شبكة ذي قار
عـاجـل










قامت المظاهرات في ست محافظات عراقية لتكون شاهدا واضحا على النفاق السياسي المفضوح للغرب: أمريكا وأوربا، التي ما غطت عورة ديمقراطيتها الزائفة، والحريات التي تتشدق بها، وحقوق الإنسان التي تتخذ منها شعارا، ببيان أو تصريح أو حتى مقال منشور يمثلها، ناهيك عن موقف يبدي تفهمه لقومة شعب مضطهد مكلوم موجوع مأسور مذبوح، ملأ الشوارع والسوح!! وما انتهى إلى سمعنا استنكار أو إبداء تعاطف مع ضحايا مجزرة الحويجة، وغيرها من المجازر والدماء المسفوحة التي صبغت رقعة العراق.


ولم يقع من أهالي المحافظات الست، أو من عامة الشعب العراقي، أي عجز أو تفريط أو توان، لكنهم حاكموا الغرب: أمريكا وأوربا إلى قوانينهم ونظمهم وتقاليدهم؛ ليقدموا دليلا جديدا على أن الدول الكبرى لا تهمها سوى مصالحها غير المشروعة، أما الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والمظاهرات الشعبية التي تلبي تطلعات الشعوب فلا تعني لها شيئا سوى أنها مادة للإعلام والدعاية الرخيصة، وهي تتقن فن استخدام وسائل الإعلام والدعاية في صناعة الرأي العام للشعوب.


وغير خاف أن أي ربيع عراقي وعربي وإسلامي لا يحظى بمباركة الخارج لن يحقق نتائجه المرجوة، وعلى الرغم من تقديرنا العالي للحراك الشعبي الذي أورق في كل من تونس ومصر في العام 2011 م، ومن قبل في إيران في العام 1979 م، إلا أن الحقيقة المرة هي أنه لولا أن الغرب أراد الاستغناء عن خدمات زين العابدين بن علي، وحسني مبارك، ومن قبل عن شاه إيران، لما حققت أية موجة من التظاهرات أهدافها!!.


وكان قـَدر المحافظات الست والعراق على وجه العموم أن يقع ضحية لمشاريع الدول الكبرى والإقليمية، ولن ينقذه من مخالبها سوى السلاح، ولئن كانت قد استعملت هذا السلاح جماعات (دينية) جاهلة، ليست أهلا لحمل شرف السلاح، فإن الواجب الديني والوطني يقتضي إطلاق حملات توعية وتثقيف تنصب على موضوعة: (التفرقة بين السلاح العاقل وبين السلاح المجنون) ، أو (فصل المقاومة المراهقة عن المقاومة الراشدة) ، أو (التمييز بين المجاهدين في سبيل الله حق جهاده وبين الأدعياء) ، وأي عمل إذا لم تسيطر عليه خـطة محكمة، ولم تستوعبه قيادة مخلصة واعية، ولم يخدمهُ إعلام مكافئ، وتمويل كاف، يكون إلى الفورة أقرب، وبِردّة الفعل أشبه.


والداخل والخارج لن يحسب حسابا إلا لمن لديه قوة على الأرض، فإذا امتلك أحد تلك القوة العادلة أطاعه الداخل، وسارع الخارج للتفاوض معه بندية!! وقد رأينا وسمعنا عن جهات بيدها السلطة الفعلية في بلد ما، وإن لم تكن حاكمة رسميا، فلا الرئيس يصل إلى السلطة ولا يتخذ قرارا، إلا بإذنها أو مشورتها، ولا تعمل الحكومة وبرلمانها، والولايات أو المحافظات ومجالسها المحلية إلا بضوء أخضر منها.


مثال: في لبنان لا يتولى أحد من قيادات وعناصر حزب الله إحدى الرئاسات الثلاث، وليس له وجود فاعل في العملية السياسية، لكنه يهيمن على القرار؛ لأنه يمتلك قوة على الأرض، ويرتبط بدول إقليمية، ويحظى بدعهما، وبتواطئ دولي.


وفي عراق اليوم : لا تجدي نفعا المشاركة في عملية سياسية صنعها الغزاة الأجانب لأزلامهم، وصمموها على مقاسهم، وغلفوها بغلاف خادع من الديمقراطية الفاتنة، فهي احتلال مقنع، فلا بديل عن الحل العراقي للقضية العراقية الذي يقوم على ساقين :


الساق الأولى : ثورة مستمرة حتى الاستقلال الكامل والناجز ( استقلال ما بعد الاحتلال ) .


الساق الثانية : الديمقراطية الثورية قبل التحرير وبعده.


والشعب العراقي في مرحلة يتطلع فيها إلى المنقذ، إلا أن فيه من يتمنى أن يأتي التغيير دون بذل جهد ومشقة وتعب، وهذا مخالف للسنن الكونية، فلا تغيير إلا على جسر من التعب، ولقد قال الشاعر:


لا يدرك المجد إلا كل مقتحم ... في موج ملتطم، أو فوج مضطرم
لا ينقض الخطوة الأولى بثانية ... ولا يفكر في العقبى من الندم





السبت ٢٧ محرم ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثامر براك الأنصاري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة