شبكة ذي قار
عـاجـل










سعدي : صدام حسين كان الزعيم على مستوى العالم العربي آنذاك رفقة جمال عبد الناصر في مصر وهواري بومدين في الجزائر، وكان الديبلوماسيون الغربيون يعتبرون مفاتيح خريطة الوطن العربي هي الجزائر ومصر والعراق

وصفت شخصية جزائرية بارزة العلاقة التي كانت قائمة بين
القائدين صدام حسين وهواري بومدين رحمهما الله تعالى بانها علاقة صداقة تكرست منذ حزيران 1974 في اول زيارة قام بها صدام حسين الى الجزائر بصفته نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة وتم التعامل معه كرئيس برتوكوليا .

وقال عثمان سعدي النائب السابق في البرلمان الجزائري وسفير الجزائر في العراق (1971 -1974 ) في حديث لصحيفة رأي اليوم الالكترونية نشر الاربعاء الرابع من كانون الثاني 2017 لمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لوفاة الرئيس الجزائري هواري بومدين ان ( صدام حسين كان الزعيم على مستوى العالم العربي أنداك رفقة جمال عبد الناصر في مصر وهواري بومدين في الجزائر، وكان الديبلوماسيون الغربيون يعتبرون مفاتيح خريطة الوطن العربي هي الجزائر ومصر والعراق ).

وتطرق الى الزيارة التي قام بها القائد الشهيد صدام حسين للجزائر صيف 1974ومانجم عنها من روابط اخوية جمعته بالقائد الجزائري هواري بومدين رحمهما الله موضحا ( رتبت لصدام زيارة الجزائر في يونيو / حزيران 1974 كان أحمد حسن البكر رئيسا للعراق وصدام حسين نائبا له وكان الماسك الحقيقي بزمام الأمور في العراق، استقبل من بومدين كرئيس دولة نزل في دارة بنادي الصنوبر وطلب السباحة في البحر فخصص له يخت الرئاسة وسبح حوالي كيلومترين ، وقال لي “أقضي إجازتي بالعراق، لكن البلد الوحيد الذي أتوق أن أقضي به بعض إجازاتي هي الجزائر الرائعة”، وقرر إرسال أولاده لقضاء فصل الصيف بالجزائر بعد أن انبهر بطبيعتها وقال له بومدين “دارة وسيارة تحت تصرف العائلة”. العلاقة صارت جيدة جدا بينهما وتحولت مع مرور الوقت إلى صداقة.

وعقد سنة 1975 مؤتمر الأوبك بالجزائر وشارك به شاه إيران وصدام حيث جمعهما بومدين وحلت المشاكل بين العراق وإيران، فتخلى الشاه عن الأكراد بالعراق فانهارت حركتهم وهذا يحسب لبومدين. )

واشار سعدي الى مواقف الرئيس بومدين التي نالت اعجاب الرئيس احمد حسن البكر ونائبه آنذاك صدام حسين ومنها ( أنه خلال زيارة الرئيس بومدين للولايات المتحدة الأمريكية سنة 1973 حيث استقبله الرئيس نيكسون الذي أثار معه موضوع العلاقة بين أمريكا والعرب، كان بومدين يمثل العرب كرئيس للقمة العربية التي جرت في الجزائر، ومما قاله له نيكسون “أن المشكل مع العرب هو مسألة إسرائيل، ودعاه إلى تخطي الموضوع من أجل علاقة جيدة”، فرد عليه بومدين قائلا “أنتم لم تكتفوا بإسرائيل واحدة تريدون خلق إسرائيل ثانية في شمال العراق”، فرد عليه نيكسون باستغراب “إسرائيل ثانية” و-طبعا بومدين كان يقصد الأكراد- ومن جهتي كسفير بلغت الرسالة والحوار الذي دار بينهما حول الموضوع فقال لي الرئيس العراقي البكر وصدام حسين “بومدين أول رئيس عربي يثير القضية الانفصالية الكردية بهذا الأسلوب مع رئيس دولة كبرى هي أمريكا”. )

وحول علاقة الرئيس بومدين برئيس النظام السوري آنذاك حافظ اسد ،اكد ان الرئيس بومدين كان منزعجا من سياسة اسد خاصة ما يتعلق بنزاعاته مع دول الجوار واوضح ( كان الرئيس بومدين يعطيني دوما الإذن بتبليغ رسالة باسمه إلى الرئيس حافظ الأسد في أي موضوع أراه مناسبا، مثلا عندما وقعت أزمة “نهر الفرات” بين العراق وسوريا، وكان السوريون يملؤون سد الطبقة مما أدى لإفراغ نهر الفرات المار للعراق من جلّ مياهه، وقعت أزمة بين البلدين، طلبت مقابلة مع الرئيس السوري لنقل رسالة له من الرئيس بومدين، ونقلت له رسالة فحواها ضرورة حل المشكل. وتم إيجاد حل للمشكل بفضل الأتراك الذين اكتشفوا مشكل في سد ( كيبان ) وهو أكبر سد بالمنطقة ، فقد ظهرت به تشققات والشركة الأمريكية التي بنته طالبت بتفريغ السد لإصلاحه، فاضطروا لإطلاق المياه في الفرات وبعدها امتلأ “سد الطبقة ”بسوريا في أيام، فاحتج السوريون على تركيا، حينها طلب السفير التركي مقابلتي وقال لي “لم أفهم كيف تحتجون كعرب على إرسال المياه للفرات الاحتجاج يكون بحجب المياه”، فقلت له “لأنكم أفسدتم خطة السوريين في مضايقة العراق بمياه الفرات ، وأنهيتم المشكلة أصلا”.

واضاف :
( واذكر أيضا موضوع حشد حافظ الأسد الجيش السوري على حدود العراق وكان الهدف غزوه ، فطلبت لقاء الرئيس السوري وقلت له “الرئيس بومدين يقول لك عيب ما تدبرون من حرب” ، فقال “الرفاق في القيادة القومية قالوا لي يجب أن نتوقف عن استيراد السلاح من الاتحاد السوفياتي وأمامنا خزائن بغداد”، عندها قلت له “أمامكم ثلاثة موانع هي بادية الشام وصحراؤها ونهر الفرات وهو مانع مائي، ثم جيش العراق، الرئيس بومدين يقول لك إذا وقع الصدام بينكما ستكون بادية الشام مقبرة للجيش السوري والعراقي”، ونتيجة لذلك حل المشكل وانسحبت القوات السورية من الحدود العراقية. )

وسخر عثمان السعدي الذي كان يشغل عضوية اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني الجزائري من المزاعم التي اتهمت العراق بانه وراء مصرع الرئيس بومدين التي نفتها زوجة الرئيس الراحل وعائلته وقال ( هناك شخص واحد حاول إيقاظ الفتنة بين الجزائر والعراق وهو وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس، فزعم أنه توفي بكاميرا بإشعاع سلطت عليه في بغداد وهو اتهام تافه…

بعد وفاة عبد الناصر بقي للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية زعيمان هما صدام حسين وبومدين، وطبعا هواري بومدين كان البارز في ذلك الوقت، كقائد عربي. أما مرض بومدين وفقا للأطباء الروس الذين فحصوه فهو إما بفاعل كيماوي أو طبيعي وهو خلل في الكرويات الدموية البيضاء والحمراء، وليس مستبعدا أن يكون قد سمم ولكن بطريقة متطورة جدا يصعب كشفها. )

وفي معرض اجابته على سؤال يتعلق بمواقف بومدين من العراق وفلسطين وتعارضه مع المواقف السورية افصح سعدي عن كره حافظ اسد لبومدين واستطرد ( حافظ الأسد لم يكن يحب بومدين، علاقاتي ساءت مع حافظ الأسد عندما وقع الصدام مع الفلسطينيين في 1975 حينها صدرت لي تعليمات من بومدين بمساعدة الفلسطينيين وفتح السفارة لهم، وأذكر أن أمّ جهاد لجأت إلى السفارة الجزائرية هاربة من مطاردة الشرطة السورية فأعطيتها جواز سفر وكلمت رئيس المخابرات السورية وقلت له “هي مواطنة جزائرية الآن، وستخرج من السفارة برقم جواز سفر كذا، وإذا مست سنطرد كل السوريين الموجودين عندنا”. كما طلب مني ياسر عرفات “مساعدة المنظمة في دمشق بأن تودع بالسفارة الجزائرية خمسة ملايين ليرة ويأتي المحاسب في كل شهر يدفع من عندكم مرتبات الموظفين وأسر الشهداء، لأننا نخشى على هذه الأموال السائلة عندنا”، فخصصت لهم بالسفارة مكتبا وخزنة واستمروا على هذه الحال أشهرا، كما أودعوا بالسفارة كمية هامة من أرشيف مكاتب المنظمة بدمشق خصصت لها غرفة خاصة بمنزل السفير. وكان السوريون على علم بذلك فتضايقوا مني وفي مناسبة قال لي حافظ الأسد “تجاوزت حدودك كسفير يا عثمان”. فأجبته من قال إنني سفير فوفقا لفكر حزب البعث أنا ضابط ارتباط بين قطرين شاءت الأقدار أن يكونا بلدين مختلفين بدل جزأين من وطن عربي واحد، فابتسم الرجل، وختمت كلامي قائلا : أنا ملزم بتطبيق أوامر أخيك الهواري بومدين” )

وحول انتهاء مهامه كسفير في سوريا وملابساتها اكد ان علاقته بحافظ اسد ساءت جدا حتى ان ( الرئيس بومدين قال لي “وصلتنا معلومات أن حياتك في خطر وممكن أن يقتلك السوريون”، قلت له “جاءني ضابط علوي إلى السفارة وقال لي حذار أن تضع رجلك في لبنان لأنهم قرروا تصفيتك برصاصة طائشة “. ساءت علاقتي بالأسد وانتهت مهمتي في سوريا أولا لم يخصص لي مقابلة كرئيس دولة لسفير يغادر وثانيا أمر بأن أودع بملحق وليس بمدير التشريفات لأنه كان متضايقا مني ).

وفي ختام المقابلة المطولة التي تطرقت الى امور عديدة قال عثمان سعدي الشخصية الجزائرية المعروفة ( كان الهواري بومدين ( محمد بوخروبة ) قائدا عربيا عظيما مع جمال عبد الناصر وصدام حسين، وكان الديبلوماسيون الغربيون الذين عملت معهم يرون فيهم زعماء الأمة العربية المؤمنين بوحدة مصيرها. أدرك الموت بومدين وهو في الأربعين، ولو بقي حيا لكانت الجزائر الآن في مستوى كوريا الجنوبية.

و أدركت الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل أن قيادة الأمة العربية من هؤلاء الثلاثة عبد الناصر وبومدين وصدام خطر على استراتيجيتهما فارتاحا لاختفائهم. )





الخميس ٧ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مازن الطائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة