شبكة ذي قار
عـاجـل










وكانت الجمعية العامة أصدرت في ٢٤ - ١٠ - ١٩٧٠، وتحت الرقم ٢٦٢٥ الإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي ، الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول ، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وقد جاء فيه {{ أن على كل دولة أن تمتنع عن اللجوء إلى أي تدبير قسري من شأنه أنّه يحرم الشعوب من حقها في تقرير مصيرها ، ومن حريتها واستقلالها وعندما تنتفض هذه الشعوب ، وتقاوم ، خلال ممارستها حقها في تقرير مصيرها ، أي تدبير قسري كهذا ، فمن حقها أن تلتمس وتتلقى دعماً يتلاءم مع أهداف الميثاق ومبادئه }} ولو راجعنا مجموعة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة لوجدنا أن هناك ، منذ العالم ١٩٧٥، نصاً يتكرر سنوياً ويتضمن إعادة تأكيد الجمعية { شرعية كفاح الشعوب في سبيل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية ، ومن التحكم الأجنبي ، بكل ما تملك هذه الشعوب من وسائل ، بما في ذلك الكفاح المسلح } وهكذا يكون واضحاً أن لاخلاف في الاتفاقيات الدولية والمواثيق التي تم التوقيع عليها دولياً بأن من حق شعوب الأرض أن يدافعوا عن أنفسهم أما اعتداءات الدول الأجنبية والاستعمارية واحتلالها بكل الوسائل المتاحة والمتفق عليها دولياً وبالإضافة إلى كل ما ذكرنا ينبغي لنا ألا ننسى موقف الجمعية العامة من حركات التحرير الوطني في العالم ،

فقد استطاعت هذه الجمعية أن تكرس وجود هذه الحركات وترفع من شأنها ومكانتها بمنحها صفة العضو المراقب وتأتي قضية فلسطين لتكون من أوائل القضايا التي ينبغي أن يدافع عنها، هذه القضية التي لا تفتقر إلى شرعية دولية، فالحق الثابت هو أن وعد بلفور وقرار التقسيم وقيام الكيان الصهيوني والاحتلال لمزيد من الأرض والأهداف التوسعية القائمة، كل هذا يتناقض مع الشرعية الدولية جملة وتفصيلاً وأن تحرير الأرض والجهاد لاستعادتها عنصران أساسيان في مفاهيم القانون الدولي لا يسقطان منه حتّى ولو تخلى بعض الناس عنهما شرعية المقاومة من خلال تجارب الشعوب في تحصيل حقوقها إن مقاومة شعبنا الفلسطيني للاحتلال الصهيوني ، تشبه الكثير من أمثلة المقاومة التي قامت بها شعوب عديدة قديماً وحديثاً ضد الاستعمار الأجنبي وضد الظلم والعدوان ، فشعوب الولايات المتحدة وأوروبا خاضت صراعاً ومقاومة شعبية من أجل التحرر والاستقلال ، وسأتطرق الى بعض النماذج الموجزة لتجارب هذه الشعوب في المقاومة نسوقها ليس لشعبنا الفلسطيني أو لابناء أمتنا العربية أو المسلمين من أجل إقناعهم بشرعية مقاومتنا ضد العدو الصهيوني ، فنحن لانحتاج من ينظر علينا بشرعية المقاومة ،

وكذا المجاهدون الذين يقاومون المحتل لا ينتظرون من أحد إقناعهم بأن عملهم وجهادهم ونضالهم مشروع بل واجب وفريضة عين عليهم ، وإنّما نسوق هذه النماذج والأمثلة للادارة ألامريكية نفسها التي تتعامل مع حقوق الشعوب بوجهين وازدواجية انتهازية على حساب الحق والحقيقة ولدول أوروبا الذين صراخهم بحق تقرير المصير ونشر الديمقراطية وانهاء الحكم الشمولي كي نكشف حقيقتهم ووجههم الكالح الذي لاسمه تميزه سوى تلطخه بدماء الشعوب ، ولأولئك المهزومين نفسياً من الحكام وأبناء الأمة الذين انساقوا وراء المقولات والدعاية المعادية وأصبحوا يتشككون بشرعية المقاومة أو جدواها أو بحقنا في ممارستها ، المقاومة الأميركية أو حرب الاستقلال انطلقت إشارة المقاومة في ٢٩ أيار ١٧٦٥ من مجلس فرجينيا على شكل مقاطعة تجارية فتمت مقاطعة البضائع الإنكليزية، ومن ثم تطورت حركة المقاومة فقامت لجان شعبية في طول البلاد، ووقع أول صدام عسكري بين كتيبة إنكليزية وأفراد من المليشيا الأميركية في لكسنغتن في ١٩ نيسان ١٧٧٥، وكانت الشرارة التي أطلقت لحرب الاستقلال. وفي ٤ تموز ١٧٧٦ اتخذ الكونغرس قراراً بإعلان الاستقلال التام، بعد أن عقد الكونغرس اتفاقاً مع فرنسا التي بموجبه بدأت تدعم الثورة الأميركية بكل الوسائل المتاحة، من المعدات العسكرية وحتى أن الشباب الفرنسي بدأ يتطوع بأعداد كبيرة مقدماً خدماته للكونغرس الأميركي وفي ١٧ تشرين الأول عام ١٧٧٧ اضطر الجيش الإنكليزي للاستسلام بفعل ضربات المقاومة في بلدة سراتوغا، فادى هذا الانتصار إلى عقد معاهدة جديدة بين الأميركيين وفرنسا في ٦ شباط ١٧٧٨، وبدأت الأساطيل الفرنسية بمهاجمة الجيش الإنكليزي وأثمر هذا التعاون بين الجيش الفرنسي والأميركي بقيادة واشنطن ولافييت على استسلام الجيش الإنكليزي الوحيد الذي له القدرة على المناورة في البر، وذلك في مدينة بورتون في ١٩ تشرين الأول ١٧٨١ وبذلك ربح الأميركيون الحرب ونشأت بذلك الولايات المتحدة الأميركية المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي تم توقيع معاهدة استسلام فرنسا للألمان في ٢٢ حزيران ١٩٤٠ وتضمنت شروط مذلة لفرنسا ، ولكن الجنرال ديغول رفض الاستسلام وغادر فرنسا إلى بريطانيا حيث أعلن تشكيل حكومة فرنسا الحرة التي صممت على متابعة الحرب إلى جانب حلفائها وبعد سقوط حكومة فيشي في فرنسا العام ١٩٤٠ بدأت انتفاضة تعمل في الخفاء ضد الألمان ولم تمض أسابيع قليلة حتّى باشرت جماعات فرنسية صغيرة المقاومة على مختلف أنواعها ، من نقل معلومات وتهريب الطيارين البريطانيين وتوزيع المنشورات وتخريب سكك الحديد وغيرها وعندما هاجم هتلر روسيا بدأ أعضاء الحزب الشيوعي الفرنسي ينخرطون في المقاومة ،

كما انضم إليها العمال وقد انبثق عن هؤلاء جميعاً نوع من الوحدة الوطنية تحققت في أيار ١٩٤٣، عندما تمكن ممثل ديغول الشخصي من إنشاء المجلس الوطني للمقاومة الذي اصبح بمثابة فدرالية ضمت جميع حركات المقاومة الرئيسية وكان الضابط العسكري حينها شارل ديغول يقود هذه المقاومة من لندن ، حيث أسس منظمة اسماها فرنسا الحرة ، وسريعاً ما عين لها هيئة باسم اللجنة الوطنية الفرنسية ، التي كان يعتبرها حكومة شرعية وانتقل شارل ديغول إلى الجزائر ليقود معركة تحرير فرنسا منها في العام ١٩٤٣ وعندما نزلت القوات الحليفة في النورماندي في فرنسا في ٦ حزيران نمت المقاومة وقامت بدور مهم في المعارك التي أعقبت الإنزال وساعدت على القوات الألمانية ، وأخذت تسيطر على المدن والقرى طاردة القوات الفيشية ، ومفسحة في المجال لحكومة ديغول المؤقتة كي ترسل ممثلين عنها لتتسلم السلطة في الأراضي المحررة ، ثم دخلت الوحدة الفرنسية الحرة باريس في ٢٥ آب ١٩٤٤، كما دخلها ديغول في اليوم نفسه واعترف الحلفاء بحكومة ديغول في تشرين أول من العام نفسه ، التي أكملت مشوار ها في تحرير فرنسا بشكل كامل ، أشكال المقاومة للاحتلال الألماني في أوروبا على نقيض فرنسا حيث حاربت الحكومة المقاومة اتسعت الحركات المقاومة في الدول الأخرى المحتلة ففي بلجيكا رفضت الكنيسة قبول مرتدي البزات السياسية لتناول القربان المقدس، والسماح برفع الأعلام السياسية في بيوت العبادة.

واعترضت على ترحيل العمال إلى ألمانيا، وقاطع الطلاب الأساتذة المتعاونين مع الاحتلال الذين يعينون في الجامعات، وبين شباط وأيار ١٩٤٣ أعلنت إضرابات كبرى في لياج وشارلروا ولالوفيير ومون وفرنييه ، وفي لوكسمبرغ في آب ١٩٤١ أعلن إضراب عام كان أول إضراب أعلن عنه في بلد محتل، وفي سنة ١٩٤٣ تنظم الحزب الوطني اللوكسمبرغي الذي قام بأعمال تخريبية كثيرة ، وفر من الجيش الوطني أكثر من خمسة ألاف شاب لوكسمبرغي ورحلت بين ١١٠٠ و١٢٠٠ عائلة إلى بولونيا، وفي الأشهر الأخيرة شكل ألوف المقاومين عصابات مسلحة في إحراج الأردين وفي هولندا أعلنت إضرابات لمدة ثلاثة أيام في أمستردام ثم شملت المدن الأخرى في شباط من سنة ١٩٤١ م، وتجددت مثل هذه الإضرابات في نيسان وأيار ١٩٤٣ وفي الدنمارك تنظمت المقاومة بعد تشتت طويل بفضل { مجلس الحرية } الذي تألف في شهر آب من سنة ١٩٤٣ من ممثلين عن كافة الأحزاب الناشطة، وقد ركز كافة الجهود على الصناعات الحيوية التي تخدم المصالح الألمانية وعلى وسائل النقل، ففي ٢٤ حزيران ١٩٤٤ مثلاً قام ٧٠ وطنياً في مرفأ كوبنهاجن بتخريب مصنع للمدافع الرشاشة والمدافع المضادة للدبابات والبنادق تخريباً كاملاً، وكان الوحيد من نوعه في الدنمارك ألمقاومة الفيتنامية ضد الاحتلال الفرنسي في ١٩٤١ عقدت أحزاب فيتنامية عديدة من نزعات متباينة اجتماعاً لها على الأراضي الصينية، وألفت من بينها عصبة المنظمات الثورية في فيتنام وجهت نشاطها ضد اليابانيين المحتلين وضد السلطة الفرنسية وأخذت توسع من نشاطها في جميع جهات البلاد، ونجحوا في تأليف حكومة مؤقتة برئاسة هوشي منه، وأعلنت استقلال البلاد ولاقت الفرق الفرنسية مقاومة عنيفة عندما راح الأميرال «دار جنليو» يحاول إعادة السلطة الفرنسية على البلاد، وكان قصف الأسطول الفرنسي لمدينة هايفون بدء حرب عنيفة وقاسية ،

رغم التفاوت الكبير في الميزان العسكري الذي كان لصالح فرنسا، مع ذلك استطاعت المقاومة الفيتنامية السيطرة تماماً على الموقف، وفرض استراتيجيتهم نتيجة للتعاطف والتأييد التي تحظى بها من الأوساط الشعبية ونظمت نفسها في الجبال، وأخذت تنشئ معامل لصنع الأسلحة واقتصرت المناوشات الحربية على أعمال تؤدي إلى إنهاك الجيش الفرنسي وبالرغم من الانتصارات الحربية التي سجلها الجنرال الفرنسي دي لاتر عام ١٩٥١ استطاع معها أن يستعيد قسماً من الأراضي التي خسرتها فرنسا منذ عام ١٩٤٩، اشتد الصراع عنفاً ومرارة رغم الدعم الأميركي للقوات الفيتنامية ليلاً، والمحاولة الأخيرة التي جرب فيها الجيش الفرنسي تسجيل نصر حاسم، أدت إلى انهزامه الذريع أمام «ديان بيان فو» في أيار ١٩٥٤، وهذه الحرب التي دامت من سنة ١٩٤٥ إلى ١٩٥٤ كلفت فرنسا ضعفي قيمة الاستثمارات الفرنسية الموظفة في البلاد لقد انهارت الأنظمة الحاكمة أمام الاجتياح النازي، فنهضت الشعوب وحلت محل الحكومات في ممارسة حق الدفاع عن الأرض والاستقلال. وكانت المقاومة الشعبية هي الشكل المعتمد والسائد. وأبلت المقاومة بلاء حسناً، وكان لها الفضل الأكبر في إنهاك العدو قبل سحقه

يتبع بالحلقة الثالثة





الاربعاء ٨ محرم ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة