شبكة ذي قار
عـاجـل










في مثل هذا اليوم، قبل ستة عشر عاماً، عند الساعة الرابعة والنصف بعد منتصف الليل ، ولدى بزوغ أول خيوط فجر يوم الثلاثاء بتاريخ 13 من شباط عام 1991م .. دوّى انفجاران شديدان داخل ملجأ حيّ العامرية في بغداد، ليسقط على إثره أربع مئةٍ وثمانية، من النساء والأطفال والطاعنين في السنّ، شهداء القصف المتعمَّد لسلاح الجوالأميركي، وضحايا القتل العَمْد الذي ارتكبه أقوى جيشٍ في العالَم، بحق العُزَّل الذين فرّوا من القصف العدوانيّ للجسور والبيوت الآمنة والطرق والسيارات العابرة.. ليأووا إلى ذلك الملجأ الحصين، ظانّين أنّ جيش الدولة التي تتشدّق باحترام حقوق الإنسان، وحماية الأرواح البريئة، والالتزام بقوانين الحرب والسلم.. أنه لن ينتهك شرفَ الرجال والدول المحترمة وكلَّ المعاني الإنسانية وقِيَمها !..


كلهم استُشهِدوا غدراً، مئتان وإحدى وستون امرأة، واثنان وخمسون طفلاً رضيعاً أصغرهم عمره لا يتجاوز السبعة أيام، وخمسة وتسعون من الأطفال والطاعنين في السنّ، تتراوح أعمارهم ما بين ثلاث سنواتٍ (الطفل أحمد العمر) وثلاثٍ وتسعين سنة ( العجوز ذوالفقار ) ..


ولم يُعثَر منهم إلا على ثلاث مئةٍ وأربع عشرة جثةً غير واضحة المعالِم، فيما تحوّل الباقون ( أي 94 ) إلى أشلاء ودماء !..


كان ملجأ العامرية قد صُمِّمَ ليحمي الأطفال والنساء من الخوف وأهوال الحروب، وليحجبَ أصوات الانفجارات خارج المبنى عن الأطفال كي لا يفزعوا، لكنّ وحوش أميركة جعلوا الملجأ، بتصميمه العازل، حائلاً أمام سماع استغاثات أولئك الأطفال داخله.. وأمام وصول صراخهم وبكائهم واستنجادهم إلى أصحاب الضمائر الحية.. فكانت المجزرة شاهداً حياً على أبشع أساليب القتل العَمْد التي مارسها جيش العدوان الهمجيّ الأميركيّ !..


عند أذان الفجر ليوم الثالث عشر من شباط عام 1991م، كان العالَم الحُرّ، ( هكذا يسمي نفسه )،3 نائماً قرير العين، مطمئناً إلى انتصار الوحش على الحَمَل.. بينما كان المئات من أطفال بغداد ونسائها المقصوفين في ملجأ العامرية.. يستغيثون ويستنجدون ويموتون، اختناقاً وقتلاً ونزفاً.. وكمداً وفزعاً واحتراقاً .. لتقضي أسرٌ بكل أفرادها، ولتتمّ إبادة عائلاتٍ بأكملها .. ولتمتزج الدماء :  الدم العراقيّ .. بالدم السوريّ.. بالدم الفلسطينيّ..


فمن كل هؤلاء، كان يلوذ الذين لجأوا إلى ملجأ العامرية به ..
فقد كان الملجأ صورةً مصغَّرةً عن بغداد التي كانت تفتح ذراعيها لكل العرب، لهم ما لها، وعليهم ما عليها .. وهكذا، استشهدت ( أم أيمن ) السورية مع تسعةٍ من أبنائها وبناتها وأحفادها وحفيداتها ..


جنباً إلى جنب، مع أهل ( أديبة ) الفلسطينية، ومع أفراد عائلة ( أم غيداء ) العراقية وغيرهم من العراقيين والعراقيات !..
 








الخميس ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / شبــاط / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب وكالة الاستقلال للأخبار نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة