شبكة ذي قار
عـاجـل










التطرف تلك الآفة اللعينة التي تغلغلت بين فئات الشعوب وأفراده، ودمّرت ما دمّرت، وأحرقت ما أحرقت من الأوطان، كانت أبعد ما يكون عن العراق والعراقيين.. فمنذ عهد الخلافة العباسية ومركزها بغداد لم يعرف العراق التطرف يوماً، ولا التعصب لقومية أو دين، عاشت في كنف العراق كل الاطياف الدينية والقومية والمذهبية، وخرج من ظهورهم العلماء والمفكرين ومنارات الأدب والشعر والعلوم بمختلف أصنافها، حتى أصبح العراق بتنوعه منارةً للعلوم والفنون وقبلة للعلماء والأدباء.. والعراق الحديث كان يفتخر بكونه لوحة مشكلة من مختلف المشارب الدينية والمذهبية والقومية، فبغداد والبصرة والموصل هي قبلة لمتعطّشي التعلم في جامعاتها، والكوفة والنجف هي قبلة لمريدي العلوم الفقهية من الأئمة العرب وغير العرب، وشواهد الجامعة المستنصرية والجوامع القديمة والكنائس التاريخية وحتى معابد اليهود منتشرة على كل أرض العراق، فلا تخلو محافظة من قبر نبي أو ولي، ولم يكن أحداً من العراقيين يهدم قبراً أو يفجر جامعاً أو كنيسة، أو يهدد فرداً كونه لا ينتمي لفكره او معتقده .. ولكن ماحدث بعد نيسان 2003 شغل الكثير من العراقيين والعالم نفسه، فكيف لبلد بهذا التنوع الآيدلوجي أن يحوي على هذا الكم من التطرف.

والأجابة على كلّ من يسأل أو يتساءل مستغرباً نقول: إنّ العراقيين ليسوا متطرفين أبداً، وإنّهم مثال التعايش على مرّ الأزمان، والتاريخ يسجّل لهم أنّهم من حموا الكنائس أيام الفيضانات التي ضربت المدن العراقية المحاذية لنهر دجلة في بداية القرن المنصرم، وأهل بغداد الأصلاء هم من حمى اليهود من أحداث الفرهود، والعراق من ضمن الدول التي استوعبت الأرمن النازحين إبان تهجيرهم من تركيا في الوقت الذي رفضتهم فيه روسيا الكاثوليكية نفسها، واستوطنوا الموصل وكركوك واطراف اربيل وديالى وبغداد والبصرة، واكثر من ذلك فأن العرب والكرد على اختلاف مذاهبهم، بالإضافة إلى المسيحيين والصابئة وباقي أصحاب الديانات الأخرى، هم من قاتلوا أحفاد كسرى عندما اعتدت إيران على حدود العراق، وهم من تبرعوا بالدم لدعم جرحى المعارك، واختلط الدم دون السؤال عن انتمائه، سوى إنه دمّ عراقي !

إذاً من أين أتى هذا التطرف الذي نراهُ اليوم؟! التطرف في العراق هو الآفة التي أتى بها الاحتلال بمساعدة العملاء من أحفاد كسرى وأذرع إيران الأخطبوطية لشق الصف العراقي، وللتوضيح أكثر سنذكر بعض الأحداث التي عاصرها أغلبكم .. الهجمات على دور العبادة المسيحية بدأت بعد نيسان 2003 وكان أغلب منفذيها هم من جنسيات آسيوية متسترة بالدين، وبعض منهم يحمل الجنسية الإيرانية، تهجير المسيحيين من بيوتهم وتهديدهم كان تحت اشراف ميليشيات معروفة بعينها تأتمر بإمرة إيران، وأغلب نشاطاتها كانت تتركز في مناطق شرق وجنوب شرق بغداد، التفجيرات التي حصلت في كنائس الموصل وكركوك وبغداد اعترف منفذيها أو الذين تم الامساك بهم بأن أموالاً كانت تدفع لهم من شخصيات متنفذة في الحكومة!! المتطرفين من أبناء البلد والذين غسلت أدمغتهم كانوا يعترفون أنهم يتلقون العلاج في مستشفيات ايران، والكثير ممن نفذوا مجازر طائفية في محافظة ديالى واطراف محافظة صلاح الدين اعترفوا بتلقيهم تعليمات وأوامر من ضباط الاحتلال الامريكي!!

هذا إن دلّ على شئ فإنّه يدلّ على إنّ العراق خالٍ من التطرف قبل عام 2003، والتطرف طارئ عليه بعد أن قام الاحتلال بتسليم العصابات الميليشياوية سدة الحكم تحت مباركته وحمايته، والغاية من ذلك هو تخريب البلد وسرقة ثرواته وتفتيت شعبه بإدخال الأفكار الهدامة الى ثقافته العريقة حتى يسهل على عصابات الغدر والعمالة البقاء والسيطرة.

وأخيراً لكي نبيّن للجميع وبالدليل القاطع أنّ من جاء بالتطرف هو نفسه من يحكم العراق اليوم، نقول: إنّ أحداث حزيران 2014 وما تبعها من تسليم نينوى ومن بعدها صلاح الدين والانبار وديالى للتنظيمات الارهابية المتطرفة، كلها حدثت بمباركة وموافقة كاملة ممن كان رئيساً لحكومة الميليشيات حينها، وبالتعاون مع ثلة من قادة ما يسمى بالجيش العراقي، بالإضافة إلى تسليم أطنان من السلاح والذخيرة للإرهابيين، مما تسبب في تدمير مدن عن بكرة أبيها بحجّة ( التحرير )، ناهيك عن الخسائر البشرية الهائلة من الأبرياء الذين سقطوا شهداء نتيجة عمليات ( التحرير ) المزعومة، ولم يحاسب أحدٌ ممن شارك بتلك الخيانة، وكلهم اليوم أحرار طلقاء، يصرّحون ويحكمون ويحتمون بميليشياتهم وشرعيتهم الزائفة، ويسرقون ويقتلون بدون أن يحاسبهم أو يردعهم أحد .. فهل عرفتم من الذين غرسوا التطرف، ومن هم رعاته في العراق!!

لجنة الثقافة والإعلام
هيئة طلبة وشباب العراق / تنظيمات الخارج





الاحد ٨ شــوال ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تمــوز / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة