شبكة ذي قار
عـاجـل










ودع الوطن بالأمس كوكبة من أبنائه في محافظتي الكرك والطفيلة ، من جنوبنا الصامد ، رغم الفقر والظلم الذي يعاني منه من ذوي الأمر ، إلا أن أبناءه لا يغادرون محبة الوطن ، ولا يجافون الإنتماء إليه ، ولا يتوانون عن تلبية النداء عندما ينادي الوطن حيّا على الجهاد ، كيف لا وهم العسكر والجند فيه ، وهم ربع الكفاف الحمر الذين يفخرون بكوفيتهم الحمراء .

ودع الوطن كوكبة من أبنائه في الدفاع عن الأرض والعرض أمام أشرار العالم ، ودناءة الفكر وضحالة العقل الذي يعشعش فيه كل عفونة الدنيا ، فمن تسول له نفسه أن يؤذي وطناً ويقتل مواطناً فلا خيرة فيه ، ولا فيما يتوهم ما تصنعه اياديه الملطخة بدماء الشرفاء والخيرين ، فكل من امتهن العسكرية هو من خيرة الخيرة ، لأنه عندما إختارهذه المهنة كان على يقين أنه يقدم نفسه وروحه فداءاً للوطن وحماية للمواطنين .

عزاؤنا في الذين رحلوا بالأمس أنهم نالوا الشهادة ، وأكدوا أنهم الأكرم منا جميعاً ، وتركوا لنا وصاياهم أمام الدفاع عن الوطن ترخص الحياة ، فلا حياة في ظل ذل أو مهانة من قاتل شرير ، ومجرم امتهن الاجرام في حق الإنسان الذي هو أكرم مخلوقات الله ، فقد أكد رب العزة من قتل إنساناً فكأنما قتل الناس جميعاً ، فكيف بمن زاد وصمم على قتل وطن ومواطنين .

هؤلاء الذين رحلوا هم أبناء كل واحد فينا ، وهم اخوة لنا جميعاً ، ونساؤنا وبناتنا ما بين أم وأخت لكل واحد فيهم ، فقد أصابتنا المصيبة جميعاً ، فنحن من أسرة واحدة تبدو معادنها عندما تدلهم الخطوب ، وهل هناك أبلى من خطب يصيب الوطن ويعتدي على المواطنين ؟ ، فقد ظهرت معادن الرجال الرجال في الذود عن حمى الوطن ، ولم يكن هناك فرق بين عسكري ومدني ، فالكل في خندق الدفاع عن وطنه ، فهو وطن الجميع حتى وإن كانت السلطة السياسية فيه غائبة عن دورها ومهماتها وواجباتها .

الوطن ملك لكل واحد فينا ، وليس لأحد أن يزاود على الآخر إلا بما يقدم لخدمة هذا الوطن واحترام مواطنيه ، وهؤلاء الذين ينسون واجباتهم في غمرة التكالب على السلطة أو الجاه أو جمع المال فهم قد غيبوا أنفسهم عن جادة الصواب ، بعيداً عن التخندق في خندق الوطن واحترام المواطنين ، فقد فقدوا صلة التقرب من هؤلاء الاكرم منا جميعاً ، فكل واحد من هؤلاء الشهداء ابناً من أبنائنا .

عزاؤنا في كوكبة الشهداء أنهم هبوا لتأدية الواجب ، فنالوا شرف الجندية واحترام الوطن والمواطن ، ولم تكن لهم حساباتنا نحن في هذه الحياة ، وقد قرعوا الجرس ، جرس الخطر أننا مستهدفون من قوى البغي والشر في هذا الاقليم على وجه الخصوص ، الذي باتت فيه عمليات القتل والتدمير والتشريد سمة متميزة عن باقي بقاع الأرض ، فكأنما يريد الله أن يمتحن صمودنا وصبرنا ، لأننا على يقين بعد هذا الصمود والصبر أن ننال الحق ، ونكنس الباطل ، ونزيل الأشرار من الطريق ، ليعود المجتمع العربي تحديداً لمنابع الخير والبذل والعطاء ، مجتمع الإنتاج والوحدة والمحبة ، ليبني دولته ، ويحقق أهدافه التي لابد وأن تكون في خدمته وخدمة الإنسانية جمعاء ، فما وجدنا إلا أن نكون في خدمة بني البشر ، فهكذا هي قيمنا وأعرافنا وعاداتنا .

عزاؤنا أن هذه الكوكبة قد خطت أمامنا الحرف الأول من درس اليقظة والارادة في أن كل من يستهدف وطننا نحن له بالمرصاد ، ولن نسمح له أن يمر ليدنس ترابنا ، ولا ليحرم النوم من عيون أطفالنا ، ولا ليروع بناتنا ونساءنا ، فقد كانت وصيات هؤلاء الاكرم منا جميعاً ها نحن قد سبقناكم في الخندق الأول ، فلا تدعوا كل شرير أن يستسهل القفز على جدار الوطن ، فدعوا كل مواطن أن يكون لبنة في المجتمع يقدم ما يستطيع وما تجود به نفسه ، فكل واحد لديه ما يقدمه على طريق بناء الوطن وخدمة المواطنين .

رحم الله شهداءنا ، وأسكنهم فسيح جناته ، وأشفى جرحانا ، وصوب خطانا على طريق الحق والخير لما فيه منفعة للوطن والمواطنين .

dr_fraijat45@yahoo.com





الخميس ٢٢ ربيع الاول ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / كانون الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة