شبكة ذي قار
عـاجـل










كثير من المراقبين السياسيين أدركوا بأن الخطة الامركية- الايرانية- العراقية لنقل سكان أشرف إلى معسكر ليبرتي كانت أشبه بفخ أستدرج إليه مجاهدوا مخيم أشرف وهو على حق في رأيهم. لأنه لايمكن لعاقل ان يثق بحكومة الولايات المتحدة ووعودها الكاذبة، فالديمقراطية التي جاءت بها للعراق وافغانستان تلجم كلما من يدعي ذلك. ولايمكن أيضا لعاقل ان يثق بنظام الملالي في طهران الذين يتبادلون المتعة مع الشيطان الأكبر في الخفاء ويسبونه في وسائل الإعلام ضحكا منهم على ذقون الخائبين والغافلين ممن يؤمن بصراعهم السرابي مع قوى الإستكبار العالمي. ولايمكن لعاقل أن يثق بحكومة المالكي لأنها حكومة أساسها الكذب وبنائها الكذب، ورئيسها أكبر كذاب ليس على لساننا، بل على لسان مقتدى الصدر أقوى وأبرز حلفائه. ويدعم حكومة المالكي أكذب نظامين في العالم، هما إدارة البيت الأبيض وإدارة ملالي قم.

لكن المطلع على تأريخ منظمة مجاهدي خلق والمراقب لتأريخهم النضالي الطويل والمرير ضد قوى الإستكبار الإيراني المعمم سيدرك منذ الوهلة الأولى بأن المنظمة لا يمكن أن تدخل نفق دون التأكد من نهايته ووجود منفذ فيه. وهذا ديدن المنظمات النضالية في أي مكان في العالم. ومنظمتا حزم لتحرير الأحواز ومجاهدي خلق والحزب الديمقراطي الكردستاني أبرز نموذج على هذا التكتيك الصائب.

بعض المراقبن السياسيين إحتاروا في المفاوضات التي جرت بين الأطراف ذات العلاقة بمعسكر أشرف والتي تمت تحت إشراف ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق منطلقين من عدم التكافؤ في القوة بين الطرفين. لأنهم على ثقة تامة بأن ممثلي الأمين العام في العراق قد باعوا ضمائرهم لنظام الملالي منذ أن وطأت أقدامهم أرض. وأن تصريحاتهم سواء في الشأن العراقي الداخلي او مسألة أشرف مدفوعة الثمن. لذا ليس من الصدف ان يزور الممثل السابق إيران ليتسلم ثمن مواقفه الأممية المخزية تجاه الشعب العراقي ومخيم أشرف من ربيبه الخامنئي. ولا نستغرب أيضا من التصريح الخائب للموظف الأممي الحالي بأن إيران تساهم في إستقرار العراق. وهي مقولة تافهة لا تصدر إلا ممن باع ضميره وشرف المهنة. فالعراق أصبح كنزا للكسب والثراء لممثلي الأمين العام وينطبق عليهم عنوان كتيب ( كيف تصبح مليونيرا في غضون عدة أشهر في العراق الجديد ) .

كان لدى البعض الآخر ثقة مطلقة بأن مجاهدي خلق ستدخل بيت السحرة وبعدها ستقلب السحر على الساحر، وتتصرف بذكاء وحرص فاللعب مع اللاعبين الكبار ممن عرفوا بالغش والتزوير ليس سهلا بل يستوجب اليقظة والحذر والإستعداد الدائم لمواجهة كل المفاجئات والإحتمالات. بدأ ربٌ البيت العراقي كعهدنا به بإتباع إسلوب الغش والكذب والتنصل من الإلتزمات بعد ان غطوا عيون المراقب الدولي بعصبة من الدولارات والتومانات لكي يأخذوا راحتهم في الغش. وخلال إحتدام النزاع كان عدد من النواب والنائبات والمسئولين والصحفيين يخرجون رؤوسهم كالأفاعي بين آونة وأخرى للدغ الأشرفيين وبعث الروح الإنهزامية فيهم ملوحين بخسارتهم الرهان. وفي الجانب الآخر كان أنصار منظمة مجاهدي خلق يلتزمون الصمت ليس حيرة بل ترقبا لأن ثقتهم بالمنظة لم تتزعزع لعدالة قضيتهم وحس نيتهم وحتمية إنتصارهم. صحيح ان الصراع بين النوايا الحسنة والسيئة ينتهي في الأمد القصير بنجاح السيئة، لكن على المدى البعيد تتوضح الرؤيا ويكون الفوز الهائي للنوايا الحسنة. لذا جاء في المثل المأثور" العبرة في النهاية". و" من يضحك أخيرا يضحك جيدا".

منذ توقيع مذكرة التفاهم لترحيل الأشرفيين الى معسكر لبرتي لم تتوقف الضغوط عليهم سواء الذين إنتقلوا إلى ليبرتي ( 2000 ) شخص. أو الذين لم يبرحوا مخيم أشرف بعد ( 1200 ) شخص. فمسلسل الإنتهكات اليومية يجري على قدم وساق من قطع الكهرباء والماء والأدوية والوقود علاوة على الإمدادات لغذائية وهي حالة إنسانية لا علاقة لها بالسياسة. ومع كل هذه الإنتهاكات لم يحرك ممثل الأمين العام ساكنا! لا دهشه من موقفه او مواقف خلفه أو سلفه القادم فهؤلاء لا يختلفون عن حكام العراق يعتبرون إمتيازاتهم فوق كل شيء لذلك لايتورعون عن احتذاء كل مفاهيم  الأمم المتحدة بمداس المصالح الشخصية.

بسبب نكث الحكومة العراقية لبنود مذكرة التفاهم -التي عقدت في 25/ك الأول العام المنصرم بين الأمم المتحدة والحكومة العراقية لترحيل الأشرفيين الى معسكرهم الجديد- أوقفت قيادة المخيم وجبات الأنتقال الى ليبرتي إحتجاجا على تنصل حكومة الإحتلال من إلتزاماتها. وهذا موقف طبيعي فالعقد شريعة المتعاقدين وإذا أخل طرف ما ببنوده، فمن حق الطرف الآخر أن ينقضه أو يجمده وذلك أضعف الإيمان. لذا توقف الإنتقال لحد الوجبة السادسة. وهذا التوقف أدخل حكومة المالكي وممثل الأمين العام والمتحالفين الامريكي- الايراني في دوامة معقدة فقد إنقلب السحر عليهم، وباتوا عراة من ورقة التوت الأخيرة أمام الرأي العام العالمي.

حاولت قوى الإستكبار الامريكي- الإيراني إستبدال اللعبة الفاشلة بلعبة جديدة عسى أن تنقذهم من مأزقهم الحالي، فإتفقوا على رفع إسم منظمة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الإرهابية حسب المفهوم الأمريكي ( الذي يدعم أعتى نظامين إرهابيين في العالم نجادي-المالكي ) مقابل موافقة المنظمة على إستئناف نقل ما تبقى من عناصر المنظمة من مخيم أشرف الى معسكر ليبرتي. كانت مساومة رخيصة جدا ولاتمت للذكاء والفطنة بصلة! فما علاقة نقلهم الى ليبرتي برفع صفة الإرهاب عن المنظمة؟ وهل هكذا تتعامل الولايات المتحدة مع من تتهمهم بالإرهاب؟ ألم تدعي حكومة اوباما وخلفها حكومة بوش بأنه لا مساومة مع الإرهابيين- على إعتبار لم ترفع عنهم صفة الإرهاب بعد عن المنظمة- اليست حركات المعارضة الإيرانية كمنظمة حزم لتحرير الأحواز ومجاهدي خلق والحزب اديمقراطي الكردستاني الإيراني وبقية الفصائل هي حركات تحررية ذات تأريخ نضالي مشرف في سبيل الحرية والتحرر من سياط الإستبداد وفق ميثاق الأمم المتحدة، وليس ميثاق الولايات المتحدة؟

من جهة أخرى على أي أساس تساوم الولايات المتحدة منظمة مجاهدي خلق؟ أليست هي التي نكثت إلتزاماتها معهم وسلمت المعسكر لحكومة المالكي لتعبث به حسب توصيات الصنم الخامنئي؟ ألا تعرف إدارة بوش بأن المالكي هو ذراع الخامنئي الأطول في العراق؟ وهل تناست إدارة اوباما تصريح وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون " لم نرغب أن نضع أنفسنا بين السلطات والإيرانيين الذين يعترضون في صورة شرعية. لأننا لو تدخلنا في وقت مبكر وبشكل قوي جدا لحاولت السلطات الإيرانية إستخدامنا لتوحيد البلاد ضد المعارضين. لكننا بذلنا جهدا كبيرا في الكواليس وقمنا بجهود كبيرة لدعم المعارضين دون أن نضع أنفسنا بينهم وبين النظام. ونحن نواصل دعم المعارضة الإيرانية"؟ إذن أبهذه المساومة الرخيصة تواصل إدارة اوباما دعم المعارضة الايرانية؟ أم ان هذه الإدارة الرعناء تدعم نظام الملالي من خلال ربط حركات المعارضة بالإرهاب وخنقها بقبضتيها الحديدية رغم معرفتها بعدالة قضيتهم.

لايمكن إغفال الوثائق التي نشرته ( اللجنة الدولية للبحث عن العدالة ) بأن الولايات المتحدة طمأنت الأشرفيين بأن عملية الإنتقال الى ليبرتي ستجري بإنسابية تامة وإلتزام من حكومة المالكي بدون عوائق ومعرقلات. وكان من جملة التطمينات الموافقة عل نقل ممتلكاتهم الخاصة من عجلات وكرفانات ومقطورات ومولدات كهرباء، علاوة على ربط المعسكر الجديد بشبكتي كهرباء وماء جديدتين. إذن لماذا تسمح الادارة الامريكية لحكومة المالكي بمصادرة ممتلكات الأشرفيين وعلى أي أساس تُصادر؟ الم يكفي حكومة الفساد نهب ( 700 ) مليار دولار من ثروة العراق ليركضوا وراء ممتلكات ضيوف العراق؟ أي خزي وعار هذا؟

لم نشهد لحد الآن موقفا امريكيا مشرفا أو على الأقل حياديا  إتجاه حركات المعارضة الرئيسية في إيران! بل شهدنا تعاون تام مع نظام الملالي لسحقها مما يؤكد بأن الصراع الامريكي- الايراني في حقيقته هواء في شبك! عواصف كلامية شديدة، لكنها لا تتجاوز وسائل الأعلام.

فمنظمة حزم على سبيل المثال قدمت عشرات الآلاف من الشهداء للمحافظة على هويتها العربية وإصالتها ولم تحظى بإي دعم أو إهتمام من إدارة البيت الأبيض. ولايمر شهر إلا وأعدم عدد من ثوار الأحواز النشامى دون ان نسمع حس لصوت الضمير العربي والاميركي ازاء عدوانية النظام الايراني! والحزب الديمقراطي الكردستاني يواصل كفاحه المرير دون أن يحظى بإهتمام ولو بنسبة 1% مما حظى به اشقائه الحزبين الكرديين الرئيسيين في العراق من دعم امريكي وأوربي. ومنظمة مجادي خلق ما تزال على قائمة المنظمات الارهابية وفق المنظار الامريكي المضبب، ونفس الشيء بالنسبة لبقية الفصائل وحركات المعارضة الايرانية. فأين دعم إدارة اوباما؟ إنها سياسة الكذب المفضوح التي تمارسها إدارات البيت الأبيض.

ثم أين موقف الولايات المتحدة من قرار محكمة ( بونك البريطانية ومجلس أوربا والبرلمان الأوربي ) الذي رفع اسم منظمة مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب وأعتبرها حركة ثورية وتحررية ذات أهداف سياسية مشروعة؟ حيث توضحت الرؤية لدى الدول الأوربية وتفهمت أبعاد القضية الإيرانية وقررت مؤازرة منظمة مجاهدي خلق في حين عميت الولايات المتحدة عنها.

الموقف الأوربي تجاه مجاهدي خلق موقفا منصفا، والقضاء الأوربي قضاءا عادلا، لايخضع للإرادة السياسيين كما هو الأمر في الولايات المتحدة- محاكمات الضباط والجنود الذين قَتلوا وعَذبوا السجناء العراقيين في سجن أبو غريب وتفاهة الأحكام الصادرة ضدهم ابرز دليل على عدم نزاهة المحاكم الأمريكية- ولكن الموقف الأوربي لا يزال بحاجة الى المزيد من الإدامة الزخم وبعد النظر، أي أن يدعم أيضا بقية الحركات والفصائل المعارضة للنظام الإيراني ويقرب وجهات النظر بين قيادات المعارضة. فنظام الملالي الحالي هو الثمرة العفنة لدعم اوربا للخميني وتسليمه دفة الحكم في ايران، لذا فهي تتحمل جزء غير قليل من المسئولية عما يحدث من إيران.

وفي هذا الصدد نوجه دعوة جادة للأنظمة العربية التي تعاني من التدخل الإيراني السافر في شؤونها الداخلية سيما دول الخليج العربي واليمن ومصر ولبنان. بدعم المعارضة الايرانية بكل السبل المتاحة وتسليط الضوء الإعلامي على فعاليات ونشاطات المعارضة الإيرانية. فمثل هذا الدعم يمثل أقسى ضربة توجه لوجوه الشر والحقد في إيران.

فلو أقدمت دول الخليج مثلا على إستضافة قيادات منظمات المعارضة الإيرانية او رعاية مؤتمرات المعارضة لزلزلت الأرض تحت أقدام الملالي. وان كان الخوف الخليجي من لدغات الأفعى الإيرانية او خلايا الفقيه النائمة في ساحاتها يمنعها من الدعم العلني، فإن الدعم السري لتلك الحركات سيؤدي نفس الغرض. وهذا الأسلوب أي التعاون السري ينتهجه نظام الملالي نفسه مع الشيطان الأكبر والكيان الصهيوني المسخ في فلسطين العربية.

الخلاصة! إن الطرف الذي كسب من أزمة ليبرتي هم مجاهدوا خلق، فقد ارتفع رصيدهم المعنوي من مؤيدين سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي، وهذا ما يتجلى بوضوح في البيان الأخير الذي أصدره ( الخو فيدال غوادراس ) نائب رئيس البرلمان الأوربي ورئيس اللجنة الدولية للبحث عن العدالة. كما إنهم كشفوا حقيقة الموقف الامريكي الرخيص للمساومة على قضيتهم العادلة، ومحاولة ابتزازهم مجددا بوعود كاذبة برفع إسم المنظمة من قائمة الإرهاب مقابل إنتقالهم الكامل لمعسكر ليبرتي. وعروا حكومة المالكي التي لم تفِ بعهودها وكشفوا محاولتها الدنيئة لمصادرة ممتلكاتهم بلا وجه حق، و تشديدها الحصار على المعسكرين بدون مسوغ، بما يتعارض ومذكرة التفاهم الأخيرة.

كما أثبتت منظمة مجاهدي خلق بأنها منظمة متمرسة في إدارة الأزمات. وأن صمودها الصلب ضد إرادة الشر في طهران يدل على إمتلاكها الشجاعة والجرأة وحسن التدبير والحكمة. ولاشك ان هذه الصفات كفيلة بتحقيق النصر لأي حركة معارضة مهما طال الزمن وتعاظمت التضحيات. في الوقت الذي يغالي نظام الملالي الشطط في غطرسته فيتراوى له ضعفه كقوة، وضلاله كحكمة، وضجيجه كتحدي.

إن نظام الملالي بعنجهيته الفارغة وحماقته المفرطة بإستخدام العنف ضد حركات المعارضة، إنما يحضر لنفسه نعشه. ففي القوت الذي يشهد العالم أفول نظامهم الدموي فإن شروق فجر قريب قادم لا محالة. إنه فجر الحريات والعدالة والتعقل وإحترام حقوق الإنسان. فجر المحبة والأخاء وإحترام إرادة الشعوب وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. فجر العلاقات الودية مع دول الجوار والكف عن سياسة التوسع والإستيطان. فجر الإسلام الحقيقي وإحترام كل الأديان والمذاهب والقوميات.

كلمة أخيرة لحركات المعارضة الإيرانية :

حري بجميع الفصائل أن توحد جهودها وتكثفها لتشكل مطرقة قوية تدق مسامير نعش النظام المتهريء، لتريحنا منه وترتاح هي والعالم كله. فعالم بلا نظام ملالي سيكون أفضل للجميع.

 

 





الاربعاء ٢٨ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الكاش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة