شبكة ذي قار
عـاجـل










مشاهدات الوضع السياسي والاجتماعي في العراق تشير إلى تكالب محموم عنوانه الساخر والمضحك المبكي ( من سيربح المليارات ؟ ) ، لان الملايين من الدولارات صارت مجرد أصفار على يمين أرقام متواضعة عند البعض من حيتان العملية السياسية وحتى عند بعض من يدعون المعارضة والممانعة اللفظية للاحتلال .

ومن مآسي الحال العراقي المعاصر سؤال آخر مطروح في سوق النخاسة السياسية هو : ( من سيربح حظوة استقبال جنود الاحتلال القادم؟؟ ) ، إضافة إلى أسئلة مرة أخرى : ( من سيستقبل عودة المحتلين القادمين بباقات الورد في عهد دونالد ترامب؟؟؟ ) .

وفي مجتمع عراقي تكالبت عليه التجارب الأمريكية المخبرية صار السؤال الأهم مشروعا أيضا : ( من هو الماسخ والممسوخ من سلالة النعجة الأمريكية ـ البريطانية" دوللي" وأبنائها وبناتها وأحفادها وحفيداتها وكل العشائر السياسية المدجنة في عملية التخصيب الأمريكية الجارية في العراق؟؟؟؟ ) .

بالأمس الأحد 19 / 02 / 2017 وخلال هذا الأسبوع تحركت واجهة موسم الهجرة إلى الشمال والشرق ، حيث عاد وفد من يدعون أنهم يمثلون " سنة العراق" بخُفَي وممسحة بسطال جنرال الاحتلال بتراريوس، وقبلها ظهرت ملامح الرضا والامتنان على وجه نوري المالكي وهو يستقبل علي لا ريجاني وعلي شامخاني وبقية رسل علي خامنئي وحسن روحاني إلى العراق لكي يطمئنوه بعودة لحكم العراق .

كما عاد أيضا زعيم الكرد العراقيين مسعود البرزاني من مؤتمر ميونيخ للأمن محملا بوصايا أوربية وأمريكية بعد بلقائه مع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ، ولقاءاته مع وزير الخارجية الأرميني، ادوارد نعلبنديان، ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف وغيرهم ممن نصحوه بحكمة التريث وتأخير إعلان انفصال الإقليم الكردي عن دولة العراق في هذا الوقت؟ .

عاد حيدر ألعبادي من ميونيخ بعد لقاءه مع مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي الجديد واستماعه إلى تطميناته وتعليماته، ووعده بإبقائه كرجل مهمة ظرفية، له وظيفته المحددة له تحت الاختبار خلال الفترة القادمة حتى يقضي الله أمرا كان محتوما بمصير الدواعش.

لا نريد أن نقول كلمة "يبدو" ، هنا، كما هي مستعملة غالبا في قضايا الطرح السياسية العامة، كونها كلمة تتحمل الصح والخطأ ؛ بل نريد ان نقول : "نجزم" هنا بأن دروس احتلال العراق وغزوه 2003 لم تستوعب بعد من قبل البعض من رعاع السياسة، فرغم كل الخراب الشامل الذي تعرض له العراق ، لا نتفاجأ بمظاهر ما قبل 2003 بعقد نسخ مكررة من مؤتمرات لندن وصلاح الدين، السيئة الصيت، كما قادها ورتبها عراب الغزو والاحتلال الأمريكي المقبور أحمد ألجلبي وبقية الشلة التي رافقت الاحتلال وخدمته.

وبعد انفراط عقدهم، بسبب التكالب على الامتيازات وتفرقهم حول شكل المحاصصة وتوزيع المغانم واغتيال عرابهم احمد الجلبي بالسم الإيراني الزعاف ، عاد العميل انتفاض قنبر، مساعد احمد الجلبي السابق إلى واشنطن من جديد وهو خالي الوفاض وفارغ اليدين من ثمار خدماته وعمالته السابقة ، وظهر على الإعلام لمرات وهو لا يخفي خفايا مهمته، كونه كان ولا يزال خادما للاحتلال الأول، ورغم الخذلان له وغدر حلفائه به ورحيل سيده احمد الجلبي مغتالا ، فهو لا زال مستعدا للعمل، كوكيل جديد، وامتداد لمدرسة عمالة احمد الجلبي ليسعى لإقناع الأمريكيين مرة أخرى، وكأن الأمريكيين، حسب قصر نظره السياسي قوم سذج لا يفقهون ولا يتعلمون من تجاربهم المريرة، وقد يساقون بالوعود الفارغة، وسيقتنعون بإعادة الكرة في مغامرة جديدة لاحتلال جديد للعراق على يد رئيس جمهوري آخر اسمه دونالد ترامب؟.

ويبدو ان الولايات الأمريكية مستعدة لمغامرة احتلالية جديدة في العراق، حيث تتم الاستعدادات العسكرية لها الآن على قدم وساق، بتأهيل القواعد العسكرية والجوية السابقة والجديدة وانتشارها في مناطق غرب وشمال العراق وفي دول الجوار الجغرافي للعراق للعودة الأمريكية إلى المنطقة الخضراء، لا للقضاء على أسلحة الدمار الشامل في العراق؛ بل لترتيب الوضع في العراق، تحت دخان الحملة على الإرهاب ووعود ترامبية بتقليم أظافر ايران ، كبلد أول، حاضن للإرهاب، حسب تصريحات جديدة ومتتالية لترامب وطاقمه العسكري والأمني والمخابراتي.

يحدث هذا إعلاميا ، وكأن الإرهاب موجود على ارض العراق فقط ، وبات مطلوبا ان تحرث ارض العراق لمرات عديدة بالقصف والتدمير والحرق وتمحى مدنه من الخارطة، والتناسي ان ايران هي رأس الإرهاب المدبر، وعرابة الاحتلال الأمريكي، وشريكة الغزو، ويد الأمريكيين والصهاينة الضاربة عمليا في تدمير العراق.

هل هي لعبة أمريكية وإيرانية جديدة؟ ... ما هي فصولها ما بعد مرحلة داعش؟ من هم فرسان أحصنة طروادة القدامى والجدد؟ ، وهم اليوم من غير المختفين بأقنعة هذه المرة، وليسوا داخل جوف حصان طروادة؛ بل نراهم راكبين على ظهره بكل وضوح؟؟ .

تلكم أسئلة هامة ومستجدة، علينا وضع إجاباتها أمامنا كعراقيين، بكل صراحة من خلال مشاهدة ما نرى من أحداث وما نسمع عن كل يوم من هذه الأيام المأساوية ؟؟

ولسنا من قصيري النظر في تحديد إجابات كل تلك الأسئلة التي تؤرق البعض منا. نأمل ان لا تخوننا الشجاعة والموضوعية والوضوح في كشف ما يراد ان يطرح علينا بغموض وتضليل لاستغفالنا و لتمرير الوقت بنا وبغيرنا وبمصير شعبنا .

نرى انه لا بد من التذكير السريع لمن أصابهم التعب والوهن وأمراض الزهايمر ودبت في أوصالهم الشيخوخة السياسية أو حتى التعب أو اليأس والقنوط المزمن من تكرار الخيبات السياسية التي مرت في وطننا العراق؟ .

لم تكتف تجارب أمريكا بما فعلته في العراق وبلدان العرب، وبالعراقيين خاصة، فمنذ الحرب على العراق عام 1991 بعدوان ثلاثيني، وبعدها حصار اقتصادي وسياسي ظالم استمر 13 سنة، تلاها غزو واحتلال غاشم لازال مستمراً منذ عام 2003، جربت به الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومخابرها السياسية والاجتماعية ومراكز دراساتها المتخصصة كل عمليات المسخ والتشويه والاستنساخ على عينات مختارة للتجارب من افراد النخب الاجتماعية والسياسية في العراق.

حتى إدارة البيت الأبيض الجديدة لا تزال مستمرة في محاولات التجريب والعبث في مسخ العراقيين جيلا بعد جيل، وهي تحرص على حصد ثمار تجاربها التطبيقية مع فئران المخابر الأمريكية من العراقيين ، لذا تعتزم الإدارة الأمريكية الجديدة تطبيق نتائج التجارب حول التداول والتناوب والاقتران والتخصيب والتطبيع بين الممسوخين من رجال العراق، وهي تسعى جاهدة، وبسرعة مطلوبة ومقننة لوضع ترقيعات ظرفية، في حلول لا جدوى منها للمشاكل العميقة التي افتعلتها وسببتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض، فأضرت بالعراق، و أدت إلى تمزيق وتدمير لحمته الاجتماعية وعرضت وحدته الشعبية والترابية إلى الأخطار مما يهدد وجود العراق تماما.

كان حلم جورج بوش الابن ان يستقبل العراقيون جنوده الأمريكيين وكتائب المرتزقة الغزاة ببغداد بباقات الورد، كما وعده بذلك احمد الجلبي ورهطه أمثال إياد علاوي وجلال الطالباني وعبد العزيز الحكيم وغيرهم في حزبي وحركتي الوفاق والمؤتمر الوطني وعمائم المجلس الإسلامي الأعلى والأحزاب الكردية ومعهم اللواحق التابعة من عمائم ولحي وطرابيش من سنة وشيعة العراق .

ولكن العراقيين الأحرار،قد أبت وطنيتهم إلا الرفض للاحتلال وصنائعه ورفض استقبال الغزاة وعملائهم، وإعلان المقاومة الباسلة بما ملكت أياديهم الطاهرة وبإيمانهم العميق بإرادة التحرير، ولو برمي حجارة أو إطلاق رصاص البنادق، وحتى بأجسادهم العارية التي سحقتها الدبابات الأمريكية، فصنعوا مقاومة وطنية مشرفة وباسلة، ينحني أمام بطولتها كل تاريخ المقاومات الوطنية في العالم.

وإذا كانت مجموعات جيل المسخ الأمريكي الأول من العراقيين لم تتجاوز بتعدادها ما جمعهم بول بريمر في حاضنة مجلس الحكم بحدود 25 عميلا وجاسوسا ومرتزقا سياسيا، ومنافقا دينيا، جلسوا صاغرين في محفل الاحتلال وتعاقبوا في الحكم والسلطة إلى يومنا هذا.

ان الحقيقة التي يجب ان لا تغيب عن الجميع اليوم حول متغيرات الأمس واليوم ان أمام رونالد ترامب فرصة تواجد وتجنيد العشرات؛ بل المئات من المستعدين لاستقبال عودة القوات الأمريكية من جديد، إلى ربوع العراق، ويجاهر البعض بالاستعداد لاستقبالهم بباقات من الورد المستورد خصيصا لهم من حدائق ومولات طهران واسطنبول وجنيف وباريس وغيرها.

وقد يبدو مثل هذا المشهد الكريه منبوذا ومرفوضا ورذيلاً، وطنيا وقوميا وإنسانيا، ولا بد من الاستنكار والإدانة مسبقاً لما يحضر لاستقبال الغزاة ؛ فبعدما لاحقت اللعنات الأبدية احمد الجلبي إلى قبره فان أيتامه وإسلافه لا زالت تأخذهم العزة بإثم الاحتلال الأول ومحامده، وهم يعلنون صباح مساء استعدادهم من جديد لاستقبال الغزاة والاحتلال في جولة احتلالية ثانية .

وقد يظن البعض واهماً انه ربما اختلفت معايير الشتم والإساءة واللعنة التاريخية بحق العملاء، لكننا نذكره ان نعت المرء بكونه عميلا وخائنا تبقى شتيمة أخلاقية واجتماعية أبدية ما بعدها من اهانة تلحق شرف المرء وعائلته وقبيلته وحتى وطنه ، أما اليوم فان قراءة السير الذاتية والسياسية للبعض باتت محتشدة ومفتخرة بعبارات وجمل ووثائق تشير إلى سجل خدمات التجسس والعمالة للمحتلين القادمين نحو العراق مشرقا ومغربا.

وإذا كانت اجتماعات التنسيق والتعاون مع المحتلين والغزاة قد تمت في الدهاليز والأماكن المنعزلة عن الإعلام وفي الأقبية السرية سابقا فان وجهاء عملاء اليوم يتنقلون أمام كاميرات فضائياتهم ويتأسفون بصفاقة، ودون حياء، على ضحايا المحتل، ويتباكون على معاناة جنوده، ويشيدون تملقا، بعظمة تضحيات المارينز؛ بل وصلت وقاحة العملاء بشتم شهداء وأبطال مقاومة شعبنا الوطنية ضد الغزاة ووصمهم بتهمة الإرهاب؟؟.

الفرق بين عملاء ما قبل غزو 2003 وبعد حقبة 2017 : ان رهط الخونة الأوائل كانوا "وطنيين بالاسم، رغم تجنسهم في أوطان أقاماتهم"، بمعنى إنهم ادعوا يومها إنهم كانوا ممثلين لكل شعب العراق كبلد، كان يراد تخريبه وتدميره بغزو أو احتلال عسكري، انتقاما من نظام وطني كانوا يعارضونه سياسيا، رغم علمهم اليقين : ان عهد جمهورية العراق كان يمثل الخيمة والسقف الآمن الكريم فوق رؤوس وأعناق كل أبناء العراق، فذهبوا بقيادة المقبور احمد الجلبي واستصدروا قانون تحرير العراق من مجلس الشيوخ الأمريكي وتحصلوا على 95 مليون دولار لسد عوراتهم ببيع شرفهم الوطني إلى الأبد ، فتقدموا بعناوين تنظيماتهم السياسية والطائفية وجمعوا محصول مكوناتهم مجتمعة في حشد قذر عرض نفسه خادماً للاحتلال وقدم حضوره لاهثا يجري خلف تقدم الدبابات الأمريكية نحو بغداد المنصور والرشيد.

ورغم مرور 13 سنة على المأساة الوطنية التي تسببوا بها في إلحاق الضرر بكل العراقيين، من دون تمييز، نراهم اليوم يصرون على تقديم طوائفهم وعناوين مكوناتهم قبل اسم العراق الواحد الموحد، وهم يطرحون بخبث لئيم اقتراحات الحل بالتجزئة والمفرد لقضية العراق، هم يطالبون علنا بتقسيم العراق، ولا يهم ان يستمر الحال بهم، إن كانوا سيبقون تحت راية احتلال أمريكية أو إيرانية؛ ذلك لا يهمهم من أي لون ستكون راية الحماية الأجنبية لهم ولمكوناتهم.

في جنيف وبالأمس القريب 15 / 02 / 2017 جرت محادثات دفعت لها ملايين الدولارات نقدا وبالصكوك عن أثمان حجوزات الفنادق وركوب الطائرات ومصروف جيوب ضيوف من متقاعدي الحكومات الاستعمارية ووسطائها اليوم من أمثال الجنرال الأمريكي القاتل بتراريوس ، ودعوة دومينيك دو فيلبان، الفرنسي والعميل محمد ألبرادعي، الأمريكي ـ المصري، والغاية المعلنة من هذا المؤتمر في الظاهر المعلن : هو رفع مظالم طائفية، بل هي تزاحم لجماعات تريد التناوب على السلطة بتمثيل طائفي ، أية سلطة كانت، ولو كان كل ساكنة المحافظات العراقية الست المتضررة من سياسات طيش ورعونة المالكي وبعده داعش تكون خاوية على عروشها ، وخالية من سكانها، وكل أهلها باتوا نازحين ومتشردين في مخيمات النزوح والهجرة القسرية الطائفية والتطهير الديمغرافي ، يملأ احد المتباكين على المكون السني العالم صراخا، وهو نائب رئيس وزراء الحكومة المجرمة ، وناهب مليارات الدولارات من أثمان الخيام والخبز والدواء في جيبه .

وهكذا حال من يدعون تمثيل "سنة العراق" فهم يشكون مظالم شركائهم في العملية السياسية، ويطلبون تعديل شروط المحاصصة من الأمريكيين والأوربيين.

اجتماعات ممثلي " ألكانتونات" ، كما نرى ، أو " المكونات" ، كما يحلو للأمريكيين تسمية بعض من أهل العراق، بقرار تجزئتهم حسب المقاسات الأمريكية في خلق فرضية "المكونات" للعملية السياسية، الواردة في ديباجة دستور بول بريمر المشئوم .

لا زال ممثلو مكونات أمريكا وإيران الطائفية في العراق مستمرين بدوام الحج إلى قم وطهران، يجتمعون تارة في مجمع حوزات شيعة طهران، وأقرانهم يتواصلون في اجتماعات وزيارات إلى عواصم الخليج العربي وعمان واسطنبول ولندن، مزادهم العلني يصرخ ليل نهار بأخذ حقوق أهل السنة، ومن دون تفويض من أحد صاروا يتحدثون باسم تمثيل سنة الإقليم الافتراضي الذي يخطط له في إطار الفدرلة الطائفية للعراق. وفي موسكو يجتمع الكرد لمناقشة مشاريع انفصالية أخرى.

يتبع القسم الثاني





الاحد ٣٠ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. جواد عون الله نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة