انها ذكرى تختزن كل الذكريات وتشيع في النفس الكريمه الزهو والافتخار
هو تاريخ بطولي لجيش مهيب حمل راية العراق وهموم الامة بجدارة فائقه واقتدار شجاع

في مثل هذا اليوم من عام 1921 كانت النواة الاولى لتأسيس الجيش العراقي الباسل على يد صفوة من الضباط العراقيين سليلي الهمة شديدي البأس كانو يعملون في الجيش العثماني وشاركوا في الثورة العربيه الكبرى في الحجازعام 1916(ثورة الشريف حسين )منهم (جعفر العسكري , ياسين الهاشمي, مولود مخلص , رؤوف الكبيسي ,طه الهاشمي , جودت الايوبي )وآخرون من اقرانهم .ابتدأ هذا الجيش الابي بفوج موسى الكاظم وانتهى بأكثر من (40) فرقة عسكريه في نهاية الحرب العراقيه الايرانيه في 8 /8/ 1988.

1 .مميزاته : يمتاز الجيش العراقي بسجايا وقدرات لا مثيل لها في جيوش المنطقه العربيه والاقليميه فكان رائدا في القدرة والشجاعه والأنجاز ومثلا يحتذى به من قبل شعبنا وامتنا فبقيت ذاكرته راسخه في ضمير وعقول الجميع .ويمكن اجمال هذه الصفاة بشكل موجز على النحو التالي :

أ.جيش محترف وعقائدي يستمد قوته من تراثه الوطني وتعاليم الاسلام السمحاء ووشائج مجتمعه النبيل ويحمل أغلب منتسبيه معتقدات وآراء وطنيه وقوميه وانسانيه تكون حاضرة دوما في ايام المعارك .

ب .عربي الشعور والتصرف درس في كلياته ومعاهده العسكرية والمهنيه طلابا من مختلف الدول العربيه (اليمن _السودان _لبنان_ فلسطين _الصومال ) عاد هؤلاء الطلبه الى بلدانهم وهم يحملون علوما عسكريه مميزة أهلتهم ليكونوا قادة في جيوشهم الوطنيه حتى احتل قسم منهم مناصب سياسيه عليا في الجيش او في وزارات اخرى.

ج.يمتلك الجيش العراقي استراتيجيه عسكرية واضحة المعالم ودائمةالتطور والتجديد ساعية لأكتساب الخبراتن وتراكماتها والاطلاع على آخر ما وصلت اليه العلوم العسكرية فأنشئت كليات ومعاهد عسكرية متعددة الاختصاصات ومدارس لتدريب الضباط والمراتب والجنود على فنون القتال والأسلحة المختلفه حتى لا تكاد محافظة عراقيه تخلو من مركز للتدريب مهني او عسكري .لقد رفدت هذه المراكز والمدارس الجيش العراقي بمقاتلين مدربين تدريبا عاليا ومؤهلين لتنفيذ المهام الموكله اليهم على احسن وجه واشراكهم بتمارين تعبوية سنويه من مستوى الحضيرة حتى مستوى الفيالق .

د.يتمتع اغلب منتسبي الجيش العراقي بالحس الوطني والقومي وشعور عالي بالمسؤوليه الوظيفيه والانسانيه واستعدادهم للتضحيه من اجل الوطن والامه بالروح والدم .فكانوا بحق رجالا بواسل امتازو بحسن القياده والاداء والعمل الجماعي فعززوا بذلك قدرة الدوله ومؤسساتها على الآنجاز والدقة والتنظيم في كافة ميادين الحياة فكان منهم وخاصة الضباط رؤساء دولة ورؤساء وزارات ووزراء وعلماء وأكاديميين وباحثين في مختلف فنون الحياة .لقد افرز الجيش العراقي كفاءات علمية وثقافيه رفيعة المستوى والخبرة وعالية المعرفة والشهرة فالأطباء العسكريين هم من أفضل اطباء العراق والمهندسين العراقيين هم من افضل مهندسي العراق وهنالك كتاب وادباء وشعراء من العسكر أثرو المكتبات العراقيه بمؤلفات ونتاجات ثقافيه رائعة واجتماعيه راقية .

ه.يمتاز الجيش العراقي بالولاء الصادق لله والشعب فلم ينحاز لنظام سياسي معين بل كان انحيازه لآمال وطموحات الشارع العراقي رغم محاولات اغلب الانظمه التي تعاقبت لحكم العراق لكسب ود الجيش واستقطاب قادته والدليل على ذلك هو العدد الكبير من المحاولات الانقلابية التي قادها الجيش ضد أنظمة الحكم الفاسده التي اذاقت العراق وشعبه الويل والحرمان.

و.ومن سمات هذا الجيش القوة والشجاعة والاقتدار وسرعة الحسم والانتصار في اغلب المعارك التي شارك فيها وما اكثرها مما اثار ضغينة الاعداء ودفعهم للتآمر على هذا الجيش لتحجيم دوره الوطني والقومي واخراجه من ميزان القوى العربيه وابعاده عن اي مشاركه في المعارك القوميه .

2.أدواره الوطنية والقومية :اسندت لهذا الجيش العظيم ادوار وطنيه وقوميه كانت ولا تزال محط اعجاب وتقدير الضمير العربي فصفقت له الجماهير العربية اينما كانت ومتى كانت وهي ترى في الجيش اداة لتنفيد طموحاتها المشروعة ويمكن التطرق بايجاز لأهم هذه الادوار وعلى النحو التالي :

أ. منذ عام 1920 وقبل الاعلان الرسمي عن تأسيس الجيش العراقي وبعد ان اتضح لعدد من الضباط العراقيين ان بريطانيا قد أخلت بأتفاقاتها مع العرب وابرامها لمعاهدة سايكس بيكو مع فرنسا خاضت طلائع هذا الجيش (مولود مخلص _رؤوف الكبيسي _جعفر العسكري )وهم المشاركون في ثورة الشريف حسين معركة شرسة ضد الاحتلال البريطاني بالتنسيق مع العشائر العراقية في غرب وجنوب العراق وبالتعاون مع الثوار الوطنيين الاكراد الذين شاركو اخوانهم العراقيين في محاربة الاستعمار البريطاني وقتل العديد من افراده وأسر آخرون .

ب. بعد تاسيسه عام 1921شارك الجيش العراقي بكل الاحداث الوطنيه التي جرت في العراق وكان حاميا امينا للشعب ولآماله المشروعه .

ج. في عام 1936 اشضترك الجيش العراقي في اول محاولة انقلابية بقيادة الفريق بكر صدقي وكان قائدا للفرقة الثانيه آنذاك .

د. خاض الجيش العراقي عام 1941 حربا ضد القوات البريطانية اثناء ثورة رشيد عالي الكيلاني والعقداء الاربعه يدفعهم شعورهم الوطني للحصول على الاستقلال التام والناجز .

ه.عندما وقعت حرب 1948 مع الصهاينة شارك الجيش العراقي في هذه المعركة وحاصرت قواته مدينة الفالوجه في فلسطين المحتله وابلى الجندي العراقي في هذه المعركة بلاءا حسنا يتذكره الصهاينه الى يومنا هذا

و.في يوم 14 تموز من عام 1958استطاع الجيش العراقي وقادته بثورته الوطنيه بعد محاولات النظام السياسي آنذاك ربط العراق بالأحلاف العسكرية الغربيه فغيرت نظام الحكم الملكي الى نظام جمهوري ونال بذلك العراق كامل سيادته واستقلاله وامتلاكه لقراره الوطني فأنعكس ذلك على مجمل الاوضاع السياسية والاقتصاديه والاجتماعيه لعموم المجتمع العراقي .لكن انحراف الثورة عن مسارها الصحيح دفع بعدد من ضباط الجيش وطلائعه المناضله لتفجير ثورة 8 شباط عام 1963 فغيرت نظام الحم القائم الى نظام سياسي اكثر انفتاح وأوسع شمولية .ثم نفذ الجيش ثورة 17 تموز عام 1968 والتي نقلت العراق من خانة العالم الثالث الى مصافي الدول المتحضرة وقامت هذه الثورة بانجازات مهمه على كافة الاصعدة بشهادة المؤسسات الدوليه ذات الشأن .

و.شارك الجيش العراقي بقوات كبيرة في حرب الايام الستة عام 1967 وخاض جنده البواسل معارك شرسة ضد القوات الاسرائيلية في سوريا والاردن ومقابر شهداء الجيش العراقي في هاتين الدولتين شاهد على تضحيات هذا الجيش وعظم اداءه في الذود عن حياض الامه العربية والدفاع عن حقوقها المشروعة في أي مكان وزمان كان .

و.عندما نشبت حرب تشرين عام 1973 كانت الطائرات العراقية في مصر تشارك في توجيه الضربات الاولى ضد دفاعات واهداف في العمق الأسرائيلي بينما كانت القوات البرية العراقية تسير على سرف الدبابات للوصول الى مدينة درعا السورية للأشتباك مع القوات الصهيونيه وقد حدثني كثير من شهود العيان في منطقة درعا كيق كان السكان يستقبلون القوات العراقية بالزهور والحلوى والزغاريد لأنهم كانو على يقين ان جيش العراق قادر على حسم المعركه لصالحهم ولولا شجاعة وهذا الجيش وبسالة مقاتليه لسقت دمشق في ايدي القوات الصهيونيه .في يومها كنت شابا لا يتجاوز عمري 13 عاما واستمع بحماس لقصيدة للشاعر المرحوم فلاح عسكر وهو يردد : وسوريا اللي تشهدنا سينما لكل الزغار

بلا بطايق شافوْ ابطال الكرامة
عيني يا جيش العراق
اسمك لكل ظلم ظي
امشي ما طول العمر لساعة حي
امشي واسْحَكْ عالجروح
واللي يِسْحَكْ عالجروح
يحس حتى الشمس فَيْ
ثائر انت ...خلي يمر العطش بيك
ومن يمر العطش بيك ...صيح للجندي لكبالك
يا الله خي
مشي بدروب الكرامة
وِلْ يدافع عن كرامة يوصل لدربه البعيد
والله اكبعك بالهلاهل من ترد لِيّه شهيد
عيني يا جيش العراق

ز. في عام 1980 وبعد ان تعرض العراق للعدوان الايراني كانت طلائع الجيش العراقي ترد على هذا العدوان وتسيطر على مساحات واسعة من الارض الايرانيه وتحتل عدد من مدنه المهمه وخلا ثمان سنوات عجاف وحرب طاحنه واسعه وقوية استطاع العراق وجيشه تحقيق النصر على العدو الايراني رغم التفوق العددي لصالح الايرانيين حتى تصريح الخميني رحمه الله بانه سيزافق على انهاء المعارك الحربيه مع العراق وانه سيتجرع كاس السم بقبوله على القرار الدولي بوقف القتال .واليوم وبعد ان اصبح لايران اليد الطولى في العراق بدأت تنتقم من ضباط الجيش العراقي من خلال عمليات التصفيه والأغتيال والأنتقام المنظم لمئات الضباط دون ان يلقى هؤلاء الضباط الحماية اللازمه من حكومته الحاليه وكأن الجيش كان يقاتل عن دوله اخرى غير العراق ولم يكن يدافع في تلك الحرب عن البصرة وذي قار وواسط والعمارة ويحمي سكانها من عبث العابثين .

ولما تقدم تخشى الدول الغربيه واعداء العراق هذا الجيش وتبحث عن اي وسيله لأضعافه وتحجيم دوره وثنيه عن القيام بدوره المعهود فكان الحصار الجائر وخطوط الطول والعرض وعاصفة الصحراء وفرض الرقابة على القدرات العسكرية العراقيه لسنوات طويله ثم اقامة التحالف الغربي المكون من 32 دوله شاركت فيه وللأسف جيوش وقواعد وامكانيات عربيه كان للجيش العراقي دور كبير في الدفاع عن سيادة اوطانهم وحماية حدود دولهم. .

وبعد احتلال العراق عام 2003 كان أهم قرارات بريمر سيئة الصيت هو حل الجيش العراقي وهذا ما كان يسعى اليه اعداء العراق فاصبح العراق ساحة مفتوحه لتصفية الحسابات الدوليه وحدوده لم تجد من يحميها وكلف ذلك العراق وشعبه خسائر لا تحصى وأفقدته هيبته وامنه واستقرار وقراره الوطني وهجرت وقتلت الملايين من شعبه واستبدلت المفاهيم الوطنيه والقوميه الى مفاهيم طائفيه وفئويه وحزبيه أضرت بسمعة هذا الجيش العظيم وبشكل مؤسف جدا .

أملنا كبير ان يكون المستقبل القادم يحمل رياح التغيير لمستقبل يعيد للعراق ولجيشه مكانته وسمعته المعهودة ليعود كما كان جيش الشعب واداة تنفيذ مهماته الوطنيه والقوميه وحافظا للحدود وامينا على الوجود.

تحية لذلك الجيش الوطني والقومي الباسل في ذكراه ومأثره ووقائعه وصولاته والمجد كل المجد لقادته وجنوده والخلود الأبدي لشهدائه الابرار.