شبكة ذي قار
عـاجـل










وردنا التقرير الذي أعده ناشطون في محافظة ديالى ذات الغالبية السنية للسكان عن عدد القتلى وعدد الإختفاء القسري , وعدد المعتقلين والأضرار المتعمدة المنهجية للأعيان المدنية , والأعيان الدينية وما تعرضت له المحافظة من هجوم مسلح لميليشيات نافذة إرتكبت أكثر الجرائم جسامة وخطورة . هذه المحافظة كانت ولا تزال هدفا لإيران وميليشياتها بسبب موقعها الإستراتيجي حيث تجاور إيران من الشرق وكردستان من الشمال وبغداد من الغرب وشهدت المحافظة الجرائم التالية منذ العام 2003 الى الوقت الحاضر :

78598 قتيلا
27380 إختفاء قسرا
52320 معتقلا
250 مسجد سني تم حرقه
47800 منزل أُحرق أو هدم
198 قرية تم تهجير سكانها قسرا
320 بستانا تم تجريفه أو حرقه .

وتعرضت المحافظة الى الهجمات الميليشياوية التالية أسفرت عن الضحايا المبينة في صفوف المدنيين :

الهجوم على ناحية بهرز ( 30 ) قتيلا .
الهجوم على سجن مركز شرطة الوحدة في بعقوبة ( 44 ) قتيلا .
الهجوم على جامع مصعب بن عمير في منطقة حمرين ( 34 ) قتيلا .
الهجوم على قرية القراغول في الخالص ( 85 ) قتيلا .

وبعد انتهاء المعارك بين الجيش والميليشيات من جهة مسنودة من ايران ومقاتلي الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ) , التي أسفرت عن خروج مقاتليها من المحافظة وقصباتها لم تتم إعادة السكان المدنيين المهجرين قسرا الى مناطقهم , وإذ ننشر هذه الإحصائية ( على ذمة معديها ) نحاول تسليط الضوء القانوني على الأوضاع الإنسانية في محافظة ديالى وموقف القانون الدولي من الجرائم الخطيرة , التي أُرتكبت فيها وهي جرائم دولية تختص المحكمة الجنائية الدولية فيل نظرها وملاحقة الجناة وفق نظامها الأساسي :

اولا : الجرائم ضد الإنسانية : إعتبرت المادة ( 7 ) من قانون المحكمة الجنائية أي فعل من الأفعال التالية "جريمة ضد الإنسانية" متى أُرتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم

أ‌- القتل العمد
ب‌- الإبادة
ت‌- إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان .
ث‌- السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي .
ج‌- التعذيب .

ح‌- إضطهاد أية مجموعة محددة او مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية , أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة -3- أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي لا يجيزها , وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار اليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في إختصاص المحكمة .

خ‌- الإختفاء القسري للأشخاص .

د‌- الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أوبالصحة العقلية أو البدنية .

ويقصد بمصطلح " هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين " : نهجا سلوكيا يتضمن الإرتكاب المتكرر للاعمال المشار اليها في الفقرة 01 ) من المادة ( 7 ) من نظام المحكمة الأساسي , ضد أية مجموعة من السكان المدنيين , عملا بسياسة دولة أو منظمة تقضي بإرتكاب هذا الهجوم , أو تعزيزا لهذه السياسة .

وحيث أن هذه الأفعال ( الركن المادي للجريمة ) لا تعتبر جريمة دولية إلا إذا أُرتكبت ضمن الهجوم المنهجي أو واسع النطاق , وإذا حصلت ضمن سياسة محددة أو مخطط مدروس مستهدفا عددا كبيرا من الضحايا المدنيين , أما الأفعال اللاإنسانية الأُخرى التي تسبب عمدا الأذى الخطير بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية أو تسبب المعاناة الشديدة , فهي تعني كما ذهب بعض فقهاء القانون الدولي الجنائي كل الأفعال التي تنال من عزة الإنسان وكرامته , ولا يشترط ارتكاب الفعل في نطاق النزاع الدولي المسلح إنما يمكن إرتكابها ضمن النزاع المسلح غير ذات الدولي ( النزاع الداخلي ) , ولا يشترط إرتكابها بوجود باعث تمييزي إذا ارتكتبت ضد جماعة عرقية أو قومية أو إثنية أو دينية معينة إنما يكفي إرتكابها في نطاق هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين , وأن يرتكب الجاني فعله وهو يعلم بالهجوم وتعتبر هذه الجريمة من أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره , وتبرر نشوء المسئولية الجنائية الفردية التي تتطلب حصول سلوك محظور في القانون الدولي الذي تقره كافة النظم القانونية الأساسية في العالم . فالأركان المشتركة للأفعال المشكلة للجريمة ضد الإنسانية مع إنفراد كل فعل بركن خاص أو أكثر هي :

1- أن يرتكب السلوك المشكل للجريمة كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين .

2- أن يعلم مرتكب الجريمة بأن السلوك جزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين , أو ينوي أن يكون هذا السلوك جزءاً من ذلك السلوك . وكأي جريمة فلها ركنين ( مادي ومعنوي ) لابد من توافرهما حتى تتحق الجريمة , فالركن المادي هي الافعال المحددة في المادة ( 7 ) من النظام , أما الركن المعنوي للجريمة فهو علم مرتكب الجريمة بأن سلوكه أو تصرفه أو فعله لقيام أية جريمة من الجرائم المحددة في المادة أعلاه , جاء كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي تقوم به دولة أو منظمة ضد مجموعة من السكان المدنيين , أو كانت لديه وقت إرتكاب هذا السلوك أن يكون له هذه الطبيعة أي أن يكون جزءاً من هذه السياسة أو تعزيزا لها . ويتوجب أن تكون نية الجاني أو مرتكب السلوك أو الفعل قد إتجهت لإحداث النتيجة المترتبة على سلوكه . ويعد الركن المعنوي متحققا إذا نوى مرتكب الجريمة مواصلة الهجوم المنهجي ضد السكان المدنيين , ويعني مصطلح " الهجوم المباشر ضد السكان المدنيين " في سياق الهجوم واسع النطاق والمنهجي بأنه سلوك يتضمن إرتكابا متعددا للأفعال الواردة في الفقرة ( 1 ) من المادة ( 7 ) من نظام المحكمة الجنائية الدولية الأساسي , ضد السكان المدنيين تأييدا لدولة أو سياسة تنظيمية بإرتكاب هذا الهجوم وليس من الضرورة أن تشكل الأفعال عملا عسكريا .

ثانياً : جرائم الحرب : تختص المحكمة الجنائية الدولية بالأفعال التي تشكل جرائم الحرب إذا أُرتكبت في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية إرتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم , ولغرض النظام الأساسي للمحكمة تعني " جرائم الحرب " : الإنتهاكات الجسيمة لإتفاقيات جنيف المؤرخة , 1949 بإرتكاب أي من الأفعال التالية ضد الأشخاص , أو الممتلكات الذين تحميهم إتفاقية جنيف ذات الصلة :

في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي , الإنتهاكات الجسيمة للمادة ( 2 ) المشتركة بين إتفاقيات جنيف الاربع المؤرخة في 12 آب / أغسطس 1949 وهي أي من الأفعال المرتكبة ضد أشخاص غير مشتركين إشتراكا فعليا في الاعمال الحربية , بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال بسبب المرض أو الإصابة أو الإحتجاز أو لأي سبب آخر :

1- إستعمال العنف ضد الحياة والأشخاص , وبخاصة القتل بجميع أنواعه والتشويه , والمعاملة القاسية والتعذيب .

2- تعمد إحداث معاناة شديدة أو الحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة .

3- إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والإستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورا عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة .

4- تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية .

5- تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية أي المواقع التي لا تشكل أهدافا عسكرية .

6- تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل , وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحا بالقياس بمجمل المكاسب العسكرية المتوقعة والملموسة المباشرة .

7- تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للاغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية , أو الخيرية والآثار التاريخية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى شريطة ألا تكون أهدافا عسكرية .

8- نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم الإستيلاء عليها عنوة .

9- إصدار الأوامر بتشريد السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع ما لم يكن ذلك بداع من أمن المدنيين المعنيين أو لأسباب عسكرية ملحة .

10- الإعتداء على كرامة الشخص وخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة .

11- الإغتصاب والإستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري , أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي يشكل إنتهاكا خطيرا لإتفاقيات جنيف .

12- إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر من محكمة مشكلة تشكيلا نظاميا , تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف بأنه لا غنى عنها .

الخاتمة :
يتضح مما تقدم أن الافعال التي وردت في الإحصائية تندرج ضمن الأفعال التي تعد جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تختص المحكمة الجنائية الدولية النظر فيها , بإعتبارهما من أكثر الجرائم خطورة وجسامة وأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم بموجب إتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية , التي أُعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والإنضمام بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة المرقم 2391 ( د-23 ) المؤرخ في 26 تشرين الثاني / نوفمبر 1968 وتاريخ بدء النفاذ 11تشرين الثاني / نوفمبر 1970 وعليه :

أ‌- يجب توثيق هذه الجرائم توثيقا قانونيا تصلح بأن تكون كل جريمة قضية تتولى المحكمة الجنائية الدولية التحقيق فيها وملاحقة الجناة , ولأن العراق ليس طرفا في نظام روما الأساسي فإن المدعي العرام يمكنه وفق الصلاحيات المخولة له بموجب المادة ( 15 ) , مباشرة التحقيق من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في إختصاص المحكمة .

ب‌- إطلاق حملة المطالبة بإنضمام العراق الى المحكمة الجنائية الدولية بالتوقيع والتصديق والإنضمام الى نظام روما الأساسي , بغية تسهيل إجراءات ملاحقة مرتكبي الجرائم التي تدخل في إختصاص المحكمة .

ت‌- قيام المنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان والمحامون في كل محافظة تعرضت لإنتهاكات حقوق الإنسان , بتوثيق الجرائم وجمع أدلتها وترتيب ملفاتها القانونية لتكون جاهزة للتقديم الى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أو الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية

ث‌- إنشاء هيئة تسمى ( الهيئة الوطنية لتوثيق الجرائم الدولية في العراق ) من قبل القوى الوطنية , يمكن الإتفاق على هيكلها التنظيمي وكادرها من القانونيين المتخصصين بالقانون الدولي الجنائي والمحكمة الجنائية الدولية , وآليات تقديم الحالات اليها ومقرها ونظامها الداخلي ومصادر التمويل , تقوم الهيئة بتلقي القضايا وتصنيفها حسب كل جريمة وإعداد اللائحة القانونية المتخصصة بغية تقديمها , هذه الهيئة أصبحت ضرورة وطنية ملحة حيث مر أكثر من عقد على غزو العراق وإحتلاله دون أن تتمكن القوى , التي ناهضت الإحتلال من توثيق الجرائم وهي التي طالها معظمها وعانت من تداعيات الإحتلال الى يومنا هذا , بينما نجد أن الأخوة في فلسطين قطعوا شوطا مبهرا في توثيق جرائم إسرائيل في الأراضي المحتلة وحروبها على غزة , توجت هذا الجهد بالإنضمام الى المحكمة الجنائية الدولية ورغم أن السلطة الفلسطينية لم تقدم ملفات هذه الجرائم الى المحكمة حتى الآن إلا أنها ورقة ضغط فاعلة لديها لتحقيق مكاسب سياسية , نأمل أن نكون قد قدمنا ما يفيد لرفع الظلم عن هذه المحافظة وغيرها من المحافظات التي تعرضت ولا تزال لجرائم دولية حان الوقت لمقاضاة الجناة وإنصاف الضحايا .

الدكتور ودود فوزي شمس الدين
بغداد - ٢٦ / أيــار / ٢٠١٥
 






الثلاثاء ٨ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / أيــار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور ودود فوزي شمس الدين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة