شبكة ذي قار
عـاجـل










لم أجد وصفاً أدق من وصف الدكتور موسى الحسيني، الشخصية القومية العراقية للخرف حسن العلوي وهو "نصاب بجلباب المفكر".


في الحلقة 27 من مسلسل الدكتور علي الوردي الذي تعرضه قناة البغدادية الفضائية والذي وضعتُ قصته ووضع الدكتور حسين سرمك السيناريو له، حشر الخرف العلوي اسمه في المسلسل، أيضاً، وشوهه بأكاذيب على الله والتاريخ والعراق والناس وعلى الوردي نفسه.


صوّر العلوي نفسه بأنه كان ملجأ للوردي وكبار رجالات العراق في مشكلاتهم مع النظام الوطني، وأن الوردي كان يزوره في مقر عمله في مجلة ألف باء، ويشهد الله أنه لم يزره إلا مرة واحدة سلم فيه مقالاً للمجلة، والتقيت الوردي قبل دخوله عليه منتظراً عند السكرتير، والتقط أحد مصوري دار الجماهير للصحافة وأظنه المرحوم محمد علي حسن، صورة لذلك اللقاء بنى العلوي عليها أكاذيبه على الوردي، كما روّج أكاذيب أكبر على الرئيس الراحل صدام حسين بناء على صورة التقطها معه عندما رافقه إلى الأهوار في سبغينات القرن الماضي.


ويكذب حسن العلوي إذ يدعي أنه تسلم عريضة من الوردي بشأن سفره إلى بولندا، وأنه كتب إلى نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السيد صدام حسين، في حينها، وأن صداماً همش على الطلب "إلى جهنم وبئس المصير".


ولا أدري أين أضع هذه الرواية مع الرواية التي رواها لي الوردي نفسه أنه قدم الموافقة إلى الجهات المعنية في بداية الحرب العراقية الإيرانية، وكان السفر محظوراً على جميع العراقيين ، وأن الرئيس الراحل صدام حسين أرسل إليه مرافقه أرشد ياسين الذي زاره في بيته للحصول على نسخ من كتبه ، وعندما قال له أرشد السلام عليكم ، وهما في باب الدار، ردّ عليه الوردي لا عليكم السلام ، ولما استفسر منه ياسين عن سبب غضبه ، أجابه الوردي : أنا رجل كبير ومريض وتعودت أن أسافر إلى بولندا، كل صيف، هرباً من الحر، وأنتم تمنعونني من السفر، فما كان من أرشد إلا أن أبلغ الرئيس وجاءته موافقة السفر إلى البيت .. وهذه الحادثة في بداية الثمانينات يوم كان العلوي يتسكع على أبواب السفارات مستجديا الدرهم والدولار والدينار خائناً للعراق، ولم تجر في السبعينات، كما أن الوردي كان يعلنها في المجالس التي كنت أرتادها معه، فضلاً عن أن الجميع يعرف أن الوردي لم يبق شاردة أو واردة من قصصه إلا وأخبرني بها، وكان الأولى به أن يحدثني بقصة مهمة مثل هذه يقول فيها أهم رجل في العراق بحقه: "إلى جهنم وبئس المصير".


وحادثة طلب الوردي موافقة سفر إلى بولندا من الجهات المعنية جرت بحضوري، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، إذ طلب مني الوردي مرافقته إلى دائرة الجوازات في الكرخ، في علاوي الحلة، وأرشدونا للذهاب إلى مدير الدائرة وكان ضابطاً شاباً مغروراً لقنه الوردي درساً لا أظن أنه نساه إذا كان مازال على قيد الحياة، إذ كانت تجلس في غرفته امرأتان جميلتان، ربما لتمشية معاملة، وأراد أن يضحكهن على هذا الشيخ الذي يعتمر غطاء رأس "سدارة"، فأمسك بيده جواز سفر الوردي وهو مسترخ على كرسيه بطريقة لا أدب فيها، وقال للوردي: "انتو بيت الوردي من وين؟"، وكان يعني هل أنتم إيرانيون، فسأله الوردي: هل تريد الصدق؟، أجاب الضابط المسترخي على كرسيه : طبعا ً.. فأجابه الوردي : نحن أصلاً من الحجاز وتورطنا وجئنا إلى العراق، مما أضحك المرأتين على الضابط نفسه، وقال للوردي إن التعليمات تنص على رفض أي معاملة سفر لعراقي في هذه الظروف.


كما لا أدري أين أضع رواية العلوي من رواية أخرى رواها لي الوردي أيضاً أن الرئيس الراحل صدام حسين قرر تكريم مدرسي ثانوية الكرخ التي درّس فيها، السابقين منهم والراحلين، وأنه قلده شارة وقلد الذي بجانبه ثم توقف عند الذي يليه وتضاحك معه والتفت إلى الجميع قائلاً : يا جماعة هذا أستاذي، يقول الوردي: قلت للرئيس "يابه مو أنا أستاذه"، أي أستاذ أستاذ الرئيس الراحل، فضحك الرئيس وقال للوردي ممازحا: "ما تفيدك". وضحك الجميع.


وجعل تدخل العلوي، في قصة المسلسل، الوردي ضعيفاً متوسلاً راجياً من شخص كالعلوي، وكل من يعرف الوردي يعرفه قوياً لا يتوسل رئيساً ولا وزيراً، كما أني سمعت الرواية نفسها من العلوي في شقته في المزة بدمشق في العام 2007، ولكنه قال لي إنه لم يخبر الوردي بالجواب، ذلك أن أمراً مثل هذا، إن صح وجوده أو لم يصح، سيعاقب مروجه، خصوصاً إذا كان واحداً يخاطبه الراحل صدام بـ"الرفيق المحترم حسن العلوي" كما يدعي العلوي في المسلسل، ومسؤول إعلامي في حينه.


وأذكر أن نرجسية العلوي بلغت ذروتها في ذلك اللقاء الذي جرى في شقته عندما سألني عن الجريدة التي أصدرها في بداية الاحتلال بتمويل كويتي واسمها "سومر"، ولماذا توقفت مع صدور أعدادها الأولى، ولما أجبته أن السبب بسيط جداً هو أنها صدرت مشابهة في تصميمها وطباعتها للصحف الكويتية وأن الدبابات الأمريكية هي من كان يوزعها .. سكت.


وقلت له بعدها: أستاذ حسن أريد أن أسألك سؤالاً أريد أن تجيبني عنه بصراحة، وهو أنك عندما ترى الدمار في العراق والدماء تسيل ألم تشعر، مرة، بالذنب كونك أحد المسهمين في هذا؟
نظر إليّ العلوي بغضب وقال لي : سلام أنت مسموم .. البعثيون سموك.


وكان ذلك اللقاء آخر لقاء فلم يعد يطيق رؤيتي.
والعلوي ارتكب بحق الوردي جريمة أخرى عندما ادعى، في المسلسل، أن الوردي هو من أوصاه بخيانة العراق، عندما أبلغه بالرفض المزعوم لطلبه بالسفر إلى بولندا، إذ قال له الوردي: "يا حسن أتمنى اشوفك بعيد عن هذا الجو".


إنه يبحث عن مسوغ لخيانته للعراق فيأتي بهذا المسوغ على لسان الوردي مدعياً أنه من طلب منه خيانة العراق .. الوردي الذي رفض العروض العالمية للإقامة في بلدان كان يمكن أن يعيش فيها مرفهاً وفضل العيش في العراق لأنه يحبه ويريد خدمته، فهل يعقل أن رجلاً كهذا يحرض شبه رجل على خيانة العراق؟


كما أن العلوي افترى على الشيخ جلال الحنفي وعلى التاريخ عندما رسم لنفسه دور من طالب للأدباء براتب شهري في عهد الرئيس أحمد حسن البكر، وجاءه الحنفي معترضاً لعدم وجود اسمه بين أسماء الأدباء، وهذا كذب وافتراء أيضاً لأن هذه الرواتب خصصها إلى الأدباء والفنانين الرئيس الراحل صدام حسين، كما أن الشيخ جلال الحنفي لا يعوزه التوسط لدى واحد مثل العلوي، وأرجو من الصديق واعية نجل الشيخ الحنفي أن يرد على هذا الافتراء البشع بحق أبيه.


إن العلوي يبحث عن دور لنفسه عندما يحاول حشر اسمه بين أسماء كبيرة وجاء تدخله في سياق خطة شيطنة النظام الوطني الذي كان قائماً قبل الاحتلال، على الرغم من أنه كان منتمياً إلى حزب البعث وخادماً من خدم ذلك النظام، ولكن كما يقول د. موسى الحسيني في مقال كتبه بعنوان "الشعوبي حسن العلوي – نصاب بجلباب المفكر" في 2/1 /2011: "حسن جاهز لان ينقلب ذات اليمين وذات الشمال، وفقاً لمصلحته. لامبدأ، ولا التزام يمنعه، هو كل شئ في نفس الوقت، عددت ادعاءاته في كتابه عن العراق الأميركي فوجدت أنه: قومي عربي، علماني، شيعي، سني من أتباع أبي حنيفة، ليبرالي، أميركي، معاد للاحتلال، بعثي، ضد البعث. إن هلاوس الدونية وحدها تحتمل أن تجتمع كل هذه الانتماءات في شخص واحد، وتعني أن الرجل لا انتماء له إلا لنفسه ومصلحته. إنه نموذج لمفكري عصر العولمة والاحتلال، فهم يمكن أن يكونوا كل شيء لكن لا طعم أخلاقياً أو وطنياً لهم".


يضيف الحسيني : "فهو لا يتوقف عن هذا السلوك لأنه بالنسبة له أسلوب حياة، ومورد عيش ورزق. إضافة إلى أنه حاجة سيكولوجية لتخفيف ضغط المشاعر بالدونية، ويعتقد أنه بتمرير كذبه وحيله يحقق الانتصار على الآخرين، وينتقم منهم بنفس الوقت، ليشعر بذلك بشيء من السمو المطلوب للتخلص من دونيته، فها هو غلب الآخرين يعني أنه أحسن منهم. إن مشاعر السمو هذه تخفف مرحلياً ضغط الشعور بالدونية لكنها لا تلغيه، فيعود بعد فترة للعب نفس الدور، ليس بيده، بل غصباً عنه، فهو دوني بطبعه. لذلك قد لا يكون النصاب فقيراً بالضرورة وليس بحاجة مادية للمزيد من المال، لكن الحاجة السيكولوجية تظل تضغط عليه".


إن "البغدادية" ارتكبت جريمة كبرى بحق التاريخ العراقي بإسنادها مهمة الإشراف التاريخي على المسلسل الذي كتبناه إلى دعي وكذاب وعميل نرجسي، حول المسلسل لاستعراض أكاذيب توهم أنها ترفعه في عيون الناس، وكنت أتساءل طوال الحلقات الأولى لماذا وضعوا في تايتل الأول والأخير للمسلسل عبارة "تأليف عباس علي" والإشراف التاريخي حسن العلوي، بينما وضعوا في التايتل الأخير فقط عبارة : "قصة سلام الشماع ود. حسين سرمك"، مع أن القصة قدمت كما وضعتها والسيناريو كما وضعه الدكتور سرمك، ثم عرفت لماذا مع تقدم المسلسل في حلقاته، وكان الأجدر بالبغدادية أن لا تكتب: تأليف عباس علي، وإنما : تزوير أو تزييف عباس علي، الذي لا أدري إذا كان مثقفاً كيف يرضى لنفسه السطو على جهود الآخرين وتزوير الحقائق التاريخية التي ثبتوها؟


ومع ذلك فإن القصة لم تنته بعد فالمسلسل مازال يعرض، ونحن نحتفظ بحقنا في مقاضاة البغدادية وتقديم جميع ما نمتلك من وثائق ومستندات إلى القضاء ليعيد الحق إلى نصابه ويكشف هذا الاحتيال والتزوير ويبرؤنا من تهمة تشويه سيرة الوردي العظيم والإساءة إليها

 

 





الثلاثاء ٢٨ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة