شبكة ذي قار
عـاجـل










كان هناك قبائل من العرب في الازمنة البعيدة يقطنون بأمان في اراضيهم تحميهم صخرة كبيرة من خطر السيول وهجمات قطاع الطرق, فتفتق ذهن مجموعة منهم بأن يزيحوا الصخرة لكي يوسعوا اراضيهم وتزيد مساحة الرعي عندهم وكانوا يرون بالصخرة حائلا بينهم وبين طموحهم الواهم, وشجعهم على ذلك بعض الاغراب اللذين كان لديهم اطماع بأراضيهم وخيراتهم, فأزاحوا الصخرة وتدفق السيل عليهم واغرق اراضيهم ومساكنهم ومضاربهم, ودخل قطاع الطرق فسبوا حلالهم ومالهم وعرضهم, واخيرا جاء الاغراب اللذين شجعوهم فأحتلوا اراضيهم واصبحوا اسيادا عليهم بعدما كانوا هم الاسياد واصحاب الارض.
 
 تذكرنا هذه العبرة بمأساة غزو العراق وفتح البوابة الشرقية للامة العربية على مصراعيها و التي كانت وعلى مرة عمر التاريخ هي ساتر الصد الاول لكل هجمات الجارة الاقليمية للامة العربية , فواهم من يعتقد ان مطامع ايران او دولة كسرى هي وليدة القرن العشرين, فهو لم يقرأ التاريخ جيدا لكي يعرف ان مطامع بني كسرى بالارض العربية كانت تضرب الارض منذ خلقها, ومعارك الحيرة و ذي قار وذات السلاسل مرورا بالقادسية الاولى وغزوات الصفويين ثم قادسية صدام المجيدة ( او مايطلق عليها حرب الخليج الاولى ) وليس انتهاءا بالمساعدة والتسهيلات الايرانية لأحتلال العراق ومن ثم بالتغلغل الايراني في عراق اليوم وجميع مفاصله الحكومية وشبه الرسمية لا بل حتى تسيير اموره السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتغيير تركبيته السكانية وتعيين ساسته وقادته خير دليل على هذا الكلام.
 
 والعتب هنا لايقع على ايران بكل توجهاتها سواء الاسلامية المتشددة او الليبرالية او الرأسمالية فهي بكل الاحوال تتستر ورأها مطامع قومية توسعية ليس الا, بقدر مايقع العتب على العرب انفسهم اللذين اكتووا بنار ايران كثيرا سواء بتحريكها للفتن الداخلية في بلدانهم او بالاعتداء على اراضيهم واحتلالها او تهديد امنها وسلمها المجتمعي, والاغرب بالامر ان العراق حارب ايران دفاعا عن الامة العربية ثمان سنوات وكل العرب بقياداتهم يعلمون ذلك ويعترفون بذلك الا انهم انكروا كل تلك الحقائق ساعة الاحتلال, بل ساعدوا الاحتلال نفسه ووقفوا ضمنيا في خندق واحد مع ايران للمساعدة بغزو العراق والقضاء على قوته وكأنهم ينتقمون منه لما قدمه لهم من تضحيات جسام وقت ماكانوا هم انفسهم يعيشون حياة الرفاهية في افخر الفنادق الاوربية ويعيشون الحياة الرغيدة بكل معانيها, حيث كان الجندي العراق يتنقل على طول خط المواجهة البالغ الفا واربعمائة وستون كيلومترا من اقصى جنوب العراق عند شط العرب وحتى نقطة الالتقاء العراقية التركية الايرانية ليدافع عن العرب والعروبة والعراق .
 
 اما مايحصل اليوم في ارض العرب فهو نتاج ماقامت به ايديهم, من تدخلات ايران في لبنان وسوريا واليمن والبحرين وغزة, واستمرار احتلالها للجزر الاماراتية التي اصبح موضوعها بندا دائما في مقررات الجامعة العربية وبدون حلول هذا اضافة لتشجيعها الحركات الانفصالية في العديد من الدول العربية اضف الى ذلك تمويلها للارهاب والحركات المتشددة عبر اراضي العرب في شرقها وغربها, جنوبها وشمالها, وتشجيع تشكيل الفصائل المليشياوية في البلدان العربية تحت مسميات طائفية وشعوبية ذات نظرة ضيقة هدفها الوحيد تفكيك المجتمعات العربية من داخلها واشعال الحروب الاهلية واذكاء الشرخ المجتمعي حتى تلتقي مع الهدف الصهيوني بتفكيك ارض العرب اكثر وتقسيم المقسم حتى تبقى كل من بلاد كسرى الاسلامية ودويلة الكيان المغتصب بأمان تام.
 
 المشكلة اليوم انهم اضاعوا من كان يدافع عنهم ويردع الطامع وهم غير قادرين على درئ تلك المطامع فأسقط في ايدهم وصاروا يشتكون وتضيع اوطانهم وتتفكك مجتمعاتهم واحدة تلو الاخرى وبرعاية دولية كاملة وموافقة غربية ابتدأت للمتابع منذ ان بدأ العدوان الايراني على العراق في بداية ثمانينيات القرن الماضي وقامت القيادة العراقية في وقتها بالرد بكل حزم وقوة وجرعتهم كأس السم ولكن العرب وكعادتهم لم يتعضوا وازاحوا الصخرة, فهل سيرضخوا لأيران كسرى ام سيتحدوا ضدها ويكونوا كالصخرة في وجهها ويجرعوها كأس سم اخر؟




الاحد ٢٦ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة