يا جماهير شعبنا الصامد العظيم ...
مع حلول الذكرى الثامنة و الأربعين للهزيمة ، تدخل ثورة شعبنا عامها الخامس وهو يواجه شتى صنوف الوحشية و الإجرام على يد هذا النظام . و اليوم إذ نتذكر ذلك التاريخ المؤلم و الكارثة التي تسبب بها في حزيران عام 1967 من اجل أن تبقى في ذاكرة الأجيال الشابة و حتى لا ننسى جرائم هذا النظام وما أكثرها بحق سورية و شعبها و تاريخها و بحق الأمة العربية . إن هذا النظام هو الابن الشرعي لمؤامرة 23 شباط عام 1966 حيث الانقلاب الدموي العسكري بقيادة الأسد – جديد ، و استيلائهم على الحكم و الحزب و الجيش بقوة السلاح و الذي كان المقدمة لكارثة حزيران عام 1967 . فالجريمة التي صنعها حافظ الأسد و مجموعته الفئوية ليس الاستيلاء على الحكم و مصادرة الحزب فحسب بل تدمير الفكرة العربية الوطنية الجامعة و إدخال سورية في سبات لم تشهد مثيلاً له ، سبات مليء بالقسوة و الإجرام و الأحقاد . فالوضع الجديد مع هذه الزمرة قضى على كل إمكانية لحراك سياسي في سورية و زوروا التاريخ و طمس المعالم الأساسية في تاريخ البلاد ليضع مكانها معالم و تقاليد معادية و نقيضه لقيم أخلاق شعبنا عبر تاريخهُ المعاصر .
إن انقلاب شباط 1966 الدموي كان المقدمة الطبيعية لهزيمة حزيران و النتيجة المنطقية لما قامت به هذه الزمرة الانقلابية بتفريغ الجيش السوري بحملة مسعورة من تسريحات و إبعاد و إدخال القسم الأكبر من ضباط الجيش إلى السجون و قد كان في سجن المزة العسكري عندما وقعت حرب حزيران ما ينوف على مئة و أربعون ضابطاً و على رأسهم خيرة ضباط الجيش السوري و الكفاءات العسكرية و منهم على سبيل المثال لا الحصر اللواء " فهد الشاعر و منير جيرودي و حسين زيدان و شريف الشاقي و علي سلطان و على الضماد و مصطفى فلاح و إسماعيل الأطرش "و القائمة تطول كما أسلفنا . كما كانت القيادة الحزبية و السياسية في السجون و على رأسهم الأستاذ الشهيد صلاح الدين البيطار و أمين الحافظ و شبلي العيسمي و منصور الأطرش و اللواء محمد عمران ، و علي غنام ( السعودية ) و مسعود الشابي ( تونس ) و الأستاذ طارق عزيز ( العراق ) و جبران مجدلاني ( لبنان ) و الشهيد كمال ناصر ( فلسطين ) و العديد من القيادات الحزبية و السياسية و الكوادر الحزبية الذي يضيق البيان عن ذكرهم . و بعد تفريغ الجيش من كوادره و خيرة ضباطه فقد صنعوا أجواء سياسية مشحونة بالحقد و الكراهية فقد شنوا حملة اعتقالات واسعة شملت العديد من القادة الوطنيين من اتجاهات متعددة أجواء منافية لأي منطق عند الإقدام على حرب مع العدو . فكان حزب البعث و قيادته و كافة الشخصيات الوطنية المعروفة و زعماء عشائر و رجالات دينية تضج بهم السجون السورية من دمشق إلى تدمر .... و إضافة لكل هذا و ذاك كانت هناك حملة إعلامية مشبوهة في محاولة لجر عبد الناصر إلى المعركة ،و فعلاً وقع عبد الناصر في فخ المزايدات التي أطلقتها الفئة المشبوهة و المتآمرة و على رأسها المجموعة العسكرية بقيادة الأسد فإلى جانب الشعارات النارية الفارغة كانت النوايا السيئة واضحة ، فقد عبر عنها في حينه وزير خارجية النظام أمام سجناء القابون وهو عضو قيادي لدى المجموعة العسكرية ( بأنهم سيمرغون وجه عبد الناصر بالوحل و سيجرونه إلى المعركة ) .
يا أبناء شعبنا العظيم ... إن غدر العصابة الشباطية و دورها في الهزيمة الحزيرانية تبقى وصمة عار في جبين هذا النظام ، حيث ضربت الأمل العربي بالصميم و قسمت ظهر الأمة . لقد جرت تسمية هذه الحرب " بحرب الأيام الستة " أي أن نظام العصابة في دمشق و النظام المصري لم يصمدا سوى ستة أيام !! و كان البلاغ الشهير الذي أصدره حافظ الأسد وزير الدفاع في حينه بسقوط القنيطرة و تسليم الجولان بدون قتال و هروب قائد الجبهة المقدام !! على ظهر حمار و إعطاء الأوامر للجيش بالانسحاب الكيفي من الجبهة !! و في هذا المقام كذلك و ما ينبغي أن نذكر به هو دور هذا النظام في حرب تشرين عام 1973 و التغني بالنصر !! حيث كانت النتائج مخزية و مهينة فقد احتل العدو الصهيوني أراض و قرى إضافية ولولا مشاركة الجيش العراقي البطل في حينها و التي هرعت دباباته على الجنازير من بغداد إلى دمشق لكان سقوط العاصمة دمشق مدوياً و هذا ما يشهد به الأعداء قبل الأصدقاء و ضباط الجيش السوري الشرفاء الذين ما زالوا أحياء يذكرون ذلك جيداً ...
إن مسيرة هذا النظام لا يمكن أن نلخصها في بيان أو كتاب فهي تحتاج إلى مجلدات و أسراره الخفية و أدواره ستظهر عاجلاً أو آجلاً لتكون شاهداً على المواقف الخيانية ، وخاصة الموقف المهين لنظام الأسد مع إيران عام 1980 في حربها ضد العراق و التي كان قد أعلنها النظام الإيراني بهدف تصدير الثورة ... فالأهداف الطائفية و المشروع الفارسي الذي نعاني منه اليوم شاهد على النوايا الخبيثة لنظام الملالي في الهيمنة و تدمير المنطقة العربية . فالمجازر التي ارتكبت في حماة و حلب و جسر الشغور في الثمانينات ما هي إلا شاهد على التاريخ الإجرامي لهذا النظام ناهيك عن مجزرة سجن تدمر الشهيرة ، و ما يزال منذ أربع سنوات و نيف يعبث في سورية طولاً و عرضاً بمختلف أنواع الأسلحة المدمرة بحقد أعمى على شعبنا و على سورية التي أصبحت على يد النظام الاسدي محتلة حيث باعها إلى إيران الملالي كما باعهُ أبوه من قبله الجولان إلى الصهاينة .
لقد تساءلت جماهير شعبنا عن السر في عدم تخلي النظام في حينه عن الحكم بعد هزيمة نظامهم سياسياً و عسكرياً و احتلال الجولان بدون أي مقاومة تذكر ! علماً بأن عبد الناصر قدّم استقالته للشعب معترفاً بكامل المسؤولية عما حصل فكان جواب الزمرة الاسدية الشباطية: ما قيمة ارض الوطن إذا ما بقيت الثورة و ما قيمة الشعب إذا ما بقيت القيادة ... فهل هناك من عهر و صفاقة و دور مشبوه أكثر من ذلك !!
لقد أسس هذا النظام ما هو اخطر من الهزائم و المواقف المخزية على المستوى القومي و الوطني ، أسس للطائفية السياسية التي هي غير الطائفية المذهبية التي تضرب بجذورها في التاريخ و تجد علاجها و الشفاء منها في التاريخ أيضا ، مع تفاعل المذاهب و تقاربها و تعددها من اجل التعايش الإنساني . أما الطائفية السياسية فهي عصبية فئوية لكل نظام معزول عن الشعب و الفاقد لكل شرعية ، و شرعيته مصطنعة لبقائه و ديمومته .... إنها نظام الأقلية الحاكمة الذي ينشر الرعب في الأوساط الطائفية و يصور لها أن حياتها مهددة بالخطر من قبل الآخرين و تنتهي إلى ممارسة التمييز الطائفي و تصبح الطائفية السياسية ظاهرة مرضية سرطانية تتفشى بالمجتمع و تفتك فيه و تمزق نسيجه و تضرب وحدته و تؤدي إلى حالة الانقسام الطائفي العدائي ، و أكثر من ذلك تشعل الفتنة الطائفية كما يجري اليوم بتلازم و توحد مع المشروع الصفوي الإيراني القادم إلى المنطقة . أن هذا المشروع قد توّج عصر المليشيات الطائفية و إلغاء الدولة و المؤسسات و إحلالها بديلاً عن الجيش الوطني حامي السيادة و المدافع على ارض الوطن . فالمعركة اليوم بالنسبة إلى سورية و العرب هي معركة وجود بدون تهويل و تضخيم فالمخطط الإيراني الفارسي الصفوي يختفي وراء شعارات و يحاول التغطية بالنفاق و الدجل و تزوير الحقائق ..... فمحاربة الإرهاب لا يمكن أن تكون في نفس المبادئ و الأساليب الأشد إجراماً و تطرفاً من التنظيمات التكفيرية ... كما أن تلازم الإرهاب كان مع التوسع الإيراني، و تلازم التوسع الإيراني مع الطائفية ، و إعلان أميركا الحرب مع الإرهاب و كأنها بغرض إعطاء المبرر و الشرعية للهيمنة الإيرانية التي تتوسع في أكثر من قطر عربي و ايران تجاهر بذلك علناً بدون أي غضاضة .
يا أبناء سورية البررة ... يا أبناء امتنا العربية المجيدة .... إن خلاصنا اليوم هو بالوحدة الوطنية ، و بالهوية العربية الوطنية الجامعة هي عدّتنا و ذخيرتنا وهي الدواء الشافي لخروج سورية من مرضها
، و خروج سورية من محنتها . ليس لدينا من سبيل سوى أن يلتف الشعب حول نفسه و يتواصل بعضه مع البعض الأخر و يحقق وحدته الوطنية في ظل مواطنة يتساوى فيها الجميع و إقامة شرعية شعبية وطنية تكون جزأ من حركة شعبية ديمقراطية تحرر الشعب من الخوف و الظلم و الدجل و الكذب و التضليل و نبدأ حياة حرة كريمة و عهداً جديداً معمداً بدماء شهدائنا الأبرار.
عاشت ثورة شعبنا من أجل الحرية و الكرامة و العدالة و النصر حليف الشعوب مهما تكاثر الأعداء و الرحمة للشهداء الأبرار في سورية و العراق و فلسطين و شهداء الأمة العربية .
شباب البعث القومي في سورية
دمشق في ٦ حزيران ٢٠١٥