شبكة ذي قار
عـاجـل










في زمن ٍ بكت سماؤه وأرضه، واغتمّت شمسه وقمره، وحزن نهاره وليله، وتساقطت نجومه، واحترقت أشجاره، وذبلت أزهاره، وساد الموت الزؤام أجواءه، إثر النيران التي يوقدها الخارج بأدوات من الداخل، بصيغة انفجارات غاشمة، وقصف عشوائي، واغتيالات ممنهجة، في بغداد والمحافظات، وبشكل يومي، يقف العراقيون وسط أشلاء ضحاياهم، وأنقاض بيوتهم ومحالهم، ينتشلون الجثث المتماسكة، والأخرى المتهالكة ... وربما الأقدام، أو الرؤوس، أو حتى قطع اللحم المتناثرة ... يجمعون ذلك كله في أكياس أو قطع من قماش يحملونها. وهو مشهد متكرر من وقت لآخر، لم يهز المجرمين القتلة فيكفوا أذاهم عن الشعب العراقي.


ودون خوض جدلي عقيم فيمن يرتكب هذه المجازر المروعة نؤكد انه يجب أن تكون هذه المجازر نقطة فاصلة في تاريخ العراق, فليس من المعقول ولا المنطق أن يختبئ النظام العميل خلف مقولة : ( الإرهاب يتحمل مسؤولية دورة العنف الدموي ) طوال ما يقارب عقدا من السنين, وقد ملأ المدن والأرياف بالدماء والأشلاء والفوضى والرعب والقتل الجماعي والتدمير والتشريد, والجثث الملقاة مقطوعة الرؤوس، ورائحة الدم تملأ الآفاق.


ودون خوض أيضاً في المواقف السياسية والاتجاهات الأيديولوجية للنظام, يجب أن يعترف هذا النظام أنّه بتبعيته للخارج، وبتشبثه بالسلطة إنّما يذهب بالعراق دولة وشعباً إلى التدمير والهلاك والفوضى، ومن لديه ألف باء السياسة يعلم أن النظام العاجز عن توفير الحماية لمواطنيه من جرائم القتل الجماعي، والخراب العام عليه أن يرحل، بحكومته وبرلمانه وأحزابه وإعلامه المضلل، ولا سيما إذا كان متهما بتنفيذ تلك الجرائم والتواطئ مع المنفذين.


فالنظام الاحتلالي وحده القادر على وضع حد لتدمير الدولة ووضع حد لسيول الدماء التي ملأت الأرض العراقية, وهو وحده القادر على وقف هذه الفوضى المجنونة; بأن يعلن مبادرة تنازل طوعي عن الحكم, واعتزال الطبقة الاحتلالية الحاكمة العمل السياسي تحت إشراف عربي إسلامي دولي, يستثنى من ذلك الدول التي شاركت في العدوان على العراق، ودول الجوار، من أجل تشكيل لجنة محايدة تضع ميثاقاً جديداً يؤسس لحكم ديمقراطي حقيقي, يقوم على اختيار شعبي نزيه، ويسمح بالتعددية السياسية والحزبية لكل الاتجاهات الموجودة على الأرض العراقية بعدالة ودون استثناء.


إن المجازر اليومية تدعو كل عراقي أولا وكل عربي ومسلم ثانيا، وكل إنسان يحمل المشاعر الآدمية أن لا يستمر بالصمت والتواطئ على هذا الذبح وهذا التقتيل البشع، ويحب تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للنظر في مرتكبي هذه الجرائم، وكشف الحقائق أمام الإعلام العالمي بوجه لا يحتمل التشكيك أو التضليل أو الخداع، ويجب أن يترتب على هذه النتائج تحول جذري في كل الموقف البشري إزاء المجازر الإنسانية البشعة، وحرب الإبادة التي تجري في العراق بتواطئ قوى دولية وإقليمية .


وإذا كانت الديمقراطيات الغربية والشرقية تفاخر بإقالة أو استقالة حكومة أو رئيسها أو وزير أو أكثر فيها نتيجة حادث عرضي بسيط كسقوط طائرة مدنية، أو انحراف قطار عن مساره، أو جنوح سفينة، أو انهيار مبنى، ونحوها، فكيف تسمح للحكم في العراق أن يستمر متخفيا تحت لافتة الديمقراطية والدم العراقي يسيل بشكل يومي؟! إنها مطالبة بالوقوف في وجه هذا النظام السارق لاسم الديمقراطية، وسحب غطاء الشرعية عنه، وإعلان البراءة منه، وتعريته، وإلا فإنها مسؤولة أمام الله والشعوب والتاريخ عن تواطئها أو مهادنتها أو صمتها المريب.


رحم الله من ينضمون يوميا إلى قوافل الشهداء، وشفى الجرحى، وكان في عون العراقيين المخلصين الأحرار، وفرج عنهم كربهم الذي طال، وأيدهم بنصره المبين.

 

 





الخميس ٨ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / حـزيران / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثامر براك الأنصاري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة