شبكة ذي قار
عـاجـل










كل الأمم وشعوب العالم ابتليت فمنهم من ابتلى بالزلازل والمجاعة والجفاف والحروب والاستعمار كما أن العالم كله ابتلى مرة واحدة في حروب عالمية راح ضحيتها الملايين من الناس ودمرت الآلاف من المدن والقرى كما شهدت البشرية فتن وأمراض فتاكة ولكن نهضت الشعوب وتحدت ما اصابها من ابتلاءات وهاهي اليوم تنعم بالتطور والتقدم وهناك من هي في طريق النمو ، وخير مثال شعب فيتنام الذي خرجت مؤخرا من الاستعمار والحرب الأهلية واستطاع في زمن وجيز أن تكون بلاده نموذجا للبلدان السائرة في طريق النمو وأصبحت دولة مصنعة ومصدرة للعديد من المنتجات وينعم شعبها بالأمان والحياة الكريمة .

فالأمة العربية هي جزء من هذا العالم وهي اليوم تبتلى بالاستعمار والحروب والفتن والمؤامرات كذلك تملك كل مقومات النهوض اذا استطاعت أن تتحدى هذا الواقع ببرودة العقل ولهيب الأيمان . لاشك أن الأمة العربية تختلف عن بقية الأمم الأخرى باعتبارها أمة الرسالات تملك من الثروات والموقع والطاقة البشرية ما يؤهلها أن تتبوأ مكانة مرموقة بين الأمم وأن تساهم في بناء الحضارة الانسانية ولهذا نجد أن كل القوى الاستعمارية والدول الاقليمية تطمع في ثرواتها وأن يكون لها موطن قدم على ارضها ضمن الصراع الدولي على مناطق النفوذ والهيمنة . فلا غرابة اذن أن تستهدف الأمة في أهم مرتكز لنهضتها هو الاستقرار الأمني والتحرر من الاستعمار والوحدة والديمقراطية الحقيقة التي تعطى للمواطن العربي أن يختار حكامه بكل حرية ، كما تعمل هذه القوى المعادية على أن تبقى الأمة أسيرة لواقعها دون أن يكون لها أمل في النهوض والنظر الى المستقبل بنظرة تفاؤل . فأهم طاقة تملكها اليوم الأمة العربية هي الشباب الذي مورس بحقه التهميش من قبل من احتكروا السياسة والمال والحكم الذين دفعوا بهذا الشباب الى وجهة لا تخدم بناء الوطن بل العديد منهم وقع في مصيدة الحركات الارهابية وعصابات المخدرات نتيجة الحرمان ومنهم من تقمص ثقافة تغريبية ابعدته عن هموم أمته وقيمها الحضارية والبقية يعيش حالة الانتظار والترقب لعل الظروف تتغير ليفسح له المجال في تحقيق حلمه في العمل والدراسة وبناء وطنه . فرغم كل هذا يبقى شبابنا يحمل طاقة هائلة وباستطاعته أن يمزق هذا الثوب المزيف الذي يحاول البعض الصاقه به . فإذا وثقنا في شبابنا وثقت الأمة العربية بنفسها .

فالبعث الذي ابتلى أكثر من غيره من الحركات السياسية في الوطن العربي أو حتى في العالم وما عاناه من الظلم سواء من الأعداء التقليديين للأمة العربية أومن عرب الجنسية وما قدمه من قوافل من الشهداء دفاعا عن عروبة العراق ووحدته الوطنية يبقى نموذجا في التحدى والأيمان بقدرات الأمة العربية ، فلولا هذا الأيمان ما كان ليضع الوحدة العربية كهدف استراتيجي لنهضة الأمة العربية ويباشر نضاله وأغلب أقطار الأمة العربية في الأربعينات من القرن الماضي تحت الاستعمار . فالبعث اكتسب الخبرة والتجربة والصلابة ما تجعله يتحدى الواقع الحالى رغم ما فيه من جبهات متعددة يستوجب مواجهتها والتصدي لها والتي تتكاثر يوميا ولكنها في نفس الوقت ساحة للنضال ما يتحتم علينا التوجه نحو الشباب أكثر من أي وقت مضى فخبرة الشيوخ لا تكفي وحدها لكي نختزل الزمن دون اختصار الطريق لتحقيق النهضة العربية المنشودة والتي هي غايتنا وغاية كل شريف ، ومن حق الشباب ان تمنح له الفرصة لصنع تاريخ هذه الأمة .

فزمن البكاء على الأطلال قد ولى فهذا زمن النضال والثورة ضد كل اشكال التسيب والخوف والأنانية والتحرر من كل العوائق النفسية التي تحول دون ابراز قدراتنا ومواهبنا ، زمن الرجوع الى الحالة الطبيعية للإنسان العربي بعدما عاش زمنا طويلا من الزيف والتضليل ، فالمحن التي يعيشها اليوم هي دروس وتجارب جعلته يطلع على الكثير من الحقائق التي غابت عنه أو تم تغييبه عنها من قبل دعاة الوطنية المزيفة دعاة الاسلام السياسي المغلف بعمامة الطائفية والمذهبية دعاة الحداثة والتغريب الموالين للغرب أكثر من موالاتهم لأوطانهم واليوم لم يبق للعرب اليوم سوى الرجوع الى القيم الوطنية الصحيحة التي يزول فيها التطرف بكل اشكاله والتعصب الأعمى ويحل محلهما القيم الثورية التي تثور أمام المفاسد والأفكار الهدامة ، وهنا تلعب القوى الوطنية والقومية والإسلامية المؤمنة الصادقة دورها بأن تناضل وتطرح مشروع النهضة في ظل الوحدة والحرية والعدالة لكي لا يجد الشعب نفسه وحيدا بدون طليعة .





الثلاثاء ٢٠ ذو القعــدة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب س . ع / الجزائر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة