شبكة ذي قار
عـاجـل










قنبلة موقوتة؟ أم نخوة عروبية اصيلة؟ أم قراءة دقيقة لواقع أختلط فيه الحابل بالنابل من رجل يمتلك معلومات أمنية لايتم تداولها الا في الحلقات الضيقة من حلقات صنع القرار؟ أم زلة لسان؟ كل هذا ممكن الا زلة اللسان! فالفريق ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي لم يكن ليزل أمام الحاضرين في مؤتمر الأمن الوطني والإقليمي لدول الخليج العربية الذي أنعقد مؤخراً في البحرين، ولا هو ممن عرف عنهم زلة اللسان. ولكنه كلام صادق في زمن ضاقت به آفاق الانطلاق نحو غدٍ مستقرٍ باسم. كلام يخرج ومعه غصّة الشعور بالخيانة ومرارة الاحساس بخيبة الأمل! لقد كان الفريق خلفان يلقي تحية الوداع على زمن الخدمات المجانية والحماية الأبدية. لقد بدا كمن أحس بالخطر وهو يصل الى عتبة داره واكتشف أن الحارس غافل ورب البيت مخدوع. لقد كان يحاول أن يتلمس طريق الخلاص في غابة زرعت بالشك طيلة نصف قرن مضى. ولا ننكر عليه أنه أكتشف مفاتيح الخلاص وأشار اليها وبوضوح، ولكنه لم يكن متأكداً من فعاليتها في هذا الزمان والمكان.


بدأ القائد العام لشرطة دبي حديثه بتحديد ثمانية وثلاثين (38) تحدياً أمنياً أمام دول الخليج. وكان أول هذه التحديات وطبقاً للفريق خلفان هو السياسة الأمريكية في المنطقة!!! عجباً! أو ليست دولة الأمارات العربية المتحدة والتي تشكل دبي وابو ظبي اهم أماراتها هي واحدة من ركائز السياسة الأمريكية في المنطقة؟ أو ليست دول الخليج كلها التي تعنى بامنها محمية بالمظلة الأمريكية ومستندة في كثير من مواقفها الى الجدار الأمريكي الصلب؟


ولنركز على كلام الفريق ضاحي حين يقول: " قد يكون هذا الكلام غير مناسب لأصدقائنا الأمريكان ولكن التجارب أثبتت أن الأمريكان ليس لهم صديق!". وهذا كلام صادق وقد قاله كثير من المخلصين ومنذ زمن في الوطن العربي وغيره أن أمريكا- وكذلك اوروبا وإيران وتركيا وغيرها- هي دول تتحرك وفقاً لمصالحها الذاتية وليس حباً لأحد أو من أجل سواد عيون أحد. ليس في القاموس الأمريكي مكان للصداقة أو لمشاعر الود، أو حتى للشعور بالامتنان لمن قدم لها خدمات جلّى. ألم يقل لكم شهيد الأمة صدام حسين أن سقوط العراق هو سقوط لكم جميعاً- إن شاء الأمريكان لكم ذلك وبغض النظر عما قدمتموه لها من خدمات؟ هل يظن حاكم قطر الآن أن انبطاحه أمام الرغبات الأمريكية وقبوله بدور العرّاب بعد غياب حسني مبارك سينجيه من المحرقة؟ أوليس له في مبارك عبرة ودرس. وهذا هو ضاحي خلفان يتساءل وبمرارة: "من سيكون القادم؟"


لكن خلفان وفي الوقت الذي يعترف بأن خبرته هي خبرة أمنية يتساءل بحيرة عن السر الكامن خلف حقائق سطرها دون أن يحاول تفسيرها وهي:
• "فشلت ايران بالاطاحة بصدام وحققت امريكا لهذا هذا الحلم؛
• وفشلت ايران باحتلال العراق وهاهي أمريكا تحتل العراق ثم تسلمه للنفوذ الإيراني؛
• وفشلت ايران في تصدير الثورة وهاهي أمريكا تصدر الثورة الى كل دول المنطقة"!


هل كان الفريق خلفان صادقاً في حيرته عندما قال: "فكأن أمريكا اتت بكل الاحلام التي تمنتها ايران" أم أنه تظاهر بها؟ ألا يعرف السيد الفريق بالتعاون الاستراتيجي بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية والذي لم يعد نظرية يبشر بها العرب الغيورون على مصالح امتهم ووحدتها؟ أم انه من غير المؤمنين بها؟


ويستمر المسؤول الأمني الكبير في استغرابه حين يتحدث عن ازدواجية الرؤيا لدى الادارة الأمريكية فيقول" عندما تتحدث امريكا عن ان همها تحقيق آمال الشعوب فهم غير صادقين....علينا ان لاننساق وراء امريكا اذا حاربت ايران،،، ساقوا شبابنا الى افغانستان ثم سموهم ارهابيين" وما الجديد سيدي الفريق؟ ألم يسوقوكم الى حرب العراق وهو الذي حماكم من التدخلات الإيرانية طيلة عقد الثمانينيات عندما كانت الاظافر الايراينة التي قلمها الجيش العراقي الباسل بتضحياته ودم الشهداء الطهور، أقول عندما كانت تلك الاظافر مستعدة لنهش اللحم العربي الخليجي؟ ولكنكم "صدقتم الكذبة الأمريكية وأنسقتم لتحاربوا شقيقكم وتحاصروه ثم لتسلموه لقمة سائغة لاحتلال جرَّ الويلات على المنطقة وبشّر بالربيع العربي المزعوم.


إن " أمريكا لم تعد حليفاً بل أصبحت هي المشكلة"!!! ءالآن وقد كنتم تبشرون بالعصر الأمريكي الزاهي كما يزعمون! أنا لا أقصدك سيدي الفريق خلفان وحدك، ولكني أقصد كل مشايخ الخليج الذي غرتهم الأسنان الأمريكية البيضاء فظنوا أنها لحمايتهم، ولم يفطنوا أن "الليث الأمريكي" لم يكن مبتسماً، بل كان مكشراً عما هو قادم. ومن حقك أن تتسائل الآن: "من هو القادم؟" ماذا بعد تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا؟ أهي السعودية؟ ربما، أم هي الامارات أم البحرين مرة أخرى؟


لقد كانت صرخة الفريق ضاحي خلفان جرس انذار واضحة وصريحة. جرس انذار من مسؤول أمني بعيد عن الدبلوماسية والسياسة كما أعترف هو بذلك،،، ولكنها كانت مليئة باشارات سياسية تناولنا واحدة منها فقط ، وكل هذه الاشارات كانت اشارات سهلة القراءة للمحللين الذين اصبحت صفحات الأنترنيت تضيق بهم هذه الايام.

 

 





الاحد٠٥ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سامي سلطان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة