شبكة ذي قار
عـاجـل










ذات هروب من وسائل الإعلام المسيسة من الحيتان .. وسماع المزيد من الأخبار عن أنهار الدم العربي الجارية على أرضنا الشماء .. وعن عشرات الآلاف من القتلى والمشردين إما في العراء أو في الخيام .. ناهيك عن إحراق البعض وهم أحياء وتقطيع الرؤوس وتقتيل الناس دون ذنب إنما على الهوية الطائفية .. وعن إضاعة العرب لفردوسهم الموعود بوعود كاذبة من عبد الودود .. وعن تقاسم وطننا العربي بين الفرس والصهاينة والأمريكان بمشهد من مسرحية توقيع الإتفاقيات الدولية المسيسة من أوباش هذا الزمان .. وعن دهشة الشعب وخوفه على مصيره ومصير وطنه

الغامض الذي
أصبح كريشة في مهب الريح .. ! تعبت وإلى البحر هربت .. وعلى حافة شاطئه جلست .. وحوار معه أجريت.
سألته :ماذا تخبئ في قلبك أيها البحر؟

قال: أخبيء الصخور الملونة والورود والأسماك المتعددة ألانواع والألوان .. أخبيء الزهور والمحاروالؤلؤ والعشب والشعب المرجانية والأصداف .. أخبيء عظام وحطام لإناس ولسفن غرقت في أعماقي منذ الالاف الأعوام .. وأما الطحالب والعناكب فعالقة على جدران الشطأن .. أنا عميق وفي عمقي أخبيء الأسرار .. هادئ أحيانا وأحيانا أثور أهوج وأموج .. وأمواجي تعلوا وتعلوا ومياهي تغمر الشواطيء والكثبان . ثم أهدأ كأنني سأنام.

قلت: أيها البحر أراك قد نسيت بأن تحدثني عن الغواصات التي تغوص في قلبك والغواصين .. عن المراكب والسفن التي تتمختر على وجهك كل حين .. عن الذين يشهقون شهقتهم الأخيرة في قلبك ولا يحتجون .. عن الحسان اللاواتي يتعرين ليسبحن في جسدك ولا يستحون .. عن حكايا البحارة وغناءهم ذو الشجون .. عن أمواجك حين تعلوا وتخبوا غير آبه بما كان أو بما سيكون .. رد بصوت مبحوحً: لقد حدثك عن مدي وجزري .. لكنني لن أحدثك عن أسراري .. فأسراري أخبؤها في قلبي لن أبوح بها لإحد ولا يعرفها إلا ربي .. وأذا ما بحت بها لك لم تعد بأسراري سيعرفها القاصي والداني ..

سألته: لماذا لا تحدثني عن حيتانك ؟ قال: حيتاني لا تقترب من أحد إذا لم يدخل في مياهي .. !

ثم قال: لماذا لم تحدثيني أنت عن حيتان اليابسة التي ابتلعت ثرواتك وأرضك وسماءك من محيطك إلى خليجك .. ولماذا هربت إلي ..

وجلست على شاطئي أيتها المرأة الهاربة من واقعها المجنون .. أنا لن أفعل لك شيئاً حتى لو جلست على شاطئي لعشرات السنين .. أنا لا أمشي ولا أُسافرولا أُهاجر .. أجلس هنا منذ التكوين .. لن أُغادر مكاني الناس يأتون إلي ويذهبون .. لا تخافي مني بل خافي من الذين بوطنك يعبثون .. عودي إلى من حيث أتيت هيا أسرعي، وصحي أهلك من غفوتهم علهم يصحون قبل أن تذريهم ريح قادمة إليهم من كل الجهات .. و إذا ما وصلتهم لن يدروا إلى أي هاوية سيسقطون .. !

ثم هاج وماج موجة عالية ورذاذه تناثر حولي وغطاني .. شعرت بقشعريرة سرت في جسدي وهزت روحي وكياني .. لملمتني ووقفت وأنا أرتجف .. وإلى الجهات ألاربع ألتفت .. احترت إلى أية جهة منها أتجه .. رفعت رأسي إلى العلا .. شاهدت وجه السماء مغطى بغيوم متعددة .. تمنيت الرحيل إلى كوكب آخر .. لكن حنين إلى الماضي أبقاني .. وكأن صوت جدي يصرخ في أعماقي .. وبصوت جريح ناداني .. تركت البحر .. لم ألتفت ورائي .. وإلى بيت جدي توجهت!
 





الاربعاء ٢٧ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أب / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نوال عباسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة