شبكة ذي قار
عـاجـل










لو فرضنا أن المقصود بالمنطقة هي الدول التي تقع في مجال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي يعرف بالمختصر MENA عندها نرى حجم الأخطار المحيطة بها وكيف أن إسرائيل تقع في قلب هذه المنطقة بحيث يتعرض رأسها للتهديد إذا أرادت أن ترى الأجنحة أوتجول بنظرها الى الأعماق.

 

وكيف أن هذه المنطقة تتميز بأنها عربية اللغة والتأريخ ولكن تشاركها دولتان ذات ثقل تأريخي عميق وقدرات بشرية وسياسية وعسكرية كبيرة وهما تركيا وإيران.

وهذه المنطقة تختزن أكبر إحتياطي للنفط والغاز بالعالم.

وهي مفتاح بوابة الشرق ونقطة التأثير على كل أوربا.

هي إذا وجهة الطامع والمخطط والباحث عن ضمان المستقبل وأمن الحاضر.

 

وكما أن لتركيا إرث تأريخي ومصالح في العراق فإن لإيران وبفعل الإرث التأريخي لها وطبيعة ومنهج وعقيدة النظام الذي يتحكم بها اليوم تفكر في مصالحها الإستراتيجية في خضم هذه المعادلة المتداخلة من الإهتمامات والصراعات.

 

ونذكرعندما تفاقمت الحالة السورية بتزايد ضربات المعارضة السورية وقرارات الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي التي كانت تسعى لعزل النظام السوري كيف سعى النظام التركي لإدخال نفسه بقوة في هذا الصراع لصالح المعارضة السورية وفي المقابل سعى النظام الإيراني أيضا وبقوة أيضا لتدخل بكل الوسائل لصالح النظام السوري!.

 

ولم تتردد الإدراة الإيرانية بالتصريح علانية وأمام العالم بأن :

(إيران إن سمحت بزوال النظام السوري فهي لن تتهاون بقاعدتها الأساسية في الكويت)!.

والجميع يعي جيدا حجم التدخل الإيراني المكشوف الذي يستهدف دول المنطقة وخاصة دول الخليج العربي التي رضخت للرغبة الإيرانية بالتخلي عن وصف (العربي) للخليج ووكذلك اليمن وحتى في دول خارج المنطقة ذات إهتماماتها بعد الذي جرى في العراق.

 

اليوم لايجوز لأي دولة خليجية أوأية دولة من الدول المحيطة بالعراق وسوريا ولبنان أو المجاورة لها أن تدعي بانها بمعزل عن التأثير الإيراني..

ولايمكن ان تؤمن هذه الدول بأن أمنها الوطني غير مهدد..

 

ولايمكن لأي محلل إستراتيجي أن يفصل بين الأمن الوطني لأي من هذه الدول عن مناطق التأثير المحيطة بها والتي أصبح النظام الإيراني اللاعب الأساسي بها..خاصة في المناطق التي أصبح النظام الإيراني فيها ذو تأثير واضح وصل الى حدود التدخل بالشأن الداخلي وتحديد المسموح وغير المسموح فيها!.

 

في العراق مثلا لايمكن أن ننكر حجم التأثير الإيراني الذي يتحدث عنه مسؤولين عراقيين في الدولة حاليا من ( المنتقدين لهذا التأثير ومن المعارضين له ومن المدافعين عنه ).

 

البعض من الوزراء والنواب العراقيين الحاليين يؤكدون أنه:

"لايمكن لأي وزير عراقي أو مسؤول بدرجات خاصة أن يُعين في الحكومة بدون موافقة إيران "!.

والبعض الآخر يقول:

" إلا بموافقة ومباركة قائد فيلق القدس الإيراني والمسؤولين عن الملف  العراقي في إيران"!..وهذه تصريحات من مسؤولين عراقيين!.

وهذا الكلام والتصريحات لم تحصل اليوم بعد مرور سنوات على خروج القوات الأمريكية من العراق (بإفتراض إنحسار التأثير الأمريكي المباشر) بل حصل في ذروة الوجود والسيطرة الأمريكية على العراق عندما سافر أياد السامرائي مسؤول الحزب الإسلامي ( البريطاني الجنسية!) الى إيران وحصل على مباركتها ليصبح رئيسا لمجلس النواب بعد محمود المشهداني!..

ومع أنه لايمكن لأحد أن يجزم بأن نفوذ وإهتمام الولايات المتحدة الأمريكية في العراق قد تلاشى..

 

ولكن نجزم..

ونقول.. نعم نجزم بأن درجة الإهتمام الأمريكي بما يجري في العراق اليوم تراجعت بشكل مخيف عندما نضع الإعتبارات الأخلاقية لهذه الدولة العظمى أمامنا في ضرورة عدم قيامها بترك هذا البلد الذي إحتلته ودمرته وترويجها لمفهوم إعتبار ما يجري في العراق اليوم شأنا داخليا بحتا وهو ما على العراقيين أن يقوموا بحله بأنفسهم (وهذا قول الرئيس الأمريكي أوباما) الذي طلب من الحكومة العراقية بقيامها بحل هذه الإشكالات بدعم الولايات المتحدة .. وكانت النتيجة هي ( تعقيد للحالة العراقية وتفاقم الإختلافات وإنشقاق اللحمة الإجتماعية وإنتشار مبدأ دعم الطائفة وتقديمها على الوطن ونزوع البعض لتبني الفدراليات والأقاليم لتقسيم العراق وسط شيوع عام لمشروعية سرقة المال العام وتفشي الفساد وتآكل هيبة الدولة) ..

 

ومرة أخرى.. هذا الكلام أيضا ليس لنا وإنما هو بعض من الذي بدأت تلوّح به مؤسسات أمريكية إعلامية ومراكز بحوث ودوائر مهمة وتنشره صراحة كما عرضناه في الحلقات السابقة.

من الحقاذق المُسَلَّم بها أن الولايات المتحدة إرتكبت خطأ إستراتيجيا وتأريخيا بقيامها بغزو العراق وتدميره وحل مؤسساته وتمزيق وحدته.

 

ولكنها عادت وإرتكبت خطأ إستراتيجيا جديدا وأضافته الى سلسلة أخطائها (المتعمدة او العفوية طيلة وجودها في العراق بعد الغزو والتدمير والإحتلال) بمغادرة العراق بدون وضع إستراتيجية واضحة تشترك بها كل قوي الشعب ومكوناته ومثقفيه من المؤيدين والمعارضين يضمن أمن وسلامة وإستقرار ونمو وإزدهار البلد الذي غزته ودمرته.

 

ولم تضع الولايات المتحدة على الأقل حدا ( للمشروعية الزائفة للإستمرار بالإنتقام) بعد أن سمحت لسنوات وأعطت ( المشروعية للإنتقام) ليصبح المُنتقِم حاكما وقاضيا وأبا للجميع بمن فيهم أولائك الذين إنتقم منهم أشد الإنتقام!

 

ولم تساهم الولايات المتحدة بحكم مسؤولياتها الأخلاقية بوضع حدود للمغلاة بالحقد والكراهية وقطع الأرزاق.

وهكذا تركت العراق في هذه الدوامة التي يستحيل فيها تلافي حالة الإنفجار.

وهذا ما نراه اليوم.

وكذلك أفرزت الولايات المتحدة بكل هذه السياسات الخاطئة بعد إحتلال العراق وطيلة وجودها فيه وبعد مغادرة قواتها العسكرية له بالسماح بالتغلغل الإيراني المخيف في المفاصل العراقية!.

 

وحيث أن القاصي والداني من السياسيين والباحثين والمخططين الإستراتيجيين يعرفون كم هي نسبة تأثير المشاكل العراقية الداخلية على أمن وإستقرار المنطقة والعالم.

فالشأن الداخلي العراقي كان ولايزال وسيبقى عامل مؤثر بشكل خطير على أمن وإستقرار كل دول المنطقة شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا.

 

إن إنتقال أي شرارة من الصراع الذي يجري في العراق الى أي من الدول المحيطة به سيحرق كل المنطقة إن لم يتم إتخاذ تدابير وقائية أساسية يقف في مقدمتها إن لم نقل محورها والمتثمل بالسعي الجاد والفعلي والعملي لكبح سعي إيران في رغبتها الجامحة لفرض إرادتها وسياستها في المنطقة!

 

لقد أصبح التدخل الإيراني في الشان الداخلي العربي أمرا مفروضا بفعل ضعف الرد العربي والسكوت الأمريكي الذي يراقب الأحداث ويتنكر للحقائق وما يجري اليوم في غرب العراق وبعض محافظاته في غرب وشمال بغداد إن هو في حقيقته إلا رد فعل شعبي عارم ضد هذا التأثير الإيراني.

 

وسيبقى هذا الحراك في حالة تطور وتمدد وتتسع دوائر تأثيره يوما بعد يوم..

وما ردة فعل الحكومة الحالية في العراق وما تقوم به بعض الجهات لوصف المطالب الجماهيرية المشروعة بأوصاف بعيدة عن المنطق والعقل ومحاولة تحويلها الى صراع طائفي إلا برهان أكيد على المنزلق الذي يراد منه جر العراق اليه حيث ستكون بدايات نهاية لارجعة فيها إلا بعد عدة مئات من السنين!.

 

لقد قاوم شعب العراق الإحتلال الأمريكي وأرغمه على الإنسحاب لتقوم الأحزاب المشاركة بالعملية السياسية بعدها بإستثمار هذا النصر الوطني والإستحواذ على النتائج كاملة لتصور للعالم بأن الذي حصل هو ثمرة السياسة العراقية فتحول النصر العراقي الى كابوس متمثل بإحتلال أجنبي طامع وبغيض آخر يستهدف ويسعى جاهدا لتهميش وإقصاء مفاصل مهمة من شعب العراق وسن القوانين التي تجيز للسلطة إستخدامها ضدهم بتمييز واضح بعلم وموافقة ومباركة القوات الأمريكية التي كانت تسيطر على البلاد تحت حجج واهية وصفت فيها المحافظات المقاومة للإحتلال والتي ثبتت أقدامهم في الحكم بأنها تمثل المثلث الإرهابي.

 

ومرة أخرى لسنا نحن الذين يقولون ذلك بل أحد أقطاب العملية السياسية وحليف مهم لهم وهو أياد علاوي الذي قال:

" لقدأجبرت إيران كل كتل العراق السياسية التي ساهمت بالإنتخابات الأخيرة على رفض تسلمي ( أياد علاوي) منصب  رئاسة الوزراء على الرغم من أن العراقية حصلت على أعلى الأصوات  في الإنتخابات وهي المؤهلة لتشكيل الوزارة وفقا للقانون والدستور وأجبرت إيران الجميع بما فيها الولايات المتحدة على القبول بمرشحها وهو المالكي لرئاسة الوزراء وهكذا أصبح الفائز خسرانا والخاسر فائزا"

 

وهكذا ومن لسانهم فإن إيران هي التي تحدد من يكون رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب حيث لعب الأكراد وبفعل سياستهم وسعيهم للكسب الخاص على حساب العراق دورا مهما ومحوريا في تحقيق الرغبة الإيرانية أو الأمر الإيراني.

 

ويعرف الجميع كيف أن هذه الصفقة تمت على أساس إتفاق سمي بإتفاق أربيل حيث جرى الذي جرى  وكسب الذي كسب وخسر الذي خسر ليتجه العراق بفعل أنصاف الحلول والتدخل الإيراني الى مرحلة التخندقات الطائفية والمناطقية ويتحول الشعب الواحد الى تيارات متشاحنة لايعرف البعضمنها لماذا يهتف بشعارات متناقضة مع ما يطلبه البعض الآخر بعد أن تحول صراع السياسيين الى صراع شعبي تنقسم فيه العائلة الواحدة كما تنقسم قطعان الماشية عندما يشق صفوفها الذئاب!

 

أليس هذا الذي يجري كان ولايزال بفعل حالة التيه والضياع التي أحدثتها حملة الردع والترويع والإنتقام التي قادتها الولايات المتحدة وإستثمرتها إيران لتنتقم بفعل الإرث التأريخي لصراعها مع العراق والذي إقترن بغياب كامل للعقل العراقي والحكمة التي فارقتها قيادات لم يعد يهمها شيء سوى البقاء في سلم السلطة المتهاوي.

 

وليقل لي مسؤول إستراتيجي أمريكي أو عربي عكس ذلك إن إستطاع!

ونعود لنتسائل من جديد:

حيث أن الولايات المتحدة هي راعية المرحلة السياسية الجديدة التي أنتجها الإحتلال.

وبغض النظر عن شرعية هذه العملية من عدمها لكي لا نغوص في مبحث لن يوصلنا الى ما نبغي اليه في بحثنا هذا.

ولنقل بأن هذه العملية السياسية وجدت في ظرف ما وهي موجودة الآن وليسلم من لديه إعتراض عليها جدلا بوجودها.

فمن البديهي أن تقوم الولايات المتحدة بدعم هذه العملية السياسية ولنقل تدعم هذه الحكومة الحالية.

وهذا ما أكده الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكل الإدارة الأمريكية.

 

والغاية السياسية الأمريكية من هذا الدعم هو: (وبحسب توصيف الرئيس أوباما : لقد إستطاعت الولايات المتحدة أن تخلق لها شريك إستراتيجي في المنطقة قادر على أن يؤمن مصالحها ويكون عامل أمن وإستقرار وإزدهار في المنطقة والعالم!)..

 

إستراتيجيا هذا يعني أن العراق اليوم هو حليف إستراتيجي للولايات المتحدة.

وهنا يتسائل ذلك الذي أقنعناه بأن يقبل بالعملية السياسية ويعترف شرعا بالحكومة الحالية ويضع جانبا إن لم ينسى إعتراضه عليها مبدئيا كونها نتاج إحتلال تدميري ومشروع يستهدف تأريخ وإنتماء وقيم ومباديء شعب عريق وأصيل!.

 

نقول أن الذي إستطعنا أن نقنعه بأن مايجري في العراق لاعلاقة له بالمنهج الإيراني التوسعي فهو يتسائل.. ومن حقه الديمقراطي بعد أن يسألنا ( بعد أن نسي إعتراضاته ومعارضته ومقاومته):

أنتم تقولون أن الذي قامت به الولايات المتحدة كان بهدف خلق شريك إستراتيجي لها في العراق.. أين الذي يحصل في العراق من هذا الهدف؟

 

فإذا كان العراق اليوم يمثل حليفا إستراتيجيا للولايات المتحدة!..

فما الذي قدمه هذا الحليف للولايات المتحدة ( وهو يعطينا أمثلة كثيرة) منها مثلا في قضيتين:

الأولى : الموقف من النظام السوري في السر والعلن المعارض للسياسة الأمريكية جملة وتفصيلا وأحيانا ما يسبب الإحراج للحليف الأمريكي في الجامعة العربية والأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى والذي يمثل تباعدا وتناقضا وتضاربا في التوجهات والسياسات والافعال والمصالح!

والثاني: الموقف من إيران في السر والعلن والمتناقض مع السياسة والإرادة الأمريكية وأيضا جملة وتفصيلا!

 

ففي الوقت الذي تسعى الولايات المتحدة وحلفائها بإصدار القوانين والإجراءات التي تهدف لإضعاف النظام السوري تقوم الحكومة العراقية بإضعاف المسعى الأمريكي بدعمه عسكريا وماديا وإقتصاديا وإعلاميا وسياسيا!.

 

وفي الوقت الذي يسعى المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة لإضعاف إيران تقوم الحكومة العراقية وأحزاب السلطة بضخ العملة الصعبة اليها وتوسيع التبادل التجاري والإقتصادي الذي أغرق السوق العراقية إقتصاديا وصناعيا وفنيا بالبضائع الإيرانية الفاسدة والرديئة وكامل الإحتياج العراقي من المنتجات النفطية وربما تصدير النفط الإيراني  وبمئات المليارات من الدولارات!..

 

هذا عدا تسخير الفضائيات العراقية الحكومية منها وتلك والمرتبطة بهذه الأحزاب والميليشيات بنشر ثقافة الحكم الإيراني والدعوة لها وتمجيد الدور الإيراني في نصرة العراقيين والمنطقة في الوقت الذي تقوم فضائية الحرة والحرة عراق الأمريكيتين بتمجيد سياسة الحكومة وهذه الأحزاب وتتحدث عن منجزاتهم الوهمية وتهاجم سياسة إيران!!!.

 

وعندما تظهر المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية لتشيد بالخطوات التي إتخذها عاهل البحرين في مجال الديمقراطية وتحقيق مكاسب للشعب البحريني تخرج في اليوم التالي وبتوجيه وقيادة الحكومة العراقية مظاهرات حاشدة تطالب بتغيير النظام في البحرين وإحدى هذه المظاهرات!!.

 

وقبل أن تنطلق مظاهرة صغيرة لعشرات من المواطنين من المسجد الحسيني في عمان في الأردن تطالب الحكومة ببعض الإجراءات تظهر فضائيات الحكومة العراقية وأحزابها لتهلل ( لمظاهرات عارمة تطالب بإسقاط النظام الأردني!)!..

 

والأمثلة كثيرة..

كما هي علامات الإستفهام الكثيرة!..

 

وبقي له أن يسأل:

أين هي مواقف وإلتزامات الولايات المتحدة تجاه شعب العراق في متابعاتها لما يجب أن تقدمه العملية السياسية في العراق ( وهي الناتج النهائي لكل عمليتهم التي أسموها تحرير العراق) وبعد عشر سنوات لشعب محروم من أبسط الخدمات والحقوق وجزء كبير من هذا الشعب تفشت به الأمية والجوع والخوف والمرض والمصير المجهول لبلد يهدده التقسيم في كل مفصل من مفاصل جسمه المنهك وهو ينام على أرض تختزن أكبر إحتياطيات العالم من النفط؟

 

إنتهى تساؤل مَن إستطعنا أن نقنعه أو نرغمه على أن ينسى إعتراضاته ومعارضته ومقاومته للعملية السياسية!.

وبقي علينا أن نجيب. نحن الذين لانملك له أجوبة.

 

وسألناه إن كان له تحليل فقال:

إن غياب البرنامج الوطني الحقيقي الذي يهمل المواطن وينتقص من أهميته ودوره وفقدان العامل العربي المؤثر الذي لا يعي وزن وتأثير العراق وصمت الولايات المتحدة وتراجع إهتمامها والإكتفاء بمراقبة ما يحدث وسماح القوى العراقية بوضع الداخل العراقي جانبا وتشجيع جعل الساحة العراقية مسرحا عملياتيا وإعلاميا وإستعراضيا (لشبح صراع) بين إيران وحلفائها من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جهة أخرى وتحييد الإرادة العراقية وتبعيتها للتأثيرات الخارجية هو الذي يفسر بعض من هذه التناقضات!

والباقي تفسره إرادة الشعب فهو الفيصل في الحكم على النتائج بعد أن إنتظر عشر سنوات.

 

وإذا كان من يصدق المشورة ويخلص بها فعليه أن يقول:

إن ما يجري في العراق اليوم من تظاهرات وإعتصامات حاشدة وغاضبة لم تنطلق بحثا عن الماء والكهرباء والخدمات المعدومة وليس ردا على سرقة أكثر من 700 مليار دولار من أموال العراق خلال الفترة التي تلت الإحتلال أو مطالبة بحقوقها المعدومة بسبب غياب التوازن فقط ..

بل هي إنتفضت ردا على كل محصلة النتائج التي أفرزتها عملية (تحرير العراق) التي بدأ يعطيها شعار آخر وهو ( عملية تدمير العراق).

هذه العملية التي إستهدفت أولا وقبل كل شيء كرامة العراق والعراقيين والتي تريد تمريغها بالتراب.

 

ويستمر بالقول:

هل يستطيع عراقي اليوم من المشاركين في العملية السياسية ومن الذي يعارضونها أن ينكر أن كرامة العراقي مثلومة عندما يمشي في شوارع مدينة عراقية أو يحاول دخول بلد آخر؟

ويتسائل:

من يتحمل مسؤولية ذلك؟

 

على الجميع ان يعرف بأن رفض المهانة والتصدي لها واجب.

وإذا كان الموت في سبيل ذلك فليكن الموت وقوفا وشموخا .

فهذا الموت ليس إمتهانا للكرامة..بل نصرة لها.

أما العيش برأس خانع للباطل وعدم نصرة الحق فهي الإمتهان الحقيقي للكرامة.

 

ونعود لنقول..

مايجري في العراق وما يتم التخطيط له لم ولن يكون بمعزل عن جيرانه.

وما يصيبه سينعكس عليهم.

وما المنطقة والعالم إلا جسم واحد نحن الذين وضعنا الحواجز والحدود الوهمية.

ونتحدى أن تتمكن دولة مهما كانت عظمتها أن تمنع دخول منخفض جوي بسيط الى حدودها!.

أو تستطيع أن تقف بوجه إعصار يعبر القارات حسب مزاجه!.

أو تسعى لتحتفظ بحرها أو بردها لها لوحدها!.

 

 





الاحد ٥ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كامل المحمود نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة