شبكة ذي قار
عـاجـل










تكمن قضايا العرب المنسية في احتلال هذا الجزء أو ذاك من الوطن العربي ، وهو ما دأب على تسميته بقضم الأطراف ، لأنها تقع في أطراف البلاد العربية ، باستثناء فلسطين التي تقع في القلب من الوطن العربي ، ليسهل السيطرة على الوطن العربي ، ويمنع قيام وحدة عربية بين المشرق والمغرب فيه ، وإن كانت قضية فلسطين ما زالت ماثلة في الاهتمام العربي ، رغم تراجع الكثير من المواقف من أطراف النظام العربي الرسمي عن الاهتمام ، بذلك ، إلا أن هناك قضايا عربية قد فقدتها الذاكرة العربية ، ومنها قضية احتلال المحمرة ـ عربستان ـ من قبل الفرس في العام 1925، واحتلال لواء الاسكندرون من اراضي بلاد الشام من قبل تركيا بعد الحرب العالمية ، وتقسيم بلاد العرب إلى دويلات ، وسبتة ومليلة ومضيق جبل طارق من الاراضي المغربية من قبل بريطانيا ، واحتلال الجزر العربية الثلاث من قبل الدولة الفارسية .

ورغم اغتصاب هذه الأراضي فإن للدول العربية علاقات مع من اغتصب ارضهم ، ولم تعد الأطراف العربية لا على المستوى القطري ، ولا على مستوى الجامعة تتحدث عن عمليات الاغتصاب ، وباتت الذاكرة الشعبية تنسى عروبة هذه الأراضي المغتصبة ، وتم احتواء الكثير من أبناء هذه المناطق في النسيج السياسي للدولة المغتصبة ، حتى أن نضالات أبناء هذه المناطق ضد الاحتلال لاتجد من يلتفت إليها ، ويقدم العون والمساعدة من قبل لا النظام العربي الرسمي ، ولا مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في البلاد العربية ، وانشغلت العديد من الدول العربية بقضاياها القطرية ، وبات البعض منها يناضل في الحفاظ على وحدته القطرية بعد الربيع العربي ، ووصل الأمر في عهر السياسة العربية الرسمية أن تكون بعض أطراف النظام العربي في الخندق الأمامي مع أعداء الأمة في التدمير والتخريب لدول شقيقة ، فالعراق نموذجاً حياً على عهر هذه السياسة الخرقاء .

حالة فقدان الذاكرة العربية الجماهيرية التي التقت مع تهافت أطراف النظام العربي الرسمي، وفشله في تحقيق التنمية والأمن الوطني ، تؤشر على فقدان العرب لدورهم الحضاري ، وطمع أصحاب المشاريع الاستعمارية في أراضيهم وثرواتهم سواء أكان على مستوى الاقليم ممثلاً في الأطماع الصهيونية والفارسية والتركية ، أو على المستوى الدولي ممثلاً في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي من جهة ، ومن روسيا من جهة أخرى ، التي باتت ذات تطلعات امبريالية لا تختلف عن التطلع الامبريالي الغربي ، وهو ما يبدو واضحاً من تدخلها المباشر في سوريا .

ما العمل أمام هذا الواقع المأساوي ؟ ، أمة تضيع سيادتها من بين أيديها ، وتسحب اراضيها من تحت أقدامها ، ويتم تدجين والغاء ثقافة وعروبة الأراضي المغتصبة منها ، لتكون غريبة الوجه واليد واللسان ، وتضيع ثرواتها أمام ناظريها ، أمة باتت في طور الصراع على البقاء كأمة رغم التجزأة التي ابتليت بها ، فهي مهددة بأكثر من التجزأة ،

أمة هذه حالها ، لها تاريخها ولها منجزها الحضاري ، فيها عوامل الوحدة اكثر بكثير ممن يستهدفها ، سواء على مستوى الاقليم ، أم على المستوى الدولي ، تملك طاقة بشرية ، أكد التاريخ أنها مستعدة للتضحية ، وتستطيع أن تنجز اكبر بكثير ، وفي زمن قياسي أكثر من أعدائها الذين يستهدفونها .

أمة لابد لها من النهوض وبسواعد أبنائها ، فثقافتها رغم التشويه المتعمد ثقافة نضالية ، وهي في أمس الحاجة من يقودها من خلال ما تنتجه هذه الأمة ، فهي أمة ولود تملك في أحشائها من سيتحمل المسؤولية لقيادتها ، وعلينا أن لا نسلم أنفسنا إلى اليأس والاحباط ، على أحزابنا السياسية ومؤسسات مجتمعاتنا المدنية ونقاباتنا المهنية أن تقوم بدورها ، علينا أن نقبل وجهات نظر بعضنا مع بعض دون شتم وقدح وذم ، فالديمقراطية أساسية في بناء المجتمعات وحقوق الإنسان مهمة للأفراد والمجتمعات ، ونهوض الأمة مسؤولية الجميع ، فهذه ليست أمة هذا الحزب أو ذاك هي أمتنا جميعاً ، كلنا أعضاء فيها ، ولنا خيرها وعلينا خرابها ودمارها ، فهل نحن صانعون ؟ ، إني على يقين أن الأمة ستنهض بسواعد أبنائها ، فالخير في وفي أمتي إلى يوم الدين ، صدقت يا رسول الله ، فأمة فيها هذا الرسول العظيم ستأخذ مكانها تحت الشمس في وحدتها وصلاح أمرها وتحرير أرضها وإنسانها .

dr_fraijat45@yahoo.com
 





الاثنين ٣ ربيع الاول ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة