شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أحد يشك في أن فكرة المواطنة والعبور على الطائفية ومحاربة النفوذ الإيراني وعدم الاستعاضة عن ( القصر ) المنيف الذي هو العراق بأكواخ هي الأقاليم، وهو مما يطرحه الدكتور غسان العطية مدير المركز العراقي للتنمية والديمقراطية وراعي إحدى ( المبادرات ) التي تدعي إنقاذ العراق دون أن يعرف أحد من وراءها وما جهة تمويلها وإلى ماذا تهدف حقيقة؟

لا ينكر العطية في جميع مجالسه وأحاديثه التلفزيونية والصحفية أنه ممن عاون الاحتلال الأمريكي على إزالة الحكم الوطني الذي كان قائماً قبل الاحتلال واستبداله بنظام طائفي محاصصاتي أوصل العراق إلى الحضيض وعرض شعبه إلى الإبادة المستمرة إلى يومنا هذا وإلى يوم غد والذي بعده إذا لم ينتفض العراقيون ويخلصوا بلدهم وأنفسهم منه.

حديث العطية عن المصالحة الوطنية جميل وعن الدولة المدنية والمجتمع الديمقراطي أجمل، ولكن الأحاديث وحدها لا تكفي لإثبات صدق صاحبها، ففي الوقت الذي يدعو العطية إلى المصالحة يهاجم بشدة البعثيين وحزبهم وهم الذين سبقوه بأفكاره منذ العام 2003 عن الدولة المدنية والنظام الديمقراطي، وسبقوه منذ تأسس حزبهم في العام 1947 بجعل المواطنة ونبذ الطائفية والمساواة بين جميع شرائح المجتمع العربي وأديانه وطوائفه هي الأساس في التعامل مع الجميع، وذلك ما مثبت في دستورهم، فليراجعه إن شاء.

إن العطية ركب موجة مهاجمة البعث وفي ذهنه أن هذه الموجة ستجعل العراقيين يغمضون أعينهم ويسيرون وراء مبادرته، التي استعان من أجل تسويقها بسماسرة وفاسدين وسراق يعرفون كيف يحصدون المال السياسي ويسرقونه منه ومن غيره، بينما أغمض عينيه عن حقيقة أن العراقيين، بعد هذه السنوات الـ13 تأكدوا أن البعث بنى دولة ومن جاء بعدهم هدم الدولة وتقاسم الكعكة وأفقر العراق وأغرق بالديون وأجاع شعبه بنهبه وسرقاته وتنفيذه لأجندات أسيادهم.. فكيف سيحقق العطية مصالحته الوطنية وهو ينتصر للجلاد ضد الضحية؟ ومع من سيحققها؟

يدعو العطية البعثيين إلى عدم العيش في الماضي، فيما هو لا يتورع عن العيش في الماضي عندما يحمل أحقاده عليهم، ولا يلتفت وهو الذي يطرح نفسه مفكرا وعالماً إلى أن البعث حزب متجدد، والمتجدد لا يعيش في الماضي، كما أغفل تماماً أن البعثيين يقاومون نتاجات المحتل، الذي عاونه هو، وإفرازاته ويسعون إلى تحرير العراق معلنين أنهم ليسوا طلاب سلطة وأن تحرير العراق هو هدفهم وليستلم السلطة من الأحزاب الوطنية والتيارات والشخصيات بعد التحرير من تفرزه صناديق الانتخابات الحرة، وقد أعطوا آلاف الشهداء فداء لهذا الهدف بينهم عدد كبير من قيادييهم، فاي ماض هذا الذي يدعو العطية البعثيين إلى عدم العيش فيه.

إن العطية لو كان صادقاً في دعواه لوجد نفسه ومبادرته في خط البعثيين وحلفائهم من القوى الوطنية والقومية والإسلامية، وهم القطاع الأوسع من المعارضة العراقية المناوئة للعملية السياسية الاحتلالية، التي يدعو العطية، إن صدقاً وإن كذباً، إلى استبدالها بعملية سياسية عراقية، ولما هاجم البعثيين وحلفاءهم، ولو لم يكن يعيش في الماضي لما ذكر في مناسبة وغير مناسبة أن البعثيين اعتقلوه و ( بهذلوه ) وصادروا أملاكه في العام 1963، وأنه كان يشعر بالخوف عندما عاد إلى العراق في العام 1968، في قصدية لخلق المسوغ للهجوم عليهم وعلى حلفائهم.

عندما يتحدث العطية يوحي لمستمعي حديثه أنه يشبه غاندي ومانديلا، في حين أن غاندي ومانديلا لم تكن لديهم العقد التي تعيش، من الماضي إلى الآن، في صدر العطية وعقله، ولو كان مثلهم لبان، كما يوحي أن العراقيين كلهم يؤيدون مبادرته في حين أننا نعلم كم احتال السماسرة الذين اعتمد عليهم في جمع الأنفار الذين حضروا مؤتمر مبادرته في عمان.

أريد فقط أن أذكر العطية، إن كان ناسياً بفعل مر السنين، أن البعث حزب يمتد من مغرب الوطن إلى مشرقه وأنه بنى تجربة عملاقة في العراق ما زال من عاونهم هو على تهديمها تعجز معاولهم عن محوها، وأن هذا الحزب يعرف متى يقود جماهيره ويحرر العراق وفي أي لحظة، لا عن طريق المبادرات والمؤتمرات، فالعراق لم يغز ولم يحتل بمبادرة أو مؤتمر لكي يحرر بمبادرة أو مؤتمر.

وكم كنت سأكون سعيداً لو تمسك العطية بما ظنناه طروحات عقلانية بعد أن عاث الطائفيون فساداً في العراق وخربوه، ولو أنه لم يلتق معهم في مهاجمة القوى المعارضة والمقاومة، وفي مقدمتهم البعث وحلفاؤه.





الخميس ١٢ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة