شبكة ذي قار
عـاجـل










اللجنة التحضيرية للإحتفاء بذكرى القائد الرمز

قسم البحوث والدراسات : كلمات في الذكرى

 

إصدارات اليوم الثالث لفعالية ذكرى الشاهد الشهيد الرفيق صدّام حسين

كلمة الرفيق حسن خليل غريب في الذكرى السادسة للرحيل

 

 

أبا عدي يا فارس الجهاد والأسر والشهادة

لم أسمعها منك، بل سمعتها عنك : ( من يريد تكريمي، فلينادني: رفيق أبو عدي ) . لذا سأخاطبك في عيد شهادتك بما كنت ترتاح إليه. وإذا كنت سأخاطبك من دون تعريف، فلأنك أصبحت الرمز الذي يُعرَّف به، فأنت صدام حسين لست بحاجة إلى تعريف.

 

يا أبا عدي، كي لا يغتالوا الرمز فينا فنعيش من دون أمل، نقف كل عام لنستلهم معاني النضال الحقيقية التي توَّجتها بشهادتك.

ماذا أفهم من معاني الرمز شخصياً؟

 

كمثل كل البشر الذين يعيشون في أمة حبلى بالصعوبات، ينتابني الشعور أحياناً في زمن القحل الثوري الذي يلفُّ وطننا العربي الكبير أن حلمنا في وحدة هذا الوطن قد ولَّى إلى الأبد. ولن يبقى لنا إلاَّ الندب على أطلال عصر العروبة الذهبي. هكذا أرادت قوى الشر أن نكون، فاغتالوا العراق بخنجر مسموم، بخنجر استعماري يرعبه أن يسمع لفظ العروبة، وخنجر صهيوني يخاف من أن يموت حلمه الإسرائيلي من الفرات إلى النيل. وخنجر مجوسي يُؤرقه، ولو بعد مرور مئات السنين، أن محمداً العربي قد دكَّ إمبراطورية كسرى ليعلن استقلال العرب عن هيمنة الفرس والروم.

 

حسب هؤلاء أنهم باغتيالك سيستقر لهم المقام في العراق، فطعنوك بخنجر مثلَّث الرؤوس. ولكنهم تناسوا أن دماءك ستروي أرض العراق ثورة لا نهاية لها إلاَّ باستعادة المجد العربي.

ينتابني هذا الشعور عندما أجول في أصقاع الوطن العربي، وقد تراخت فيه حركة التغيير الثوري. ويعتريني اليأس من أنَّ العروبة التي كانت تلهب الحماس فينا حينذاك، أصبحت كأنها أغنية رومانسية ولَّى عهدها وسيدثرها التاريخ إلى الأبد، ولن يبقى لنا منها إلاَّ أطلال تقول: هنا كانت العروبة ورحلت، وهي لم تعش كثيراً فماتت في عز شبابها.

 

كان حلمنا يمتد من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، ولكنني بتُّ لا أرى لا محيطاً يهدر، ولا خليجاً يثور. فهل ولَّى حلمنا مع رحيل من كان يزرع الأمل في النفوس؟ هل رحل الأمل مع تلك الرموز التي حرثت في أرضنا التي كانت جدباء؟ وهل افتقدنا قطرة الأمل مما كنا نجمع من أمطارها الغزيرة؟

 

أفيق من حلمي اليائس أحياناً، لأرى في كأس أحلامي نصفين، فأجد نفسي أنني قد عميت عن رؤية نصف الكأس الملآن، بعد أن أسرني النصف الفارغ بين جنباته الخاوية.

إن النصف الملآن من الكأس أصبح يتيماً في مرحلتنا هذه، التي كثر فيها العجيج وقلَّ الطحين. أصبحت أنا لا أراه إلاَّ في الرموز التي تشكل شعلة الأمل في وقت الظلام، وحبة القمح في عصر القحط، وقطرة الماء في زمن الجفاف، والقوة في مواجهة الضعف، وراية الكرامة في زمن الهوان.

 

كانت وقفتك يا أبا عدي أمام المقصلة، هي التي أثارت النخوة في ضمائرنا، وكشحت سحب اليأس من نفوسنا، ورفعت رايات الكرامة على مقابض سيوفنا. كانت الرجولة تقول: لا قيمة لحياة في مستنقع الذل، فالموت أولى بنا. وبهذا أعلنت أنت بصدق ووفاء ورجولة: في مقاومة الاحتلال لا بدَّ من نيل إحدى الحسنين، النصر أو الشهادة.

 

في سنويتك الرمزية السادسة يا أبا عدي تعلمنا، ونعلنها الآن وفي كل حين، وسنرددها ليبقى صداها مدى الدهر: من دم الشهادة تتغذى نفوسنا، ومن مرارة الأسر ننشد حلاوة النصر، وفي تراب الخنادق تنبت جذورنا، تلك هي رموزنا في متابعة المسيرة نحو الجلجلة، نحمل صليب المسيح وسيف محمد.

 

من عِظَمِ شهادة من استشهد، ومن مرارة من يتذوق طعم الأسر، ومن لذة من عشق التراب في الخنادق، نحيا فتحيا أمتنا بحياتنا.

وإذا كنا سنوجز ما نحن عليه، في عيد البعث، عيد العروبة، عيد الثورة العالمية، سنكتب صفحات تاريخنا بمداد رموزنا لتنهال أمطارهم على أرضنا فتحييها، ونسكبها في قلوبنا لتزرع فيها الأمل والقوة، وتهزم اليأس والضعف القاطنين فينا.

 

سنقول ونردد أننا ما نزال نسمع صوت هدير المحيط الهادر، وصوت ثورة الخليج الثائر، ولن نخشى الظلام مهما ادلهَّم، ففي آخره تشعُّ أنوار رمزية صدام حسين الشهيد في عليائه، وطارق عزيز الأسير في سجنه، وعزة ابراهيم الثائر في خندقه.

 

إنهم يمطرون علينا الأمل في أنَّ العروبة ليست أغنية رومانسية، بل هي أهزوجة الثوار التي تثير الخوف في نفوس أعدائها. وسنظل نردد أن فلسطين عربية، والعراق عربي، والمقاومة دستورنا، والأمل بالنصر حادينا. وسوف تنبت كل قطرة دم، وكل نقطة عرق، وكل هتاف نابع من القلب، وكل أنشودة للعروبة، أزهاراً ووروداً، ليطل علينا بستان ( الربيع العربي )  عربياً مضمَّخاً بعطر التحرير من الاستعمار والصهيونية والصفوية والعثمانية.

 

في ذكراك أبا عدي، نذكِّر بأنه لا ربيعاً عربياً إذا كانت أمطاره من غيوم أجنبية، أو يوفِّر فسحة من الديموقراطية في سماء غربية أم شرقية. إن لقمة العيش وفسحة من الديموقراطية مرفوضتان إذا كانتا محروستين بسدنة من الخاضعين لإرادة الاستعمار والصهيونية.

 

ما أروعك يا أبا عدي فقد كنت تستشرف حاضرنا الذي نعيشه الآن، فأوليت التحرير أسبقية على كل شيء آخر، عندما خاطبت العراقيين والعرب في رسالة لك بتاريخ 28/ 4/ 2003، قائلاً: ( أنسوا كل شيء، وقاوموا الاحتلال، فالخطيئة تبدأ عندما تكون هناك أولويات غير المحتل وطرده ) ، وأكملتها برسالة أخرى: ( وحين يكون هناك وقت ومكان لمراجعة التجربة سنفعل بروح ديمقراطية لا تخضع لأجنبي أو صهيوني ) .

 

وفي رسالة أخرى، بتاريخ 7/ 5/ 2003، وبشهامة العربي الذي يرى بمنظار استراتيجي، أعطيت الأولوية لمواجهة العدو الأميركي – الصهيوني على أي مواجهات أخرى، باستثناء من يصرُّ على سلوك دروبهما بالعداء للعرب، قلت فيها مخاطباً العراقيين والعرب: ( إن رأيتم العدو يريد النيل من سورية أو الأردن أو السعودية أو إيران، فساعدوا في مقاومته، فهم ورغم الأنظمة إخوتكم في الدين أو العروبة. وساعدوا الكويت وبقية دول الخليج العربي ومصر والأردن وتركيا ليتخلصوا من العدو الأمريكي ) .

 

وأخيراً، رافعاً إلى مجدك كل محبتي لرمزيتك، أنهي قائلاً:

إلى سنويتك الرمزية السابعة ترنو قلوبنا، لنرى حلمك في التحرير قد تحقَّق، وهذا ليس ببعيد لأننا نعلِّق آمالنا، على رفاق الدرب الذين يشقون طريق النصر والتحرير بقوة وعزم وإصرار. ونتوجه إليهم بكل آيات الاحترام والتقدير عبر الرفيق عزة ابراهيم، رمز النضال القومي وقائد ثورة تحرير العراق والأمة العربية.

 

 





السبت ١٥ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب اللجنة التحضيرية للإحتفاء بذكرى القائد الرمز نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة