شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أدري كيف يتخذ رئيس الوزراء المالكي قراراته، ترى هل يخضعها للفحص والتمحيص، أو ترى هل يشبعها مستشاروه درساً وشرحاً، وهنا نأمل أن يكونوا على مستوى هموم العراق وبحجم آلامه وآماله، وأتمنى أن لا تكون تلك القرارات نابعة من وجهة نظر شخصية، فالموقف والقرار بهذا الوزن هو أبعد ما يكون عن الرأي الشخصي.

 

في السياسة نظرية معروفة مؤسسة على قاعدة " الابتعاد عن أحكام الهوى "، وفحواها أن مصادر القرار، ينبغي لها أن تجري حسابات دقيقة، مؤسسة على المعطيات الواقعية المجردة، وعلى حسابات عقلية،  وفي بلداننا ويا للأسف فإن حلقات القرار ضيقة جداً، وربما تضيق لتكتفي برأس واحد تنبع منه أخطر القرارات، وندرس في العلوم السياسية في مادة القرار السياسي:

 

* المقدمات المفضية للقرار،

* القنوات التي يمر بها القرار،

* المراحل التي يمر بها القرار،

* المؤسسات التي تشارك في صياغة القرار،

 

وكل هذا من أجل أن لا يمثل القرار، أي قرار، فكر رجل واحد، بل وحتى مؤسسة واحدة، ومن أجل أن يأتي القرار مستوعباً لكل الإشكاليات الحالية والمحتملة  للقرار وردود الأفعال، وخصوم القرار ومؤيده، ومناهضيه الحاليين والمحتملين. أما إذا كانت القرارات تتخذ بآليات أخرى لا علاقة لها بالعلم، وبمعطيات العصر الذي نعيشه،  فليرحمنا الله برحمته الواسعة، فنحن إذن كالسفينة التي تسير بدون أجهزة ملاحية، وهذا يعني أنها قد تتعرض في أي لحظة لحادث جلل، وقد يكون الخطأ فادحاً، وبالطبع ستكون النتائج كارثية في هذه الحالة.

 

الانتخابات المبكرة، لا ندري كيف ينظر لها وما هو المطلوب منها، وأعتقد أن كثيرين لا يفقهون هذا الأمر الهام. البلاد تعيش أزمة كبيرة، هي خطرة حالياً، وقد تصبح أكثر خطورة ما لم يتم الأستعانة بأجهزة ملاحية دقيقة. فسفينة العراق تبحر وسط أنواء شديدة وعواصف عاتية، وأمواج عالية، في الداخل والجوار والخارج. الموقف حساس لدرجة لا يحتمل الاستهانة بأي عناصر من عناصر الاستقرار والأمان مهما كان صغيراً، فما بالك إن كان كبيراً. ونحن نعرف أننا نمر في العراق بمرحلة من التوازنات، وهي هشة أساساً بل وتتعرض في هذه المرحلة إلى اهتزاز، ودعنا نكون موضوعيين في أقصى درجات الموضوعية  وأن لا نستخدم كلمة أخرى من قاموس اللغة الثري.

 

مكونين أثنين من المكونات الثلاث تمر في أزمة مع الحكم ( نستعير العبارات من الدستور رغم تحفظاتنا عليه )، ستة محافظات تعتصم وتتظاهر وتطلب وتطالب، ثلاث محافظات أخرى ( أقليم كردستان ) تمر علاقاتها بأزمة ثقة كبيرة مع الحكم، في المحافظات الأخرى حركة تململ لا تقل عما يدور في شقيقاتها من المحافظات، وتشهد البلاد كل يوم ما يشير ويؤكد أن الوضع قلق  بل هو خطر في أحيان كثيرة، عناصر العملية السياسية يسود بين أطرافها أجواء لا تشجع على الثقة، رئيس الوزراء يسافر إلى كربلاء ضمن حملته الانتخابية ولا يلقى سوى استقبال باهت لا يتناسب مع الاستعداد للانتخابات وتصريحات بضمان الفوز الأكيد فيها.

 

إذا كانت الانتخابات ستكون نزيهة، وهو أمر لا يستطيع  أحد تأكيده وفق نظرية " ليس بالإمكان أحسن مما كان "، فليس من مصلحة رئيس الوزراء الذهاب إلى انتخابات مبكرة، قبل تنقية وتصفية الأجواء، وهذه بديهية سياسية وهي من ألف باء السياسة. أما إذا كانت نظرية الانتخابات المبكرة مؤسسة على قاعدة " فلنتغدى بهم قبل أن يتعشوا بنا "، فهذه نظرية يبدو أنها غير ناجحة تماماً، بدليل أنها لم تنجح مع الكرد، ولم تنجح مع الهاشمي ولا مع العيساوي، فظروف العراق بعد عشرة عجاف يتوظأ فيها العراقيون بالدم، مفتوحة على كل الاحتمالات، فليس بغريب أن تفشل هذه الحسابات..

 

أخشى ما أخشاه أن قراراً كهذا جاء للعراق معلباً،  وليست هذه العلبة في الواقع سوى لغماً ينسف ما تبقى من آمال واهنة، وفي هذه الحالة لا يفيد العلم ولا العلماء ولا العرافون وضاربي الودع ولا حتى من يفتح الفال  ..................!

 

 أنا لا أخفي خوفي على العراق ..... رحم الله العراقي المخلص بدر شاكر السياب ...

 

فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاء

ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء

 

أكادُ أسمعُ العراقَ يذخرُ الرعود

ويخزنُ البروق في السهولِ والجبال

حتى إذا ما فضّ عنها ختمها الرجال

 

سيعشبُ العراقُ بالمطر

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقالة جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات العربية بتاريخ 7 : نيسان ـ أبريل / 2013

 

 





الخميس ٣٠ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / نيســان / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ضرغام الدباغ نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة