شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكري الخامسة والستين لتأسيس حزب البعث العربي الأشتراكي وفي السابع من نيسان من كل عام منذ 1947 تعود المناضلون البعثيون أن يستذكروا بأعتزاز وفخر مواقف البطولة والعطاء التي جسدوها وهم يمضون في تعبيد طريق النهوض العربي خلاصا من عهود الذل والنكوص والعدوان والأحتلال الأستعماري التي جثمت طويلأ على صدور أبناء الأمة العربية وأخيرها وليس آخرها تمثل بدحر قوات الأحتلال الأميركي بوقفة المقاومة الوطنية العراقية التي قادها الحزب ومعه جميع القوى الوطنية والقومية والأسلامية بجدارة ومهارة وتضحيات كبار عرف بها تأريخ منازلة العراقيين للعدوانيين , كلما هيأ ساعة ومناخ الخلاص منهم ليس على الأرض العراقية حسب , بل في عموم الوطن العربي على وفق أقتدار وطني وقومي مطارد للباطل


وبمناسبة الأحتفال بهذه الذكرى العطرة نجد أن الضرورة تقتضي أن نستذكرجهد الرفاق الاوائل في التأسيس , وعلى ماذا استندت في سوريةأولا , وماهي السمات الأجتماعية والأخلاقية الواجب توفرها بمن يسعى لنيل شرف العضوية في الحزب ؟؟


مستلهما ما أكتبة اليوم من التفاتة الرفيق المجاهد عزة الدوري المليئة بالوفاءوهو يوجه تحباه للرفاق الأوائل الذين كان جهدهم النضالي كبيرا ونوعيا اتسم بالعمق الفكري القومي الأنساني بصفته أمينا عاما للحزب وأمينا لسر قيادة قطر العراق في الوقت نفسه ,فنعم التحايا, ونعم الوفاء .


وصار واجبا علينا التذكير بالبداية , والتعريف بالمؤسسين الأوائل وهو حق للرفاق ممن شاركوا في نضال البعث في سورية موقع - التأسيس - وللمواطنين الذين عايشوا مسيرة الحزب وتلمسوا صدقه المبدئي في التصدي لأعداء الشعب والأمة دائما وكان مناضلوه على درجة عالية من الأستعداد للتضحية بالروح ونزف الدم من اجل ان ترتفع راية الحق العربي عالية حتى تدمغ الباطل مسترشدين بقوله تعالى جل وعلا ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق ) صدق الله العظيم ,, الأنبياء :18,,


بداية التأسيس كانت ربيعية في مناخها ومعانيها, وبالذات في دمشق المتوحدة في شام أمة العرب وليس شام من يريدها الآن أن تكون غير ذلك !!
ففي الربيع النيساني عام1947 وفي السابع منه في حساب الأيام حيث سجلت تأريخ ولادة أول حركة قومية تطرح تصورا جادا وشاملا لمعالجة قضايا الأمة العربية ومواجهة التحديات التي تواجهها , وعد ان ما يحاصر سورية في ذلك الوقت هو جزء لايتجزأ مما تعاني منه الأمة .


فالتحديات واحدة والعدو واحد والحلول التي تفك أسر أهلنا العرب من الكيد الأستعماري الغربي المعد لهم واحد والطريق المفضية الى الأمساك بأسباب نهوضهم مشتركة وتستند الى مبادئ موحدة الهدف وأن تسلسلت أوقات تنفيذ خطاها تبعا لتطور نضال شعبنا العربي من قطرلآخر.


وأنطلاقا من هذه الحقيقة وضع البعث نظرية العمل القومي شاملة الوطن العربي بأسره من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي , مجسدة بشعاره الخالد :-
أمة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة


وبتأكيد على أن مبادئ النهوض العربي المنشود تبدأ بالنضال من أجل أنهاء التجزئة وأعمام الوعي الوحدوي بين أبناء الوطن العربي في جميع أقطاره وصولا الى التوحد ولو على مراحل بين قطرين أو ثلاثة كما حدث بين سورية ومصر حيث توحدا في أطار الجمهورية العربية المتحدة في العام 1958 ولاحت فرصة للتوحد بين ثلاثة أقطار عربية هذه المرة لتضم مصر وسورية والعراق وقد مهد لها بأصدار بيان ثلاثي بين الأقطار الثلاثة يؤكد الأتفاق على تحقيق حلم الوحدة الذي تتطلع أليه جماهير الأمة العربية في كل مكان ولكن ظروفا غير موضوعية بين قيادات هذه الأقطار حالت دون تحقيق هذا الحلم القومي الكبير .


وطبيعي لم تقتصر مبادئ النهوض العربي على تحقيق هدف الوحدة بل عد تكامل النضال بتحقيق أستكمال الأهداف , أي تحقيق هدفي الحرية والأشتراكية الى جانب الوحدة لكي تصنع بالتالي القاعدة المتينة التي يبنى عليها النهوض الذي ينشهده الرفاق الأوائل وهم يشهرون قيام حركة البعث عام 1941 أي قبل ستة أعوام من تأريخ أعلان التأسيس وفي مقدمتهم القائد المؤسس الراحل أحمد ميشيل عفلق ورفيق دربه النضالي الشهيد الراحل صلاح الدين البيطاروأنضم اليهم في التأسيس جلال السيد رحمهم الله.


ويلاحظ ان البعث نشأ كتوجه فكري بشر به الراحلان عفلق والبيطارفي أثر عودتهما الى دمشق من باريس عام 1933بعد انهائهما لدراستهما في جامعة السوربون وفي أثر ذلك عملا على التبشير بأفكارهما في أوساط الشباب وطلبة المدارس والجامعات فأستقطبوا الشباب القومي المتحمس , غير أن التجمع الجديد لم يتحول الى حركة سياسية أ لا في بداية الأربعينات حيث أنشئت حركة الأحياء القومي عندما أصدرت بيانها الأول في شباط 1941 الذي أكد فيه تمسكه بالمبادئ القومية مما ميزه سياسيا وفكريا عن الأحزاب السياسية العاملة قي الساحة السورية .


وكانت باكورة نشاطاتها أعلانها التأييد الكامل لثورة الثاني من مايس – أيار1941 – في العراق التي قادها رشيد عالي الكيلاني ضد الأحتلال البريطاني لتعلن الحركة عن تشكيل تجمع في سورية يحمل أسم - حركة نصرة العراق - لتضم أعضاء التجمع أضافة الى شباب جدد من خارج التجمع وأعتبارا من حزيران 1943بدأت بيانات الحركة تحمل أسم – حركة البعث العربي -


من هذا يتبين أن أول بيان صدرعن حركة البعث
العربي كان عام 1943 أي قبل أربع سنوات من تأسيس الحزب في السابع من نيسان 1947 الذي تم فيه أشهاره كحزب يحمل أسم البعث العربي خلال مؤتمره الأول الذي أنعقد في مقهى الرشيد الذي رتب لاستقبال المؤتمر الذي أنتخب الرفيق عفلق عميدا للبعث .


وعدل أسم الحزب الى البعث العربي الأشتراكي عام 1952بعد أندماج الحزب العربي الأشتراكي الذي كان يرأسه أكرم الحوراني بحزب البعث = بالمناسبة تم طرد الحوراني من الحزب بعد أعلانه تأييد الأنقلا ب العسكري الذي أطاح بالوحدة بين مصر وسورية التي تحققت أستجابة لأرادة الشعب العربي في القطرين الشقيقين ومباركة الأمة العربية بأسرها ولأن هذا التصرف شكل خروجا على مبادئ البعث الداعية للنضال من أجل تحقيق وحدة الأمة العربية خصوصا وان البعث كان القطب السوري الفاعل مع القائد الراحل جمال عبد الناصر في تحقيق وحدة مصر وسورية = .


وكان قد تم دمج الحزبين تحت شرطين أولهما الألتزام بدستور البعث وثانيهما أن لا يتم ضم أعضاء الحزب الآخر تلقائيا بل على أساس منهج البعث القائم على الألتزام بمبادئة والتمسك بالمحددات الأخلاقية التي ميزت الحزب في منح شرف العضوية على وفق سلم يبدأ من مؤيد ثم يرتقي الى نصير فنصير متقدم ومن ثم يصار الى منحه عضوية متمرن , ويكتمل المخاض بعد منحه عضوية عامل .


على أن يكون قد أثبت كفاءة نضالية ملحوظة خلال فترات تنقله في سلم المسؤولية النضالية تصاعدا وذلك في خدمة مبادئ الحزب المتصلة بحرية الشعب والأمة ووحدتها وصيانة مستقبلها والعمل على توفير شروط الحياة السعيدة المكللة بالكرامة لأبنائها وتحرير أراضيها المغتصبة وخصوصا في فلسطين والأحوازالعربية والجزائر التي كانت خاضعة للأستعمار الفرنسي المباشر ولواء الأسكندرونة السوري والخاضع للهيمنة التركية حتى الآن وغيرها من الأقطار العربية التي أعطيت أستقلالا شكليا وظلت مقيدة بنصوص معاهدات أستعمارية جائرة , كالعراق مثلا الذي قيد بأحكام التبعية للندن بعد حصوله على عضوية عصبة الأمم أستناد لخضوعه للأنتداب البريطاني الذي تحول الى صك أحتلال بموجب معاهدة التي أسقطها العراقيون في ثورة 14 تموز 1958.


هكذا كانت البداية متواضعة في مكان الولادة , كبيرة في مبادئها وفي حاضنتها الشعبية , بالغة التأثير في الأوساط الجماهيرية , فيما طرحته من مبادئ تجاوزت فيها الأحزاب والقوى السياسية التقليدية أو تلك التي وضعت سياساتها أستناد لنظريات ولدت لتلائم مجتمعات أجنبية لا تتوافق مع خصوصيات المجتمع العربي وتقاليده القومية الأنسانية .


وتوضحت مبدئية البعث منذ لحظة البداية عندما ربط مصيره بتبني مطالب الجماهير والدفاع عن قضايا الأمة دون أنقطاع عن قضايا الأنسانية في التحرر والأستقلال والحياد الأيجابي والتضامن مع الشعوب في بناء الأوطان وألغاء قيود استعباد الشعوب .


ونقل الحزب تمسكه بالمبدئية الى واقع الفعل وتعرض بسبب ذلك الى سلسة من الملاحقات والأعتقالات والسجن والغاء الأجازة وغلق جريدته -البعث- عبر تبني مطالب الجماهير الملحة وقيادته للتظاهرات والأنتفاضات المتصدية للفئات البرجوازية الحاكمة والأقطاع الجاثم على صدور الفلاحين والمطالبة الدائمة بأطلاق الحريات الديمقراطية وأجراء أنتخابات حرة ينبثق عنها مجلس نيابي يمثل ارادة جماهير الشعب السوري واضعا مطالب السوريين نصب عينيه , في تشكيل حكومة وطنية تنهض بمهمة الدفاع عن مصالح الشعب وبناء سورية العروبة المؤثرة في المحيط العربي والأنساني .


وتصاعدت وتائر الحزب النضالية وأتسعت قاعدته بين الفلاحين والعمال والطلبة والمثقفين وهو يتبنى الدفاع عن قضايا الموطنين وتطلعهم للحرية وللعيش الآمن الرافه و تصدىه الحازم للأنقلابات العسكرية التي قادها الشيشكلي وحسني الزعيم وغيرهما لغرض الهيمنة على الحكم وفرض نمطا من الدكتاتورية السافرة على شعب سورية , أطاح واحد منها بتجربة الوحدة بين مصر وسورية .


ولم يسكت الحزب على ما حدث بل حشد أقتداره في وجه النظام الدكتاتوري , ليفجر نتيجة لذلك الأ قتدار ثورة 8 أذارعام1963 بعد شهر من تفجير حزب البعث في العراق ثورة 8 شباط من نفس العام .
فشكلت كلتا الثورتين مع ثورة 23 يوليو تموز في مصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عيد الناصرنقلة نوعية للنضال القومي العربي الذي رد بقوة على مخططات الغرب الأستعماري التي بدأ تنفيذ فصولها منذ عام 1907 صعودا , ومرورا بسايكس بيكو ومن ثم وعد بلفور الجائر .


وكان لولادة البعث كحركة فكرية قومية ذات مدلول علمي أجتماعي وحدوي ينشد تحقيق حرية الجماهير ورفاهها في ظل نظام وطني محررالسياسات ومحرر الأقتصاد والثروات , أنعكست تأثيراتها مباشرةعلى التفاعلات النضالية في الساحات العربية , ومن خلال هذا التفاعل ولدت فكرة تأسيس تنظيمات تبشر بأفكار البعث في عدد من الأقطار العربية لتصبح شاملة الآن لبنان والعراق والأردن وفلسطين واليمن والسودان والجزائر ومورتانيا ومصر وتونس وبحدود فردية في المغرب والكويت وقطر أضافة الى تنظيمات خارج الوطن العربي .


والقادم يؤكد بأن صمود البعث في مواجهة أعاصير الدمار والأجتثاث وما تعرض له مناضلوه لأقسى صنوف الأضطهاد والقتل والسجن والتعذيب والتجويع والتشريد دون أن يثنيهم ذلك عن مواصلة السير في طريق الوحدة والحرية والأشتراكية وهو طريق الأمة العربية المرتجى الذي يشكل البعث فيه حاضنة فكرية والطليعه الواعدة بالتضحيات .


وكان طبيعيا أن يرافق التأسيس أنبثاق حركة الأنبعاث القومي الأشمل لتأخذ مدارات تعنى ببحث قضايا الأمة العربية عبرعقد مؤتمرات قومية يحضرها رفاق منتخبون يمثلون القواعد البعثية في أرجاء الوطن العربي وخارجه تجتمع في أوقات منتظمة لتتدارس مسار الغمل القومي وما يوجهه من تحديات على المستويين التنظيمي والنضالي وما يتطلبه ذلك من أستشراف لهما وبالتالي التوصل الى تصور مشترك لكيفية معالجتها , فالمؤتمر القومي بمثابة برلمان بعثي موسع يعول عليه في دراسة طبيعة المرحلة السابقة لأنعقاد المؤتمر ووضع تصورات للمسار النضالي للمرحلة التالية بحسب ما يتوقع من مستجدات وصولا الى تحقيق الأقتدار الوطني على المستوى القطري أمساكا بطريق الأقتدار الأشمل الذي يؤسس للنهوض القومي الأكبر , طريق مبادئ البعث والجماهير في الوحدة والحرية والأشتراكية .


يتبع .. حديث بدايات البعث في العراق .

 

 





الجمعة٠٦ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ضياء حسن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة