شبكة ذي قار
عـاجـل










يعمل التخطيط الحكومي المتكامل على إسعاد المواطنين، وانعاش الاقتصاد، واستقرار المجتمع والوطن، فكلما كان التخطيط إيجابياً ومواكباً للتطور من ناحية، ولاحتياجات المواطنين من ناحية اخرى، تضمن الدول راحة مواطنيها وانتاجيتهم العالية، استقراراً للبيئة الداخلية.

والتخطيط الحكومي يشمل كل شيء ضمن حدود الدولة، من أمنها واقتصادها حتى تعليمها وصحتها وخدماتها، وما دمنا نتكلم عن الخدمات فيجب ان نتطرق الى هذه الفقرة بشيء من الاستفاضة، كونها تشغل عند الحكومات التي تهتم لأمور اوطانها وشعوبها، جزءا كبيرا من حيز التخطيط والتنفيذ والرقابة، ولأن الخدمات التي تقدمها الحكومات هي ليست منة، بقدر ما هي حقوق المواطن على وطنه وحكومته، وبالمقابل فهو يدفع ضرائب، او يحمي الوطن ويدافع عنه، كما انه غالبا يدفع مقابل تلك الحقوق مبالغ لخزينة الدولة على شكل رسوم، وهذا الامر معمول به في كل الانظمة العالمية الرأسمالية منها والاشتراكية، وقلما تجد حكومات تحارب مواطنيها في الخدمات التي تقدمها لهم ومن هذه القلة القليلة جدا (حكومات الاحتلال بعد نيسان 2003). ومن المؤكد انه لا يوجد عاقل يستطيع ان يقول او يحاجج بأنّ الخدمات اصبحت افضل بعد هذا التاريخ، وان قال احدهم فلنحاججه بالامثلة الاتية وهي غيض من فيض :

۞ خدمات الطاقة الكهربائية : ففي الوقت الذي بدأت العديد من دول العالم تتفاخر بمرور عشرة سنوات وعشرون سنة، وربما اكثر لدول اخرى، على اخر انقطاع للتيار الكهربائي المجهز للبيوت السكنية او للمحلات التجارية او المنشأة الصناعية، فإنّ العراق ومنذ نيسان 2003 لم ينعم فيه بيت واحد بكهرباء مستمر لمدة اربع وعشرون ساعة، بل ان هنالك مناطق ومحافظات لم ترَ الكهرباء منذ اشهر، وربما سنين!! فقد عمدت قوات الاحتلال وبعدهم الحكومات المنصبة من قبلهم، على تنصيب السراق على هذا القطاع الهام والحيوي في حياة المواطنين، والطريف أنّ اول مسؤول سارق للكهرباء بعد الاحتلال قام بالتعاقد ( لحاسبه الشخصي ومن اموال الوزارة ) على شراء مولدات توليد طاقة كهربائية صغيرة تجارية لغرض بيعها في السوق للمواطنين، بدلا من ان يقوم بإصلاح الشبكة الكهربائية وتوزيع الكهرباء على كل العراق، وفي آخر المطاف سرق اموال الوزارة وهرب خارج العراق، اما اخر وزارة للكهرباء فتفتق ذهنها عن طريقة اسهل واسرع لسرقة المواطن، فقامت ببيع قطاع انتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية للقطاع الخاص وقبضت الثمن ورفعت يدها عن أيّة مسؤولية تجاه ابناء البلد الذين يعانون الأمرّين صيفا وشتاءً بسبب الكهرباء وانقطاعه، وبدأت اجور الكهرباء تتصاعد بأسعار فلكية، في بلد يعاني من تدني المرتبات، وسجلت فيه نسبة بطالة تبلغ خمسون بالمئة من تعداد شعبه!! للتوضيح فقط، فإنّ خطة خصخصة الكهرباء هي خطة عالمية تنتهج في العديد من دول العالم ولكن اي دول؟ هي تلك الدول التي تقدم كل شيء للمواطن من سبل الرفاهية والامان، وتوفير فرص العمل والتقاعد الآمن، وتأخذ منه ضرائب لتحسين البيئة والطرق والجسور، فترفع عن كاهلها امر ادارة قطاع الكهرباء، وتوكله لشركات متخصصة وتشرف عليه كجهة سيادية بطريقة تضمن حصول المواطن على افضل خدمة.

۞ الطرق والجسور والمواصلات : اشرنا اكثر من مرة ان حكومات الاحتلال المتتالية لم تبني بيتا واحداً، ولم تعبّد شارعاً واحداً، ولم تمد أيّة طرق جديدة ولم تبني جسوراً، وكل الذي تستخدمه من طرق وجسور وشوارع ومباني، يعود بنائه للعهد الوطني الذي سبق الاحتلال في نيسان 2003، بل على العكس فقد تهدمت او خربت عمدا العديد من تلك المباني، وتم قصف الباقي منها وتفجيرها خلال سيطرة الارهاب خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ومع ذلك فإنّ حكومات الاحتلال المتتالية لم تكف الاعلان عن المشاريع الوهمية، وعن المدن التي تضاهي ارقى المدن الاوربية، وكل تلك المشاريع هي قصور رملية تم تحويل اثمانها لحسابات الاحزاب الحاكمة واعضائها في الخارج، وتم شراء فلل وقصور برأسمالها، وسجلت بأسماء من يحكمون العراق اليوم!! وبعد كل هذا تخرج علينا حكومة السراق لتعلن عن نيتها اغلاق الخط السريع في بغداد، والذي يربط شمال العاصمة بجنوبها، والذي يعتبر طريقا حيويا يسلكه المواطنون خلال يومهم لقضاء اعمالهم، والسبب من الاغلاق هو تصدع فضاءات الجسور الرابطة للخط السريع، ووجود احتماليات تصل الى سبعين بالمائة، واماكن اخرى الى خمسة وسبعين بالمائة، من انهيار بعض الاجزاء منه بسبب انعدام الصيانة الدورية منذ اربعة عشر عاماً ( تاريخ جثوم الاحتلال وحكوماته على صدر العراق )، ولتلف بعض المفاصل الحيوية فيه، وتم اغلاقه لمدة شهرين ولم يصلحوا فيه اي شيء، ربما لأنهم لم يتفقوا على العمولة المناسبة لعقد الصيانة، ومؤخرا وبعد شهرين افتتحوه دون اي يفعلوا شيئا فيه، ولتذهب حياة المواطنين الى الجحيم ما دامت حياة السراق بخير، وما داموا يخططون يوميا كيف يسرقون هذا البلد وابنائه.

۞ المياه ومصادرها : في كل صيف ومنذ 2003 ولغاية الصيف الماضي، تنتشر في بغداد والمحافظات عدة امراض انتقالية انقرضت من العالم وما زالت مستوطنة في العراق، بسبب سوء التخطيط وجهل الحكومات وتقصدهم الاضرار بالمواطنين، فالحمى الصفراء، والتايفوئيد، والبلهارزيا، وامراض الكبد، هي امراض توقفت عن الظهور في العديد من دول العالم النامي منذ مدة، وحتى في العراق قبل 2003، بفضل جهود الجهات المسؤولة على مكافحتها، فلماذا عادت لتظهر في العراق ومدنه، هل لقلة مال؟! وهذا امر مستبعد، فميزانية العراق سنويا تُقر بمئات المليارات.. هل لقلة خبرة وضيق ذات اليد؟! ايضا هذا الامر مستبعد، لأن الحكومات العراقية التي أتت مع الاحتلال وبعده، مدعومة بمن اتى بها ومن نصبها ومن ساعدها على البقاء، سواء كان هذا الدعم آتياً من الغرب، او من الشرق، فهو دعم يصل لغاية ارسال قوات وقادة عسكريين، فهل سيعجزون عن مكافحة مرض وتعقيم المياه ومصادر المياه المجهزة للمواطن المسكين.

هذه الأمثلة هي جزء بسيط من حياة المواطن العراقي اليومية، تلحقها العديد من الامور والمنغصات الاخرى والتي تعتبر من ابسط حقوق المواطن، والتي لا توفر له بشكل متقصد، فمثلا الحديث عن المشتقات النفطية ( لبلد نفطي )، يعتبر امرا من المعيب الخوض فيه، كون هذه الامور من المسلمات، إلاّ أنّ الحقيقة مغايرة تماما، فالمواطن العراقي سواء الغني او الفقير يعاني الأمرّين لكي يحصل على المشتقات النفطية، وإن حصل عليها فإنّه يحصل عليها مغشوشة تؤدي الى عطل الاجهزة التي تعمل عليها، او العجلات التي تزود لها، كما ان امر جسور وانفاق المشاة هي خدمات بسيطة متوفرة في افقر دول العالم، ومفقودة في العراق الجريح، وعندما يفتتحون نفقاً قديماً أغلقه الاحتلال عند دخوله لبغداد عام 2003، فإنّهم ( اي الحكومة العراقية ) يملأون الدنيا ضجيجا وصراخا، وكأنهم قد بنوا نفقا تحت المحيط، بينما هذا النفق هو نفق مشاة شيد في العهد الوطني الذي سبق الاحتلال.

إنّ المشكلة كبيرة جدا، واكبر مما يتصور شخص او جهة، انه تخطيط ممنهج للا تخطيط، لكي يبقى كل شيء في فوضى، ويغرق المواطن في هموم الحياة ومتطلباتها، ولا يفكر بما يعمل عليه المجرمون من سرقات وتحويل لأموال العراق للخارج، وتهميش لطبقات وفئات عديدة من ابناء الشعب .. إنّها الفوضى الخلاقة التي جعلت من المواطن يعيش في دوامة كبرى لا نهاية لها.

لجنة الثقافة والإعلام
هيئة طلبة وشباب العراق / تنظيمات الخارج





الاربعاء ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة