شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يزال العالم يتذكر المقولة الجهنمية التي اطلقها مجنون العصر الصهيوني "بوش الأبن" بعد الحادي عشر من سبتمبر- أيلول 2001 ( إما أن تكون معي أو ضدي ) ، حيث قَسَمَ العالم، هذا المهووس بنداء الرب، العالم جبهتين اثنتين لا ثالث لهما، إما أن تكون الدول مع أمريكا ومعسكرها الإستعماري أو أن تكون مع القاعدة :

 

1- أفرغت أمريكا بعد ذلك شحنتها السادية في افغانستان وفي العراق واحتلتهما تحت مسوغات ( الإرهاب، واحتضان الإرهاب، واسلحة الدمار الشامل ..إلخ ) .. ثم تطورت هذه المسوغات الى ( الديمقراطية، وأحقية الأقليات، ومنع تهديد الجيران ..ألخ ) . وكانت أمريكا في سلوكها هذا قد اختزلت كل إرهاب العالم في شيء اسمه ارهاب الدولة العالمية.. ثم فسرت حروبها العدوانية على اساس ( حرب ضرورة، وحرب اختيار ) ، وألبست حرب الضرورة أفغانستان، فيما ألبست حرب الأختيار العراق .. ولا أدري بأي مسوغ تشرعن دولة مسمياتها وتلبسها دولاً أخرى وشعوبها بهذه الصفاقة سوى غرور القوة ونزعة العدوان، التي سرعان ما كسرتها إرادة الشعب ممثلة بالمقاومة الوطنية العراقية، ودفعت بها خلف أسوار العزلة الراهنة.!!

 

2- اعلان أمريكا الحرب وتقسيمها العالم بين ( معي أو ضدي ) ، جعل معظم دول العالم يشعر بالخوف والتهمة جاهزة ( الإرهاب أو إحتضان الإرهاب والإرهابيين، وتمويل الإرهاب ) .. فمن هذه الدول قد رفع الراية البيضاء، ومنها من هرول إلى البيت الأبيض ليعلن ولاءه للسيد المهووس بالحرب المقدسة، ومنها من باشر بعقد صفقات سمسرة استخبارية أسماها التعاون الإستخباري لمحاربة ( الارهاب الدولي ) وتجفيف منابعه، فيما ألتزم البعض من الدول الصمت وانحنى لتمر العاصفة الهوجاء وصفيرها الصهيوني .

 

3- لم تستطع أمريكا أن تلوي إرادة الشعب الأفغاني وقواه الوطنية المقاومة ولحد الآن وصانع القرار الامريكي يتلوى من الألم في هذا البلد الذي هزم كل الدخلاء وفي مقدمتهم جيوش الاتحاد السوفياتي، فيما يترقب الامريكان الفرصة المناسبة للهروب بماء الوجه من هذه الأرض.

 

4- ولم تستطع أمريكا أن تلوي إرادة الشعب العراقي وقواه الوطنية والقومية والإسلامية على مدار أكثر من من أحد عشر عاماً من الاحتلال، على الرغم من كل اشكال الخداع والكذب والدسائس والفتن والقتل والتشريد، وتحالفات العهر السياسي مع إيران وتضخيم نفوذها في العراق ودورها في المنطقة .. لم تصمد أمريكا أمام إرادة الشعب العراقي وقواه المقاومة، فعمدت على الرحيل مذعورة وسلمت مقاليد حكم العملية السياسية وحكومتها الألعوبة الى طهران لإدارتها ولضمان مصالحها ، اعتقاداً منها بأنها ستكون قادرة على لَيَ ارادة الشعب العراقي وخداعه بالطائفية المقيتة فيما الصراع في اساسه هو ( صراع مصالح ) سياسية أمريكية صهيونية إيرانية .. الأمر الذي جعل العزف على وتر الطائفية نشازاً طيلة اكثر من عقد كامل، عرف الشعب العراقي طريقه الى الثورة المسلحة، التي اكتسحت الشمال صوب الوسط والجنوب، كما اكتسحت الثورة الشعبية، وهي ثورة عشائر عربية اصيلة، في اربعينيات القرن الماضي من الجنوب لتلتحم بالشمال وطردت البريطانيين الغزاة من أرض العراق شر طردة .. وكأن التاريخ يعيد نفسه .!!

 

5- سياسة الحرب على الإرهاب الدولي، والتي تحولت إلى إستراتيجية كونية تحمل في طياتها ( إما أن تكون معي أو ضدي ) ، هي سياسة خبيثة حاولت أن تقسم العالم وقواه على اساس من هو مع ( أمريكا ) ومن هو مع ( الإرهاب ) .. هذا التقسيم قد احترقت أوراقه وتعرى على مسرح الأحداث، التي تكشف أن الصراع هو بين قوى الشعب العراقي التي تسعى من أجل التحرر وبين قوى الاحتلال وأذنابه ووكلاءه الصفويين..

 

6- والحالة هذه من المعادلة الزائفة تعتبر جزء من معادلة أكبر تقوم على تحريف مجرى الصراع الحقيقي بين الأقطار العربية والشعب العربي وبين الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة .. هذا الصراع قد حرفت الإمبريالية اتجاهه إلى صراع بين ( قومي وديني ) .. ثم صراع بين ( مذهب ومذهب ) ، وقد ينجر إلى صراع بين القوميات .!!

 

7- والهدف من تحريف مجري الصراع الرئيسي وجعله ثانوياً ، هو وضع الكيان الصهيوني في مأمن تاريخي دون حروب لا يتحملها ولا مطالبات بالحقوق الفلسطينية والقومية العربية لا يريد تقديمها، وإمعاناً في المحافظة على المشروع الصهيوني دون إنتكاسة حتى لو كان ذلك على ركام من الدمار والمجازر في المحيط العربي .

 

8- المخاض الذي تعانيه الأمة العربية هو مخاض يؤكد حقيقتها القومية بإرجاع الصراع إلى أصوله، وكشف زيفه والرد على مخططات الأمبريالية بتحريف مجراه .. وثورة العراق الجماهيرية الشعبية، لا تعرف الطائفية ولا المذهبية ولا التعصبية ، إنما جوهرها الوطنية العراقية الخالصة والمخلصة لواقعها القومي العربي، والتي هي جزء منه بكل ما تحمله من مباديء الحق والعدل والأنصاف والأنسانية .. فهي ثورة لا تسيء لأحد، ولا تنتقم من أحد، وتسامح المسيء وتدعوه إلى التوبة، وتطلق سراح الأسير وتمنحه فرصة للنجاة، لأنه مغرر به، إلا الذي يعاند ويكابر في القتل والإيذاء.. هي الثورة التي تعلن عن أهدافها صريحة وواضحة لا غبار عليها في وحدة الشعب والوطن، وتعددية الحكم، وديمقراطية شعبية تؤطرها الحكمة والعدالة الاجتماعية التي لا تفرق بين الاديان والمذاهب والقوميات، حيث تعطي لكل حق حقه .. ثورة لا تقبل بأنصاف الحلول، لا تعتدي على أحد وليس لديها أطماع ولا نزعات انتقام، فهي ثورة منفتحة على الجميع لا تغمط مصالح الاخرين وتتعامل معهم على وفق معايير الحق والتعامل القائم على تنمية المنافع والمصالح المشتركة المشروعة .. ثورة لا تعمل بمفردها إنما هي جزء من حركة الأمة العربية في البناء والحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها .

 

9- فصراع الشعب العراقي هو مع المحتل الغازي وشرذمته ومرتزقته ووكلاءه الطائفيين الذين نصبهم لإدارة مصالحه في العراق ومصالح وكيله الإيراني، وليس مصالح العراق والعراقيين .. والحقائق التي كشفها الشعب من شماله حتى جنوبه اثبتت باليقين ان شعبنا وحدة واحدة لا تنفصل عراها لا في الرأي الوطني ولا في الإتجاه الديني ولا القومي .. حيث اليقظة باتت عامة عرت الكذابين والمنافقين والفاسدين والمفسدين واللصوص والجواسيس والطبالين والعملاء .. ولم يعد امام هؤلاء من خيار إما الرحيل أو الإمتثال لمحاكم الشعب، لأن أي فرد منهم له ملف بما اقترفت يداه، ولا يحسبن انه سيكون في مأمن من الحساب والعقاب على اساس عفا الله عن ما سلف، فأن الدماء التي اريقت بالجرم المشهود، والأموال التي سرقت بالوثائق الدامغة لا تجعل منه إلا في دائرة المسؤولية القانونية والأخلاقية امام إرادة الشعب.

 

10- كما أن صراع الأمة العربية مع اعدائها التاريخيين ( إسرائيل ) والفرس الصفويين المعتدين عبر التاريخ، سيبقى ما دام العدوان الإسرائيلي والصفوي الفارسي مستمراً وبتشجيع وتحريض وتعاون اجنبي، وما دامت الطغمة الصفوية الحاكمة في طهران باتت مطية للعاصمة الصهيونية ( تل أبيب ) والامبريالية في واشنطن .. وسيظل صراع الأمة اساسياً مع رأس الأفعى الصهيوني – الصفوي تحمل يافطاته اجيال واجيال الى ان يشاء الله.

 

11- الخياران اللذان وضعتهما الامبريالية امام قوى العالم ودولها كافة على اساس ( إما أن تكون معي أو ضدي ) أو ( أن تكون مع أمريكا أو مع الإرهاب الدولي ) ، قد تفككا على أرض الواقع الموضوعي وأحداثه المريرة وتداخل خنادقه المرسوم .. فقد اكتشف الشعب العراقي أن الهوية القومية العربية هي اساس الإنتماء وان المذهبية هي جزء من الدين الاسلامي الحنيف وليس بمقدور الطائفية المسيسة ان تطغي على الهوية القومية العربية أو تلغيها.. لأن اساس الصراع ليس دينياً ولا مذهبياً ، وإن اشاعة الطائفية ودفعها لواجهة الصراع على اساس البديل للصراع القومي مع الصهيونية والامبريالية واستعمار الشعوب ونهب ثرواتها، لا يقوى على الاستمرار امام يقظة الشعب العربي على مستوى الأمة .

 

12- وهذا ما حصل في العراق حيث الثورة التي وضعت الاحداث في نصابها الصحيح، واعادت المعادلة الى ما كانت عليه، والطائفية فيه باتت تلفظ انفاسها الاخيرة، وهو الأمر الذي سيضع قائمة للحساب والحسم الشعبي، لأن الشعب يتمسك بوحدته وبوحدة ترابه الوطني وبهويته وانتمائه القومي العربي.. أما الطائفية فلم تعد هناك من يراهن عليها سوى سوى الطائفيين التابعين لبلاد فارس، وفتاواها باتت في خانة الأجنبي الذي يريد الدمار والخراب للشعب والامة العربية .. وان فخ ( محاربة الارهاب ) ووضع الشعب بين خيارين بات مهزلة المهازل، بل اخذ يرتد على صانعيه في واشنطن وتل ابيب وطهران يوماً بعد يوم.!!

 

 





الاربعاء ١٨ رمضــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تمــوز / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة