ثار الشعب وانتفض بحملات فيسبوكية عظيمة، ولا يجب أن ننسى تويتر والإنستغرام وباقي منصات التواصل الاجتماعي، والحملات التي أطلقت لتوحيد الصور الشخصية واستبدالها بصورة القدس، عندما أعلن الرئيس الأميركي ترامب مؤخراً، بأنّ القدس عاصمة ( إسرائيل )، وبأنّه سوف ينقل السفارة الأميركية إليها.. كلّنا شاركنا في تلك الحملات، فلا أستثني نفسي، ولكن هل تراها أرتعدت ( إسرائيل ) وخافت من صولاتنا تلك!! هل تغيّر شيء في القضية، للأسف بتنا كما قال عبد الله القصيمي : ( ظاهرة صوتية ) لا أكثر !
نُجِلُّ القدس ونحترمها، لما لها من قيمة روحية قُدسيّة، بالنسبة لنا كعربٍ ومسلمين، وليس هنالك من يُنكر بأنّ للقدس خصوصيتها لدى مختلف الأديان السماوية، ولكن هل صارت القضية هي القدس فقط؟! ماذا عن باقي تراب فلسطين وأراضيها؟! هل إنّ وجود المحتل الصهيوني في باقي المدن الفلسطينية بات مقبولاً كأمرٍ واقعٍ يجب الرضوخ والتسليم له؟! هل وصل بنا الحال إلى ذلك؟!
شعبٌ عاطفي ثار لأجل خبرٍ صغير حول القدس الشريف، بينما يتناسى أو يغضُ النظر عن أنّ فلسطين مُحتلّة منذ عام ١٩٤٨، وبأنّ هنالك كيانٌ مسخٌ جاثمٌ على قلب الأمّة، فاصلٌ مشرقها عن مغربها، وبأنّ أربعة أقطار عربية أخرى مُحتلّة فارسياً من قبل إيران وزبانيتها، بما فيها من مقدّسات وتاريخ عربيٌّ إسلامي، وآثار إنسانية حضارية ضاربة في القِدم، وبأنّ أغلب دول الخليج، هي في واقع الحال ليست سوى مُستعمرات أميركية بملوكٍ وحُكّامٍ عرب!
جميعنا محكومون أميركياً و ( إسرائيلياً )، شئنا أم أبينا ذلك، فوسائل التواصل التي صارت هي ساحات معاركنا بدلاً من جبهات القتال الحقيقية، كلها وسائل أميركية، وحتى هواتفنا الذكية التي باتت هي ( السلاح ) بدلاً من البندقية والمدفع، صناعات أميركية وغربية، ولا حاجة لأن أذكّر هنا، بأنّني عندما أقول أميركا، فهذا يعني ( إسرائيل )، لأنهما واحد! وبالتالي فإنّ نتيجة المعركة محسومة لصالح عدوّنا سلفاً، ولا سبيل للانتصار إلّا إذا بدأت عقولنا تنتج وتبدع، ليس شعاراتٍ وكلمات، بل علماً وصناعات! وذلك لن يكون إلاّ حينما تنجب الأمّة قادةً حقيقيين، يحرصون على كرامة بلدانهم وسيادتها، ويصوبون مدافعهم وصواريخهم تجاه عدوّهم، وليس لقمع شعوبهم!
