شبكة ذي قار
عـاجـل










( مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ *** ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ )

 

من المتعارف عليه ان بين المال والاقتصاد يوجد ترابط وثيق ينعكس على التنمية الاجتماعية والاقتصادية لكل شعب من خلال رسم وتخطيط السياسات الاقتصادية وصولا إلى الهدف المتوخى منها ووضعها موضع التنفيذ، والحالة المعاكسة والشاذة تحصل اليوم في العراق حيث برزت تيارات متباينة فكريا ولكنها متفقة تآمريا جلها يعمل وفق الهوى والنظرة المصلحية الفئوية الحزبية الضيقة على ادارة الاقتصاد بأساليب تحكمها الفوضى والانفلات والتخبط بعيدا عن الخبرة المطلوبة، فلا غرابة وجود ما يخالف العرف والقواعد فبدلا من امساك ذوي الخبرة والاختصاص بهذا المفصل الهام نرى الامساك به من قبل أرباب السوابق الذين تحولوا بقدرة قادر إلى التحكم بقوت الشعب مما أدى الى خلق فوضى اقتصادية.


ما يحصل هذه الايام ليس بمعزل عن تلك الاجواء، حيث ينشغل الساسة التجار بموضوع تجاري ووسيلة لسرقة المليارات من الدولارات بدون رقابة ولا حساب، وفي المقابل العراقي يرقب هذه النقمة والبلوى وهو مذبوحا مذهولا لكونه يرى استنزاف خيراته وثرواته من خلال النهب المبرمج وثم يأتي بعده الابتزاز المبرمج في شأن لا دخل له، فكل ما يجنى مزيد من العناء وشد الأعصاب وشل الحركة وتقييد الحريات وارتفاع الاسعار وتعطيل المرافق الخدمية


وكما كان متوقعا تحولت قمة ( نقمة العجائب والغرائب ) في أول لقاء يسمى وزاري الى مثل للسخرية في كل الاتجاهات عموديا وأفقيا، فعقد في بقعة صغيرة من الارض بلا حياة وبلا بشر وأول خطواتها فشل ما بعده فشل، فاللقاء الذي قالوا عنه اجتماع وزراء الاقتصاد العرب لم يحضره إلا ستة وزراء ووصلت الاستهانة الى الحد الذي أناب عن المتبقين مدراء شركات صغار ومستشارين، والذين حضروا هم وزراء ( الاردن والصومال والجزائر وجزر القمر وليبيا والكويت) وهذه لم تحدث في تاريخ القمم وأترك للقارئ الكريم التحليل والاستنتاج والتقييم !


بداية سوداوية لا قيمة لها، وبوجوه خجولة منكسرة زجت قسرا في لقاء أطلق عليه الاجتماع الوزاري الاقتصادي، في لقاء لم يذكر أحد ان الموازنة الحالية للعراق تفوق موازنات خمسة عشر دولة عربية مجتمعة، والمفارقة ان نتيجة ذلك كانت عكسية فالعراق في أعلى معدلات الفقر والبطالة، فنجد ان معدل الفقر لديه يفوق جمع معدلات الفقر في تلك الدول الخمسة عشر، وسبب ذلك واضح يتلخص باستئثار العصابات العاشقة للمال الحرام بكل تلك الاموال دون مراعاة الحدود والقيم والضوابط ، كما لم يذكر أحد وفي حالة معاكسة أيضا، حيث يسجل في كل عام عجز مالي وليس فائض في الميزانية بالرغم من ارتفاع اسعار النفط، وفي الاساس تم احتساب البرميل على اساس مبلغ 80 دولار وكل متابع يعلم إن سعره في اسوأ حال لم يقل عن 115 دولار! ولم يذكر أحد كم هي حصة المواطن العراقي من الموازنة السنوية مقارنة بدول الجوار ولماذا يتقدم على الآخرين فقرا، أليست تلك مفارقة قاسية !!؟ ولكن البديهية التي لا يمكن حجبها ان الفساد المريع ينخر كل مجالات الاقتصاد وهذا كلام مثبت بالتقارير المحايدة لمنظمة الشفافية العالمية.


وفي النهاية لا بد من تأكيد ان كل ذلك وغيره الكثير أشار له وحذر منه كل متابع منصف، فما سيلي هذا اللقاء شروط أقسى ومساومات أدهى وأمر وفروض واملاآت لا طاقة على تحملها فحقا اننا ابتلينا بمن لا يفقهون ولسان الحال مخاطبا من لا يفهمون يقول :

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ *** ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ


فمن يضع نفسه في موضع الهوان والخنوع سيقبل على نفسه المذلة والخضوع وبالتالي يسهل عليه عمل وقبول اي شيء بعد ذلك لأنه باع كرامته وكبريائه سلفا وانتهى الامر..ولله في خلقه شؤون..


mmsskk_msk@yahoo.com

 

 





الخميس٠٦ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د . منهل سلطان كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة