شبكة ذي قار
عـاجـل










الحدود الشرقية للوطن العربي و خليجنا العربي ، الحرب الإيرانية الرابعة من عليه قيادتها و كيف نقبر طموحات الفرس الإمبراطورية ؟

1 ــ إن من يعتقد في أن دبلوماسية "التواطئ الدولي" قادرة علي وضع حلول يكون كمن يعتقد في وجود قنافذ ملساء في الطبيعة و هو يعرف مسبقا من أنها غير موجودة .. و القوي الدولية التي تطل برأسها اليوم علي الساحة الدولية كانت حقيقة قنافذ سياسية ملساء ما فتئت الإدارة الأمريكية بقيادة المجرم "جورج دبليو بوش " تربط علي جلدها و هي مطأطئة الرأس إما متوارية وراء السكوت التام أو مبررة لما تتقصده الإدارة الأمريكية بمشاريعها للمنطقة .. و حتي من بادر بصيغة فردية الرد عليها ... جوبه بمقولة " أوروبا العجوز " دون أن يجد سندا حتي بالصيغ الإعلامية للرد علي كولن باول و هو يستخدمها لإسكات " دوفيلبان الفرنسي" بصيغة تهديد مبطن ... قوي ماكنت لتطل برأسها اليوم علي المنطقة العربية لتوظف الفراغ السياسي القائم لو لا فعل المقاومة العراقية التي عرت السياسة الأمريكية بالكامل و قادتها بفعلها الإعتراضي الي جملة الهزائم التي عاشتها هذه الإدارة و لا زالت تعيشها بالرغم مما وفره لها " الربيع الكولونيالي" من أغطية توشحها الحقوق الإنسانية الكاذبة و الإنتقائية ، والإسقاط المبتذل لآليات الديمقراطية الغربية كوسائل تشظية للمجتمع العربي ان كان في صيغه القطرية خاصة أو القومية عامة . قوي تطل علي ساحتنا العربية و هي في ذاتها مادة و تصورا لم تتخلص من أثر " الصدمة و الترويع المطبقة علينا كعرب " .. بما يجعلها كقوي غير قادرة علي التنفس السياسي من خارج ما تتنفسه سياسة الإدارة الأمريكية و بما تتقصده من مشاريع لم تعد غائبة علي أي كان من العرب بمن فيهم الأمي .

لذلك كله أقول للبعض اعلاميين ، كتاب ، ساسة ، ممن يراهن علي هذا الطرف أو ذالك الطرف ؛ اطلالة صغيرة علي أمثالنا الشعبية ستجدون فيها الجواب الكفيل بجعلكم تقلعون عن آمال و أماني كاذبة ، و تذكروا من أن أجدادكم قالوا ذات يوم " ما يحك جلدك غير ظفرك و ما يبكيك غير جفنك " . و لعل أخوة لنا في العراق بادروا بذلك منذ الإحتلال و تبعهم أخوة لنا في فلسطين اليوم بما تمثله ثورة الشباب المقاوم و ما تستخدمه من وسائل كفيل بجعل الكل القائل بأمل التحرر و النهوض لهذه الأمــــة لا يتردد في الوقوف اجلالا لهم .

2 ــ تاريخنا ليس البعيد بل المعاصر يؤشر لنا كعرب من أن لعبة التفاوض و تمديدها كما هو بالنسبة للقضية الفلسطينية منذ الإحتلال الصهيوني و حتي اليوم أو ما هو قائم اليوم من لعبة من جنيف واحد الي جنيف 2 الي فينا الي مجلس الأمن ماهي إلا حالة مؤكدة للتواطئ التام بين مختلف القوي الدولية علي المنطقة العربية ... الكل يعرف من أن "داعش" حسب التوصيف الغربي و تنظيم الدولة الإسلامية حسب من يتبناها أومن يتقصد اغرائها للتقليل من أثرها العدائي للشعب خاصة في مناطق تواجد عناصرها أو للأمـــــة في ما يمكن أن يثيره طرحها من آثار تدميرية ... لم يكن لها وجود قبل جنيف واحد و حتي قبل جنيف 2 ... و لا كانت داعش حتي حزيران /جوان سنة 2014 في العراق ... اذن تخليق هذا الفصيل و في ظرف زمني محدود و مباشرة بعد أزمة أوكرانيا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك من أن المنطقة العربية تماما كما حصل في نهاية الحرب العالمية الأولي و كما حصل في نهاية الحرب العالمية الثانية ... هي المنطقة التي ستدفع ضريبة ارساء نظام دولي جديد ... و الا كيف يمكننا أن نفسر :

أولا = التحول التام في السياسة السعودية بالتوازي و ظهور داعش ... متخذة موقفا مواجها للعربدة الإيرانية المدعومة ان كان خطابا اعلاميا أو سياسيا من " الطرفين الأساسيين أمريكا التي تقدمها كقوة اقليمية و روسيا التي تقدمها كحليف ... و الكل يعرف من أن صفة القوة الإقليمية ما كانت ايران لتحصل عليها لو لا التمكين الأمريكي لها بالعراق .“

ثانيا = أزمة النفط التي بدأت في الظهور تقريبا مع ظهور داعش ... تتجه نحو التعمق ... يبررونها في الغرب بتنامي انتاج النفط الصخري الأمريكي ... تبرير فج و غير مقبول ؛ ألا تشكل كأزمة مركبة " سياسية و اقتصادية " مؤشر علي تقصد بائن لإغراق المنطقة في مشاكل اجتماعية ــ ينطبق عليها ما قيل سنة 1990 : " قطع الأرزاق من قطع الأعناق".

صحيح من أن الأزمة شاملة للبلدان النفطية بما في ذلك السعودية غير أنها كلها قادرة علي تجاوزها اما بطاقتها الإنتاجية الهائلة أو بما متوفر لها من فوائض الا ايران لعددة أسباب :

ــ العراق لم يعد يمتلك واردات مالية و دولة مفلسة بسبب النهب الإيراني طيلة سنوات الإحتلال مما يعني بقاؤها في العراق سيكون مكلفا لها و عبء اضافي و بقاؤها في سوريا لم تعد تمتلك الموارد لإدامته .. الأمر الذي دفع الروس الي التدخل لحمايتها و رفع الضغط عنها بالنيابة .. كما لم يعد لها من الموارد لإبقاء حيوية حزب الله بما يمثله من اندفاعات استعراضية للقوة .

ــ حسب وكالة مهر الإيرانية 40% من سكان ايران يعيشون حاليا تحت عتبة الفقر ... دون اعتبار الصراع بين مختلف قومياتها ، و مكونات النظام ذاته السياسية .

لذلك ايران اليوم كايران سنة 1979 تبحث بكل الوسائل علي تفجير المنطقة الآن اعتمادا علي القبول الدولي لها بعد استجابتها لما فرض عليها من شروط ذات علاقة ببرنامجها النووي محل القبول الشعبي الذي ساد سنة 1979 ... و ما اختلاق أزمتها مع السعودية الا مؤشر علي بداية التفجير في تشابه تام مع ما حصل من قبلها مع العراق سنة 1979ــ 1980 ... حد أنها بدأت تلوح بالقول من أن الإستفزازات السعودية ستلقي بظلالها علي مسألة التسوية السورية ... و ليس من المستبعد رغم مطالب التهدئة و ضبط النفس المصرح بها في كل العواصم الغربية بما في ذلك موسكو من أن تأخذ الأزمة منحي الحرب ، و هو الأمر الذي تريده أمريكا و الغرب عامة و تريده روسيا أيضا ... أي حرب بالوكالة تستهدف اعادة رسم كل خارطة الشرق الأوسط ــ طريق الحريرسابقا أساسا من أفغانستان و حتي البحر الأبيض المتوسط ــ ... كيف سيكون و ضمن أية حدود ؟ هذا تفرضه قدرة كل طرف و امكاناته التي توفر له التحكم في الجغرافيا .

3 ــ علينا أن لا ننسي من أن مبدأ الإحتواء المزدوج الذي وضعته أمريكا منذ نهاية حرب فيتنام لكل من العراق و ايران ــ خاصة بعد انكفاء الشاه ــ لم يلغي باحتلال العراق و انما لا زال قائما باعتبار أن :

أولا = فشل الأمريكان في احتواء العراق تحول الي كابوس إن لم نقل المسمار الأول في نعش ما كانت الإمبراطورية الأنجلو ـــ صهيونية تمني النفس به من تفوق عالمي مطلق حد القول من أن القرن الواحد و العشرين هو القرن الأمريكي ... لذلك سارعوا الي تكليف ايران المحتواة منذ وصول الخميني في مشروعهم الإمبراطوري بمفهوم القوة المكملة لذلك بالوضع العراقي و ادارته طبقا لمصالحهم ، و تحت طائلة الإندفاعة الإيرانية ــ بابعادها الفارسية في صيغة احياء لما بدأه الشاه و بوسائل أكثر فاعلية "الطائفية " أساسا ــ .

إن تعثر هذه الإندفاعة ان كان في العراق أو سوريا أو البحرين ؛ و حتي لا تنفرط خطوط استراتيجيتهم تلك و يستفيد الروس منها . سارعوا الي انقاذ حليفهم الإيراني المشاكس اعلاميا و الفاعل ميدانيا و ماديا و ذلك من خلال مسار مشابه أو مكمل لما قام به الروس :

إذ مثلما أنقذ الروس الإيرانيين من أزمتهم في سوريا بالحلول محلهم الي جانب نظام بشار ؛ فالأمريكان تكفلوا بجانبين الأول التغطية علي التدخل الإيراني العسكري في العراق تحت مظلة التحالف الدولي المناهض لإرهاب ”داعش ” بتوفير الغطاء الجوي و بالقوات العسكرية تطبيقا لمبدأ أوباما القائل باعتبار حالة الطوارئ بالنسبة لأمريكا قائمة في ما يتعلق بالعراق رغم ما أعلنته ادارته من انسحاب من هذا البلد ، و الثاني باعادة التوازن للوضع الإقتصادي المنهار في دولة الملالي بتسريح ما مجمد من أموال أولا و بتشجيع بائن لشركاتهم في التوجه للسوق الإيرانية بما سيتبع ذلك من تبعية الدول الغربية لذلك السلوك الأمريكي .

ثانيا = الكل يعرف من أن الأمريكان مارسو الرشوة للسيستاني ب 200 مليون دولار منذ 1987 و هو ما أكده المجرم رامسفيلد في كتابه بهدف تكوين رصيد لهم في "حوزة النجف" القصد منها تقوية هذه الحوزة علي حساب حوزة قم ــ أي نفوذ ولاية الفقيه ــ لذلك نشاهد بين الفينة و الأخري "السيستاني " يمارس النقد لحكومة الإحتلال العراقية ــ الإيرانية ــ في شكل رسائل تطمين للأمريكان ... حول فساد الحكومة العراقية آخرها خطبة الجمعة ليوم 08/01/2016 حول الفساد دون أن يتجسد النقد سلوكا ماديا علي أرض الواقع ، لا بل العكس هو الحاصل إذ اقترن النقد بمزيدا من جرائم المليشيات و تسارع بائن في التهجير و الإستلاء الإيراني علي الأراضي العراقية حد بناء المعسكرات في كل من ديالي و واسط و البصرة ... مما أسقط في أيدي الأمريكان ليكتشفوا متأخرين من أن "السيستاني" نفسه واقع تحت تأثير ولاية الفقيه و هو الذي كانوا يعولون عليه استنادا الي الحس النقدي عند أتباع المذهب الإثني عشري من العرب ليخلق بهذا الحس تفوقا علي حوزة قم ــ ولي الفقيه ــ بما يمكن الإصلاحيين في ايران من افتكاك السلطة ... اسقاط أشره الموقف المتردد أولا من عاصفة "حزم" الذي سرعان ما تحول الي تأييد لها ... ليسرعوا في مشاورات الملف النووي الإيراني بما ترتب عنه من اتفاقات تحييدا لذلك مثلما حيدو الكيمياوي السوري ؛ أي مسألة احتواء ايران مشروعا عبر الطريق السلمي أصبح ملف غير قابل للتحقيق ... فكانت عودتهم للتصعيد حتي و إن كان ما هو معلن يؤشر العكس تماما ، تصعيد سنعيشه قريبا لا بصيغة التدخل المباشر و إنما بصيغة وكـــلاء ، ولكنه كتصعيد لا يستهدف القطع مع لا عبهم الممتاز ايران بقدر ما يستهدفون منه ضبط حدود اللعب المسموح له به ، و مغازلة دول الخليج العربي كتبرئة ذمة مؤقتة .

باختصار أضحت بلاد العرب ساحة تصفية الحسابات بين ما تبقي من الأنظمة العربية ذاتها واللاعبين الإقليميين واللاعبين الدوليين الكبار، وبذلك أعادت لنا واقعا معاشا كانت الأمة قاد عاشته في عهد السلاجقة والمغول والصليبيين والاستعمار الغربي، وكلنا نتذكر عندما ألحق الكيان الصهيوني الهزيمة بنا في حرب جوان /يونيو 1967 ، وسط انقسام عربي واضح حينها تماما كما هو اليوم ، بادر المناضل الوطني و القومي جمال عبدالناصر، وهو يدرك تبعات الهزيمة، ومتطلبات التخلص منها أن هناك حاجة لاصطفاف جديد غير الاصطفاف القديم القائم على تصنيف الأنظمة بين محافظين حلفاء للغرب، وتقدميين حلفاء للشرق، فتقدم بكل ما عرف عنه من رجولة وصدق إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز، بمصالحة قومية ، كانت أول مفاعيلها مؤتمر الخرطوم واللاءات الثلاثة ( لا للصلح، لا للتفاوض، لا للتفريط في الأرض )، وما تبع ذلك من تسوية ملفات عديدة في العلاقات البينية بين العرب ، أسست لما كان من نتائج ميدانية عبرت عنها حرب أكتوبر 1973 و إن كانت النتائج الحرب السياسية مخيبة للآمال بما مثلته من ارتداد بائن عما كان يتقصده عبد الناصر و ما صيغ في مؤتمر الخرطوم كمرجعية .

فلماذا تعلونا اليوم " الطفولية اليسراوية " و " الشعبوية السياسية " ، و نسبق مناهج ادارة الدولة علي ثوابت الأمن القطري و القومي ، و نقف عند حدود نقد سلوكيات النظام السعودي التي لا نختلف علي كونها جزء من موقف فرضه انحيازه السياسي في فترة الوفاق الدولي ، أو ينطبق عليه ما ينطبق علي القوي التي طأطأت الرأس أمام التغول الأمريكي ليمسد علي عنقها المجرم جورج دبليو بوشو ، و لا نتعاطي و مبادرته كنظام خاصة و هي مبادرة ليست بعيدة في مضمونها عن مبادرة عبد الناصر و الكل يعرف من أن واقع السياسة الدولية لم يعد هو ذاته واقعها السابق ... المبادرة بقطع النظر عمن بادر بها فهي مبادرة تستهدف الأمن القومي و اعتراض تذويب هوية الأمــــة .. و تحد و لو جزئيا من مساويء الواقع المعاش للأمــــة ، رغم أنها لا تركز علي ساحة الحسم الحقيقي و هي العراق ، فما الذي يمنع من أن لا نلتقط المبادرة و نطورها تفاعلا لا انفعالا بما يحقق التقدم علي طريق التحرر و استعادة الأمـــــة العربية للحد الأدني من مرجعيتها التي تقف بالضد من كل محاولات تغييبها ؟ .. بدل أن نبقي في حدود الصراخ و المناكفة و الكل يري من أن أن مشاكل أقطارنا أصبح يناقشها الآخر و يضع لها الحلول طبقا لمصالحه بديلا عنها ... و أقطارعربية أصبحت محل تفتيت بائن و تغيير مؤكد و موثق لديمغرافيتها كما هو الحال في محافظات عدة من العراق لعـــــل ما تعيشه محافظة ديالي اليوم أبرز تجلياتها الوحشية و الدموية التي تتجاوز أفعال داعش و غيرها من المسميات المعبرة عن ميليشيات المرتزقة .
d.smiri@hotmail.fr





الخميس ١١ ربيع الثاني ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / كانون الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة