يندر ان يزخر تأريخنا العربي المعاصر, بشخصية نضالية متفردة, بمثل شخصية المناضل احمد بن بله. فهو ومنذ ان ترك رئاسة الجزائر أثرأنقلاب دبره وزير الشباب في حكومته أنذاك عبدالعزيز بوتفليقه , بالتعاون مع المخابرات المركزية الامريكية , بعد ان رفض شارل ديغول طلبا من الشاب الصغير في العمر بوتفليقة, بمساعدتهم على الاطاحة بأحمد بن بله. كان بوتفليقة ينفذ اوامر العقداء الستة حكام الولايات الجزائرية. فتم انذاك اختيار العقيد هواري بومدين رئيسا للبلاد . كل جريمة بن بله انه كان مناضلا لم تهدأ فيه الثورة حتى وهو على كرسي الرئاسة , فأحتضن المناضل التاريخي غيفارا في الجزائر , كضابط ارتباط بين كوبا والثورة الماركسية في انغولا. فكانت الاسلحة التي تصل من كوبا تمر بالجزائرلتصل الى ثوار انغولا. لقد عجل بوتفليقة بالانقلاب عشية انعقاد مؤتمر قمة عدم الانحياز في الجزائر. ماحدا بالمناضل غيفارا ان يترك الجزائر فورا .
كم أعجبنا هذا الرجل الخالد وهو يترك السلطة بهدوء الى الانقلابيين , كأني به يقول لأبناء شعبه لم تزل جراحاتنا لم تضمد.
كانت سنوات رئاسته للحكم بسيطة وغير معقدة, حيث كان بقرب القصر الجمهوري مقهى صغيرا , اعتاد ان يحتسي قهوة الصباح في هذا المقهى , قبل ان يهم بدخول مكتبه بالقصر. وذات يوم قالت له النادلة وهو يدفع ثمن القهوة "وجهك ليس بغريب عني فلطالما شاهدته على صفحات الجرائد". فرد بن بله مبتسما" انا رئيس الجمهورية بن بله".
يكاد ان يكون اغرب حاكم عربي , آثر ان يضم حنجرته الى ملايين الحناجر العربية , وهي تهتف لا للخنوع ولا لمهادنة الامبريالية العالمية , بالرغم من العمر يجري به شطر الشيخوخة. والذي يميزه عن كل مناضلي الانسانية , انه كان معتزا بعروبته واسلامه الى جانب أيمانه بالماركسية.
كان يتواجد في كل الاماكن الساخنة والملتهبة . ويوم قادت الامبريالية العالمية الامريكية البغيضة, عدوانها الثلاثيني على عراق العروبة , نهاية عقد الثمانينات من القرن المنصرم, كان متواجدا في بغداد متضامنا مع كل الشرفاء العرب ضد هذا العدوان , ورفض ان يترك العراق رفضا قاطعا وظل حتى وضع العدوان الثلاثيني أوزاره.
لقد أصبح بن بله رمزا من رموز النضال العربي والعالمي .
وقفة تحية وتقدير الى هذا المناضل العنيد. وبفقدانه نفقد آخر الرموز النجيبة في وطننا العربي المجيد.
