شبكة ذي قار
عـاجـل










ما يجري في اليمن الشقيق قادني الى استذكار زياراتي لهذا البلد العريق وشعبه العربي الاصيل ، وبالذات زيارة اول وفد عراقي بعد العدوان ،وقد ابتدأت الجولة الاولى بعدد من الاقطار العربية وتلتها زيارات لبعض العواصم الصديقة ،والتردد على نيويورك وموسكو وبكين وباريس وبروكسل ومدريد وروما و غيرها بهدف رفع الحصار الجائر ومتابعة قضيتنا ، كانت صنعاء اول محطة وقد وصلناها في رمضان / ابريل ـ نيسان 1991 بطائرة صغيرة استأجرناها من الاردن وكان الطيار الاردني يطير الى صنعاء للمرة الاولى ولايعرف من اين يدخلها اذ لم تكن كل مداخلها سالكة وامينة لوجود تيارات هواء قوية تتحول الى عواصف احيانا وكاد ان يتسبب في حادث لولا عناية الله ! لقاؤنا كان مع الرئيس ( علي عبدالله صالح ) بعد الافطار ،وعند دخولنا كان الرئيس يتحسس الاستاذ ( طارق عزيز ) رئيس الوفد قائلاَ.."هل حقاَ ان الذي امامي ( طارك ) وهم انتم سالمون بعد اطنان الحمم التي ألقيت عليكم ؟!" بعد التصوير تحوّلنا الى صالة عربية كبيرة الجلوس على الارض ,حيث لوّح الرئيس بباقة قات صغيرة ليرميها باتجاه الاستاذ طارق فقال له ..انا لديّ قاتي الخاص مشيراَ الى ( سيكاره الكوبي ) فرمي القات باتجاهي وقد وضعوا امام كل واحد قنينة ماء مع اناء صغير فارغ ،فيما كان اغلب الجالسين متزرين بازار، والجنبية ( الجنجر اليمني ) مثبتاَ بحزام على الوسط ! وكان الجميع يسأل عن العراق والسيد الرئيس واثار العدوان، وكان الى جانب الاستاذ طارق ( د. عبدالكريم الارياني ) نائب رئيس الوزراء اليمني ومن الجانب الاخر ( د رياض القيسي ) وكيل الوزارة وانا ( هذا هو الوفد ) فجأة نادى الرئيس صالح على د.الارياني وكان بيده زجاجة عطر قائلاَ..تعال تعطّردكتور الاخير رفض رغم ألحاح الرئيس ،ولاحظنا ان كل من يعرض عليه هذا العطر يرفض او يهرب!

فهمس الارياني الى الاستاذ طارق " ان هذا ليس عطراَ وانما "معطّس قوي" وقبل يومين خدع به وزير التخطيط وهو بدين فما ان شمّه حتى عطس بقوة فـ "..؟!..انقطع حزامه وسقطت الجنبية!" انا حائر بالقات فالجميع بدأوا ، فقلت ..لاجرب "الطريقة اخد البراعم الجديدة فقط ومضغها دون بلع الريق والقات يشل الفم تماماَ وبين حين واخر يجب ان ترطّبه بقطرات من الماء دون ان تبلعه وانما تبصقه في الاناء الذي امامك! انا لم ابصق امام الموجودين فكنت ابلع الماء وبعد فترة شعرت بطاقة كبيرة وكأن الحرارة تخرج من اذني وقد طال المقيل " هكذا تسمى جلسات القات والتي تحل فيها كل القضايا" حتى الفجر دون ان نشعر بالنعاس او التعب !

وبقيت اليوم الثاني نشطاَ فسألت احدهم .. ماهو القات ؟..فقال هو منشط وليس مسكّرا ،واضاف :ومن يريد انهاء مفعوله فعليه بـ ( التفسيخ ) بكأس شراب ؟ واليمنيون يتناولون صباحاَ للتفسيخ فطوراَ دسماَ ( عبارة عن فطيرة دقيق تخبز في طاوة قلي بالدهن الحر والسكر وعندما تتحمص تغرق بالعسل وتؤكل بالايدي التي تخر سمناَ وعسلاَ! ) كان الرئيس صالح لطيفاَ وقبل بدء الحديث حكى طرفة قال".. قبل 5سنوات رزق احد اليمنيين بولدين توأم فسماهما صدام وجابر ،وهما يتشابهان تماما، سئل الاب كيف تفرق بينهما ؟اجاب ..بسيطة ..انادي صدام فاجد احدهما "عملها على نفسه" فاعرف انه الاخر؟!!"وفي صنعاء وانا مبهور بمنظر اليمنيين وهم يهرعون ،متدافعين ، اتجاه السيارات المحملة بالقات ( القات الممتاز والغالي يأتي من اثيوبيا ويصل سعرالباقة الواحدة 400 دولار؟! ) لتقف في سوق مفتوح يشبه سوق بيع المواشي والحيوانات ،الى حيث اخذني اليه سائق الوفد الذي اردنا تكريمه بهدية فطلب القات له ولزوجته! .. ومن مشاهداتي،، ذلك الشقيق اليمني الذي يضع صورة الرئيس صدام على صدره وعلى ظهرة يحمل بطارية و من رقبته يتدلى مسجل صغير ويمسك بيده حاكية و مكبر صوت.

يجوب الشوارع ليس في صنعاء فقط وانما يتنّقل في المدن الاخرى ،وهو يهتف ويلقي الشعر في حب العراق والرئيس ويدير اسطوانات" ..منصورة يا بغداد، ويا كاع اترابك كافوري ، ونحبك والله نحبك..و.." وبعد حديثي معه قال..انه على هذا الحال منذ بدء العدوان الثلاثيني وبشكل يومي دؤوب "! اللهم احفظ اليمن ليظل سعيداَ واهلنا اليمانيين اصل العرب ،وانتقم من اعداء الامة والاسلام الحنيف.






الجمعة ١ جمادي الاولى ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / شبــاط / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. سامي سعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة