعه الحضاري. والدليل على حديثنا إن هناك أكثر من مليون عراقي وقعوا على تضامنهم مع الاشرفيين من بينهم(2317) شيخ عشيرة، (7056) محاميا، (5069) طبيبا، (10297) مهندسا، (1125) استاذا جامعيا،(2091) كاتبا وصحفيا،(516) رجل دين وإمام جامع، علاوة على(45) من مؤسسات المجتمع المدني) وهؤلاء يمثلون نخبة المجتمع العراقي. وقد دققت قوائم التواقيع من قبل الشرعية الدولية وتم التأكد من صحتها. وحملة التواقيع هذه تكذب دعوى المالكي بأن" العراقيين يعتبرون المنافقين إرهابيين ولا يريدون بقاء هذه المجموعة الإجراميةعلى أرضهم". قد يحق للمالكي ان يعبر عن رأي حزبه(حزب الدعوة) الذي ولد ورضع وفطم في طهران أو عن شخصه المتقزم. لكن لايحق له مطلقا أن يعبر عن إرادة العراقيين.

 

فمخيم أشرف لا يشكل تهديدا لا للشعب العراقي ولا لحكومة المالكي بإعتراف(24) من النواب العراقيين خلال البيان الذي أصدروه وجاء فيه" نؤكد بأن سكان معسكر أشرف لا يشكلون أي تهديدا للعراق". كما أوضح النواب الهدف من السلوك العدائي لحكومة المالكي إتجاه الاشرفيين" للحكومة العراقية مشاريع تقدم من خلالها مكافئة للنظام الإيراني ورضخت بكل أسف لمطالبته بنقل معسكر أشرف إلى موقع آخر". المثير في الأمر أن يوافق صدور تصريحات المالكي بعد فترة قليلة من إحتفال جامعة أوسلو ( OsloUniversitet ) بمنح المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي لقب (دكتاتور العام) وهي جائزة مخصصة لأكبر الطغاة والدكتاتوريين في العالم.

 

أما السفسطة المالكية بصدد عدم وجود سند قانوني للأشرفيين في العراق! فهذا كلام تافه يعبر عن جهل مطبق بالقانون الدولي وموقف متأخر خمس سنوات منذ توليه رئاسة الوزراء. فالأشرفيون مقيمون في العراق بشكل قانوني وفق إتفاقية جنيف الرابعة الخاصة باللاجئين. ومشمولين بالمادة (47) من الإتفاقية التي تنص على مسؤولية الدولة في حماية الأشخاص المحميين. إن منظمة مجاهدي خلق وعناصرها المناضلة في العراق هم ضيوف على الشعب العراقي وليس على حكومة الإحتلال. والسلوك الوحشي الذي تسلكه حكومة الإحتلال يتم بتوجيه مباشر من السفير الإيراني في العراق. ويدرك عناصر المنظمة اكثر من غيرهم بأن هذا العهد الاحتلالي الملوث أفسد كل الأمور، وإستغل الشعب إستغلالا بشعا ليضمن بقائه ومصالحه.

 

اما قوله بانه لايوجد بلد في العالم يقبل بوجود متمردين أجانب على ترابه, فهذ أمر مثير للسخرية. ألم يكن المالكي نفسه وحزبه العميل متمردين في إيران ودمشق قبل أن يستقدمهم الامريكان ليسلموهم زمام الحكم! أليس فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني والمخابرات الأيرانية متوغلة جميعها في المؤسسات الحكومية العراقية ولاسيما في الأجهزة الأمنية؟ ألا يوجد العديد من عناصر الاحزاب الكردية الايرانية والتركية تعمل في شمال العراق؟ منها علي سبيل المثال وليس الحصر حزب العمال التركي، والحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني، وهناك مكاتب للمتمردين الحوثيين في كربلاء والنجف كما اعترفت النائبة العراقية جنان العبيدي. يبدو أن المالكي لم يتعظ من أخطائه السابقة ونصائح مستشاريه الحمقى التي أوصلوه إلى الحضيض! ولكن عندما نكتشف بأن أكثر مستشاريه من الإيرانيين والمتبقي منهم عملاء لنظام الملالي يمكن بسهولة فك رموز تصرفات المالكي وإرهاصاته!

 

هذه المعاناة المستديمة للاشرفيين منذ الغزو الأمريكي وصلت إلى حد لا يطاق ولا يمكن التغافل عنها سيما عندما يتعلق الأمر بوقف تدفق المواد الغذائية والأدوية والوقود إلى المعسكر. فالحق في الحياة يرتبط أساسا بالحصول على المواد الاساسية للعيش. واستخدامها كسلاح لمحاربة المدنيين جريمة لا تغتفر بحق تعاليم الأرض والسماء، وتتناقض جوهريا مع ميثاق الأمم المتحدة والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ولاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولأن المنظمة تحمل صفة اللجوء السياسي في العراق فهذا يضيف لها ميزة الحماية الدولية بموجب إتفاقيات جنيف الخاصة بحماية اللاجئين.

 

لذلك أكد الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره للشهر الماضي المقدم الى مجلس الأمن الدولي في اطار القرار1883 لعام  (2009) على حق سكان أشرف في الحماية من التشريد الجماعي التعسفي أو الإعادة إلى  ايران بالإكراه. وجاء فيه ضرورة " مواصلة أنشطة الدعوة الرامية إلى تمكين سكان المخيم من الحصول دون عوائق على السلع والخدمات ذات الطابع الإنساني، وحقهم في الحماية من التشريد الجماعي التعسفي أو الإعادة إلى الوطن بالإكراه، و الذي يمثل انتهاكًا لمبدأ متفق عليه دوليًا هو عدم الإعادة القسرية للاجئيين". ولكننا لم نسمع بعد تعليقا لا من الأمين العام للأمم المتحدة ولا من هيلاري كلينتون حول نكث المالكي لعهوده وإنتهاكه لمذكرة التفاهم التي وقعت بتأريخ 25/9/2011 بين حكومته و(مارتن كوبلر) الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة!

 

هل السبب هو وقع المفاجأة؟  أم هناك أمور مخفية لم تتضح بعد؟

في كل الاحوال يبدو إن التفاعلات الدولية في الملفين الايراني والسوري تؤثر بشكل مباشر على سلوكية الحكومة العراقية فهي ما تزال تراهن على الفرس الخاسر. وسيكون لمواقفها العدوانية وخاطئة على الصعيدين الداخلي والخارجي إنعكاسات خطيرة في المستقبل القريب، ومن المؤسف أن يسددها الشعب العراقي الذي لا حول له ولا قوة ولا إرادة واعية ليصحح المسارات الخاطئة للحكومة. فالعد التنازلي للنظام السوري بدأ يهبط بوتائر سريعة وهو يلهث ويتنفس بصعوبة ويترنح للسقوط قريبا. كما إن حليفه الستراتيجي نظام طهران بدأ يختنق بدخان العقوبات الدولية التي تتكاثف حوله بشدة يوما بعد آخر. وما تهديده الأخير بغلق مضيق هرمز وتصعيد أزمة ملفه النووي إلا مؤشرا على طيش النظام وفقدانه لتوازنه.

 

 





الاربعاء٢٤ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الكاش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة