شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكرى الاربعين لقرار تأميم نفط العراق في 1 6 1972 ، لابد من القول ، بان القرار كان شجاعا ليس بمجرد ما عكسه من دلالات ، تمثلت بالصفعة القوية لشركات النفط الاحتكارية وحسب،ولكنه كان قرارا يمثل انتفاضة مضافة للثورة الام،ثورة السابع عشر من تموز،بما حققه من بعد استراتيجي،تجسد في تحقيق الاستقلال الاقتصادي للعراق ، الذي كان ركيزة استقلاله السياسي الكامل ، الذي حرر الارادة الوطنية بالكامل من أي تبعية للأجنبي،بعد ان حرر ثروته النفطية من الهيمنة الاجنبية،التي كانت الشركات الاحتكارية ابرز ادواتها،بما شكلته من دور سياسي تخطى دورها الانتاجي والتجاري ، الى كونها تمارس الهيمنة،وفقا لقاعدة دولة داخل دولة. فكانت واجهة اقتصادية لدولها الام.فعرقلت مستوى التطور في البلد،وابقته بلدا متخلفا وناقص السيادة.


ولان القيادة السياسية كانت تتعامل مع الارادة الوطنية،من منطلق ضرورة التحرر التام من أي نفوذ للشركات الاحتكارية،التي فرضت سيطرتها على مقدرات الثروة النفطية،بدءا من فوهة البئر وانتهاء عند قدم المستلك،فقد جاء قرار التأميم انتفاضة في هذا السياق ، ليضع حدا لهذه الهيمنة،ويحرر الارادة السياسية ، ويرشد استخدام الثروة النفطية على قاعدة كونها سلعة استراتيجية ، وبالتالي فإنها ينبغي ان تخضع لحسابات الكلفة البديلة،بالعمل على اطالة عمر استنفدها ، والعمل على تنمية البلد تنمية شاملة ، تحل محل النفط عند نفاده ، لكي لا يترك العراق مدن اشباح ، كما كانت تخطط لذلك الشركات الاحتكارية.


وهكذا عملت الثورة على توظيف عوائد نفط العراق في مسيرة التنمية العملاقة ، باعتماد خططها الخمسية ، التي حققت زيادة القدرة الشرائية للمواطنين،وتحسين المستوى الصحي الجمعي لهم،وأنجزت تصنيع البلد،والتنمية الزراعية ، المتزامنة مع منظومة اروائية متطورة،وبناء قدرته العسكرية ، ومحو الامية الالزامي ، والنهوض بالتعليم العالي الى افاق متطورة ، غادر معها العراق خانة البلدان النامية بوقت مبكر من ثمانينات القرن الماضي.


ولما اعتمد العراق استراتيجيته المعروفة في المجال النفطي،وفقا لمبدأ ان يكون احد اخر برميلين للنفط في العالم عربيا،تكالب ألأعداء عليه،فكان العدوان الايراني،ثم تلاه العدوان الثلاثيني الغاشم عام 1991،وأعقبه الحصار الجائر،وصولاً الى الغزو الاميركي واحتلال العراق عسكريا في التاسع من نيسان من العام 2003،خارج موافقة الامم المتحدة،وبذريعة امتلاك العراق اسلحة التدمير الشامل،التي ثبت بطلانها،بعد حملة شيطنة مكثفة،جندت لها الادارة الامريكية ماكنة اعلامية رهيبة.


وهكذا يتبين لنا اهمية قرار التأميم الخالد الاستراتيجية،وقيمته التاريخية ، في كشف حقيقة السياسات الاستعمارية للقوى الكبرى ، وأدواتها من الشركات الاحتكارية ، التي تعتبر مكامن النفط حصصا محسومة لها،وهي من الخطوط الحمر التي بتجاوزها ، يدفع البلد المعني ، الثمن غاليا ، يرقى الى مستوى التدمير الكامل ، ومحو الهوية.

 

 





الجمعه١١ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠١ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة