شبكة ذي قار
عـاجـل










تعتقد الأغلبية بأنّ مفاتيح اللعبة في الشرق الأوسط محصورةً بين أنامل الولايات المتحدة وادارتها لما تملكه من مقومات قوة، عسكرية وتكنولوجية ومعلوماتية، بالإضافة إلى ماكنة اعلامية ضخمة ومؤثرة، لكن هذا الاعتقاد بعيد جدا عن الحقيقة، فمفاتيح اللعبة بالحقيقة تكمن بيد بريطانيا ودوائرها الاستخبارية، بريطانيا العظمى لها اذرع طويلة وممتدة في اغلب البلدان العربية ولها تأثير واسع على متخذي القرار العالمي كما انها تسير على سياسة ممنهجة وتخطط لسنوات قادمة في غفلة عن العالم كله بشكل عام، والعرب بشكل خاص، وفيما يلي سنقدم لكم الأدلّة التي استندنا عليها لإثبات صحة ما نتحدث عنه.

بريطانيا من ضمن الدول التي استعمرت العديد من الدول العربية في بداية العشرينات، العراق ومصر وسوريا والاردن وفلسطين والسودان واليمن، ودول الخليج بخرائطها القديمة وليس كما هي عليه اليوم من حدود ادارية، حينها تم التخطيط مستقبل كل بلد ونوع الموارد التي سوف تحصل عليها بريطانيا منه خلال المائة عامٍ القادمة، لذلك عمدت الى تقسيم تلك البلدان ضمن حدود هي وضعتها مع شريكتها فرنسا بما يعرف تاريخيا باتفاقية سايكس بيكو، والتي وضعت حدودا مصطنعة لكل قطر عربي حسب التصور الانكليزي وبما يخدم مصالحه مستقبلا.

وضمن تلك التقسيمات كان وعد بلفور المشؤوم والذي اهدى ارض فلسطين لليهود المنتشرين بكل بقاع العالم بدعوى رفع المظلومية الواقعة عليهم منذ آلاف السنين، ولكن الهدف الاكبر والاخبث هو زرع كيان مسخ في قلب الوطن العربي، خاصة الدول العربية القوية ( مصر والعراق وسوريا )، لكي لا تتحد تلك البلدان ومن ثم تعيد بعث الامة العربية الواحدة مجددا، والتي سوف تشكل خطرا حقيقياً على المصالح الانكليزية، سواء مصالحها في البحر المتوسط او في الخليج العربي.

كان لابدّ لبريطانيا من ان تخلق كيانا جديداً آخر يكون بديلا عن دولة السلاطين العثمانية، الهدف منه تسييس الدين، فتم انشاء حركة الاخوان المسلمين بامتياز بريطاني بحت، وفق تعليمات من المندوب السامي بتدريب كامل ومحكم لمؤسسها المزعوم ( حسن البنا )، والتي بدأت تبث سمومها بين صفوف المثقفين العرب بدعوى الإلتزام بالدين والمدنية في ذات الوقت في كل من العراق وسوريا ومصر ومن ثم باقي الدول العربية!!

بالاضافة الى ان بريطانيا قد انشأت او عملت على انشاء انظمة عربية تابعة لها قبيل الحرب العالمية الاولى، وقامت بحمايتها، واوهمت الشعوب العربية بأنها ممثلا وطنيا لهم، حيث استولت بشكل كامل على جميع جزر الخليج العربي بالاضافة للحجاز لما يحويه من آبار نفط لا تنضب قبل الف عام، بالاضافة إلى الحقول غير المكتشفة من النفط والغاز، ولكي تمكّن وجودها أكثر، اختارت الموالين لها من القبائل ورأستهم على تلك الجزر حتى اصبحوا أمراءها ومالكيها حسب المواصفات البريطانية.

حجّمت بريطانيا تركيا المنهزمة في الحرب العالمية الاولى، ومنعتها من تصدير نفطها، واضعفتها قدر المستطاع، وبالمقابل مكّنت إيران الشاهنشاهية وألحقت بها من خلال اتفاقية التقسيم العديد من الاراضي العربية كالاحواز وبعض جزر الخليج ، كما الحقت لواء الاسكندرونة السوري بتركيا.

ولكي تضمن استمرار التوتر في ارض العرب قامت بريطانيا بخلق مجموعات عرقية وقومية غير منتمية للقومية العربية وزرعتها على تخوم ارض العرب كما حصل عندما خلقت عبر القرون نزاعات وحروب ساهمت في تهجير كل من اكراد روسيا وايران لشمال العراق ولشرق سوريا بالاضافة إلى فصل السودان واراضي تشاد عن مصر، وبالتالي فإنّ سكان الارض الجدد سيشعرون بالمظلومية لقلة عددهم وتستمر الحروب الاهلية والنزاعات العرقية كما نراها اليوم.

خرجت بريطانيا مهزومة من الحرب العالمية الثانية وبدأت بتفكيك اراضيها ومستعمراتها، ولكنها لم تنسى مخططاتها في ارض العرب، فقد وضعت نصب عينيها نفط الخليج وكركوك، وخيرات سوريا ومصر والسودان واليمن، لذلك فهي عملت عن بعد على تقوية الاخوان المسلمين وانشأت لهم مؤتمرا عاما مقره بريطانيا اصبح اسمه المؤتمر العالمي للأخوان المسلمين، يعمل بكل دهاء على زعزعة استقرار الدول العربية في كل من مصر وسوريا والعراق، اقوى دول الوطن العربي.

قامت ثورات الوطن العربي ضد الانظمة العميلة، فغضبت بريطانيا وعملت على معادات القائمين عليها وقادتها، وقادت حروبا ضدها، كما حدث في عدوان 1956 على مصر، والدعم الإنكليزي للحكومة العملية ضد ثورة ضباط مايس الاحرار في العراق.

ظهرت الحاجة ملحة لإنشاء قواعد عسكرية ثابتة في الخليج لحماية المصالح البريطانية، فأنشأت اول قاعدة عسكرية في البحرين ستينيات القرن الماضي، وما زالت هذه القاعدة قائمة لغاية اليوم حيث يتمركز فيها الاسطول البريطاني الخامس، وفي ذات الوقت سيطرت بريطانيا على اغلب حصص شركة نفط العراق لضمان بقاء نفط كركوك والبصرة تحت سيطرتها.

عندما اسقطت الثورة في ايران الشاه لم تتضرر المصالح البريطانية ابدا، فمن المعلوم للجميع أنّ شاه إيران كان مدعوما من الغرب، ولكن الاغرب أنّ نظام الملالي مدعوم بريطانياً، والدليل أنّه في الوقت الذي هجمت فيه الحشود الايرانية المؤيدة للثورة على السفارة الامريكية، لم تمس السفارة البريطانية او أيّة من المصالح البريطانية بأي اذى، واستمرت بريطانيا بدعمها الاقتصادي لإيران، وأبقَت كذلك على مصالحها التجارية والاقتصادية ومعاملها ومواطنيها، على الرغم من أنّ ايران تصف الغرب كلّه بالشيطان الاكبر.

قامت في تلك الحقبة بريطانيا بدعم حركات التمرد بشمال العراق ودعمت ايضا النظام الايراني المعتدي، بالسلاح والمال والجهد الاستخباري ضد العراق. ولم تكتفي بهذا، بل حاولت بكل جهدها اضعاف العراق وحاولت ارسال الجواسيس اليه كما حصل في قضية الجاسوس البريطاني الجنسية اليهودي بازوفت والذي امسكت به الاجهزة الامنية العراقية واعترف تفصيلا بكل مخططاته.

نفسها بريطانيا لعبت دوراً محورياً في حرب الكويت، فكانت في مقدمة الدول الداعية لشن الحرب على العراق، ولكنها بدأت بسياسة جديدة وخبيثة تعتمد بها على قوة أخرى لتدمير الخصوم، حيث أوعزت بريطانيا للولايات المتحدة بإنشاء قواعد لها في الخليج العربي، وارسال جيوشها وعتادها، حتى لا تخسر بريطانيا مالا او افرادا، على الرغم من أنّها شاركت بالحرب، ولكن المشاركة العسكرية كانت رمزية مقارنة بعدد وعدة الجيش الامريكي.

بعد انتهاء الحرب تصدرت بريطانيا الجهود في مجلس الامن بفرض العقوبات على العراق، واصدار قرار حظر الطيران، بحجة حماية المتمردين في شمال العراق وجنوبه، وعملت بكل جهدها على فرض الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب العراقي.

وبطبيعة الحال، فإنّ بريطانيا قامت بلملمة اقطاب الشر، من السرّاق والمجرمين المحسوبين على الشعب العراقي لكونهم وللأسف يحملون الجنسية العراقية، وعقدت لهم مؤتمرا في لندن تحت مسمى مؤتمر المعارضة العراقية.

وفي نهاية الأمر شاركت بغزو العراق واحتلاله، ولكن ايضا بقوة رمزية مقارنة بوحشها المروّض امريكا، ولم تأخذ من ارض العراق سوى محافظة البصرة ولكنها ابقت نفوذها على كل منابع النفط العراقي في كركوك والبصرة.

اليوم بريطانيا رغم صغر مساحتها والتي تعادل مساحة محافظة نينوى تتحكم بكل مقدرات الشعب العراقي، إمّا من خلال شرطيها الشرق اوسطي ( دولة احفاد كسرى ) او من خلال وحشها الطليق امريكا، كما إنّها تتحكم بكل أمن الخليج، فبريطانيا اليوم ترعى حزب الدعوة البحريني، وهي حركة متمردة تخريبية ممولة من ايران لا تقل اجراما عن ( الدعوة ) العراقي، وتتخذ من لندن مقرا له، كما انها تدعم حركة الاخوان المسلمين بشكل مطلق وتعادي من يعاديها، واغلب القياديات الاخوانية المصرية يقيمون في بريطانيا رغم تجريمهم دوليا، وفي ذات الوقت لم تجرم بريطانيا حزب الله اللبناني على الرغم من تجريمه دوليا، والكثير من قيادات الحزب تسافر لبريطانيا بشكل دوري دون اي مسائلة او حساب!!

بريطانيا التي تعمل بالخفاء وتطلق علينا كعرب وحشها الكاسر، لم تنسى يوما ثأرها منا، وكيف ان العشائر العربية الاصيلة في جنوب العراق هزموا جيش الامبراطورية العظمى التي لا تغيب عنها الشمس بــ "الفالة والمكوار" وما زالت قبورهم شاهد على اندحارهم في وسط بغداد العرب، ولن تنسى كيف استعاد العرب حقهم في نفطهم عندما أمَّموه بقرار وطني جريء، هم لم ينسوا ايضا كيف قاومهم العرب من كل الاقطار في ارض فلسطين ليمنعوا استيطان الصهاينة ووعد بلفور، كما انهم لم ولن ينسوا كيف رفض العرب الاصلاء فكر الاخوان المشبوه، والذي نتجت عنه كل الحركات الإرهابية في تاريخنا الحديث والمعاصر، ولم ينسوا ان العرب انتفضوا على الاصنام التي صنعتها بريطانيا لتحكم ارض العرب، والاهم من كل ذلك فهم لن ينسوا ثأرهم من القائد الشهيد صدام حسين الذي دكّ الكيان الصهيوني بصواريخ الحسين، ذلك الكيان البغيض الذي غرسوه في قلب الأمّة خنجراً مسموماً، فحقدهم عليه كحقدهم على صلاح الدين الايوبي الذي كسر شوكة ريتشارد قلب الاسد.
فهل عرفنا الان من يملك مفايتح اللعبة ؟!


اللجنة الإعلامية
هيئة طلبة وشباب العراق / تنظيمات الخارج





الجمعة ٢٧ شــوال ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تمــوز / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة