شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس للحكمة مسارواحد فمساراتها متعدده وأحكامها متنوعه وليس للأقوال خواطر محددة فمجالاتها واسعه ومتشعبة فهناك دار للحكمة وأماكن للحكمة ورجال للحكمة ومختصين بالأقوال الحكيمة التي يتناقلها الناس ويشيرون اليها في كتاباتهم لأن اقوال العظماء والعلماء والمختصين حِكَمْ تكون مصدر الهام وحضور وأشارة لجمهور الدارسين والمهتمين والساعين للحصول على ينابيع المعرفة من مصادرها الأصيلة لأنها أحكام وحوارات وعلوم معرفية ونتاجات ثقافية لا تنحصر في زمن او شخص او دين او علم وتتميز بالدقة والأختصاروالتميّز والواقعية وصواب الرأي تنشّط الفكر الأنساني وتمحص الأذواق والأقوال وتوسع الحوار العلمي والأدبي والفلسفي فترتاح النفوس وتنتعش الضمائر وتكتمل الصورة الجميلة للأشياء والأفعال والأقوال التي تزيد من الوعي الأنساني بالأعتماد على تجارب الأخرين ومسالك أفكارهم من خلال أقوالهم ومآثرهم وكتاباتهم المنقولة بالأثر كمخطوطات او كتب او هوامش او شروحات ولا يكاد شعب يخلو من هذه الأقوال والأحكام ولا توجد في العالم لغة لا تحمل بين كلماتها أمثال وأقوال منقولة من عهود وشخصيات غائرة في الأزمان حيث تترسخ هذه الأقوال والمعتقدات والأمثال في عقول وضمائر الناس فتتناقلها الأجيال فتضمن بالتالي أستمراريتها ادامتها وقوة تأثيرها .

ان من الصواب والتعقل ان نستفاد من تجارب الآخرين وعصارة أفكارهم بما يناسبنا ويليق بديننا وموطننا ومجتمعنا لنبني صرح الحاضر ونحن مطمئنين من صواب أفكارنا وسلامة مناهجنا وحسن سلوكياتنا وأن من الحكمة ان نتعلم ونمضي في معارفنا مادامت الأيام فينا ولا نقف في مفترق الطرق لا نرى في الصورة الا تاريخ من يذيّلها لنا ليفكر الجهلة في قيادتنا الى حافية الهاوية فليس كل من لبس العمامة مؤمن وليس كل من رفع الأقلام قال اني معلم علينا ان نمحص الأقوال ونفحص السيرلكي لا نشرب المياه من السواقي بل من ينابيعها الصافية ونتابع الأحكام بالأثر من أشخاص تميزوا بالحق والمنطق ورجاحة العقل والضمير ومخافة الله ونضع الأمور في نصابها الصحيح حتى لا نقع في المحذور ونحيد عن جادة الصواب لأن هذه الأحكام تترجم للواقع وهذه الأقوال خلاصة لتجارب الماضي في مخطوطات وسِيَرْ ومذكَّرات وهوامش ودروس في الفكر والعبر تنقّي الذات وتصقل المواهب وتنمّي السلوك الأنساني فهي خلاصة للمعرفة وختام للتجربة ومسار للمآثرلا يمكن الأستغناء عن مكنوناتها .

وفي مقدمة هذه الأقوال قول رسولنا الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم حيث يقول ( أني أخوف ما أخاف الشرك الأصغر ... قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال : الرياء . يقول الله عز وجل يوم القيامة أذا جازى العباد بأعمالهم أذْهبوا الى اللذين كنتم تراؤون في الدنيا هل تجدون عنهم الجزاء .) فلنجعل خالص اعمالنا لله دون غيره من كُذّاب الآفاق وتجار الظروف لأن رضا الله هو سبيل النجاة في الدنيا قبل اللآخرة .

يقول الأمام علي عليه السلام ( من أعتمد على ماله قَل ... ومن أعتمد على عقله ضَل ... ومن أعتمد على جاهه ذَل .... ومن أعتمد على الله لا قَلَ ولا ظَلَ ولا ذَلْ ) أنه قول حكيم من شخصية أشتهرت بالحكمة والموعظة الحسنة والشجاعة الفائقة ولنا في رسول الله وآله وأصحابه أسوة حسنة في تفكيرنا ومناهجنا وأفعالنا. وهناك مثل نرويجي يقول :
( Det finnes ikke dårlig vær, bare dårlig klær ). عندما وصلنا الى النرويج لم نكن نتوقع انخفاض درجات الحرارة الى 35 درجة تحت الصفر وكنا نرتجف أمام المعلمين من شدة البرد وكانوا يرددون على مسامعنا هذا المثل المذكور أنفا وترجمته تقول ليس هنالك جو رديء او بارد لكن هناك ملابس خفيفة أو ملابس ثقيله فقط فأن لبسنا ملابس شتوية ثقيله وتحسبنا للبرد فأننا لا نبرد أبدا وكان لهذا القول أو الحكمة أثر كبير في تكيّفنا مع ظروف البرد القارس في شتاء النرويج.

ويقول وهب بن منبّه ( رؤوس النعم ثلاث ... أولها نعمة الأسلام التي لا تتم النعم الا بها ... وثانيهما نعمة العافية التي لا تطيب الحياة الا بها ... وثالثها نعمة الغنى التي لا يتم العيش الا بها ) وهو قول حكيم واضح الدلالة ودقيق المعنى يضاف اليه صدقه وواقعيته . ويقال ثلاث تطيل العمر... الدار الوسيعة والفرس السريعة والمرأة المطيعة ... وسعادة بن أدم وشقاءه ثلاث .. فمن سعادته الزوجه الصالحة والمركب الصالح والسكن الواسع وشقاء ابن آدم في المسكن السوء والمركب السوء والزوجه السوء .

ومن يمتلك هذه الأشياء تضمن سعادته ومن يفقدها يعيش في تعاسة وألم وضيق أسأل الله ان يعطي من لا دار له دار واسعة تؤمّن له العيش الرغيد ومن لم يتزوج أمرأة صالحة تسره وتسعده وتحفظ ماله وعرضه وتنجب له ما يديم ذكره ومن لا يمتلك مركب صالح يعطيه الله مركبا سريعا يحط به على سطح القمر يرى جميع العباد ويكون قريبا من خالقهم .





الخميس ٢ محرم ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة