شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما تجتمع عدة فصائل من المقاومة العراقية داخل مدينة الموصل وتعلن عن تآزرها في "تحالف الفصائل المسلحة في مدينة الموصل" بتاريخ السبت 13 محرم 1438 الموافق 15 تشرين الأول / أكتوبر 2016 لمجابهة الميليشيات الطائفية المرتبطة بالنظام الصفوي الإيراني، "إن أصرت" الأخيرة من الإقتراب أو دخول الموصل. فالأمر هنا بالقدر الذي يتعلق بالإنذار الذي وجهته الفصائل المسلحة لتلك الميليشيات، فإنه يمتد إلى نواحي خطيرة أخرى من أهمها ما يلي :

أولاً : إن المنطقة والعالم صار على دراية بما يرتكبه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، وميليشيات الحشد الطائفي من إرهاب ممنهج ضد المدنيين المسالمين، فهما وجهان لعملة الإرهاب الواحدة التي تهدف إلى تمزيق النسيج الإجتماعي العراقي، وتقسيم الوطن إلى كيانات طائفية وعرقية.

ثانياً : التحالف العسكري العربي الذي تقوده السعودية ضد المشروع الإيراني الصفوي الذي إمتد للآن داخل أربعة بلدان عربية، وآخذ بالتوجه نحو دول الخليج العربي.

ثالثاً : تحرك تركيا عسكرياً خارج حدودها الجنوبية في سوريا والعراق لدرء الإرهاب سواء بوجهيه التكفيري والطائفي، أو بما يتصل بالتمرد الإنفصالي لعناصر حزب العمال الكردستاني.

رابعاً : تناقضات الإدارات الأمريكية في مكافحتها للإرهاب، حيث يقتصر على الجانب التكفيري دون الطائفي؛ بل التواطىء الأمريكي صار جلياً لصالح الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران، وما ترتكبه من مجازر دموية ودمار شامل للعديد من المُدن، بدءً من جرف الصخر في محافظة بابل، مروراً ببيجي وتكريت في محافظة صلاح الدين وصولاً إلى الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار.

خامساً : زخم الوجود العسكري الروسي في سوريا، وما يفعله يومياً من قتل وتدمير وخراب بحق ثورة الشعب السوري ضد النظام الأسدي الوحشي المتحالف مع حُكام إيران الطائفيين.

وبما أن تشكيلات التحالف المسلح تتكون من :

أ- فصائل القيادة العليا للجهاد والتحرير.
ب- سرايا القيادة العامة للقوات المسلحة.
ج- كتائب التحرير والسلام.

وفصائل أخرى قد تكون محدودة مناطقياً، إلا أن "القيادة العليا للجهاد والتحرير" لها السعة الأكبر ميدانياً وسياسياً وإجتماعياً. إذ أن المجاهد عزة إبراهيم الدوري يترأس هذه "القيادة العليا"، وبذلك فإن هياكلها المتألفة من "جيش رجال الطريقة النقشبندية" والتشكيلات القتالية البعثية، فإن الإمتداد البعثي يكون منتشراً في المحافظات الوسطى والجنوبية، مما يجعل هذه القيادة تكون الأثقل بين أطياف المقاومة العراقية.

وبذا فإن "التحالف المسلح" داخل مدينة الموصل يدل على أن قيادات المقاومة العراقية قد إتخذت قراراً بالمجابهة ضد الإرهاب التكفيري والطائفي. بمعنى أن محاربة التنظيم الإرهابي الذي باشرت فيه هذه الفصائل داخل الموصل، سيستمر في محاربة الوجه الآخر من الإرهاب المتمثل بالميليشية الطائفية التي تنفذ مشروعاً إيرانياً صفوياً في المنطقة.

وهذا بدوره يرتبط بدائرة أوسع من حدود العراق، وهنا يبرز دور المقاومة العراقية في ميزان إستقرار الشرق الأوسط. وكما ساهمت المقاومة العراقية في إفشال المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير أو العظيم، فإنها ستساهم أيضاً في تحقيق الإستقرار للمنطقة وللعالم من خلال دحر المشروع الإيراني، سيما وأن السعودية جنوباً وتركيا شمالاً ضد التدخل الإيراني عبر أذرعها الطائفية المسلحة.

إن أختيار قادة المقاومة العراقية المجابهة في معركة الموصل بالتصدي "لميليشيات الحشد الصفوي الفارسي وسحقها داخل الموصل"، فإنه قراراً يذهب إلى ما هو أبعد من حدود هذه المعركة، إذ أن المشروع الإيراني يجبر ميليشياته الطائفية بالدخول إلى مدينة الموصل والعمل فيها كما فعلوا بالمُدن السابقة من قتل وفتك وحرق وتهجير، وذلك لإتمام المخطط الإيراني في الربط بين طهران ودمشق براً، وتطلعات مُلالي إيران إلى حوض البحر الأبيض المتوسط. وبما أن إيران لن تتراجع بسهولة عن مشروعها التوسعي الذي حققت فيه إنجازات كثيرة، لذا قررت المقاومة العراقية المجابهة، خصوصاً وأن العوامل الداخلية والعربية والإقليمية تجري في صالحها.

بعبارة أخرى، إن الشارع العراقي يمور ويغلي ضد الهيمنة الفارسية الإيرانية الطاغية على بلاده، وكذلك الشارع العربي عموماً والخليجي خصوصاً محبط من الليونة الأمريكية تجاه المشروع الصفوي الإيراني في البلدان العربية، والدول الغربية قلقة من التراجع الأمريكي والتصلب الروسي في المنطقة، وكل هذه الأوضاع أوجبت على قادة المقاومة أن تتخذ من معركة الموصل منطلقاً تصنع فيه حدثاً تاريخياً مهماً في مواجهة الميليشيات الموالية لإيران "وسحقها داخل المدينة" لكي تثبت قدرتها على إفشال المخطط الإيراني بالتطلع إلى مياه المتوسط عبر العاصمة دمشق.

في خضم سنوات المقاومة العراقية الضارية ضد قوات الإحتلال الأمريكي، قلنا : ما تفشل فيه أقوى دولة في العالم، لا يمكن لدولة إقليمية أن تنجح فيه ، بيد أن النظام الإيراني تمادى كثيراً. والآن أبطال المقاومة العراقية المظفرة ينطلقون من مدينة الموصل لتكون نواةً في طريق التحرير للعراق أرضاً وشعباً. ومهما كانت آلة الإعلام الأمريكي جبارة، فإنها لن تسطيع أن تخدع العالم بعد اليوم، فالمقاوم هو المقاوم، والإرهابي هو الإرهابي، لا يمكن التحريف والتحوير في تزييف الحقائق.

إن ما جرى في 10 من حزيران / يونيو 2014 من ثورة العشائر العربية المدعومة من فصائل المقاومة العراقية ضد الظلم والجور الذي مارسه رأس الخراب في العراق الطائفي نوري المالكي، والتي سرعان ما وصلت الثورة إلى أطراف بغداد، حتى أفتى السيستاني بالجهاد الكفائي في الرابع عشر من ذلك الشهر، وفي الثامن والعشرين منه، أعلن تنظيم الدولة : الخلافة الإسلامية ، ومقرها الموصل. وعلى هذا الإيقاع السريع تمت تغطية الحقائق ضد ثوار العشائر ورجال المقاومة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

إن صورة الزيف هذه، قد ولّت وحلّت مكانها صورة الحقيقة الساطعة، إن الموصل ستكون نواة تحرير العراق من رجس ودنس الصفويين وأذنابهم في بغداد. "وقلْ جاءَ الحقُ وزهقَ الباطلُ إنَ الباطلَ كانَ زهُوقا". (81:17).





الثلاثاء ١٧ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة