شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد فشل المباحثات الثلاثية بين ( جواد ظريف ) وزير خارجية ايران و ( جون كيري ) وزير خارجية الولايات المتحدة و ( كاترين اشتون ) منسقة المجموعة الدولية 5+1 حول الملف النووي الايراني التي جرت في مسقط للفترة 9 ـ 12 تشرين ثاني / نوفمبر الجاري رغم تأكيد الاطراف الثلاثة على ضرورة الاتفاق قبل انتهاء المهلة المحددة للتوصل لاتفاق نهائي بين ايران والمجموعة في 24 تشرين ثاني /نوفمبر الجاري ، اذ "لاتوجد حلول وسط " وفق تصريح ( عباس عراقجي ) نائب وزير الخارجية الايراني ، ورغم ذلك فشلت جولة مسقط واتفق على جولة جديدة تعقد في فينا في 18 تشرين ثاني /نوفمبر الجاري ، وكان الثلاثة قد بحثوا سبل تخطي الخلافات وردم الفجوات الكبيرة المتمثلة بالاتي :ـ

 

1ـ قدرة ايران الاجمالية على تخصيب اليورانيوم ( وقف انشطة تخصيب اليورانيوم ) .

 

2ـ مدة اي اتفاق طويل الامد ،والجدول الزمني لرفع العقوبات.

 

ولكن مباحثات مسقط انتهت الى الفشل الذريع رغم التكتم الذي صاحب الجولات العديدة التي عقدت تحت رعاية ( السلطان قابوس ) حاكم عمان وحرصه على انجاحها رغم مرضه وهذا موضع امتنان ملالي طهران اذ وصف ( على اكبر ولاياتي ) مستشار المرجع الاعلى دورالسلطنة تجاه ايران بالايجابي ! ومن يتحمل الفشل هي طهران وهذا ما تِؤكده محاضر المفاوضات في الجولات السابقة وفي الجولة الحالية، ففي هذا الوقت الذي ايدى فيه المسؤولون الايرانيون حرصا زائفا على ضرورة التوصل الى اتفاق وحاجتهم الى رفع العقوبات المفروضة عليهم واثناء انعقاد محادثات مسقط ..اعلن عن ان ( علي اكبر صالحي ) رئيس منظمة الطاقة الايرانية سيتوجه الى موسكو للتوقيع على اتفاق بناء محطتين نوويتين جديدتين !! ،وبعيدا عن استعراض سيناريوهات التعامل مع الملف النووي الايراني والتعمق في مناقشة هذا الملف الذي اشبعه الباحثون والمحللون بحثا وتحليلا على مدى اكثر من عقد من الزمن سنختصر الطريق بالكشف عن حقيقة ما يرمي اليه كل طرف وبالذات الطرف الايراني ، فالايرانيون بما يعرف عنهم من دهاء وتميز في التعامل البازاري والشيطنة السياسية فانهم الى الان ناجحون في التعامل مع هذا الملف الخطير وادارته بتطويع الظروف الدولية والاقليمية المحيطة وتسخيرها لخدمة اهدافهم فاذا كانت الامور تميل الى صالحهم يتمدد المفاوض الايراني بكل المساحات المتاحة له ليتقدم في مسعاه النووي ولن يحظى الطرف المقابل باي شيء ،والعكس صحيح فاذا كانت الظروف ليست في صالحه نراه اكثر ليونة ونعومة وتجاوب ولكن دون ان يعطي شيئا او على وجه الدقة دون ان يخسر شيئا ، بل انه يتعبون الطرف المقابل باللف والدوران والاستطراد والاضافات دون ان يأتوا على جوهر الموضوع ولب الخلاف لهذا ومنذ اكثر من 10 سنوات من المفاوضات غير المجدية ،فالنظام الايراني يناور ويخادع لتحقيق هدف امتلاك التكنلوجيا النووية الرادعة انطلاقا من شعار" تصدير الثورة"ووفق سياسته التوسعية واستراتيجيته المعلنة لاقامة "امبراطورية فارس الكبرى" على الارض العربية وحتى افغانستان وباكستان .. وايران جادة في برنامجها النووي ومسعاها في امتلاك التكنلوجيا النووية ، وقد قطعت شوطا متقدما في تحقيق ذلك حتى اجتازت عتبة النادي النووي واندفعت لتقف اليوم على ابواب نادي الدول النووية من خلال ممارستها سياسة الكذب والتحايل والتسويف لاطالة امد المفاوضات كسبا للوقت فضلا عن تسخيرها كل الاسلحة لخدمة هذا الهدف ، فاستغلت طهران علاقاتها الوثيقة مع روسيا والصين من جانب وعلاقاتها الجيدة مع الغرب والاميركان من جانب اخر ،ووظفت مشاركتها الاميركان في تدمير واحتلال العراق عام 2003 لتبسط هيمنتها على العراق وتتمدد على حساب العرب ويتسع نفوذها ليصل البحر المتوسط ( سوريا ولبنان ) ومؤخرا البحر الاحمر ( اليمن ) وانتشار خلاياها واتباعها في دول الخليج العربي ،

 

فاطبقت كماشتها على طرق تدفق النفط والغاز بالهيمنة على ( مضيق هرمز ) في الخليج العربي والوصول الى ( باب المندب ) على البحر الاحمر فضلا عن اطلالتها وامتداداتها في اسيا الوسطى والقوقاز وبحر قزوين ( خزين الطاقة المستقبلي ) ، كل ذلك سخرته طهران لخدمة هدفها في امتلاك السلاح النووي ، ولهذا مازالت لديها مواقع نووية سرية ولم تلتزم بقرار المنظمة الدولية للطاقة بعدم تجاوز نسبة الـ %5 في تخصيب اليورانيوم " لقد تعدت نسبة الـ %20 منذ وقت بعيد" ولم توقف انشطة التخصيب! كما لم تستجب للقرار الدولي بتقليص اجهزة الطرد المركزي، فهي من جانب تماطل لاستهلاك الوقت ،ومن جانب اخر تحاول اقناع الطرف الغربي برفع عقوباته الاقتصادية التي كلفتها خسائر تصل،حسب مصادر ايرانية، الى 450 مليار دولار! فايران لاتخفي دوافعها ومواقفها وسياساتها ورؤيتها لمصالحها ورغبتها القديمة في تسيُد المنطقة واقليم الشرق الاوسط وبما يحقق احلامها الفارسية التوسعية وفقا لما تدعوه بالثوابت التي تربطها بالبعد الاستراتيجي وبالامن القومي الايراني .

 

اما الاطراف الاخرى ونعني بها المجموعة الدولية المتمثلة بمجموعة 5 + 1 فان سياستها حيال الملف النووي الايراني اتسمت منذ البداية باللين والضعف والتوسل والاسترضاء وتقديم مختلف الاغراءات والمحفزات للمفاوض الايراني في سياسة ضعيفة وفاشلة زادت من تعنت وصلف وتحدي واصرار الايرانيين على مواصلة البرنامج النووي، فساعد ذلك على النمو السريع والتقدم في بناء هذه التكنلوجيا على الرغم من علم هذه الاطراف انها تكنلوجيا عسكرية وليست مدنية كما تزعم طهران! وحتى في التهديدات بتوجيه ضربة عسكرية للمفاعلات الايرانية كوسيلة ضغط لم يكونواجادين وكانوا في ذات الوقت يطرحون معوقات تنفيذ مثل هذا الخيار ( كثرة وتناثر المواقع النووية على مساحات شاسعة ومتباعدة فضلا عن سرية بعضها ووجودها في عمق الارض وداخل الجبال !؟ ) ، وحتى اسرائيل وهي من اكثر المتشددين والمعترضين على" ايران نووية" الا انها لم تر في البرنامج النووي الايراني اي مخاطر على وجودها لان اسرائيل حسب ( ديفد ليفي ) وزير خارجية اسرائيل الاسبق "لم تقل ان ايران عدو !!"كما يعتقد الصهاينة "..ان ايران اذا ما امتلكت السلاح النووي فانها ستوجهه للعرب "! وكذا الحال بالنسبة لملالي ايران فقد اكد ( علي لاريجاني ) رئيس مجلس الشورى الايراني قبيل بدء جولة بغداد لمفاوضات الملف النووي في ايار 2012 "ان ايران لاتعادي اسرائيل ،وان المفاعلات الايرانية لاتشكل تهديدا لامن اسرائيل " وهذه السياسة الفضفاضة كانت اكثر وضوحا في سياسة ( اوباما ) والادارة الاميركية الحالية المترددة والمتقلبة فمن التهديد بضربة عسكرية الى المهادنة والمساومة ومحاولة اقناع طهران بتسوية لنقاط الخلاف وبما يسمح بتخفيف العقوبات الاقتصادية بشكل تدريجي اذ ،وفقا لـ ( صحيفة واشنطن بوست ) فان اوباما" يساوم على ايران وهذا مخالف لاعراف السياسة الاميركية في الشرق الاوسط اذ التقليد المساومة على التحالف العربي " فانقلب اوباما من الممانع لامتلاك ايران السلاح النووي الى "محاولة تمكين طهران من امتلاك الكثير من بنيتها الاساسية النووية والسماح لها بلعب دور التهدئة واعادة الهيكلة السياسية في المنطقة ، تحالف صامت لمحاربة الارهاب في العراق وبذل محاولات جديدة لتسوية سياسية في سوريا " ومما يخشاه المراقبون اقدام ادارة اوباما على تقديم تنازلات اخرى في مباحثات فينا يوم غد 18 / 11 ،والتشكيك بنزاهة المباحثات بسبب ارتباط الدول الغربية بعلاقات جيدة مع ايران مما يعني استمرار البرنامج النووي وفق ارادة ومخطط الايرانيين سواء توصلوا لاتفاق ام لا وذلك بتأجيل اخر لموعد المهلة المحددة ودفعه الى ما بعد 24 نوفمبر الجاري !! وانتهاء جولة فينا على هذا النحو يعني نجاح للايرانيين ، وفي ذلك، وفقا للمراقبين،

 

اخلال بميزان القوى في المنطقة والذي قد يدفع دولا اخرى ( مصر،تركيا ودول الخليج العربي ) لبناء قوة ردع نووية للوقوف بوجه السياسة الايرانية التوسعية مما سيزيد من مشاكل المنطقة ، والى جانب ماتقدم لايوجد ما يشير الى ان محادثات فينا ستختلف عن سابقاتها،فطهران بحاجة الى الوقت ولحين مفاجئة العالم بدخولها النادي النووي يساعدها في ذلك تذبذب سياسة الرئيس اوباما ومراهنته على دور ايراني مساعد لحل اشكالات المنطقة ،لاسيما وان الظروف الى جانبها اذ تمسك باكثر من ورقة مساومة، وللموقف المهلهل للمجموعة الدولية الغربية فلا يتوقع اكثر من تمديد لفترة الحل النهائي وربما التوصل الى حل جزئي يستمر معه قرار تخفيف العقوبات الاقتصادية على ايران .






الاثنين ٢٤ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د.مأمون السعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة