شبكة ذي قار
عـاجـل










لسنا في مجال التحليل النظري أو الاستعراض للمراحل التاريخية التي مرت بها ثورة شعبنا العظيم في سورية أو التضحيات التي فاقت كل وصف أو تقدير .. إنما نود ذكر بعض الوقائع و النتائج التي آلت إليه في ظل المشهد السياسي الداخلي الإقليمي و الدولي . من ثم يطرح السؤال الصعب هل هناك إمكانية للإنقاذ في ظل هذه التعقيدات و حالة التردي و التراجع التي تشهدها منطقتنا العربية, و التحديات التي يطرحها مشروع الهيمنة الإيراني الطائفي على المنطقة .

-1-

انطلقت ثورة شعبنا في سورية على اثر ما بات يعرف " الربيع العربي " الذي كان عفوياً و شعبياً كرد فعل على أنظمة ديكتاتورية فاسدة و شائخة, و عاجزة بنفس الوقت عن تطوير أو إصلاح ذاتها كونها تحولت إلى أنظمة عائلية وراثية و أنظمة قمع أمنية مرتهنة للخارج ! و النظام الأسدي غيّب الشعب و أحلّ محلّه مجموعات حاكمة يعجز المرء عن وصف ماهيتها و طبيعة ارتباطاتها نظام نهبْ و فساد تم على يده إلغاء الحزب و استخدام المبادئ ممسحة, و إلغاء السياسة بمعناها المتعارف عليه و تدمير المجتمع المدني و اختلال قيمهُ نتيجة للطبيعة الأمنية للنظام . و أخطر ما تم على يده أيضا تحويل البلاد إلى مزرعة و الشعب إلى رعاة و الأخطر من هذا و ذاك هو ترسيخ النزعة المذهبية الفئوية التي بدأت تتفاقم خاصة بعد الغياب الكامل لدور الأحزاب و مؤسسات المجتمع المدني لقد أصرّ النظام منذ بداية الأحداث على فكرة المؤامرة !! و اتهام الحراك الشعبي الثوري بالإرهاب , و استطاع النظام و حليفه الإيراني الذي يشترك بالمؤامرة على الشعب السوري و وحدته الوطنية و وصم هذه الثورة بالإرهاب ! بناءاً على خطة جهنمية و بتواطؤ و اشتراك قوى إقليمية و دولية.

إن التسهيلات اللوجستية و إطلاق مجموعات التطرف التي تم تصنيعها في السجون العراقية و السورية قد ساهمت بشكل كبير للوصول لهذه النتيجة الحتمية نتيجةً للقوى التي وقف ورائها . لا شك بأن ما جرى كان خطة إيرانية مع نظام الأسد و بمباركة أمريكية ضمنية و أموال نفطية مسخرة لمشاريع من هذا النوع كلٌ حسب أجندته الخاصة به . و قد تأكد الغرض الأساسي من كل هذا هو استمرار عملية تدمير العراق على أثر غزوه و الاحتلال الأمريكي الصهيوني الإيراني و تدمير سورية و تفكيكها حيث الهدف الأساسي لهذه المؤامرة . لقد ثبت بالدليل القاطع رغم الأقوال و التصريحات الرنّانة من هنا و هناك بأن النتيجة الفعلية هو الحفاظ على رأس هذا النظام و دوره الأساسي في تدمير سورية , و قد ساهمت إيران إثر هيمنتها على العراق عبر حكومات و ميليشيات طائفية في الاستيلاء على ثروة العراق و تمويل مشروع الهيمنة الخاصة بها على المنطقة العربية و أصبحت تقود كما أعلنوا مراراً أربعة عواصم عربية.

القوى المسلحة على الأرض و التنظيمات التي لا تعد !

-2-

في بداية الحراك الشعبي الثوري للثورة السورية و الذي استمر ستة أشهر و نيّف كانت مواجهة الشعب للنظام بشكل سلمي الطابع المميّز لتلك المرحلة و من ثم انتقلت المواجهة إلى عمل مسلّح لان النظام أجاب على هذا الحراك المدني بشتّى أنواع الأسلحة التي يملكها دون رادع أو حساب.. و توالت انشقاقات للضباط و الجنود عن الجيش النظامي و كان تشكيل تنظيمات الجيش الحر على عجل و بشكل عفوي أحيانا كثيرة .. و تكاثرت المعسكرات في بلدان الجوار خاصة للمجموعات من الضباط الذين التحقوا بالمعارضة وهي تجمعات بالحقيقة بدون أفق أو رعاية أو مخطط عملي لتوظيف هذه الكفاءات العسكرية! و قد غلبت على المجموعات التي بدأت بالعمل المسلح بالداخل الطابع غير المهني و قد بدأت تتكاثر كالفطر! بدون تنسيق بينها و أخذت أسماء و مرجعيات دينية و أسماء ذات دلالات تاريخية و تولّت العديد من الدول النفطية و الجمعيات الإسلامية في هذه البلدان بالتمويل لهذه المجموعات و أطلقت العنان في البداية لها منها ما هو مخطط و منها ما هو عفوي كأنها مباراة و كلٌّ يفتح لحسابه ! وفي ظل هذه الفوضى في التنظيمات تشكلّت مجموعات مسلّحة جهادية و ذات طابع طائفي حاد نتيجة للمشاركة الواسعة و العلنية للمليشيات الطائفية التابعة لإيران و خاصة " حزب الله " و المليشيات العراقية التابعة للأجندة الإيرانية و توسعت بالتعبئة لتجلب الأفغان و الحوثيين و غيرهم و قد برزت اليوم " داعش" تنظيم الدولة و تنظيمات أخرى كفصائل أساسية لكل منهما مرجعيته الشرعية و لكلٍّ أسباب لتوسعه و سيطرته و لسوء حظ الثورة و شعبنا بأن هذه التنظيمات عامةً ليس لديها مشروع سياسي و هي اقرب إلى التنظيمات العبثية و هي من حيث لا تدري تخدم البرنامج المذهبي لمؤامرة التفتيت و التدمير التي تتعرض له كلٌ من سورية و العراق و اليمن . لا شك بأن الأسباب الموضوعية لهذه الظاهرة هو السياسة المعتمدة من حكومة الاحتلال في المنطقة الخضراء و حليفها في دمشق النظام الاسدي و إجرامه و وحشيته التي استهدفت الشعب بدون تمييز. إن عملية التهميش و الاجتثاث و التغيير الديموغرافي لمناطق عربية بعينها هي جوهر هذه السياسة التي تقودها إيران بموافقة ضمنية من قبل أمريكا و إن اخطر ما في الوضع الراهن هو حالة التفتيت و الانقسام و حتى حروب التصفية داخل التنظيمات و المنظمات التي تواجه المشروع الإيراني علماً بأن جبهة هذا المشروع متماسكة و موّحدة بشكل كبير! فغياب القيادة السياسية و العسكرية الموّحدة يُبقي العقبة الكأداء التي تهدد مستقبل الثورة و البلاد . هذه نقطة البدء و البداية التي لابد منها فبدون توحيد القيادة يبقى خطر التدمير و التقسيم يطبع المشهد السياسي في العراق و سورية و المنطقة العربية.

الحزبية و الثورة : لا شك بأن التجربة الحزبية السورية, تجربة مريرة مع هذا النظام. بحيث تحولت غالبية الأحزاب السياسية إلى حقل تجارب للأجهزة الأمنية . وقد عانى شباب البعث القومي كالعديد من المناضلين من تغوّل الأجهزة الأمنية من اعتقال و تعذيب و تشريد و قتل و ملاحقات أمنية . و قد خلقت وضعا سياسيا هشّا و غير قابل للإصلاح و سادت حالة من الخواء السياسي المخيف مع نظام لا يعرف للسياسة من معنى!! جاءت الثورة , كثورة حرية أولا و آخراً ضد حالة الاحتقان و الاختناق و الجمود و العجز الذي يطبع المشهد السياسي السوري . شباب أبطال تقدموا الصفوف من اجل إعادة الروح و انتزاع الحرية للشعب حتى يتنفس الصعداء من هذا الحكم القمعي و الإجرامي . لقد واجه النظام الشعب بأجهزته الأمنية و العسكرية و أعلن عن حرب شعواء ضد هذا الشعب, فما كان من خيار أمام شعبنا سوى الدفاع عن النفس بالرغم من عدم التكافؤ ما بين قدرات النظام و أسلحته الفتّاكة التي لا تزال تحصد المئات من شعبنا يومياً ! أو ما لدى شعبنا من وسائل دفاعية . لقد كان دور المعارضة الداخلية المدّجنة , و معارضة الخارج التلفزيونية و مراهنتها على أوهام التدخل الخارجي مخيبة للآمال! بحيث أصبحت القوى الإقليمية و الدولية صاحبة القرار في التصرف بالقضية السورية .رغم هذا المشهد السياسي المعقد لا تزال قوى الشعب الحية تفاجئنا كل يوم بالآمال وصلابة الموقف المبدئي الذي يبقي بوصلة التغيير و الخلاص.

الخطاب السياسي للمعارضة : هناك تحدي وجودي يواجه المشرق العربي نتيجة الحروب المذهبية التي تعصف به و الممارسات الوحشية و الإجرامية التي تُرتَكب على أرضه الخطورة الكبيرة على الثورة اليوم بأنها مهددة بالاقتلاع من أرضها مع شعبها ! و لسوء الطالع إن النظام مع حلفاءه استطاع دمجها بخطاب الحروب الطائفية مثلما حدث في العراق بهدف إلغاء الطابع الوطني و تشويه الثورة الشعبية العارمة التي شملت أغلب المناطق العراقية . انطلقت الثورة في سورية تحت شعار الحرية و الكرامة وعلى قاعدة الوحدة الوطنية و جرى وصمها زوراً و بهتاناً بقوى الإرهاب و تحميلها التصرفات الشاذة التي صدرت عن هذه التنظيمات . هناك خطأ دارج يتعلق بالمقاربة المتعلقة بالثورة في سورية و العراق حيث في العراق هناك مقاومة منذ الاحتلال الأمريكي و لا تزال ضد حكومات الاحتلال و العملية السياسية البائسة , أما في سورية قامت ثورة شعب بوجه نظام عائلي ديكتاتوري فئوي فاسد منذ أربعة عقود و نيّف ! ففي كل الأحوال الجارية اليوم فإن التحدي الحقيقي لثورتي شعبنا في العراق و سورية هو سؤال الهوية , هل نحن عرب أم ماذا ؟ لان الاستهداف الحقيقي للمشروع الإيراني الطائفي هو اجتثاث الهوية العربية , و إحلال الهويات الطائفية و العرقية و المذهبية المدبرة ! مسألة الهوية ليست قضية أيديولوجية و حزبية نظام الملالي و المشروع الصفوي غزو المنطقة تحت شعارات و ادعاءات مختلفة و متنوعة تقوم على الخرافات و الأكاذيب و التزوير تمهيداً للتفكيك و التقسيم و التقاتل الأهلي و بالتالي الدمار للمنطقة فالاختراقات الإيرانية للمنطقة تلقى سكوتاً و دعماً و رضا أمريكي صهيوني لان الغرض الأساس تقاسم النفوذ ما بينهم على حساب العرب و المنطقة ولاشك بأن هناك خطأ كبيراً من الذين يزعمون بأنهم منتصرين ! في هذه الحالة الهوية العربية ليست موضع مساومة وهي ليست موقفاً عدائياً ضد أحد هي حق للشعب و إرث تاريخي بغض النظر عن الانتماء الطائفي – في مواجهة المشروع الطائفي التفتيتي . الكارثة الزلزال التي تمر بها منطقتنا تقودنا بالأساس إلى حقيقة الأزمة ... أزمة فكر النهضة , و تحديات بناء الدولة الحديثة على أساس العلم و العقل و المصلحة الوطنية القومية الجامعة .

إن التركيز على تغيير الخطاب السياسي للمعارضة مسألة في غاية الأهمية و الأهم التطبيق و الممارسة أي العمل على الأرض و مطابقة السلوك مع الخطاب الجامع بوجه الخطاب الطائفي المسموم يجب أن يعاد النظر و بجرأة حول دور المنشقين على النظام لان العمل الوطني ليس شركة مقفلة أو مغلقة إنما هو ساحة مفتوحة للقوى و المواقف الوطنية التي هي الحكم في التغيير الباب مفتوح للجميع لأننا جميعاً أبناء وطن واحد و الموقف المشرف له مكانة و خاصية أيام الشدائد , يجب أن لا نستقوي بعضنا على البعض الأخر لمساعدة الأجنبي أي كانت التبريرات . نحن في ظل المشروع الإيراني الفارسي نسير نحو الإفناء الذاتي بأيدينا ! يجب أن لا نغش بما يُطرح من شعارات و خرافات لأنهم في خطاب الهيمنة يضعون السم بالدسم ؟! النظام الاسدي تحوّل إلى محمية إيرانية بأفق طائفي و مشروع للتقاتل ما بيننا على لا شيء سوى تنفيذ المشروع الإيراني التحديان الكبيران باختصار هما الهوية العربية و الوحدة الوطنية حيث بهما نحمي أنفسنا و نحمي وطننا و نحمي وهذا الأهم العيش الواحد لأنه أثمن ما نملك ... لا شك بأن هناك بالنسبة إلينا إشكالية معقدّة تتعلق بالبعث و الفكر القومي ,لان هذا النظام مارس غش تاريخي بتبنيه البعث و شعاراته اسما بلا مسمى ؟! و بالرغم من تحالفه و تبعيته للمشروع الطائفي الإيراني ما يزال يتاجر باسم البعث بالرغم من التناقض الحاد لهذا النظام و تصرفاته مع كل ما هو عربي فمن باب أولى مع البعث و مبادئه السامية التي اهانها وشوهها.

لقد شكّل هذا النظام الفكر الجمعي للشباب و أعطى صورة مشوهة و ملطخة بالجرائم و الموبقات التي ارتكبها ولا يزال .. لقد كان واضحاً أمامنا و منذ البداية بأن دور هذا النظام هو خلق الحقد و الضغينة و الكراهية للبعث و بالتالي الحقد على الفكرة العربية كهوية حضارية إنسانية . لقد استطاع البعث في العراق عبر مقاومته الشجاعة و الشهداء الذين سقطوا فداءاً للعراق و الأمة أن يأخذوا دورهم من جديد كفصيل سياسي و أساسي بوجه الغزو الأمريكي الصهيوني الإيراني و حكومات الاحتلال التابعة لهم إن فكرة وحدة النضال العربي خاصة في سورية و العراق شرط أساسي للوقوف بوجه هذا الحلف الطائفي و حماية ثورة شعبنا في البلدين و الدفاع عن هوية المنطقة فالتنسيق و العمل المشترك تفرضه وحدة المصير . التشتت سر ضعفنا و وحدتنا قارب الخلاص لنا و لشعبنا . إن الطريق صعب و المسألة معقدة مع هذا النظام خاصة بالنسبة إلى البعثيين ! لكن وضوح المعركة و المشاركة العلنية لإيران و ميليشياتها الطائفية ربما يساهم في إيجاد الحلول الصحيحة . نحن بداية شعباً واحد وليس طوائف مواطنون في وطن واحد وليس مجموعات في أوطان مختلفة ! مواجهة المشروع تبدأ بالتصرف و الفعل و الخطورة أن نقع في أحابيل المشروع الطائفي !

إن العصبيات الطائفية المذهبية و العرقية مدمرة لأنها مستندة على الغرائز ولا تؤدي إلا إلى الاحتراب و الكراهية و الأحقاد فولوج هذا الطريق يقود الشعب إلى التهلكة . العالم المتحضر بنى نهضته و تقدمه على المنطق و الاحتكام للعقل و بنى أوطاناً على أساس الحرية و المواطنة و سيادة القانون . إن إنقاذ الثورة في سورية كما هو في العراق في تصليب و بناء القوى الذاتية والمواجهة لهذه الهيمنة – الاحتلال – تستند على الوحدة الوطنية و الهوية الوطنية العربية و استقلال القرار السياسي و انتزاعه من أيدي القوى المتدخلة . إننا ندعو إلى جبهة المقاومة و الإنقاذ العربية بوجه مشروع الهيمنة الفارسية المذهبية للمنطقة العربية

المجد و الخلود لشهداء ثورتي سورية و العراق و شهداء الأمة العربية
النصر المؤكد لشرفاء الأمة العربية مهما طال الزمن


دمشق في آذار ٢٠١٥
شباب البعث القومي في سورية






الخميس ١٣ جمادي الثانية ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / نيســان / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شباب البعث القومي في سوريا نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة