شبكة ذي قار
عـاجـل










" انظر بعينيك إلى المكان الذي تقف عليه و تفحصه بعقلك ، وان تكلمت فاخفض صوتك وتطلع إلى تحت ، فلو كان المرء يستطيع أن يبني بيتا بالصوت العالي المرتفع لاستطاع الحمار بناء بيتين في اليوم الواحد ،  و لو كانت القوة وحدها هي التي تجر المحراث لما فارق النير كتف الجمل ."

 

لا أحد في تونس ينكر من ان انتفاضة الشعب من 17/12/2010 الي 14/01/2011  كانت نتاج  تراكمات شعبية هائلة تداخل فيها  الضغط والاضطهاد اللذان اقترنا بالفعل البوليسي الذي اصبح يعمل من خلال منطق " علي الأول  يورث و علي الثاني لا حق له في الميراث " مما قاد الي تعميم ظاهرة الاضطرار حد التسليم  للصمت وفي الحدود الدنيا  الهمس المقترن  بالحزن لشعب يتطلع للحرية و تأكيد الذات علي طريق النهوض و الفعل المنتج .. شعب وجد نفسه  مغلوب على امره في مواجهة نظام عمم الوشاية لا فقط في المكونات المدنية للدولة ، و انما حتى في النسيج الاجتماعي و العائلي  ، لكن ذلك كله انفجر بغتة بقرار احتجاج فردي على وضع معاشي مزري في منطقة هامشية ـ الظل ـ المناطق التي مثلت تاريخيا مصدر كل الانتفاضات التي عرفتها البلاد منذ القرن السابع عشر دون أن تحقق الاستفادة من حركاتها .. فعل مثل الشرارة التي أسقطت جدار الصمت و أطلقت زغاريد الفرح انتقاما من عقود الحزن  و الاحتجاج اليائس في البلاد .. فكانت انتفاضة الشعب التي تجاوز تكاتفه فيها مشاركة و انجازا حسابات كافة الأطراف سواء الدولية كحاضنة للنظام القائم أو المعارضة لهذا النظام ـ و يعد كاذبا بامتياز من يقول بغير ذلك خاصة الأطراف التي تتفهفه اعلاميا من أنها فاعلة فيها وهي أطراف يجمع الشارع علي غيابها التام لا بل ممارسة تسفيهها من خلال الاستهزاء بالشباب و هي أطراف ممن ينطبق عليها قولة الأب الحرامي لأبنه ردا علي سؤاله متي نصبح شرفاء ؟ و أجابه قائلا :  عندما يموت كبار الحي و شرفائه  ـ  و ان كان الفضل يعود في تأطيرها و بلوغها نهايتها يعود  للاتحاد العام التونسي للشغل الذي مارس التأطير و ادامة الفعل، و حمايته دون أن يكون متحكما في مساراتها كانتفاضة شعبية ، و لا مالكا لآستراتيجية ادارة البلاد بالرغم من كون الاتحاد كان المركز الوحيد و الغطاء الذي استخدمته كل الحساسيات السياسية المعارضة للنظام طيلة الخمس عقود الماضية و بخاصة في العقدين الأخيرين منها . حساسيات بقت في حدود الخطابات الاحتجاجية و التباينات اللفظية دون صياغة رؤية استراتيجية موحدة بمفهوم تحالف يجعل الانتفاضة تنتقل من الفعل العفوي العام الي ما هو عملي بائن رغم تعدد الدعوات  وبخاصة بعد انتقال الانتفاضة  من المناطق المهمشة الي الحواضر الكبري للبلاد .

 

و بالرغم من ظهور هيكل توافقي ـ المجلس الوطني لحماية الثورة ـ هيكل لم يكن أكثر من غطاء استغلته بقايا السلطة بخبرتها و الأطراف التي تحركها أجندة غير أجندة الوطن و طموحات الشعب لتحويله الي مكان للاختلاف لا للتوافق بما خلق لها  الفراغ المطلوب للقفز و وراثة التركة و احتلال مساحة هامة اضافية علي مستوي الاعلام الوطني الي جانب المساحات التي خصصتها لها الجزيرة و العربية تسويقا و تأهيلا . موقع مكنها من تحريف اتجاهات الحراك الشعبي نتيجة ما تمتلكه من امكانات المال السياسي المغدق يسخاء من أطراف خارجية مكشوفة دعمته  تحالفات خارجية حكمتها مبادلة السلطة بالمبادئ لعل أبرز محطاتها " ايباك " ضمن اتفاقات لا تخلو من بنود عديدة البعض منها انكشف ، و ما هو مخفي ينذر بكل ما هو مقرف بذئ   . اتفاقات  تلتقي من حيث المضمون مع تلك التي صاغتها "الأحذية البالية :ـ المستعرقون العملاء أطراف العملية السياسية في بغداد منذ ما قبل الاحتلال سنة 2003 و تستغلها حتي الآن ـ " و تختلف من حيث التصريف و لكنها تولد ذات النتاج الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي و هو ما نراه  عمليا تعيشه البلاد من ردة و اتجاه نحو الضياع  ملامحه :

 

 " تأسيس و تشريع الميليشيات ، المجاهرة الاعلامية بقسمة المجتمع خطابا ، التشجيع الاعلامي و الاجتماعي علي الكراهية والقتل بلغ حد استخدام منابر المساجد ، و الدخول العملي في التطبيق باغتيال المناضل الوطني و الصوت  الديمقراطي الأستاذ شكري بلعيد مؤشرا لا يقبل النقاش بأن البلاد مستهدفة أو لنقل وضعت علي طاولة التشريح ".

 

 علي المواطن أن يفهم اللآن : من أن من يتصدر قيادة البلاد حاليا  تحت تأثير شرعية ملغومة بأكثر من لغم مالي و اعلامي و أمني يمارس و بإتقان لعبة التسخين و التبريد الاعلامي و السياسي في جانبها المعلن و عمليا  يمارس تفكيك المؤسسات المدنية و ارساء صيغة من صيغ الحكم الديكتاتوري أكثر بذاءة و نذالة مما كان قائما في البلاد تحت ادارة الجنرال بن علي .

 

و إلا فبما ذا نفسر استدعاء جماعات السلفية ــ الأصولية التي يتبرأ منها اعلاميا  من قبل الأمن للقيام بالدوريات و السكوت علي ممارساتهم التي هي بكل المواصفات مناقضة للقانون.؟

 

و بماذا نفسر توجيهات وزارة الداخلية لمنظوريها الاستعانة بما يسمي " روابط حماية الثورة " التي يعتبرها اعلاميا حالة مستقلة عن فعله ، الروابط المتهمة في أكثر من مكان من أنها وراء تخريب السلم الاجتماعي ؟ 

 

 انتفاضة 17/12/2010 ــ 14/01/2011 في تونس و امتدادها الي الساحة العربية  فعل عربى  اصيل ورغبه وطنيه صادقة و طموحة للنهوض  من حيث الاسباب , اما في نتائجها  فهي مؤامرة  فى ليبيا , وانحراف مقرف و خطير عن المسار كما فـــــى  تـــــونس و مـــــــصر .

 

فهل يستوعب الخييرون من الوطنيين و القوميين و الاسلاميين دروس التاريخ و يجعلون واقعنا بالمقارنة غير واقع أوروبا سنة 1848 و يقطعون الطريق أمام ما عرفته أوروبا سنة 1852 حتى لا نعيشه نحن كعرب في بعض من أقطارنا سنـــــــة 2013 .

 

d.smiri@hotmail.fr

 

 





الاربعاء ٢ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / شبــاط / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يــوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة