شبكة ذي قار
عـاجـل










تعجبت كثيراً وأنا أقراء هذا الخبر الذي جاء بصحيفة الصحافة العدد (6696) بتاريخ 15/3/2012م والذي مفاده "دافع الامين العام للصندوق القومي للطلاب بولاية الخرطوم، عبدالرازق الامين عبدالرازق، عن اجراءات الدخول بالبصمة ووضع كاميرات مراقبة واسلاك شائكة حول داخليات جامعة الخرطوم" وتعجبي هذا جاء  لأسباب كثيرة هي في المقام الأول تعنى بإختصاصات الصندوق والذي تحول إلى واجهة سياسية وأمنية للسلطة الحاكمة في البلد.

 

كدي النأخد الموضوع بي رواقه كده زي ما بقولوا " واحدة واحدة" :

ظللنا ولفترة طويلة نتحدث عن واجبات وحقوق الصندوق القومي لدعم الطلاب، الذي إنشئ بقرار سياسي أصدره رئيس الجمهورية وبالمقابل هو رئيس لحزب سياسي، بالتالي هذا القرار سياسي في المقام الأول ويخدم مصالح وتوجهات هذا الحزب، هذا من ناحية إجرائية، من حيث التطبيق العملي لتجربته منذ إنشائه في العام1992م، والذي جاء نتيجة لقرار إلغاء السكن الطلابي وفصله من الجامعات وتصفية كل الموسسات التابعة له وتبعيتها له ، حتى الآن نجده أي الصندوق يلعب الدورالإستراتيجي و التكتيكي لخدمة أهداف الحزب والسلطة الحاكمة وتنفيذ كافة المخططات التي تعبث بالحركة الطلابية السودانية، وأصبح بعد ذلك أحد أدوات السلطة، في التصدي المعادي لكافة القضايا المصيرية التي مرت بها الحركة الطلابية من جانب. والواجهة السياسية والأمنية للنظام وأجهزته المختلفة من جانب آخر ، بحيث لا يمكنك التمييز بين الصندوق وتنظيم المؤتمر الوطني داخل مؤسساتنا التعليمية.

 

في مقال سابق تناولت موضوع " إغلاق الصحف ... خيارات الحل الأمني مع السلطة الرابعة" وكتبت فيه ووفق هذا الظروف المعقدة والتي تعيشها حركة الصحافة السودانية فضلاً عن تواصل عمليات الرقابة القبلية عليها، يجد القاري والملاحظ لحركتها أنها عبارة عن تطويع للقلم بما يتوافق مع أهواء من يحكمون، وهذا ما يأثر سلباً على تاريخ الصحافة السودانية وعملية تطورها وتقدمها، اللافت في الموضوع وهو سكوت ما يسمى " بإتحاد الصحفيين" المعبر عن حقوق الصحفيين والذي لا تجده يدافع عن أي من القضايا التي تقدح من الصحافة والصحفيين، وهو كإتحادات السلطة في الجامعات بدلاً من أن يدافع عن حقوق من يمثلهم، تراه يقف في صف او يسائر الموجه أو يركبها مع توجهات السلطة الحاكمة في حالة إغلاق أي من الصحف الموجودة، وهذا نهج خاطئ وخطير.

 

ومن حديثي السابق فإن وحدة النهج المتبع مع الصحف بإعتبارها أحد الأودات التعبيرية والموجه للشعب، فإنه قد تم إستخدام نفس الكرت مع الجامعات وسيما جامعة الخرطوم التي تحدث عنها السيد الأمين العام بولاية الخرطوم، وهذا يعكس حقيقة واحدة أن النظام ومؤسساته الأمنية يرفض أي توجه من خلال كافة الوسائط الإعلامية والمؤسسات التعليمية، لإنتاج أي فعل سياسي مقاوم لتوجهات النظام وخشيته بما اصطلح عليه عربياً بالربيع، وما سطرته ذاكرتنا الوطنية بإسم " الإنتفاضة"، هذا التوجه من النظام ومؤسساته المختلفة تجاه جامعة الخرطوم بإعتبارها أم الجامعات السودانية وإستهدافها المباشر بما يسمى بالكاميرات المدافع عنها من قبل الصندوق، يعكس حالة من الإرتباك وسط النظام ومؤسساته الأمنية تجاه ردة الفعل الشعبي تجاه جملة من القضايا التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر ومنها الضائقة المعيشية، وتصاعد حالة المد الشعبي الرافض لجملة من السياسات الإقتصادية والتي حولت حالة الإنسان السوداني إلى بوس وفقر ومرض.

 

إن نصب الكاميرات على الأبواب قد كشف الحقيقة السياسية والأمنية للصندوق والتي اجتهد متحدثه للتحايل عليها فوقع في شر الأعمال، فلا يمكن أن نتصور جسم خدمي ويستخدم "رعاية الطلاب" كوسيلة وهدف أن يحول الداخليات وأبواب الجامعات إلى سجون مراقبة بكاميرات تجسس وهم يتحدثون عن مشروع حضاري إسلامي ويتجاهلون قول المولى عز وجل في سورة الحجرات الآية "12" " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا " صدق الله العظيم،  قال إبن كثير في تفسير الآية : " وَلَا تَجَسَّسُوا " أَيْ عَلَى بَعْضكُمْ بَعْضًا وَالتَّجَسُّس غَالِبًا يُطْلَق فِي الشَّرّ ، وَمِنْهُ الْجَاسُوس، فالشر الذي يكيله الصندوق للطلاب بنصبه مثل هكذا كاميرات يعكس ما ذهبنا إليه في إدمان التعامل مع النهج الأمني للنظام في مقابلة الطلاب، كما أن هذه الوسيلة تجدها دائماً موجودة في السجون السرية لأجهزة المخابرات المحلية والعالمية كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية في سجن " أبو غريب" في العراق، وعلى صعيد آخر يكشف طبيعة سلطلة الراسمالية الطفيلية واهتماماتها المتناقضة مع التطلعات الشعبية وأولوياتها، إضافه للدوافع الأمنية للمشروع والتي لا تحترم حرمه الخصوصية وتنتهكها، فلماذا ينتهك الصندوق حرمات الطلاب بالكاميرات المنصوبة في الداخليات؟ وهل هي أحد أدات الحماية أم ادأة للتضييق على الطلاب ومواجهة تطلعاتهم بهذا التصرف.

 

الموضوع برمته مصدراً للثراء والمكاسب المالية للمدافعين عنه، أي كم مقدار ما تم صرفه على شراء أدوات التجسس الآنفة الذكر؟، أما كان الأجدى أن تصرف في تخفيف وطاة المعيشة على طلاب الداخليات في الجامعات السودانية. ولكي نتاكد من ذلك نطالب المدافعين بكشف الإجرات المالية التي تم صرفها في هذا المشروع، لكي يتبين لنا حجم الفساد الكبير في مثل هذه المؤسسات في تبديد أموال الدولة في مشاريع تخدم إلى إطالة عمر السلطة الحاكمة وليس للطلاب لا من قريب ولا بعيد إستفادة في تصويب كاميرات مراقبة داخل سكناتهم وحجراتهم، مع العلم من أن هنالك أولويات تجاه العملية التعليمية في البلد، وحسب تقرير صحفي فإن عدد المدارس التي ليس بها سور أو سياج قارب على "1078" مدرسة (أساس / ثانوي)، فبدلاً من أن يتم نصب للأسلاك الشائكة في داخليات طلاب الجامعات! أما كان الأجدى أن يتم تسوير هذه المدارس أليس هذا أمر يدعو للعجب من النهج الرأسمالي الطفيلي الهادف للمحافظة على النظام بوسائل إستخبارتية جديدة!!!

 

أتسال في هذه الناحية هل أوفى الصندوق القومي لرعاية الطلاب " مجازاً" كل واجباته تجاه الطلاب؟  من السكن والترحيل والعلاج، والوجبة المدعومة أي مربع الحياة الحرة الكريمة للطالب في الجامعات السودانية، واقع الحال يكذب ذلك، إذن ما الداعي إلى تركيب كاميرات للتجسس على الطلاب بمليارات الجنيهات، ولمصلحة من يتم كل ذلك؟، ولماذا جاء هذا التوجه من قبل الصندوق بعد أحداث جامعة الخرطوم مباشرة ؟. كلها أسئلة نطرحها للأمين العام للصندوق ولاية الخرطوم، للإجابة عليها، فالحركة الطلابية إذا كان الخيار الأساسي والأصيل في السلطة الحاكمة تكبيدها بقيود أستخبارتية، ونسف إستقرار العام الدراسي عبر إفتعال العنف بديلاً عن الحل الجذري للقضايا العالقة في الوسط الطلابي، قادرة على تجاوز هذا التوجه بمزيداً من النضال ضد هذه الأساليب البوليسية من قبل السلطة ومؤسساتها، بالدفاع في حقها في التعبير والإعتصام والتظاهر لنيل مطالبها ولن تثنيها في ذلك الكاميرات الموجودة في سوح الجامعات وداخلياتها، وفعلى الصندوق أن يعلم بأن الحركة الطلابية ليست معزولة عن جماهير شعبنا، وأنها تعبير عن ما يجيش بخواطر الشعب الفاقد للعيش الحر الكريم، فالخيار الأمني تجاه الحركة الطلابية خيار مجرب وأثبت فشله، والتجارب والشواهد على هكذا توجه تعكس فشله سيما في الحركة الطلابية السودانية وجامعاتنا.

 

والله ولي التوفيق .. وهو المستعان !!

 

 





السبت٠٨ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣١ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حاتم الجميعابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة