شبكة ذي قار
عـاجـل










النظام المأزوم يمكن ان يكون نظاماً رأسمالياً او اشتراكياً ، من دول العالم الثالث او حتى من دول العالم الاول ، وكثيراً ما يردد الاشتراكيون ان الرأسمالية تحمل بذور فنائها في رحمها ، لانها مغايرة للتوجهات والاهداف الانسانية ، وشاهدنا سقوط الاتحاد السوفييتي بعد سبعين عاماً بسبب حالة التكلس التي اصابت النظام ، ولم يعد ان يستجيب لمتطلبات الجماهير ، ومقتضيات التقدم والتطور ، وهناك العديد من التجارب التي فشلت بسبب انها لم تستطع ان تعمل على تطوير نفسها ، وكثيرة هي الاحزاب التي كانت تمارس السلطة للعديد من السنوات ولم يعد لها وجود ، ولا دور لها في التأثير على مجريات الحياة ، و القدرة على استقطاب الجماهير.


النظام المأزوم سياساً قد يكون بسبب حالة الفساد التي ت تنخر في جسده ، وعدم قدرته على تربية اعضائه تربية وطنية ، تفهم ان اموال الشعب هي ليست ملكاً له ، وانه امين على هذه الاموال العامة وعلى مصالح الجماهير ، كما ان الفساد قد يتجاوز الفساد المالي الى الفساد الاداري ، اذ ان مؤسسات الدولة آيلة الى الانهيار بسبب من عدم احترام القائد الاداري لمسؤولياته ، وتهاون الموظفين في اداء الاعمال الموكلة لديهم تجاه الجماهير، والمطالب الشعبية التي يجب ان تؤدى بأمانة واخلاص .


والنظام المأزوم قد يتمثل في اختطاف مؤسسات الدولة من قبل الحاكم الفرد اياً كان نوع الحكم ، وقد يكون ملكياً مستبداً او جمهورياً يتشبث بالسلطة بشتى الممارسات والأساليب، التي لا تنم عن الاسلوب الديمقراطي من خلال عمليات التزوير في الانتخابات ، التي تعد انتخابات صورية ، ومن الحكام الذين لا يؤمنون بتبادل السلطة واحترام الرأي والرأي الآخر، وهذه تضع النظام السياسي في عنق الزجاجة ، وتكون حالته مأزومة مع نفسه ومع الشعب .


يتسم النظام المأزوم بفقدان الثقة في القيادة السياسية وطبقة الحكم ، اذ ان هؤلاء لم يعودوا مقنعين لجماهير الشعب ، اما لفسادهم المالي او الاداري اوالاخلاقي ، او انهم غير مؤهلين لا يملكون الكفاءة والخبرة في ادارة ما يوكل اليهم من مؤسسات الحكم ، وهو ما يجعل نظرة الشعب لهم متدنية ، ولا يملكون هيبة الدولة التي فقدت الهيبة ، لانها تحتوي على اشخاص لا يحظون بثقة المواطن ، وخاصة اذا اصاب القيادة شرخ في مسلكياتها نظراً لسلوكها غير المرغوب وغير المقبول في المجتمع ، ويتنافى مع ثقافة المجتمع التي تربى عليها ، فللقيادة دور رئيس في ادارة دفة الحكم ، فكيف اذا كانت مثل هذه القيادة لا في العير ولا في النفير في نظر ابناء المجتمع ، وكيف اذا سقطت اسهمها وضعفت ارادتها وهانت عليها مصالح الناس في سبيل اشباع ملذاتها ، وعدم الاكتراث على سمعتها التي لابد وان تكون ذات قيمة عالية في نظر المواطنين .


عندما تفقد الدولة هيبتها ، وعندما تغيب عملية المساءلة عما يقوم به الموكلة اعمالها لهم، فان غياب المساءلة يترك الدولة ومقدرات المجتمع لنفر لا تعيق فسادهم اية انظمة او قوانين، ولا يتعرضون لاي نوع من المساءلة ، فان النظام السياسي يتحول لحالة مأزومة، لانه اوكل اليه خدمة المجتمع وقيادته ، ولكنه غير قادر على الوقوف في طموح العديد من هم محسوبون عليه في ممارساتهم ، بسب غياب نظام المساءلة الذي يضع حدوداً امام تجاوز هؤلاء المعتدين على الحق العام ، والذي يعد اعتداء على المجتمع الذي يملك هذا الحق .


النظام المتسم بأنه نظام مأزوم هو نظام سياسي فاشل قابل للسقوط في اي لحظة ، وان بدى للبعض بهرجة تحيط بهذا النظام ، فهو آيل للسقوط من الداخل اكثر من سقوطه من الخارج،فالانظمة التي تعاني وضعاً سياسياً مأزوماً بسب الحالة السياسية غير المعبرة عن مصالح الشعب ، او الوضع الاقتصادي المتردي المصاب بالتقهقر ، وازدياد المديونية والفقر والبطالة ، وسوء في الادارة ووضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب ، وانتشار الفساد والمحسوبية ، ووجود قيادة عاجزة عن ادارة دفة البلاد بسب من ضعف في ثقافة السلطة او عجز في لجم الجهات المتنفذة .


النظام المأزوم لا يستطيع تجديد نفسه لانه يحتاج الى تغيير في منهجية الحكم ، وهذه ثقافة يجب ان يفهمها قبل ان يتسلم مقاليد السلطة ، اما وإن كان غير مؤهل وغير معد لذلك فهو يودي بنفسه وبالنظام السياسي ، ويجعل نفسه والنظام في مهب الريح ، وهو ما يشكل خطراً على البلاد والعباد ، وافضل طريقة لعلاج النظام المأزوم رحيل هذا النظام ، والعمل على بدء بناء نظام سياسي مغاير لما كان قائماً ، اولى مفاهيمه النزاهة في الحكم ، والعدل في التعامل مع الجماهير ، واحترام الرأي والرأي الآخر ، والايمان بمفهوم تبادل السلطة من خلال الرغبة الجماهيرية ، عن طريق الانتخاب الحر المباشر لجميع المؤسسات وفي جميع المستويات ، فالحكم ليس لعبة شطرنج ، هو ادارة حكيمة قادرة على المواجهة في الازمات، والتعاون مع كل من يعنيهم صناعة القرار باحترام وتقدير ، ليحظى بهيبة الحكم التي لابد من توافرها مغروسة في نفوس الجميع ، ليتجنب ان يكون الحكم مأزوماً مع نفسه ومع الآخرين.


dr_fraijat@yahoo.com

 

 





السبت ١١ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة