شبكة ذي قار
عـاجـل










كان لدينا وطن واحد محتل هو فلسطين ووطن اخر سليب هو الأحواز. الان صار لدينا أوطان محتلة مضافة من بينها العراق وليبيا وسوريا وأوطان أخرى لا تنتمي للامة فعليا بسبب وجود أنظمة تابعة للاجنبي . هذه الحقيقة تفرض علينا منهجية مختلفة في التفكير والتعاطي السياسي والثقافي والاعلامي . فالمعطيات صارت غير تلك التي كنا نتصدى لها قبل احتلال العراق وما الت اليه أحوال أمتنا كنتيجة مباشرة لاحتلال العراق .

صار من العبث ان نتحدث عن تحرير فلسطين كما كنا نفعل .
وصار من العبث أن نحكي وننظر لوحدة وأمة عربية كما كنا نفعل بطلاقة.
لم يعد بوسعنا أن نستحضر عوامل التنمية المستدامة وسبل فتح افاقها القومية .
أغلقت علينا منافذ التطلع لحرية حقيقة نمنحها أبعادها الانسانية الديمقراطية .

صار الحديث عن تطبيق علمي مبدع خلاق للاشتراكية يصطدم بعشرات المطبات بعد أن صارت ثرواتنا بعد غزو العراق نهبا للشركات التي طردناها عام ١٩٧٢ ونهب لنفقات عسكرية لا نرى فيها نفا لشعبنا بل على العكس.

اذن..لدينا عوامل ضاغطة واقعية تتوغل في مساماتنا وتحث فينا تغيير أنماطنا وتكتيكاتنا وتفرض وضع أرجحيات وتبديل أولويات مع حفاظنا الثابت على مبادئنا القومية التي بدونها نفقد هويتنا ونلغي وجودنا.

كيف نحرر أوطاننا في ضؤ واقع حال يفرض نفسه بقوة غاشمة :؟

في العراق .. لدينا بنى تحتية بشرية أسسناها خلال فترة حكمنا الوطني يتوجب علينا الارتكاز اليها وحقيقة الأمر ان هذه البنى هي التي حجرت مشروع الاحتلال وقيدت أهدافه . فالعمل المقاوم مثله مثل الاعمار والتنمية يستند الى ضرورات زمنية قد يضطر المقاومون الى فتحها على مصاريعها دونما قيود لان أي تقييد بأجندات زمنية للتحرير قد يفضي الى نتائج تعاكس الاهداف والغايات دون قصد بل بسبب العجلة المبنية على الشوق واللهفة المشروعة للحرية والاستقلال ولاثبات وجود وفاعلية مشروع التحرير والاستقلال. وتجربة العرب ثرية في هذا الباب من ثورة تحرير الجزائر مرورا بثورة تحرير فلسطين التي لازالت قائمة مادام أسم فلسطين العزيزة قائم ويستخدم.

ثورة تحرير فلسطين كانت تأخذ جل أبعادها من محتواها العربي القومي ومطاولتها الزمنية مرتبطة بتطوير امكانات الامة غير انها فقدت هذا الزخم تماما عند احتلال العراق وما تلاه من تقزيم للفعل القومي واحتلال ليبيا والعبث بالامن القومي العربي كله في مشرق الوطن ومغربه . غزو العراق واحتلاله نجح في تحجيم الثورة الفلسطينية وحجم أفق التحرير وقلص مساحات الاعلام المساند له وأبعد الاهتمامات التي كانت تفرض أرجحيتها على العقول والالسن ومناهج العمل والاداء اليومي.

ان الغاء الدور القومي للعراق صاحبه تصعيد غريب عجيب في وضع بلد غير عربي كبديل للعراق هو ايران ونفخ الكيان الايراني على انه هو الذي سيحرر فلسطين بعد أن تحتل ايران العراق والخليج وسوريا ولبنان بل ان البعض لا يرى الاحتلال الايراني احتلال أصلا !!! ولم يكن هذا الأقحام وليد لحظة غزو العراق بل انه جزء من مخطط طالما فضحناه وكشفنا زواياه المظلمة منذ أكثر من ٥٠ عام وتضطلع به اميركا وايران والصهيونية واعوانها. وكلف بعض العرب الذين انخرطوا في عملية الاستسلام للكيان الصهيوني بتسويغ فكرة ايران المحررة لفلسطين ليصير احتلال العراق وكأنه لن يغير من معادلات الصراع العربي الصهيوني فيضربون بذلك الف عصفور بربع حجرة !!!

تحرير العراق يتطلب من بين ما يتطلبه تواصل الثوار في تجنيد الشعب ضمن القوى المناهضة للاحتلال والعملية السياسية المخابراتية الاحتلالية وجيوش وجبهات التحرير وضمن فلسفة الزمن المفتوح لانجاز التحرير .

ويتوجب على فيلق الاعلام المقاوم ومجاهدي العلاقات الخارجية تحقيق الاختراقات المطلوبة في كسر الحصار الباطل المفروض على العراق من دول الاحتلال والمستفيدين منه . ان القناعات الان راسخة والمشهد يعلن عن نفسه بوضوح تام اعلاميا وسياسيا ودبلوماسيا حيث ان موجة الشيطنة والتكفير والتبشيع التي استدعتها ظروف الغزو والاحتلال مازالت هي السائدة رغم ان الزمن وفعل المجاهدين قد حقق بعض المكاسب لصالح مناهضة مشروع الاحتلال وخطط توطينه. وما زال العرب الذين تورطوا بتدمير العراق اما يكابرون او خانعين للمشروع الامريكي الايراني الصهيوني .

لقد استطاعت ايران ان تسقط نفسها في جوانب معينه ونحن علينا أن نستثمر سقطاتها وهفواتها وعدوانيتها التي تخرج أو قد خرجت فعلا عن التطبيقات الباطنية وفلسفة التقية المعروفة عند دولة الولي الفقيه. فلا بأس أن يكون النجاح او الانتصار هنا أو هناك مرده تهور العدو وايغاله في الاجرام والعدوانية خاصة عندما تكون ظروف الحصار المجرم قد غزت البيئة الداخلية والبيئة المحيطة بهذا القدر أو ذاك .

ان تجنيد الشباب من أبناء شعبنا وتدريبهم عسكريا وعقائديا وادامة زخم التوعية الوطنية والتحشيد المقابل للطائفية السياسية والمحاصصة والفساد هو أحد مفاتيح تقليص الزمن والتكاليف لمشروع التحرير وهو واجب سياسي واعلامي - ثقافي الى جانب متطلبات البندقية المجاهدة فيه. وهنا أيضا علينا ان نلتفت الى ما يعاوننا به فشل العدو واخفاقاته المتنوعه وفساد منتجاته وسقوطه الاخلاقي وانغماسه بالجزئيات على حساب الشمولية الوطنية وعمالته الظاهرة وخضوع موظفي الاحتلال لاجندات خارجية متناقضة ومتنوعة.

ان كل عشاق فلسطين والاحواز والجولان وجزر الخليج وسبته ومليلة وغيرها من أرض العرب السليبة عليهم أن ينخرطوا في فصائل تحرير العراق ماديا وروحيا , سياسيا ودبلوماسيا واعلاميا, بعد ان صار خروج العراق من حاضنته القومية مدخلا لانهاك الامة وشرذمتها وابعاد احتمالات تحرير فلسطين و التجرؤ الاخرق على استبدال عراق الامة بكل ما قدمه للقضية الفلسطينية وقضايا الامة الاخرى من قبل البعض بايران التي في جوهرها دولة قومية كهنوتية طائفية استعمارية متحالفة سرا وعلنا مع الصهيونية والامبريالية.
ان مشروع التحرير للعراق وانطلاقا منه لكل الامة مدنيا وعسكريا يقتضي تحرك استثنائي للقوى القومية وانخراطها فورا في لم شمل الاحرار من العرب في كل أقطارهم تحت خيمة التحرير كعامل أو قاسم مشترك أعظم واللجؤ الى تجييش وتسليح أحرار الامة لان عدونا يسلح ويجييش ومواجهته تتطلب رصد امكاناته وفرص تفوقه المختلفة وأولها استعدادة للتخلي عن الاخلاق بكل تدرجاتها الاجتماعية والسياسية الامر الذي يعني انه لا دين ولا مذهب له.

التحرير يحتاج الى رجال وبنادق وسياسة واعلام والى استحضار معطيات اللحظة وعدم الوقوع في اقفاص الماضي ودون ان نغادر ما افصح عنه الامس من مرارات .. ونحن لها .. كلها قائمة ولا تحتاج الأ الى السعة والعمق والارتقاء . والله المستعان.





السبت ١٠ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة