شبكة ذي قار
عـاجـل










حكومة هنا ومرجعية هناك. قرارات هنا وأوامر هناك. من يحكمنا ؟ من يوجهنا ؟ من يرسم سياستنا ؟ لدينا كل شيء . لدينا رئيس ليس منه غير الاسم . وعندنا رئيس وزراء مشلول مغلوب على امره يسيّره حزبه كيف يشاء . ونمتلك برلمان لا يحمل من وظيفته غير العنوان. لدينا كل شيء ولا نملك أي شيء. هذا هو العراق.

هذا هو البلد المسروق الذي كان فيما مضى لوحة رسمت بيد فنان ، وصار اليوم سلة مهملات تلوك فيه الكلاب . بت اليوم اكره شيء اسمه العراق وصرت اكره من ينسبني للعراق. من يحكمنا ؟ من يدير دفتنا ؟ هل هو التيار الإسلامي الذي شوّه جمال العمائم وحول الدين الى تجارة وسمسرة ؟ أم التيار العلماني الذي عاش على فتات الاجنبي حينا من الدهر ؟ لله درك يا عراق كنت وما تزال مهتوك العرض مستباح من الجميع. لقد مرّ عليك الاخمينيون والعيلاميون ودنسوا طهارتك. وكان الساسانيون يغيرون عليك كل حين حتى طهّرك الاسلام من دنسهم ورفع شأنك بين الأمم . فما لبث أن مزقك المغول. وكان للأتراك والصفويون صولات وجولات على أرضك فتارة تتبع هذا وتارة تتبع ذاك.

وتبقى كما كنت منذ وجدت صابرا محتسبا تروي دماء أبناءك حقول الحنطة وبساتين النخيل ، ويختلط دمك بماء نهريك دجلة والفرات. ويخنقك العثمانيون قرون من السنين. وتبقى صابرا محتسبا. ويأتيك البريطانيون محررين لا فاتحين كما يزعمون وتبقى صابرا محتسبا. يسرقون خيراتك ويقتلون ابناءك ويغتصبون حرائرك وتبقى صابرا محتسبا. ويثور العسكر للخلاص والنجاة وليتهم لم يفعلوا. ثورات وانقلابات وقتل وسحل وتكبيل . وتبقى صابرا محتسبا.

حتى استنشق العراق طعم الاستقلال الحقيقي في عام 1968 وملكنا أرضنا ونفطنا وثرواتنا وبنبنا وعمرنا وانتقلنا من بلد متخلف الى بلد متقدم في شتى مناحي الحياة وعج الوطن الغالي بالعلماء الذين لم يبخلوا على بلدهم في الجهد والعمل الدؤب ولحقنا بركب الدول المتقدمة في الصناعة والزراعة وافتخرنا بقضائنا على آفة الأمية ووصلنا الى مستوى عالي من الأكتفاء الذاتي وعمت المدارس والجامعات عموم البلد من الشمال الى الجنوب ووقفنا مع أخوتنا العرب في السراء والضراء ولم نبخل عليهم لا بالمال ولا بالدم والتاريخ شاهد صدق لما نقول وكان جيشنا مفخرة من مفاخرنا الذي شهد بكفاءته وحسن إدائه العدو قبل الصديق . فخاف من خاف وهلع من هلع وتحركت قوى الظلام لوأد هذا التجربة التحررية الاصيلة فحركوا الملالي في ايران لضرب هذه التجربة الناجحة وكبح نهضتها وحين فشلوا بعد ثمان سنوات تآمروا مع من كانوا يدّعون بالأخوة ورباط الرحم واستقدموا ترسانتهم الحربية الى ديار هؤلاء المدّعين بالأصول العربية وشنوا معا حربا ضروسا غير متكافئة توجوه بفرض حصار جائر ظالم لكن صمود العراقيين أفزعهم فابتكروا خديعة أسلحة الدمار الشامل أنتهى بالاحتلال وإنهاء اروع وأشرف تجربة نضالية ناجحة وجاءوا بزمر من الخونة والسارقين والسماسرة وادعياء الوطنية ليؤسسوا دولة الأحقاد التي توزعت مناصبها بين اقزام الامريكيين والايرانيين فسرقوا وحطموا ما بناه الابطال وفعلوا بنا ما لم يفعله الآخرين ومازالوا يفعلون. لكننا لن نردد بعد اليوم الصبر والسلوان لحين الفرج بل سنردد الجهاد الجهاد لحين النصر المبين خلف راية الله أكبر التي يقودها من فجر ثورة الحق قبل أكثر من أربعة عقود ان شاء الله ويا محله النصر بعون الله .





الجمعة ١٣ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فلاح كامل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة