شبكة ذي قار
عـاجـل










بات واضحاً للجميع، وحتى للذين أمَّلوا خيراً من العملية السياسية، أن هذه العملية التي نفخ فيها الاحتلال من أجندته وإرادته وأهدافه لا تستهدف خير العراق والعراقيين، بل تسلمه إلى التشتت والتمزيق والتشرذم وتقضي على وحدته الوطنية وتُباعد بين أهله وتزرع الفتن بينهم لتلهيهم عما يحاك لهم في الظلام.

وظهروا علينا مؤخراً بعزمهم على عقد ما سموه ( مؤتمر أهل السنة ) ، الذي ثبت أن إيران وراء السعي لعقده لترسيخ توغلها في المناطق العراقية التي لا موطئ قدم فيها إلا عن طريق حزب عميل كالحزب الاسلامي، وأحزاب كارتونية صنعها هذا الحزب العميل لإيران بأسماء مختلفة ليوهم العراقيين أنها أحزاب لا علاقة لها به لغرض تمرير الأهداف الخبيثة لإيران، تشاركهم حركات ومشاريع سياسية وشخصيات صدعت رؤوس العراق بطروحاتها الوطنية لتكشف على حقيقتها بأنها كانت تسعى من خلف ستار إلى تقسيم العراق وتحويله إلى دويلات ضعيفة.

وكانت مسرحية تهديد المالكي والخزعلي والعامري للمؤتمر والمشاركين فيه زوبعة مفتعلة غايتها الحصول على تنازلات أكثر من مايسمى "الطرف السني" الضعيف والمسلوب الإرادة والمستهدف بالمؤامرة الإيرانية، لذلك عندما التقى سليم الجبوري بالمالكي، وبتوجيه ايراني؛ صرح المالكي والتحالف الشيعي بعدها،انهم يوافقون على المؤتمر بحضور جهات ( تؤمن بالديموقراطية والعملية الانتخابية والدستورية، وأن لا تكون يدها ملطخة بدماء العراقيين ) ، وهذا يعني القبول بالاحتلال الإيراني والعمل تحت وصيته والقبول بالمحاصصة والطائفية والفساد وكل شئ شرط أن يوافق "التحالف الشيعي" الموالي لإيران على من يحضر المؤتمر، بمعنى آخر أنها وصفة وطبخة حسب المقاسات الشيعيّة والطائفية الإيرانية.

إن الجبهة الوطنية العراقية لا يعنيها أمر مثل هذه الانشطة، لكونها مشاريع لم تخرج عن دائرة الارتباط برحم العملية السياسية الفاشلة ومشيمتها، تلك العملية التي جَرَّت الويلات على شعبنا، والتي دخلت في نفق مظلم وازمة، وهي في حالة غيبوبة لا ينقذها منها الانعاش السياسي من بعض الاطراف التي تحاول استغلال حالة الفراغ القائمة، وسعيها من اجل الاستفادة من حالة تزاحم الارادات المحلية والدولية وصراعها حول التشبث بابقاء العراق مُرتَهناً بالاحتلال وسيادة النفوذ الفارسي الصفوي، ما بعد داعش.

إن محاولات دخول مجموعات معينة من التكتلات الطائفية وبعض الشخصيات، ممن كانوا ينسبون انفسهم للمعارضة الشكلية، على الرغم من وجود الكثير منهم داخل سلطات وحكومات الاحتلال على مدى اربعة عشر عاما، أو بمن سيلتحق بهم لاحقاً، هم في واقع الحال، ليسوا كذلك، واحتسابهم على المعارضة ما هي الا محاولة تضليلية، لذر الرماد في العيون، فغالبيتهم عملوا، ومنهم، من لا زال يعمل ضمن تلك العملية السياسية المنهارة، إن لم يكونوا من مكوناتها وبطانتها الانتهازية المعروفة، وقد خبرهم شعبنا في منعطفات حادة وقاسية من نضاله.

ان الجبهة تصارح العراقيين جميعاً، في هذا الظرف العصيب: إن تلك الواجهات والتكتلات السياسوية التي تصر على ان تحمل عناوين طائفية، لا يهمها مستقبل العراق، بقدر حرصها على حفظ مصالحها وامتيازاتها التي اكتسبتها خلال سنوات الغزو والاحتلال، وبخاصة تلك القوى والاشخاص الذين جرّوا الخراب والاخطار على وحدة العراق، وما يجري اليوم أمامنا من مشاهد، حُمى تسابق غير مسبوقة، لتكوين وتشكيل وتسجيل المزيد من امثال تلك الكتل والمكونات السياسية القديمة والجديدة للحصول على الاعتماد الرسمي للنشاط السياسي لها بموافقة عش الفساد السياسي المتمثل بالمفوضية العليا للانتخابات.

وترى الجبهة الوطنية العراقية: أن ما يجري ويطرح بصيغ مبهمة ومشبوهة هو محاولات تضليل سياسي تعبر عنه مواقف بعضهم، وهم يحاولون استباق ما ستفرزه مرحلة ما بعد داعش، بخاصة وأن هناك تسارعاً ملفتاً للنظر لعدد من الاجتماعات تمت في عواصم ومدن مختلفة، برعاية قوى اجنبية ومصالح دول اقليمية وتدخلها وتمويلها، وفي مقدمتها إيران، ومشاريعها المعلنة، التي لم تضف شيئا ملموسا وجادا لخلاص الشعب العراقي من محنته ومأساته، ولا تمهد الارضية السليمة للحل الوطني المطلوب ولأزمة العراق المستعصية، التي تتعمق يوما بعد يوم، وخصوصا بعد فشل كل طروحاتهم ومشاريعهم حول المصالحة الوطنية، وفق منظورهم الطائفي والتحاصصي المقيت، سواء تلك التي طرحتها الحكومة القائمة أم التي طرحها بعض معارضيها، الشكلانيين، في ما يسمى مشاريع "المصالحة المجتمعية" تارة او "التسوية الوطنية" تارة اخرى، وغيرها من المسميات، التي تم الاجهاز عليها حتى قبل ان تطرح بنحو واضح وسليم.

لذلك فإن ما يعقد من مؤتمرات في اسطنبول واربيل وبغداد ،ما هو إلا حالة دوامة دوران حول الازمة والكارثة، التي خلقها وعمقها الاحتلال والتدخل الايراني الفظ بشؤون العراق.

إن الجبهة الوطنية العراقية ، إذ تنبه إلى خطورة مثل هذه المؤتمرات، ترى أن التشبث بمثل هذه التحالفات وطرح المشاريع الطائفية والجهوية، بمختلف مسمياتها انما هي محاولات مكتوب لها الفشل، طالما انها تأتي استجابة ظرفية لشروط واملاءات محلية واجنبية واقليمية عبرت في مجمل مضامينها عن حالة التفاف صريح وواضح وبالتضاد مع ارادة ومصالح شعبنا العراقي وقواه الوطنية الفاعلة، فضلاً عن أنها محاولات استباقية مشبوهة تسعى، في جوهرها، إلى قطع الطريق على اي حل وطني شامل ينهي مأساة العراق ويحفظ وحدته.

إن الجبهة ترفض كل مشروع طائفي يكرس تقسيم العراق ويرتضي الخضوع للخارج، وتحذر من أن ما يجري الاعداد له لا يختلف عما بدأه الاحتلال في المربع الاول، وما استعداد بعضهم لدخول تلك العملية السياسية المشبوهة إلا تمديداً لحالة انعاش لسابقتها الميتة، في ما "بعد مرحلة داعش"، ولمثل هذا السلوك غير المسؤول والمغامر بمصير العراق فان الجبهة الوطنية بقواها السياسية والاجتماعية كافة سترفضه.

إن موقف القوى والشخصيات المؤتلفة في الجبهة الوطنية العراقية كافة منسجم وثابت وواضح إزاء كل نشاط متلبس بالشعارات الطائفية والادعاء بتمثيل ما يسمى "المحافظات المحررة من داعش"، في حين تُترك بقية المحافظات العراقية لقمة سائغة للقمع والتطهير الديمغرافي والقمع المليشياوي الصفوي، ومحاولات تخطيط الكانتونات الطائفية والاثنية.

كما أن الجبهة ترى أن جميع مشكلات العراق والعراقيين متماثلة في انعدام الحريات وسيادة القمع واستفحال الفساد وانعدام الامن والفوضى وغياب حالة الدولة والقانون التي تفتعلها المليشيات والعصابات المسلحة المنفلتة تماما عن السيطرة والنظام، لهذا فان اي استعداد من اي طرف كان قبول هذه الحالة والخضوع طواعية لها والعودة الى دخول العملية السياسية، إنما هو ادارة الظهر لحقوق شعب للعراق ومنح التزكية السياسية لعملاء الاحتلال.

إن الجبهة تهيب بالعراقيين جميعاً التصدي لمثل هذه النشاطات المشبوهة وفضحها على جميع المستويات الوطنية والدولية، وتدعو كل القوى الوطنية العراقية الحقيقية والشريفة الحريصة على مستقبل العراق الى تجاوز خلافاتها، والشروع في الحوار بجدية من اجل تمثيل كل الشعب العراقي بكل فئاته، من دون الانغماس في اوهام المشاريع الجهوية والطائفية التي جربها الجميع وقادت العراق والمنطقة الى الكارثة الماثلة امام الجميع.

وبهذه المناسبة تلفت الجبهة الوطنية العراقية إلى الجهد الوطني الكبير المنجز في البرنامج السياسي لها، والذي يتضمن عناصر الحل والأمل المنشود، وتثمن المشروع الوطني للحل الشامل لقضية العراق الذي طرحه حزب البعث العربي الاشتراكي، وفق محاوره الأربعة، وترى فيه إلى جانب برنامجها السياسي طريقا عمليا وواقعيا للحل السياسي المنشود.

إن الامانة العامة للجبهة الوطنية العراقية ومكتبها التنفيذي في حالة اجتماع دائم لمتابعة المستجدات السياسية الجارية في العراق، وان الجبهة في حالة تشاور وحوار مستمر مع العديد من القوى والشخصيات الوطنية العراقية داخل تحالفها الجبهوي وخارجه لاتخاذ القرار المناسب والتصدي لجميع المؤامرات التي تستهدف وحدة العراقيين.


الامانة العامة للجبهة الوطنية العراقية
 ٠٩ / تمــوز / ٢٠١٧





الاحد ١٥ شــوال ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / تمــوز / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الجبهة الوطنية العراقية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة