شبكة ذي قار
عـاجـل










الحمد لله الذي بشر بنصر أوليائه , وتوعد بدحر وهزيمة أعدائه ، والصلاة والسلام على خير خلق الله وأنبياءه , وعلى آله وأصحابه.


أما بعد :
فكما هو معلوم في علوم وفنون الحروب والقتال ..
فإن تحقيق النصر يعتمد على آمرين واجب توفرهما للحصول على مفاتيحه..جانب مادي و جانب معنوي "إيماني عقائدي" .


اما المادي فهو اعداد الجنود و الآليات وحسن التخطيط لإدارة المعركة وهو جانب له من الأهمية ودون الاتكال و الاهمال ما أنزل الله به وحيا ً من السماء.


فأمر الله سبحانه الأمة أن تعد العدة وتحسن التدبير ..
ولكن الله سبحانه لم يربط النصر بالقدرة المادية ولم يطالبنا بان أشترط مكافئة العدو بالقدر ذاته من القوة ليتحقق لنا النصر بل بالعكس من ذلك ..


فلقد ربط النصر بالقدرة الايمانية و الحصانة العقائدية ..
ولم يطالبنا بمستويات القوة والقدرة سوى ان نبذل جهدنا في ذلك ما نستطيع ان نتمكن , ونحاول ان نكافئ الأعداء في القوة والعدد والعتاد حتى نتمكن من النصر على الاعداء في المعارك معهم ..


فقال الله سبحانه "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" الانفال
وكم من منازلة عظيمة خاضتها الامة لم يكن لهم قوة و لا عدة ولا عتاد يضاهون بها الاعداء , ولكن مكن الله لهم النصر بعقيدة الايمان المطلق بتحقيق النصر بعد التوكل على الله ...


"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "آل عمران"
ولو كان للقوة المادية وللعدد والعتاد دور في تحقيق اي نصر وفق ما يرتضيه الله لعباده المؤمنين لما حقق المسلمون النصر يومها ابدا ..


و لأبادت قريش المسلمين في بدر عندما كان عددهم يفوقهم ثلاثة أضعاف العدد وعتادهم يفوق عتاد المسلمين بأضعاف مضاعفة !


ولكن " كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ " البقرة"
وكم من معارك كان فيها لأمتنا العدة والعتاد ما تفوقت به على اعدائها ولكن عندما اصابهم الوهن و الهوان خسروا المعارك , لان العزيمة والإيمان لم يكونوا في الموضع الذي يرضى الله عنه .


قال الله سبحانه " لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ "التوبة"


فالنصر ومفاتيحه والتمكين في الارض لا يكون إلا بعد توفر العقيدة و الايمان الحق بالله واليقين بنصره ..
ولن يعجز الله ان يرسل ملائكته لينصروا اهل العقيدة الحق و اجناده في الارض من اهل الجهاد ...


و يكون النصر بأمر الله ....و يرسل ملائكة تقاتل مع المجاهدين في سبيله ..الذين على الله توكلوا ولم يتوكلوا على البشر !!
ولم يتوكلوا على أحد ولم يتوكلوا على المنظمات الدولية..ولا على الامم المتحدة..ولم يتوكلوا على العدة ولا العتاد.


ففي بدر أنزل الله إلى جوار المؤمنين الصابرين المجاهدين جيش من الملائكة بقيادة جبريل بعد يقينهم بنصر الله وتوكلهم على الله وحده...


بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ,وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "آل عمران"


و هذه هي القاعدة التي لن يتحقق اي نصر لهذه الامة إلا من خلالها وهذا هو مفاتيح النصر الذي يجب على ابناء الامة أن يدركوه !!


فما النصر إلا من عند الله فلا عدد سينصرنا ولا عدة ولا حسن التخطيط والتنظيم تغني وتنصر إن لم ينصرنا الله ،
ولقد اشترط الله على الامة ان نصره لن يتحقق إلا بعد ان تنصره الامة , بالإيمان به و بتطبيق شرائعه والتوكل عليه وإقامة حدوده في الأرض.


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"محمد"
ولن يتحقق النصر للأمة على ايدي من لا يتوانى في الهرولة خلف روس الكفر والطغيان في الارض لتحقيق رضاءهم ولكسب تأييدهم وأخذ بركتهم من حكام او فئات او حتى أفراد في المجتمع , ان كانوا في موضع القيادة والمسئولية..


بل ان ذلك لن يعود للأمة إلا بسخط الله وعذابه وعقابه.
بل يتحقق النصر والغلبة للأمة بتقوى الله من الراعي والرعية ومن الحاكم والمحكوم كل على حد سواء, وهذا هو اول مفاتيح النصر, ويكون بعده كل مفاتيح النصر الاخرى التي ذكرناها ام لم نذكرها..
و قد يتأخر النصر و تضيق الصدور و ييئس أقوام وجماعات من انتظار قدوم النصر ،
و ينكص أقوام أخر على الطريق ، وينقلبوا على اعقابهم ..خاسرين مهزومين.


ولكن ليعلم ابناء الوطن والأمة بان نصر الله لن يتحقق على الوجه الذي يريده ويرضاه رب العزة والجلالة ,
والذي تتحقق به كل آمال وطموح ابناء الامة إلا بتوفير و تحقيق شروط ومفاتيح النصر من قبل ابناء هذه الامة...


ولقد فرض الله على عباده المجاهدين الحاملين لواءه في الارض ..الامتحان والابتلاء وأمرهم بالصبر والثبات ,,على العقيدة الحق ,
لأن النصر لا يأتي إلا في آخر شوط من أشواط الجهاد و الكفاح و العمل الجاد لتحقيق النصر ،
وهذه سنة الله في الارض وعلى عباده المخلصين ..


فإذا اشتدت الأمور وعظمت ، ووصل بعض الناس الى اليأس من النصر والفتح ,,,
حينئذٍ يأتي نصر الله وفتحه وتمكينه لعباده المؤمنين ،
فلا يتصور اي احد ان يأتي النصر في أول طريق الجهاد و إنما سيأتي نصر الله المبين وفق ما يتطلبه تحقيق النصر من مستلزمات وشروط ..


و لحملة راية الجهاد الذين تتحقق بهم وعليهم صفات اجناد الله في الأرض.
"حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ""يوسف:110"

"أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ "البقرة:214.


وبعد كل ما سلف من الثوابت والعقائد وما شرع الله به من ضرورات على المؤمنين الصابرين المجاهدين الرافعين لواء الحق والمعتنقين لنور هدايته ..


هل يباح للمؤمنين المجاهدين ان يطلقوا عنان صرخاتهم و شكواهم سوى لله وحده ؟؟
وهل للمؤمنين المجاهدين اي جلباب يلبسونه غير جلباب قدوتهم من الانبياء والمرسلين اذا كانوا يبتغون وجه الله وعلياءه ..
ولقد علموا و ايقنوا ان الشكاية التي ترفع لغير الله عز وجل ذل ومهانة؟


وهل لهم ان يقتدوا بما فعله يعقوب النبي عندما قال: "إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " يوسف:86 "


وهل من صاحب بلية أو فتنة أو مصيبة رفعها الى خلق الله فلم يزيدوه إلا ضعفاً وضياعا ً؟
ومن رفعها لله فإن لله خزائن السماوات و ألأرض.
وهو وحده القادر على تنفيس الهموم وتفريج الكروب وهو مقدر النصر وهو من سيأتي به.
و يا للأسف عندما نرى ان الكثير من الناس قد اصابتهم هذه الافة بشرها و شرارها,
ونرى الكثير من الناس يهرولون الى غيرهم من عباد الله يشكون لهم ماذا فعل بهم العدو ويهرولون الى ما يسمى بمنظمات حقوق الانسان او المنظمات الدولية والحكومات الضالة على اختلاف اسمائها وعناوينها ,
والتي كانت هي بالأساس الاداة التي تم من خلالها تدمير الوطن و الامة !!
فهذه المنظمات والحكومات كانت ولا زالت هي ام الشرور والإفساد في الارض !


فمن دمر الوطن وشرد الشعب و اراق الدماء و سرق الثروات ومكر السوء بالوطن والامة ... هل سيكون من يعين الملهوف و يجبر المنكسر ويقيم الحق ؟!


وكيف يكون ذلك وفي الوقت ذاته تتغافل هذه المنظمات والحكومات عن الحجم الكارثي لما يرتكب من جرائم بحق شعوب الامة و الارض ..في العراق و الشام و شرق اسيا وغربها وفي كل بقاع الارض؟


اين منظماتهم الانسانية ؟ و اين منظماتهم الحقوقية ؟ و اين ضميرهم العالمي من ما اقترفوه من جرائم بحق شعبنا ووطننا وامتنا على مدى كل هذه السنين؟
فهل سينصرونكم وهم لكم عدو ؟


ام هل نصر هؤلاء الطغاة الاعداء من خلال منظماتهم ومؤسساتهم ومجالسهم الامنية المستضعفين من شعوب الأرض على اختلاف السنتهم وألوانهم فيما مضى من السنين ؟


ونقول لمن يهرول للحصول على نصر أو تأييد من هذه المنظمات والحكومات ...
أتناسيتم الحق و تطلعتم للنصرة من اعداء الحق؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا "النساء 139"


ومنهم الناس فئة تقول انما نريد من ذلك ان نكسب حياد هذه المنظمات والحكومات الطاغية المارقة , أو ان نكسب تأييدهم ودعمهم لحقنا المشروع في الحرية والاستقلال !!


ونقول لهم ..ما قال الله ..
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ"المائدة"
وكفا بالله حسيبا وكفا بالله وكيلا ...







الثلاثاء ٢٩ جمادي الثانية ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / نيســان / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المهندس ياسين آل قوام الدين الكليدار الرضوي الحسيني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة