شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ تولي الرئيس الايراني الجديد ( روحاني ) السلطة ووسائل الاعلام تتحدث عن بدء مرحلة من الاعتدال والعقلانية في السياسة الايرانية ، وتصوير العهد الجديد بانه ..عهد تسوية الخلافات وحلحلة جميع الاشكالات والملفات العالقة،وفي المقدمة الملف النووي، اذ جرت في 15تشرين اول/ اكتوبرالجاري جولة جديدة من المباحثات النووية بين ايران ومجموعة ( 5+1 ) قالت عنها ( شلتون )ممثلة للمجموعة".. انها كنت مفيدة وتم فيها تبادل الافكار"وتم الاتفا ق على جولة جديدة ستعقد في 28 تشرين ثاني /نوفمبر المقبل، وتأتي جولة اطالة الوقت هذه في عهد جديد قيل انه يختلف تماما عن عهد ( نجاد ) الرئيس السابق ونهجه المتشدد،وقد وصفت نشاطات الرئيس الايراني ولقاءات وزير خارجيته (ظريف) على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العمومية للامم المتحدة، والمكالمة الهاتفية بين (اوباما وروحاني) ..على انها" فتح ايراني عظيم !" وبدأ روحاني عهده بالتودد والتقرب الى الاميركان حتى وصفت المرحلة بمرحلة "الغزل الايراني مع الولايات المتحدة واسرائيل" الذي هتك كل الستر والبراقع التي كان حكام طهران المعممون يتخفون بظلها والتي انطلت سنوات ،ومازالت تخدع ، البعض في الداخل الايراني وفي الشارعين العربي والاسلامي ،اذ تكشّفت الكثير من الحقائق عن العلاقة بين ايران والولايات المتحدة واسرائيل !والموقف من الملف النووي والمسعى الايراني لامتلاك السلاح النووي وارتباط ذلك بالتطورات الكبيرة التي شهدتها المنطقة والدور الايراني فيها ، ولكي لا نغرق في التفاصيل التي تناولتها الكثير من التقارير، سأركز ،وبنقاط مضغوطة، على ايراد حقائق اساسية كاشفة لكل ما يجري في المنطقة ،ومنها العرب في هذه الطبخة وكالاتي:

 

1 ـ السياسة الايرانية ثابتة،يرسمها ويقرها (علي خامئني) المرشد الاعلى الذي يمثل السلطة الالهية باعتباره " الولي الفقيه"!؟ وبالذات في القضايا الاساسية، فهي هي لم تتغير بل العكس لقد اتضحت بشكل جلي وظهر ملالي ايران على حقيقتهم فيما يخص البعد الاستراتيجي والامن القومي الايراني (السياسة التوسعية والاطماع التأريخية )، ما تغير اللهجة واللغة الخطابية فقط اذ اصبحت اكثر هدوءا،والتحرك السياسي اكثر" نعومة وخداع وخبث وتقية " وذلك لتحقيق عدة اهداف متداخلة ويكمل بعضها البعض. 

 

2 ـ النظام الايراني يعاني من ثقل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه لاصراره لمواصلة البرنامج النووي، وبالذات العقوبات التي فرضت في حزيران / يونيو 2012 والتي شملت الطاقة ( صناعة النفط والغاز وحظر بيعه وتصديره) والقطاع المالي (التحويلات الخارجية من العملة الصعبة والتعاملات مع  بنك ملي ايران المركزي) هذه العقوبات ادت الى عزلة ايران واثرّت سلبا على الاقتصاد الايراني الذي انكمش بنسبة اكثر من 5% في العام الماضي لوحده ، فيما وصل التضخم الى 45 % فضلا عن استمرار انهيارالعملة المحلية ( التومان) واشتداد وطأة البطالة،كما اثرت على البرنامج النووي الذي يحتاج الى مبالغ طائلة لايعوضها ما يهّرب الى ايران من اموال ومشتريات من قبل سلطة بغداد العميلة! وكذلك خشية الملالي من انفجار الشارع الايراني الساخط ، حيث مازالت انتفاضة عام 2009 والخشية من تجددها ما يقلق ويخيف حكام طهران !فضلا عن مشاكل النظام المزمنة مع القوميات الاخرى المضطهدة من قبل العنصر الفارسي كالعرب في اقليم الاحواز العربي المحتل في الجنوب والاكراد والتركمان والاذريين والبلوش في شمال وغرب وشرق ايران .

 

3 ـ اختيار (حسن روحاني) الذي يعد من المعتدلين والمحسوب على المحافظين، رئيساً للجمهورية،،وهو معروف بهدوئه وخبرته في الشؤون السياسية والامنية وبراعته في لعبة ارخاء الحبل مع اشتداد الضغوط ، وذلك لحلحلة مشاكل ايران الملحة والتعامل مع ضغوط اميركا والغرب الاقتصادية والسياسية، حيث سلّم الملف  النووي الى وزارة الخارجية بدلا من مجلس الامن القومي الايراني وكلّف ( عباس عراقجي ) وكيل وزارة الخارجية بترؤس الوفد الايراني المفاوض ويطلق عليه(حائك السجاد) لاجادته فن اطالة المفاوضات!.. وقد عدّ المراقبون ذلك على انها رسالة للمجتمع الدولي لخصها روحاني بالقول " ان ايران تريد فتح صفحة جديدة مع العالم الخارجي وتحديدا مع الولايات المتحدة " بيد ان الهدف الاساس هو رفع العقوبات الاقتصادية وانهاء عزلة ايران لتتفرغ لتعزيز قدراتها للهيمنة  على المنطقة العربية وتحقيق حلم اقامة "امبراطورية فارس الكبرى" ودون ان يؤثر  ذلك على مساعيها لامتلاك التكنلوجيا النووية !.

 

4 ـ البرنامج النووي الايراني يسير وفق ما مخطط له رغم تأثره بالعقوبات الاقتصادية اذ تقف ايران اليوم على عتبة( النادي النووي) وقد وصلت نسبة تخصيب اليورانيوم الى اكثر من 20% علما ان النسبة المسموح بها للبرامج النووية السلمية هي 5%، وهو ما جعل ايران على مسافة لاتبعدها كثيرا عن امتلاك تكنلوجيا صنع السلاح النووي!وهي تستغل الوقت في اطالة امد التفاوض والمراوغة والتسويف الذي يجيده ملالي وسياسو ايران البازاريون، وذلك لتحقيق هذا الهدف حيث انتهت الجولة الجديدة والتي سبقتها المباحثات الفنية في فينا في 27 ايلول / سبتمبرالماضي .. الى لاشيء كالجولات السابقة واخرها جولتي بغداد و موسكو في النصف الاول من  العام 2012 ،فالمجتمع الدولي المتمثل بمجموعة ( 5 +1 ) في سياسته اللينة في التعامل معها، شجع ملالي ايران الى الاندفاع بقوة وسرعة للحاق بقطارالدول النووية، اذ الخشية ان تفاجيء العالم ببلوغها ذلك، فطهران الى اليوم ترفض نقل اليورانيوم المنضب بنسب عالية الى خارج ايران واستبداله بآخر بنسبة تخصيب اقل، وترفض تدمير مواقع ( فاردو ونا تنز وبارشين ) السرية التي كشفتها المنظمة الدولية للطاقة دون ان يعلن عنها الجانب الايراني ، اذ تؤكد  هذه المنظمة.." ان نشاطات هذه المواقع واخرى مماثلة وبالذات المخفية  في عمق الجبال ، مشبوهة!"  

 

5 ـ المجتمع الدولي وبالذات الولايات المتحدة ومن معها من الغرب غير جادين في ايقاف النشاط النووي الايراني عند حدود " الذرة من اجل السلام " والتهديدات بتوجيه ضربة عسكرية ومنذ العام 2006 هيالاخرى من باب الضغوط ليس الّا..؟ فاذا كانت واشنطن وحلفاؤها جادين في تصريحاتهم التي تؤكد عدم السماح لنظام الملالي من امتلاك السلاح النووي.. فلماذا تسعى واشنطن ( وفق مصادر البيت الابيض )) لرفع اوتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران والتي  تشكل عامل ضغط ناجح على النظام ؟ ولماذا خفّت حدة التهديد بالخيار العسكري بعد ان كان ذلك احد اهم اسلحة ( اوباما )  في حملته الانتخابية للولاية الثانية؟ وكذا الامر بالنسبة لاسرائيل التي ترفض ظهوردولة او قوة في المنطقة والاقليم تنافسها او تتفوق على تفردها وكونها  الاقوى والاقدر على تسيّد الشرق الاوسط ؟ فلماذا لاتدمر المفاعلات الايرانية كما فعلت مع مفاعل تموز العراقي الذي دمرته عام 1981 ، والمفاعل النووي السوري في عام 2007 ومجمع تصنيع الاسلحة في السودان عام 2012! وحتى التهديد، فقط تهديد!، باستخدام القوة ضد المفاعلات النووية الايرانية، انحسرولم يرد الا على لسان القليلين مما يسمى بصقور الصهاينة مثل (نتنياهو) رئيس الحكومة،وهذايشكل، بشكل واخر، ضوءا اخضر لايران للمضي في برنامجها النووي !؟

 

6 ـ  ترتبط ايران ونظام الملالي بعلاقات وثيقة وتأريخية مع الكيان الصهيوني خاصة واليهود والصهاينة عامة، رغم الخطاب الايراني المتّشدد في عدائه لاسرائيل واليهود ،وعلى مدى اكثر من 4 قرون ،فهذه حقيقة ولكنها باطنة مخالفة للمعلن الظاهرمن الشعارات كـ " محو اسرائيل وا ألقاء اليهود في البحر ،وتحرير القدس"! وما الى ذلك من شعارات زائفة هدفها ارضاء الداخل الايراني المتعاطف مع القضية الفلسطينية ، وخداع الشارعين العربي والاسلامي، فلم يحدث في تاريخ ايران القديمة والمعاصرة ولا في تأريخ اليهود وكيانهم المسخ في فلسطين اي نزاع مسلح ، ولم تطلق بينهما اية رصاصة ؟! بل العكس هو الصحيح ، فشارع ( كورش الاكبر) في قلب تل ابيب احد شواهد العلاقة المتينة منذ الاف السنين،وهو اعتراف بجميل الامبراطور الفارسي الذي حرر السبابا اليهود من الاسر البابلي، كما لم تخل اية وزارة اسرائيلية من وجود وزير من اليهود الايرانيين وابرزهم ( شاؤول مافاز ) وزير الدفاع و ( موشيه كاتساف ) الرئيس الاسرائيلي السابق ، كما ان يهود ايران في اسرائيل مأثرون سياسيا واقتصاديا ، كما هو حال اليهود المتبقين في ايران حيث يديرون اقتصاد البلاد ، وقد انعكست هذه العلاقة على التعامل مع الملف النووي الايراني اذ لايعتبر الصهاينة امتلاك ايران السلاح النووي خطراعلى كيانهم طالما انه سيستخدم ضد العرب !وحسب احد المسؤولين الاسرائيليين"فان اسرائيل لم ولن تكون عدوة لايران ، طالما ان السلاح النووي الايراني سيوجه للعرب" كما ان ( ديفيد ليفي ) وزير خارجية اسرائيل الاسبق اكد في تصريح له "ان اسرائيل لم تقل في يوم من الايام ، ان ايران هي العدو ؟"وهذا ما اكده (علي لاريجاني ) رئيس البرلمان الايراني قبيل بدء جولة بغداد من التفاوض حول الملف النووي عام 2012 بقوله "ايران لاتعادي اسرائيل، وان المفاعلات النووية الايرانية لاتشكل تهديدا للامن الاسرائيلي ؟!"  وقد بلغ الغزل الايراني لاسرائيل حدا تعرى فيه الحكام المعممون من ورقة التوت ودون اي اعتبار للداخل الايراني والعالمين العربي والاسلامي فظهروا على حقيقتهم بعد سقوط اقنعة الزيف ، اذ هنأ ( خامئني ) ببرقية معلنة اليهود بالسنة العبرية!، كما اعتبر (روحاني ) في كلمته في الجمعية العمومية في دورة هذا العام، وكذلك ( ظريف ) وزير الخارجية الايراني في تصريح له، اعتبرا ان " المحرقة النازية جريمة بشعة "! بعد ان كان الرئيس السابق والخطاب الايراني يعدونها "اسطورة مختلّقةّ" وهذا ما عمل على تخفيف حدة التشّدد لدى الصقور الصهاينة في اسرائيل والولايات المتحدة وقلل من المخاوف بانتهاء الغزل الايراني بصفقة لحل الملفات الخلافية ومنها الملف النووي مع الولايات المتحدة ،ولهذا يرى ( ادوف فايسغلاس) الخبير الامني ومستشارسابق لـ (شارون) في تصريح له في 18 / تشرين اول/ اكتوبر الجاري ".. ان اسرائيل لن تتجرأ على تخريب الاتفاق الاميركي ـ الايراني في حال توقيعه!" وعن تهديدات (نتنياهو) بالخيار العسكري ضد مفاعلات ايران قال: انه.."جعل اسرائيل اضحوكة في المجتمع الدولي ".

 

7 ـ  علاقات النظام الايراني مع الولايات المتحدة وثيقة، ولم تكن ايرا ن ( سواء حكمها امبراطور بتاج شاهنشاهي ام آية بعمامة سوداء ام بيضاء زائفة ) خارج طوع اميركا والدوائر الامبريالية والصهيونية ، بالامس في العهد الشاهنشاهي كانت ( شرطي اميركا في المنطقة ) وتمتلك خامس اقوى الجيوش في المنطقة والعالم ، واليوم في ظل حكم الملالي ، بالاضافة الى مساندتها ضد العراق في حرب الثمان سنوات 1980 ـ 1988 وتزويدها، عبر اسرائيل ،بالاسلحة التي كشفتها فضيحة ايران ـ غيت،  فهي الحليف والمساعد الفعلي في تدمير واحتلال افغانستان والعراق مطلع القرن الـ21 ،وهي الشريك الاساس للولايات المتحدة في تنفيذ مخطط تمزيق الدول العربية وفق الرسمة الاستعمارية الجديدة للمنطقة ، ولعل دورها التخريبي الناقم والمدّمر في العراق بعد ان سلمه المحتل الاميركي لها ، ابرز الادلة واقربها، ناهيك عن اليد الايرانية الطولى في العديد من دول المنطقة ، دول الجوار ، العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ،ودول الخليج العربي المهددة بابتلاعها ايرانيا ! كما ابتلعت الجزر العربية الاماراتية الثلاث واقليم الاحواز العربي اذ يدّعي الملالي عائدية البحرين ويهددون  بضم الكويت واجزاء من السعودية  اذا ما فقدت طهران نفوذها في سوريا في حال سقوط نظام بشار الاسد! ليس هذا حسب وانما امتد السرطان الايراني الى مصر وعمق المغرب العربي وحتى افغانستان وباكستان لتنفيذ مشروعها الطائفي" الهلال الشيعي" وتحقيق اطماعها التأريخية واحلامها اللامشروعة في اقامة "امبراطورية فارس الكبرى" ولايستبعد ان تكون الليونة الاميركية في التعامل مع المسعى الايراني لامتلاك التكنلوجيا النووية ، جزءا من التفاهم الاميركي ـ الايراني ، لكون ذلك من متطلبات تأهيل ايران للعب دور ( شرطي اميركا القوي والدولة المركز في التنافس الاقليمي لتسّيد الشرق الاوسط ) الغني بالنفط والثروات الطبيعية والموقع الهام وتحكمها بمضيق هرمز الممر المائي الذي يمر عبره اكثر من 80% من النفط العربي  ،وكذلك لاهمية ايران بالنسبة لاسيا الوسطى وبحر قزوين اذ تطل من جانب الشرق على المنطقة النفطية، ولانها افضل معبر لانابيب غاز القوقاز،والتفاهم بين واشنطن وطهران يسّهل على الاميركان اكمال طوقها على " قوس النفط الكبير " الممتد من اسيا الوسطى حتى الخليج العربي ، وحسب ( ستيفن كنزر) في كتابه ( تركيا وايران ومستقبل اميركا ) فان المنظور الاستراتيجي الاميركي يتطلب "عقد تحالفات جديدة مع كل من ايران وتركياوبالتعاون مع اسرائيل بعد حل المشاكل العالقة معهما، للسيطرة على المنطقة  برمتها"

 

8 ـ العرب في كل ما يحصل هم الخاسر الوحيد سواء امتلكت ايران السلاح النووي ام اجهضت مساعيها ، وسواء نجح الغزل الايراني في دفع ( اوباما ) الى الذهاب الى ابعد ما يمكن في سياسة " فتح الذراعين " لايران رغم عدم الارتياح الذي تظهره بعض الاوساط الاميركية والغربية للنظام الايراني وهويته ( الاسلامية ) رغم زيفها ،ولسياستها التدخلية واطماعها التوسعية وبالاخص مخاطرها على حلفاء اميركا في المنطقة العربية وبالاخص دول مجلس التعاون الخليجي المورد الاساس للنفط والغاز لعالم الغرب الصناعي، حيث الاحتلال غير المعلن والنفوذ الواسع في العراق والتدخل التآمري السافر في شؤون البلدان العربية ، في لبنان وسوريا والبحرين واليمن وفلسطين ومصر وحتى بلدان المغرب العربي ، وهذا التهاون الاميركي ازاء العرب والسماح لايران بالتمدد في المنطقة سببه الضعف العربي بعد ان فرط العرب بالعراق القوي ونظامه الوطني المصد القوي بوجه الاطماع الفارسية وحارس بوابة الامة الشرقية الذي سقى ( خمينهم ) سم الهزيمة في حرب الثمان سنوات، حيث المشاركة العربية في التآمرعلى العراق واضعافه وحصاره لاكثر من 12 سنة ومواصلة توجيه الضربات المدمرة في العدوان الثلاثيني عام 1991 والاعتداءات المسلحة التي اعقبته في عامي 2000 و2001 وانتهاءا باحتلاله عام 2003 والسكوت المذل امام استمرار سياسة التمزيق والتدمير والقتل ونهب الثروات وسفك دماء العراقيين وتخريب ارثه الحضاري منذ الاحتلال وفي ظل السلطة العميلة التي اقامها المحتل الاميركي والمرتبطة بالشريك الايراني الذي سلمّته العراق لتكون الساحة العراقية منطلقا لتحقيق اطماع الفرس في المنطقة العربية ، وقد وصل التمادي الايراني حد ادعاء ( لاريجاني ) رئيس مجلس الشورى الايراني وقبيل انعقاد جولة بغداد التفاوضية حول الملف النووي الايراني في مايس / مايو 2012  "ان الكويت عمق استراتيجي لايران لن تتنازل عنه " وتهديده الوقح للعرب بقوله "..وعلى دول الخليج الفارسي ان لاتعرقل طموحات ايران العظمى ، والا فان العرب سينحسرون الى مكة !،الى ما كانوا عليه قبل 1500 عام " وهذه التخرصات  والاستهتار الايراني سببه الخنوع والجبن العربي الذي اذا ما استمر فستحقق ايران اجندتها السياسية وتكون الرابح في مخطط اضعاف وتمزيق العرب وفق الخارطة الاستعمارية الجديدة للشرق الاوسط .

 

9 ـ التآمر على العراق وتضييعه وعدم الاعتراف بهذا الخطأ الاستراتيجي والتكفير عن ذلك بدعم المقاومة العراقية الباسلة لكنس كل مخلفات المحتل بما في ذلك الوجود الايراني على الساحة العراقية وايقاف مسلسل الضعف والاستسلام امام عدوانية حكام طهران..سيضيّع الاقطار العربية تباعا، وفي المقدمة منها اقطار الخليج العربي التي تعتبرها ايران تابعة لها ولاتخفي نزعتها لضمها الى (امبراطورية فارس) بالقوة ومن خلال اذرعها واتباعها وخلاياها التي تراهن عليها في تقويض امن واستقرار هذه البلدان قبل الانقضاض عليها، وهذا ما تشهده البحرين وبعض اجزاء من السعودية وفي الكويت، والعمل الدبلوماسي اصبح في هذه المرحلة عديم الجدوى ولابد من اظهار "العين الحمراء " لملالي قم ومشهد وطهران ، فمجرد اعلان دول مجلس التعاون الخليجي النية الى التحول الى اتحاد ..كرد فعل على استهداف البحرين في العام الماضي قد اقلق وافزع الايرانيين وكان رد فعلهم انذاك هستيريا، ولكن لم يتحقق ذلك ولو على الورق!، مما زاد من حمى اندفاع الايرانيين لتحقيق مخططاتهم، ولهذا لانعتقد ان ما نسبته ( صحيفة وول ستريت جورنال ) لرجل اميركا الاثير! الاميرالسعودي ( بندر بن سلطان ) رئيس المخابرات الحالي والسفير السابق لدى واشنطن لاكثر من عقدين،من اعلان تقليص التعاون مع الولايات المتحدة ، بعد انتقاده للسياسة الاميركية واتهامها بالتردد فيما يتعلق بالوضع في سوريا والريبة من التقارب بين واشنطن وطهران ، وكذلك مانسب للامير ( تركي ) السفير السعودي الحالي لدى واشنطن من انتقادات ساخرة لسياسات اوباما التي قال عنها ".. انها جديرة بالرثاء "! ووصف الاتفاق الاميركي ـ الروسي للتخلص من الاسلحة الكيمياوية للنظام السوري بانها " حيلة لتفادي توجيه ضربة عسكرية، ومساعدة لنظام بشار الاسد لذبح شعبه " اضافة الى اعتذار السعودية عن عدم قبولها مقعد غير دائم في مجلس الامن احتجاجا على ما اسمته بـ  " ازدواجية المعايير" في تعامل الامم المتحدة ، وقد اعتبر بعض المحللين ذلك تطورا وصحوة وان كانت متأخرة في الموقف السعودي الخليجي ، كعامل ضغط له تأثيره على ما يشاع من ترتيبات للمصالحة بين واشنطن وطهران واحتمالات ان تؤدي الى صفقة كبرى بشأن البرنامج النووي الايراني ! ولو سلمنا جدلا بان التحرك السعودي جاد ، فانه تحرك خجول لا يرقى الى زخم التحرك الايراني وشطارة الملالي في استغلال الظرف الحالي اذ تمسك طهران بالعديد من اوراق الضغط والمساومة ، ومنها وجودها القوي في العراق ونجاحها ، حتى الان ؛ في حماية نظام الاسد في دمشق ووجودها الفاعل في اكثر من ساحة عربية ،وموقعها الاستراتيجي اذ تتحكم بمرور النفط العربي الى العالم الخارجي لسيطرتها على مضيق هرمز، ولقربها من منابع الطاقة في اسيا الوسطى وبحرقزوين!وقد صرح ( جون كيري ) وزير الخارجية الاميركي بعد لقائه بنظيره( سعود الفيصل ) وزير الخارجية السعودي في باريس في 22 تشرين ثاني / اكتوبر الجاري قائلا " لدي ثقة كبيرة من ان الولايات المتحدة والسعودية ستظلان، كما كانا، صديقين وحليفين مقربين ومهمين" فالتحرك السعودي لن يغير شيئا ولن يوقف المشروع الطائفي التوسعي الايراني. 

 

10 ـ نخلص مما تقدم الى ان ايران الملالي قد اظهرت للاميركان انها، باستئناء اسرائيل  وخصوصيتها بالنسبة لواشنطن، اللاعب الاقليمي الاقوى لاسيما وانها تمسك باكثر من ورقة ضغط ، وانها افضل من يخدم السياسة الاميركية في المنطقة والتي لاتتقاطع سياستها والمصالح  الاميركية ولا تضر بامن ووجود وقوة اسرائيل، وقد ينجح الملالي ، باساليبهم الخادعة، في دفع ادارة اوباما الى تخفيف العقوبات الاقتصادية وربما تجميدها ومن دون ايقاف برنامجها النووي،وضمان المباركة الاميركية في سياسة التمدد السرطاني في الجسد العربي والتي تنسجم وسياسة " الفوضى الخلاقة " التي تطبقها اميركا  للسيطرة على منطقة النفط العربي برسم خارطة جديدة يتم فيها تمزيق وتفتيت الدول العربية الى دويلات مجهرية وكيانات هزيلة لاتهش ولاتنش ! ولكن لادوام لهذه الحال ، كما انه لاتوجد في السياسة صداقات  اوعداوات دائمة وانما هناك مصالح دائمة ،فكثير من الانظمة برؤساء اقوياء قد تهاوت  ، واذا كان موقف الحكام العرب اليوم في اعلى درجات الضعف ، فان الشعب العربي الذي  اطاح بـ ( مبارك وزين العابدين ) في مصر وتونس، وشعب العراق ومقاومته الباسلة رغم بطش وجبروت الاعداء ، الذي هزم المحتل الاميركي واجبره على الانسحاب ، وقبل ذلك اوقف الايرانيين عند حدهم في ثمانينيات القرن الماضي،هذا الشعب، وليس الحكام،هو الامل في قلب المعادلة الحالية وعندها ستتغيربوصلة واشنطن  باتجاه الاقوى . 

 

 

 





الاثنين ٢٣ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د . مأمون السعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة