شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد أن كان المرء قبل احتلال الغاشمين للعراق يخجل من السؤال عن السني والشيعي، ويحسب ألف حساب قبل أن ينطقهما، وقد يمر الأسبوع والشهر ولا تسمع لها ذكرا في حديث أو وسيلة إعلام، تفشى التخندق الطائفي في العراق بعد الاحتلال وأصبح من أساسيات تشكيل التكتلات السياسية، ويصدمك هذا الفرز الطائفي أينما التفت، وتجد تغريداته حتى على جدران دورات المياه، فمن أسهم بتعميم هذا التخندق القبيح؟ ومن المسئول عنه غير الساسة الجدد الذين وظفوه واجهة ترويجية يستغلونها سياسيا لمنافع شخصية؟ وتثبت ذلك أرصدة حديثي النعمة وممتلكات حملة النعرات المذهبية الدخيلة على الفكر العربي ممن يدعون المظلومية، وأن شيعة العراق كانو معزولين ومهمشين ومضطهدين طائفيا قبل الاحتلال ليرتقوا على سلم التشيع إلى مآربهم ليس إلا.


وإذا كان النظام قبل الاحتلال طائفيا وغالبية أعضاء حزب البعث الحاكم ومؤسسيه ومنتسبيه هم من السنة، فماذا عن الأحزاب المتحكمة في العراق اليوم حيث لا مكان لغير الشيعة فيها؟ وهل للسيد المالكي والصدر والحكيم والجعفري والجلبي وقادة العملية السياسية أن يخبرونا كم عربي سني تضم أحزابهم التي يتصدرونها؟ فمن هو الطائفي النتن روحا وجسدا؟ هنا تسكب العبرات، لا دفاعا عن العهد السابق، ولا نزعم أنه كان معصوما من الأخطاء، بل رغم الأخطاء كانت هناك دولة قائمة على وطن ومواطن، وهناك حكومة وسلطة ودستور، وكان في العراق شعب وقيادة لها هيبة، وكان العراقي مرفوع الرأس لم يشرد ولم يهجر من محافظة لمحافظة، ولم يظهر إرهابي عراقي واحد على مسارح الجريمة في العالم، ولم نعرف الإرهاب إلا بالاحتلال، فأين منا الدولة اليوم؟


وإذا ارتكب النظام السابق أخطاء فليس من بين رجالات الأحزاب المتحكمة اليوم رئيس ولا وزير ولا نائب ولا مسؤول ولا معمم يخجل من أن يقال له عميل أو طائفي، أو مرتشي وسارق أو قاتل بالأجرة، فالنظام الان من الرأس حتى الذنب فاسد ! انتهك حِمى الوطن والوطنية والعروبة والدين والحياء وأخل بالمسئولية “وضاعت الطاسة”.أو كما يقول الإخوة المصريون “إتكل عويس على مويس وضاعت البقرة” اندثرت بينهم النزاهة فلا أمانة ولا صدق ولا تعفف. وهل من يقول غير ذلك ؟


لقد كان عدد الشيعة جنودا وضباطا قبل الاحتلال يشكل أكثر من نصف الجيش العراقي؟ ولا تقل نسبتهم في قوى الأمن والشرطة عن عدد العرب السنة، فإذا كان الأخوة الشيعة مظلومين ومهمشين فيما سبق، فماذا يقول العرب السنة اليوم عن أنفسهم وهم لا يجدون لهم دورا ولا مكانا في هذه الأجهزة، وإن وجدوا يخونون ويجتث الضباط والكوادر المهنية الكفوءة؟ ولا يجتث أمثالهم من الشيعة والأكراد، بل يكرمون بالمناصب والمكاسب ويغفر لهم ويعفون من المساءلة والعدالة!


ومن المسئول الذي يخشى شعبه ولا يجرأ على القيام بجولة في شوارع عاصمته؟ رئيس الدولة قبل الاحتلال الذي كان يتحرك بمفرده أو بموكب متواضع محدود؟ أم رئيس الجمهورية المنصب بأوامر أمريكا ورئيس الوزراء المعين بتوجيهات إيرانية؟ ولا يتحركون إلا بموكب من عشرات المصفحات والسيارات المموهة ومئات الحرس المدججين بالسلاح. وكم عدد الحراسات المخصصة لكل وزير ونائب سابقا ولاحقا؟ وكم مصروفات ديوان الرئاسة ومجلس الوزراء ومجلس النواب قبل الاحتلال وبعده؟ لنعرف الفارق بين العهدين وأين تذهب خزينة الدولة؟


فهل ندرك بعد كل هذا مأساة العراق المبتلى اليوم بحمى الطائفية التي جلب الاحتلال وعملاؤه عدواها إلينا، تحت ستار الفوضى الخلاقة والحرية الكاذبة والديمقراطية المموهة بالدجل، وأن الحراك الملتهب في المحافظات العربية وتقوده الانبار احتاجا شعبيا وطنيا مشروعا على هذا النهج الطائفي المدمر وقادته؟

 

 





الاحد ٢٠ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عمران الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة