شبكة ذي قار
عـاجـل










دان حسن روحاني رئيس نظام الملالي في ايران التدخل في شؤون الدول وخرق سيادتها , في اشارة الى دخول القوات التركية الى شمال العراق , ولم نسمع مثل هذا النقد لتركيا عندما دخلت القوات التركية الى شمال سوريه , هذا يعني ان الموصل قد تشعل الصراع مجددا بين البلدين الاقليميين المجاورين للعرق .

ان هذا التخوف يعيدنا الى الصراع التاريخي بين البلدين , اذ ان العلاقات بينهما شهدت مدا وجزرا, صراعا وتعاون فهو تاريخ تنافس وحروب بالأساس، وما يفسر وجود الشمس على العلم الإيراني الذي اختاره الشاه إسماعيل الصفوي، ليس الا الرد على الهلال على العلم التركي، وقد بدأ الصراع عندما عمد السلطان إسماعيل الصفوى إلى تشيع إلايرانيين فى بدايات القرن السادس عشر الميلادي، وذلك لتدعيم قدراتها الصراعية مع تركيا بالروافد المذهبية . وهو الصراع الذي فكك وحدة الدول الاسلامية انذاك , وما زالت نتائجه ماثلة حتى الان .

ويفسرالبعض ان وقوف الدولة الايرانية ضد الدولة العثمانية وتعاونها مع البرتغاليين ومن ثم مع البريطانيين قد حال دون نشر الاسلام في البلدان الاوروبية في العقد الثاني من القرن السادس عشر. وهذا الصراع الذي انتهى على الارض انذاك بانتصار الاتراك قد اجج الصراع الطائفي بين المسلمين .

ولكن العلاقات بين البلدين مرت بقدر من الهدؤ والتعاون الاقتصادي , وقد شكلت تركيا حلقة وصل بينها وبين امريكا والغرب من جهه وبين ايران الملالي من جهة اخرى , الامر الذي جعل الملالي يطلبون من تركيا خلال الحرب بين ايران والعراق ابقاء جسر من العلاقة بينهم وبين امريكا , مع الاحتفاظ بمشروعها التوسعي " تصدير الثورة " , وبفضل هذا التعاون لم تسعى الى تصدير الثورة الى تركيا كما فعلت في بلدان اسلامية اخرى . وقد يكون الملالي قد حسبوا حسبا لتركيا ان تتدخل في ايران من خلال الاذريين الذين يشكلون ربع سكان ايران .

ورغم هذا الحذر الا ان الملالي لم يتركوا فرصة للتدخل في الشأن التركي من خلال نظام بشار الاسد , من خلال دعم حزب العمال الكردستاني التركي والسوري , متناسين وجود الاكراد الايرانيين واثارتهم ايضا ضد نظام الملالي . وقد اتهمت تركيا ايران تلميحا وتصريحا بانها تقف وراء عمليات اغتيال الصحفيين والكتاب الاتراك خلال فترة حكم رافسنجاني في ايران . وقد تبادل الطرفان الاتهامات كل منهما يتهم الاخر بدعم حزب الاكراد في البلدين .

كما ان لملالي ايران اطماع ونوايا باستعادة الامبراطورية الفارسية بالسيطرة على البلدان العربية , فان الطرف المحسوب على الملالي وجبهة الممانعة - اسما - يقولون ان تركيا اردوغان تسعى الى استعادة مجد الدولة العثمانية .

ويبدو ان تركيا قد اقتنعت باسلوب الملالي في اختراق البلدان من خلال المد الطائفي , فكما شكل الملالي حزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن والمليشيات في العراق , فان تركيا عادت تستخدم الاسلوب نفسه بالتعاون مع الجيش الحر في سوريا , فشكلت معه ما سمي بدرع الفرات , كما تعاونت مع محافظ الموصل السايق اثيل النجيفي لتشكيل الحشد العشائري او الحشد الوطني , الذين تم تدريبهم في معسكر بعشيقه شمال الموصل . وقد تشكل تركيا قوات درع دجله في العراق لمواجهة ال bkk .

معركة تركيا هي لضمان امنها القومي اي القضاء على خطر bkk في سوريه والعراق , وقد تحركت تركيا في الشمال السوري بعد ان دعمت الولايات المتحدة اكراد سوريه ونالوا مباركة روسيا ايضا وتمكنوا من الوصول الى غرب الفرات , ولا يستبعد ان تهاجم القوات التركية ال bkk في سنجار العراق .

صحيح ان العلاقات بين تركيا وايران ظلت في حدود التصريحات ولم تتعدى هذا الحد , ورغم الانتقادات التي وجهها الرئيس التركي "أردوغان" للملالي لدعمهم للحوثين وتدخلهم السافر في العراق , الا ان الملالي لم يردوا بالمثل , وهذا مؤشر على أن البلدين ليسا على استعداد لتعريض العلاقات الثنائية للخطر .

اما معركة الموصل قد تشعل فتيل الصراع بين الطرفين , ولاسيما ان حكومة بغداد الموالية للملالي تحركت بشكل لافت للعيان ضد تركيا بتقديم شكوى الى مجلس الامن والى الجامعة العربية , وما رافقها من تصريحات استفزازية من قبل قادة الحشد ا لطائفي , كلها تمهد الى احتمالية التصادم مع القوات التركية المتواجدة في بعشيقه , رغم كل التبريرات التي تقدمها الحكومة التركية , مثل الاتفاقيات المبرمة بين حكومتي العراق وتركيا بالسماح للقوات التركية دخول الاراضي العراقية الى حدود معينة لملاحقة قوات الاكراد المعارضة للحكومة التركية , اضافة الى دعوى تركيا بان قواتها في بعشيقه هي بناء على طلب حكومة اقليم كردستان العراق لتدريب البشمركه .

ويقول الكاتب التركي زاهد غول ان التحرك المريب وغير المتوازن للحكومة العراقية ينبغي النظر إليه على أنه تمهيد لعمل عدواني قد تقرره وتقوم به الحكومة العراقية ضد تركيا، وتريد وزارة الخارجية العراقية تذكير العالم بأنها سلكت كل الطرق الدبلوماسية لحل مسألة الاختلاف على الوجود العسكري التركي المحدود في بعشيقة، حيث أن الحكومة التركية كانت قد سحبت معظم جنودها إلى الحدود التركية العراقية، استجابة لمطالب أمريكية سابقة، ولكن الحكومة العراقية وتحت ضغوط إيرانية وروسية تسعى أو تضطر إلى افتعال مشكلة دولية مع العراق، وبالتالي فحتى لو بقي جندي تركي واحد في العراق فإن الحكومة العراقية لن تحتمل وجوده، لأن الضغوط الإيرانية والروسية تلاحقها بضرورة افتعال مشكلة مع تركيا لإخراج هذا الجندي . إن الموقف التركي من السياسة الطائفية الإيرانية في العراق وسوريا واليمن واضحة جداً، والوجود التركي العسكري في العراق محدود للغاية ولأهداف غير عسكرية، وهو من مصلحة الدول العربية، لأنه يصب في المصلحة العراقية العربية السنية، وهذا ما يقلق إيران وحلفها الطائفي بما فيه الحليف الطائفي الجديد بوتين، الذي يدعي تخوفه من الإرهاب الإسلامي في روسيا والقوقاز والشيشان وغيرها، وهو بذلك يكشف عن تحالفه الطائفي مع ايران ضد المسلمين السنة في تلك البلاد.

وتنظر تركيا الى الحرب في الموصل بعين الريبة حيث لا ينحصر قلقها بالخطر الكردي فحسب، بل يشمل خطرًا آخر يتمثّل في التمدد الشيعي المدعوم إيرانيًا. ولما لها من انعكاسات سلبية على الإستراتيجية التركية في حال لم تأخذ عملية تحرير المدينة الحسابات التركية ومن بينها منع انتقال عناصر داعش من الموصل باتجاه محافظة الرقة ومدينة الباب السوريتين، حيث إن ذلك لو حصل، فسيعقّد إلى حد كبير الحسابات التركية في عملية درع الفرات وسيضيف عليها أعباءً عسكرية إضافية يمكنها أن تحد من نجاحاتها. وهناك تحفّظات تركية أخرى اثناء معركة الموصل وبعدها , يتمثل في خوفها من عزم ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران من دخول قضاء تلّعفر الذي تقطنه أغلبية تركمانية وتأسيس حزامها الشيعي الواصل بين إيران وسوريا مرورًا بالعراق عبر تلعفر، لاسيَّما أنّ هذا الممر انقطع عقب احتلال داعش للقضاء المذكور، الأمر الذي أدّى إلى قطع الطريق البري الذي يصل سوريا بإيران. ورغم أن واشنطن قدّمت ضمانات لأنقرة بعدم السماح لميليشيات الحشد بالدخول إلى مركز مدينة الموصل، إلّا أنّ واشنطن أبلغت في الوقت نفسه عزمها على ترك تلعفر التي تعد أكبر قضاء تابع للموصل إلى الميليشيات.

اما نظام الملالي فيعتبر معركة الموصل مصيرية بالنسبة اليه , لانها تشكل المعبر الى سوريه ومن ثم الى لبنان , لضمان امداد حزب الله بالعون العسكري , وضمان موطئ قدم على شواطئ البحر المتوسط , وقد سبق للملالي ان تشدقوا بالفاظ واضحة انهم اصبحوا ملوك البحر ويتحكمون في البحر المتوسط وبحر العرب والبحر الاحمر ومضيقي باب المندب وهرمز .

ويبدو ان تركيا تتصرف لوحدها دون غطاء دولي , اذ ان الولايات المتحدة تدعم الاكراد منذ زمن بعيد واعطت الضؤ الاخضر لاكراد العراق ان يتصرفوا لوحدهم بمعزل عن الحكومة المركزية منذ عام 1991 , كما انها تدعم اكراد سوريه بالسلاح الذي تعتقد تركيا ان هذا السلاح وصل الى اكراد تركيا , ولولا الدعم الامريكي لما وصل اكراد سوريه الديمقراطية الى غرب الفرات والاقتراب من الحدود التركية , الامر الذي دعا تركيا الى تشكيل درع الفرات بالتعاون مع الجيش الحر الذي يسعى للوصول الى بلدة الباب .وتشكيل منطقة عازلة بالقوة بعد ان يئست تركيا من اقامة هذه المنطقة بقرار دولي وبمعارضة امريكية . ولا يخفي المسؤولون الامركيون نواياهم بدعم الاكراد , وهذا رئيس الاركان الجديد يقول امام الكونغرس ان مستقبل العراق اقامة دولتين فقط هي الاكراد والشيعه في الجنوب . كما ان اوباما قال في خطابه الوداعي ان ادارته تدعم ايران ضد الاسلام ويقصد السنة . كما يحضى الاكراد بدعم من روسيا بوتن . وعليه فان تركيا تعتمد على تاييد بعض الدول العربية مقابل موقفها المؤيد لعاصفة الحزم في اليمن .

معركة الموصل تعبير عن صراع ارادات متضادة في المصالح , فالولايات المتحدة التي تحارب داعش تتعاون مع الملالي سرا وعلنا وتسكت عن تحركاتهم في المنطقة التي صارت مستودع بارود متفجر على اصحاب الارض من العرب المسلمين . ويلتقي الملالي مع الامريكان والصهاينة في الهدف المركزي الذي يجمعهم وهو ضرب العرب والاسلام وتفتيتهم وتقسيم ارضهم لتسهيل السيطرة على الموقع الاستراتيجي للوطن العربي والثروات العربية . وتتقاسم روسيا هذه الاطراف في هذا الهدف لضمان مصالحها القومية ومصالح الكيان الصهيوني الذي تربطها معه مواثيق استراتيجية تضمن امنه في المنطقه .

من هذا المنطلق نجد هذا التحالف الذي يقف ضد العرب والاسلام , يحتم على الدول العربية المتضررة من هذا التحالف المعادي ان تقف مع تركيا ولو تكتيكيا مع ضمانات من تركيا اردوغان ان يكون التعاون محدودا في هذا الاطار بعيدا عن اي تمدد او سيطرة على اراضي العرب .

وعلى الاطراف المدافعة عن عروبة الموصل وعن الاسلام والعرب معا ان تدعم المقاومة العراقية الوطنية المدربة والقادرة على الدفاع عن الموصل ضد الاطماع الايرانية ومخططات الولايات المتحدة وروسيا . فهذه المقاومة قادرة على قهر المخططات المعادية كما هزمت من قبل القوات الامريكية الغازية لارض العراق واجبارها على الانسحاب عام 2011 .





الثلاثاء ٢٤ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة