قلنا إن أمريكا قررت بحجة الحرب على الإرهاب ضرب وإحتلال البلدان التي تعتبرها مناهضة لمشروعها الباغي الشرير، وحدد الرئيس الأمريكي السابق المجرم الدولي دبل يو بوش ثلاثة دول هي العراق وإيران وكوريا الشمالية، وسماها محور الشر، وأنا وكثيرون غيري يعرفون أن هناك دولا لم تعلن مشمولة بذلك، وبينا في الجزء الثالث بقسميه لماذا العراق، الآن نبين لماذا تأخر ضرب البلدين الآخرين.

بالنسبة لإيران :

هناك عدة أسباب أجلت ضربها، منها:

1.  منهج الصهيونية الفكري وتحالفها مع مفكري الإمبريالية لشق المسلمين الى كتل وطوائف تماما كما فعلت مع المسيحيين، ولن تجد أفضل من المنهج الخميني ( ولاية الفقيه ) المتخندق طائفيا، والمنهج المقابل الوهابي المتطرف والمتخندق طائفيا أيضا، فلو وظفا توظيفا فكريا وسياسيا، وغذيا إعلاميا وسياسيا، ومول متبنيهما ومتطرفيهما، سيكونا السبيل لشق وحدة المسلمين، وتقسيم الفهم الديني الشرعي للإسلام، بحيث يتخذ هذان المنهجان المنحرفان كبدائل عن الإسلام، أي تقسيم المسلمين الى شيعة وسنة لا يلتقون، بل يتصارعون، كما فعلوا بالمسيحيين، بروتستانت وأرثوذكس، ثم كاثوليك وبروتيستانت، ثم برتستانت وإنجيليين، وهي غاية ما يتمنوها الصهاينة والمتطرفين المتصهينين في الغرب.

2.  حاجة أمريكا لإيران كمهدد حقيقي للشرق العربي، وفزاعة ضرورية لدول الخليج العربي بالخصوص، وبقاء نظامها يعني ضمان إستمرار تلك الدول بالطاعة المطلقة لأمريكا، وإيجاد قاعدو ومبرر للتحالف مع الكيان الصهيوني.

3. تلاقي المشروع الفارسي مع المشروع الإمبريالي الصهيوني وتخادمهما، على الأقل تجاه العرب والمسلمين.

4.  النظام المذهبي الذي يشكل قاعدة لشق المسلمين إلى فئتين متناقضتين هما الشيعة والسنة، حيث يمثل مشروع الإسلام التركي ( القرآن فقط ) ركيزته الأولى، ويمثل إسلام إيران المغالي في الغلو في سلطة المرجعية ( ولاية الفقية ) ركيزته الثانية، وبهذا يكون العمل العدواني على المسلمين وإرتباطهم بدينهم، فينتج إنقسام المسلمين لطائفتين، وكفر كثير منهم بالدين نتيجة ما ينتج عن ذلك من نزاعات وصراعات وإتهامات بالإنحراف عن الشريعة، وهذا ما بدأت بوادره تظهر بعد إنتفاضات الشعب العربي ضد خونته وجلاديه ( حكامه ) ، وبروز البلدين تركيا وإيران كطرفين يشكلا الإنقسام المنشود، ومنذ ومن بدأ الحديث عن محور أو هلال شيعي وعن محور أو هلال سني، تقاطع هذين الهلالين هو الصليب الذي تقوده المسيحية المتصهينة وتموله الصهيونية العالمية. 

5.  لابد من مراعات موقف نظام إيران في العدوان الأمريكي الصهيوني على العراق الذي أدعت فيه أمريكا أنه حرب لتحرير الكويت عام1991.

6.  موقف إيران الإيجابي من خلال تشجيعها لأتباعها وعملائها للإلتحاق بمشروع إحتلال وتدمير العراق، والذي أسمته أمريكا مشروع تحرير العراق، وموافقتها ضمنا - دون الخوض في الإسرار والخفايا- على أن يكونوا عملاء ومرتزقة مزدوجين لها ولأمريكا.

7.  الحجم السكاني والإقتصادي لإيران، خصوصا بعد إنتهاء الحرب مع العراق، ومرور خمسة عشر عاما تصاعدت خلالها أسعار النفط والغاز، مما إنعكس على إيران إقتصاديا.

8.  العلاقات التي تطورت بين إيران والإتحاد الروسي خلال الفترة 1990 و2003، والخشية من إنعكاسها على العلاقات الأمريكية الروسية، وموقف روسيا الذي بدأ يتغير من الحرب والتحالف الأمريكي في حربه الحالية، نتيجة لإنكشاف أهداف أمريكا ونواياها الشريرة.

أما بالنسبة لكوريا الشمالية فأيضا هناك عدة أسباب أهمها:

● علاقتها الإستراتيجية مع الصين وقربها منها، وهذا قد يكون عملا إستفزازيا ومثيرا للريبة من قبل الصين، خاصة وإن المعلن من قبل أمريكا أن مبررات الحرب هو إجتثاث الإرهاب والقضاء عليه، والإعلام الأمريكي ربط الإرهاب بالإسلام، ثم حاولوا التصحيح، فقالوا الإسلام المتطرف، فسيثار سؤال كبير، وذو تأثير خطير على المنهج الأمريكي، وهو ما علاقة كوريا الشمالية بالإسلام كله وليس المتطرف منه بشكل خاص؟

● الشك الكبير في إن كوريا الشمالية تمتلك أسلحة نووية، وقد لا تتوانى من إستخدامها ضد القواعد الأمريكية في كل من كوريا الجنوبية واليابان، وهذا سيقود إلى تحول الحرب إلى حرب نووية، لا تخدم المخطط والمشروع الأمريكي، بل قد تدمره.

● حاجة أمريكا والغرب الإمبريالي لإستمرار التشاحن في المنطقة، خصوصا بين الكوريتين، وكذلك العداء الياباني الكوري الشمالي، وإنعكاساته على العلاقات بين الصين واليابان، اللذان يمثلان الهدف البعيد لأمريكا.

● حسابات الخسارة والربح في الحرب على كوريا الشمالية، فالبلد ضعيف إقتصاديا، واسيشكل ثقلا على الإقتصاد الأمريكي في حالة إحتلاله وتدميره.